على الرغم من أن أساليب ووسائل العلاج الطبيعي قد تطورت تطوراً سريعاً وملحوظاً في العقود الأخيرة، إلا أن علاج الأمراض باستخدام الوسائل والمواد الطبيعية المتاحة ـ أي العلاج الطبيعي بأساليبه المستمدة من البيئة المحيطة والموارد الطبيعية يبقى العلاج الأمثل في هذا المجال.
ونحن في رأينا هذا لا نبتعد كثيراً عن الحقيقية فالعلاج الطبيعي كما يبدو واضحاً من تسميته مستمد من محيطنا وبيئتنا حتى أن ديننا الحنيف حث على تدريب الأولاد على ركوب الخيل لما لهذا النوع من الرياضة من فائدة عظيمة على صحة وجسم الإنسان.. حيث قال صلى الله عليه وسلم: (علموا أولادكم الرماية والسباحة وركوب الخيل).
وللأسف الشديد فإن استخدام الحصان في العملية العلاجية غير معروف في مجتمعاتنا العربية، والذين فطنوا لذلك هم الغربيون.. ومن هنا تنبع أهمية نقل مثل هذا الموضوع إلى العربية ففي سويسرا مثلاً العلاج باستخدام ظهر الحصان والذي يسمى بالهيبوثيربي (HIPPO-THERAPY) يستخدم بنجاح ليس فقط للكبار الذين يعانون من الشلل التشنجي، أو الذين يعانون من الخزع ونقص التوازن في الحوض والأطراف ولكن يستخدم كذلك مع الأطفال الذين يعانون من اضطرابات حركية نتيجة لدمار أو اختلالات عصبية.
ما هو هذا النوع من العلاج؟
إن استخدام الحصان في حالات الإعاقة الحركية قد يأخذ اتجاهات وأهداف متعددة عند الحديث عنه بشكل عام، ولكن عند التفريق بين هذه الأهداف في استخداماته فقد يأخذ الأوجه الرئيسة التالية:
- نوع من الرياضة (ركوب الحصان للمعاقين حركياً).
- كوسط أو وسيلة علاجية.
آلية عمل العلاج باستخدام ظهر الحصان
إن هذا النوع ليس جديداً على العلاج الطبيعي.. حيث أنه في القدم كان يستعان بالحيوان كوسيلة للتنقل يستخدمها المعاق حركياً غير القادر على المشي إلى أن جاءت المعينات الاصطناعية الأخرى مثل الكراسي المتحركة.
المريض يجلس مرتاحاً وظهره مستقيم على ظهر الحصان، السيقان معلقة بشكل حر دون وزن أو حمل للمريض عليها. والمريض بهذه الوضعية لا يبذل أي جهد ايجابي على ظهر الحصان. الحركات الناتجة عن ظهر الحصان تنتقل إلى جذع المريض وحوضه، وتبادل الحركات في الحوض يظهر على شكل إحساس بحركات سلبية تعمل على تحريك داخلي لمفصل الورك ومفاصل العمود الفقري القطني.
إن هذه العملية تفيد من الناحية الأولى في مساعدة العضلات غير المقفلة على تحسين حركتها وزيادة التغذية الدموية لها وللمنطقة المحيطة.
ومن الناحية الأخرى فإنها تحقق رد فعل انعكاسي بشكل متوازن مشابه لذلك الانعكاس الذي يحدث نتيجة للمشي الطبيعي وذلك عندما يبقى صدر المريض ثابتاً بشكل أساسي، وبالتالي يكتسب الشخص الخبرة الانعكاسية في مجال المشي بشكل تلقائي.
حركة الحوض هذه والتي تحدث بواسطة ظهر الحصان يجب أن تمتص بواسطة مقاومة التوازن الايجابي للفقرات الصدرية في العمود الفقري.
وظيفة المقاومة التوازنية هذه وثبات الصدر يعملان بشكل اتوماتيكي للتأثير في صحة الأشخاص في الحالات العادية والأشخاص الذين يعانون من اضطرابات حركية يتحقق لهم ذلك على شكل تجهيز وتدريب وظيفي لحركة الجذع.
