يرى علماء النفس والتربية أن الخجل مرض نفسي واجتماعي خطير يسيطر على مشاعر الفرد وأحاسيسه ويؤدي إلى بعثرة طاقاته الفكرية وامكاناته الابداعية ويشل قدرته في السيطرة على سلوكه وتصرفاته تجاه نفسه وتجاه مجتمعه.
الأطفال الخجولون تراهم عادة يتحاشون الآخرين ولا يثقون بالغير ومتحفظون ومترددون ولا يميلون إلى المشاركة في المواقف الاجتماعية ويميلون إلى الصمت والحديث المنخفض ولهذا ينظر إليهم الآخرون على أنهم مثيرون للملل ويفتقرون للمهارات الاجتماعية. وأما أسباب الخجل فهي كثيرة وأهمها:
أولاً ـ عدم الشعور بالأمن
فالأطفال الذين لا يشعرون بالأمن والطمأنينة لا يميلون إلى الاختلاط مع الآخرين لأنهم عديمو الثقة بأنفسهم ودائمو الخوف ولهذا لا يمارسون المهارات الاجتماعية ويترددون في مواجهة الناس والتعامل معهم.
ولا شك أن هذا قد يكون سببه الحماية الزائدة والمبالغة في الدلال وعدم ترك الفرص للطفل ليبني ذاته ويعتمد على نفسه وقد يكون هذا بسبب الطرف النقيض وهو الاهمال وعدم الاهتمام مما يجعل هؤلاء الأطفال خجولين وضعاف الشخصية. وقد يلعب النقد والسخرية من قبل الآباء والأمهات لأولادهم دوراً سلبياً في اهتزاز شخصياتهم وشعورهم بالتردد والخجل والخوف.
ومن الأسباب الأخرى التي تقف وراء هذا السلوك هو التناقض في تصرفات الكبار والأهل أمام أطفالهم حيث أن هذا يقود الصغار للتردد وعدم الشعور بالأمن والخجل فالأب الذي يعامل ابنه مرة بالشدة وأخرى باللين يجعل الطفل لا يقدر تصرفات الأب ويوقعه هذا فريسة التردد والخوف والعجز.
ويلعب التهديد والوعيد دوراً كبيراً في نفسية الطفل فيشعره دوماً بالخوف والانسحاب من المواقف الاجتماعية لتفادي امكانية تنفيذ هذا التهديد والوعيد.
ثانياً ـ الشعور الذاتي بالخجل
إن قبول الشخص لفكرة أنه خجول يجعله فعلاً يحس بالخجل ويشعره بالنقص ويبتعد عن الاتصال بالآخرين والحديث السلبي مع النفس مثل: أنا لا أستطيع الحديث مع أي شخص.. يولد الخجل وعدم الثقة بالنفس.
ثالثاً ـ الإعاقة الجسدية والحسية
إن الشعور بالاختلاف عن الآخرين من الناحية الجسدية والحسية يجعل من هؤلاء على اختلاف أنواع إعاقاتهم حساسين وميالين للانسحاب من المجتمع وخاصة إذا كانت الظروف الاجتماعية غير واعية وغير متفهمة لقضاياهم العادلة، غير أن تربيتهم وتعليمهم وفتح الفرص أمامهم للتعبير والمشاركة كفيل بتبديد هذه السلوكيات غير الطبيعية وتبديد فكرة العجز وتحقيق الثقة بالنفس والابداع في مجالات شتى والذي يؤكد صحة هذا الرأي هو كثرة المعوقين الذين حققوا انتصارات كبرى في مجال العلوم والفنون وغيرها ولم تقف إعاقتهم أمام إصرارهم وتحديهم وانتصارهم.
رابعاً ـ تقليد الوالدين
إن الوالدين الخجولين عادة لهما أطفال خجولون حيث أن الوراثة والتقليد يلعبان دوراً رئيسياً في زرع الخجل عند الأطفال.
الوقاية من الخجل
يتحقق ذلك من خلال الأساليب التالية:
- تشجيع وتدعيم السلوكيات الاجتماعية: حيث نزود الطفل بتجارب سارة عن اختلاطه بأقرانه وزملائه وتشجيع هؤلاء على الزيارات والرحلات ولاشك أن التدعيم والمكافأة للطفل عندما يقوم بسلوك اجتماعي يرفع من معنوياته ويزيد ثقته بنفسه ويحميه من الخجل وعلى الأهل تجنيب الأطفال الخجل وحثهم على التفاعل مع الآخرين.
- دعم ثقة الطفل بنفسه: حيث على الأسرة تعويد الطفل الثقة بالنفس والاعتماد عليها ولهذا يجب أن نمدحه ونشجعه إذا تكلم وعبر عما في داخله باستقلالية تامة أو لعب بحرية واستقلالية وأن نترك الفرص الكافية للصغار ليحلوا مشاكلهم بأنفسهم وأن نفهمهم أن المشكلات أمر طبيعي يجب أن نتوقعها ونواجهها ونحلها ويجب أن نركز على مواطن القوة عند الأطفال وعلى انجازاتهم ونتحدث عنها أمامهم بفخر واعتزاز.
- تشجيع اتقان وتطوير المهارات: يجب أن يشعر الأطفال بالكفاءة والأهمية وعلى الأهل والمربين مساعدتهم على اتقان المهارات المتنوعة وممارسة الهوايات المختلفة حتى تتولد لديهم الثقة بالنفس.