من هم المرضى الذين يناسبهم هذا النوع من العلاج؟
يستخدم هذا النوع من العلاج للمرضى الذين يعانون من اضطرابات حركية ناتجة عن منشأ عصبي مركزي، والذين لديهم شلل تشنجي في الأطراف السفلية، أو اضطراب في الحركات التناسقية، والمرضى الذين يجدون صعوبة في الحفاظ على توازنهم ومرضى التصلب اللويحي المتعدد.
كما أن العلاج باستخدام ظهر الحصان يحقق نجاحاً أيضاً مع الأطفال الذين يعانون من اضطرابات حركية نتيجة لدمار وأذيات دماغية.
استخدام هذا النوع من العلاج عند الأطفال الذين يعانون من اضطراب حركي دماغي يهدف بشكل أساسي إلى تعليم الطفل الخبرة الحسحركية لاكتساب التحكم بالجذع وجعل ذلك مألوفاً لديه، كذلك فإن جلوس الطفل على ظهر الحصان يجعله يتعلم كبح أو كتم رد فعل ارتفاع وزيادة المقوية العضلية (التوتر العضلي) نتيجة النشاط.
علاوة على ذلك فإن مشية الحصان تكسب الطفل خبرة تعلم حركات التوازن فيتحسن عنده التحكم بالجذع، كما تؤدي إلى تخفيض نماذج ردود الفعل اللاإرادية البدائية، بالإضافة إلى اكتسابه ردود الفعل الحقيقية تجاه التحكم بالتوازن والتحكم بالوضع التشريحي الأساسي للأداء الوظيفي.
إن هذا النوع من العلاج للأطفال لا يحسن عندهم القدرة الحركية فقط، وإنما يحسن كذلك احساس الطفل بالوضع والهيئة، كما يمكن استخدام هذا النوع من العلاج لأغراض تحفظية وقائية لدى أطفال الشلل الدماغي لمنع حدوث القفلة الحركية لمفصلي الورك ومنطقة الحوض، والتقليل ما أمكن من أضرار مشاكل ومخاطر الشد في الأوتار العضلية للعضلات الداخلية (المقربة) للفخذ وتقليل احتمالية حدوث المشية المقصية.
إضافة إلى ما ذكر فإنه يمكن استخدام هذا النوع من العلاج في التخفيف من آلام أسفل الظهر الناتجة عن زيادة الحمل التشنجي.
الحالات التي يمنع فيها استخدام هذا النوع من العلاج
- الأمراض الحادة.. (المراحل الأولى من المرض).
- عدم كفاية القدرة الاحتمالية لحركات مفصل الورك ومفاصل العمود الفقري القطني.
- أما في حالات الأطفال فعدم كفاية التطور الحركي يشكل مشكلة أساسية لعدم مناسبة العلاج لهم.
- عدم كفاية القوة العضلية وقوة الجذع.
- انخفاض الاحساس في الآليتين والمنطقة الخلفية من الفخذين.
- ضعف في التعاون والتناسق بين أحد أجزاء جسم المريض.
- ـ الحالات التي يكون فيها التشنج العضلي شديداً جداً ويخشى من حدوث التمزق العضلي عند استخدام ظهر الحصان.
في حال وجود أحد هذه المحاذير الاستطبابية لدى المريض فإن على المعالج الطبيعي إجراء تمارين معينة وتهيئة الظروف الملائمة لوضع المريض وتطبيق هذا النوع من العلاج في حال توفر الامكانية لذلك.
ماذا عن الحصان نفسه؟
له مواصفات عامة مثلاً: إن الارتفاع المثالي للحصان يتراوح بين 130 ـ 140 سم، قوي البنية، وله صفة مميزة في المشي (مشية سلسة وفيها خيلاء).