- توفير جو من الدفء والحنان: إن الحب والدفء والحنان لا غنى عنها للطفل لينشأ نشأة سوية وسليمة، ولهذا يجب أن يشعر الطفل أنه محبوب من رأسه إلى أخمص قدميه ومرغوب فيه وآمن وأن يشعر بأنه ينتمي إلى عائلة تحبه وتدعمه ولا تستغني عنه.
علاج الخجل
ويكون عبر الطرق التالية:
- مكافأة المهارات الاجتماعية: علينا أن نشجع وندعم أي اتجاه عند الطفل ينحو للاتصال والتفاعل والاندماج مع الآخرين مهما كان بسيطاً مثل القيام بالاستقبال أو مرافقة الآخرين، ويمكن تقسيم التدريب على السلوك الاجتماعي إلى مراحل وخطوات حيث نعلمه في البداية صور التعامل الاجتماعي ونمرنه على الممارسة الاجتماعية ونقيم سلوكه الاجتماعي ونسند إليه مهمة لعب مختلف الأدوار الاجتماعية.
- الاسترخاء والراحة والتخلص من الحساسية الشديدة: فعلى الصغار أن يعرفوا أن المواقف الاجتماعية غير مخيفة وأن يتعلموا الاسترخاء والراحة ويتخلصوا من الحساسية الشديدة تجاه المواقف الاجتماعية ويكون هذا من خلال تحويل تجاربهم الاجتماعية إلى تجارب سارة ومسلية ويدخلوا الحياة الاجتماعية من خلال اللعب ويتناقشوا مع الآخرين في أمور تهمهم.
- تشجيع التعبير عن النفس: يجب تشجيع الأطفال على التحدث بصراحة عما يحتاجونه والتعبير بحرية عن رغباتهم وآرائهم والتغلب على الخوف والخجل وامتلاك الشجاعة للرفض والاعتراض على كل ما لا يناسبهم لأن هذا يجعلهم أكثر جرأة وثقة واستقلالية واعتماداً على النفس.
- اشراك الطفل في الأنشطة الاجتماعية: لأنه ضمن المجتمع تنمو الشخصية بشكل طبيعي والانخراط في هذه الأنشطة يجعله أكثر ميلاً للجماعة وأبعد عن الانعزال والخجل ولذلك فإن ممارسة الرياضة والرسم والهوايات المختلفة فرصة كبيرة لتخليص الطفل من خجله واعطائه الثقة بنفسه.
- تعليم التحدث عن النفس بايجابية: على الكبار اقناع الطفل بتغيير الصورة السلبية عن ذاته وافهامه أن الخجل جزء من السلوك وليس من طبيعة الإنسان ويمكن إزالته بإزالة هذا السلوك وعليه أن يؤمن بقدراته وبذاته ويحدث نفسه حديثاً ايجابياً عن ذاته مثل أنا بخير ولا أقل عن غيري شيئاً وقدراتي للتعامل مع الآخرين جيدة وكذلك قدراتي على الكلام والحديث والتعامل ممتازة.. وبهذه الطريقة يتخلص الطفل من الصورة السلبية التي يحملها في داخله عن نفسه ويتخلص من فكرة العجز والدونية ويرتقي في احترامه لذاته وتزداد ثقته بنفسه ليقبل على الكلام والمناقشة والتعامل مع الآخرين بثقة وعزم وشجاعة ويتخلص من آفة الخجل المدمرة.
المرجع المستفاد منه: النمو الانفعالي عند الأطفال
الجنسية: سوري
الوظيفة:اختصاصي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
الحالة الاجتماعية:متزوج ويعول أربعة أبناء.
المؤهلات العلمية:
- حاصل على درجة الدراسات العليا في الفلسفة من جامعة دمشق بتقدير جيد جداً عام 1979.
- حاصل على درجة الليسانس في الدراسات الفلسفية والاجتماعية بتقدير جيد جداً من جامعة دمشق عام 1975.
- حاصل على دبلوم دار المعلمين من دمشق عام 1972.
- حاصل على دورة عملية في طريقة اللفظ المنغم من بروكسل في بلجيكا.
الخبرات العملية:
- أخصائي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- مدرس من خارج الملاك بجامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين.
- عضو بالاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم منذ عام 1980.
- أخصائي نطق في اتحاد جمعيات الصم بدمشق.
- مشرف على مركز حتا للمعوقين بدولة الإمارات العربية المتحدة عامي 2001 و 2002.
المشاركات والدورات:
- عضو مشارك بالندوة العلمية الرابعة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1994.
- عضو مشارك بالندوة العلمية السادسة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1998.
- مشارك في المؤتمرين السادس والثامن للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم 1991 و 1999.
- مشارك في ورشة توحيد لغة الإشارة بدبي عام 1998.
- مشارك في تنظيم وتخريج عدد من دورات المدرسين والمدرسات الجدد في مدرسة الأمل للصم.
- عضو مشارك في الندوة العلمية التربوية بمؤسسة راشد بن حميد بعجمان عام 2002.
- مشارك في عدد من المحاضرات التربوية والتخصصية.
- كاتب في مجلة المنال التي تصدرها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو مشارك في مؤتمر التأهيل الشامل بالمملكة العربية السعودية.
- عضو مشارك في الندوة العلمية الثامنة في الدوحة بقطر.