تبقى نقطة مهمة لابد من الإشارة إليها، وهي أن الحصان كالمريض يجب أن يكون قد تلقى تدريبات خاصة، ولا ينبغي أن يتحرك بسرعة (يجفل) أو ينفر.. ومن الضروري أن يتم اختيار الحصان وتدريبه بطريقة خاصة جداً، وأن يشرف على ذلك متخصصون في هذا المجال، بحيث تتوفر الثقة التامة في نفس المريض عند ركوب الحصان.
وأخيراً..
ربما نستطيع أن نخفف الكثير من عناء التمارين على مرضانا باستخدام طريقة العلاج بالحصان، حين نجعل المريض يتنقل ويشاهد المناظر الخلابة ويتنفس الهواء النقي الذي فيه راحة وشفاء للنفس.
المصدر المستفاد منه: مجلة العلاج الطبيعي الأمريكية
- الشارقة، الإمارات العربية المتحدة
- هاتف : 00971 6 5535364 Fax: 00971 6 5665665
- هاتف متحرك : 00971 50 9763650
- البريد الإلكتروني : [email protected]
- تويتر : @mohammadfawzi
- صفحة الفيس بوك : facebook.com/pages/Mohammad-Fawzi-Yousef/132496393462718
- حساب الفيس بوك : Mohammad Fawzi Yousef
- انستغرام: mohammadfawzi1
- أنهى دراسة العلاج الطبيعي عام 1992 في الأردن وكان الأول على مستوى المملكة في مجال التخصص في ذاك العام، عمل بعدها مع الأطفال من ذوي الإعاقة ، ثم التحق بفريق عمل مركز التدخل المبكر بالشارقة كمتخصص في العلاج الطبيعي في العام 1994 ثم تسلم مسؤولية قسم العلاج الطبيعي والوظيفي التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنة 1999 ثم مديراً لإدارة لعلاج الطبيعي والوظيفي في العام2008 أما في العام 2010 فإلى جانب مهامه في العلاج الطبيعي استلم مديراً ادارياً بالإنابة لمركز التدخل المبكر وحالياً هو مدير مركز التدخل المبكر الشارقة التابع للمدينة منذ عام 2014.
- أكمل مشواره التعليمي بحصوله على شهادة متخصصة في مجال التدخل المبكر من جامعة جورج تاون في واشنطن – الولايات المتحدة ودبلوم مهني في التربية الخاصة في العام 2015.
- التحق بعدد كبير من الدورات وورش العمل المتخصصة في مجال العلاج الطبيعي للأطفال والطرق العلاجية ومجالات التعامل مع الآخرين والادارة والبرمجة العصبية اللغوية والتدخل المبكر والتربية.
- عضو في عدد من الجمعيات المتخصصة في الأردن والإمارات، ومجموعات الدعم للمعاقين مثل جمعية الامارات لمتلازمة داون وجمعية الإمارات الطبية، جمعية العلاج الطبيعي الأردنية والجمعية العالمية للتدخل المبكر، مجلس الأطفال الاستثنائيين.
- له عدة كتابات متخصصة ونشرات تثقيفية منها ما نشر في مجلة المنال ومجلة عالمي ومجلة الصحة والطب ومجلة منار الاسلام وله كذلك عدة مؤلفات منشورة في مجال التخصص:
- كتاب متلازمة داون: حقائق وإرشاد
- كتيب أهمية العلاج الطبيعي في مجال التربية الخاصة
- كتاب متلازمة الشلل الدماغي
- سلسلة الإرشادات المنزلية لتنمية المهارات الحركية / وهي سلسلة مصورة مكونة من 5 أجزاء.
- حاصل على عدة جوائز محلية ودولية (جائزة الموظف المتميز للعام 2007 في حكومة الشارقة وجائزة أحسن كتاب مؤلف للعام 2008 من جامعة فيلادلفيا الاردن عن كتاب متلازمة الشلل الدماغي وحاصل على جائزة الاميرة هيا للتربية الخاصة / أخصائي العلاج الطبيعي المتميز 2010، وحصل على جائزة مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الانسانية 2010).