أبناؤنا هم فلذات أكبادنا نقدم لهم الغالي والنفيس من أجل حياة أفضل وعيش أجمل. ولكن قدر الله عز وجل أن تكون هناك فئة من هؤلاء الأبناء / ولا اعتراض على حكم الله / غير محظوظين وهم بحاجة إلى رعاية من نوع خاص جداً يختلف تماماً عما يحتاجه الأطفال من غير المعاقين.
حقيقة لا يوجد اختلاف جوهري بين العلاج الحركي بمفهومه العام والعلاج الحركي للأطفال كونه جزء صغير من العلاج الحركي ككل، ولكن الفرق الأساسي يكمن في طبيعة الإعاقة.. فالحركة تكون موجودة عند الكبير أي أنه اكتسبها خلال مراحل حياته السابقة، ونتيجة لطارئ ما فقد القدرة على أداء الحركة، ولكن تبقى صورة الحركة مطبوعة عنده في الذاكرة.
أما الأطفال الذين تشاء أقدارهم أن يصابوا بطارئ قبل سن السنتين فإنهم يفقدون القدرة على الحركة أو أن الحركة لم تكن قد بدأت مراحل تطويرها عندهم بشكل فعال ولم تطبع في ذاكرتهم بشكلها النهائي وبالتالي فهم بحاجة ماسة إلى من يعلمهم اكتساب المهارات الحركية بالشكل الصحيح وتهيئة الظروف المواتية والموائمة لذلك، لأن اكتساب المهارة بشكل خاطئ يؤدي إلى ظهور منعكسات حركية مرضية وتشوهات تحول دون الأداء الحركي الطبيعي والمناسب.
باختصار شديد فإن العلاج الحركي للكبار يكون بإعادة تعليم الحركة من جديد، بينما للأطفال فيكون عن طريق التعليم الحركي أو النمذجة الحركية.
العلاج الحركي عند الأطفال
هو عبارة عن عملية تعليم الطفل المهارات الحركية الأساسية مثل الحبو والزحف والدوران والجلوس.. إلخ، ومن ثم العمل على تطوير هذه المهارات وأوضاعها إلى مهارات أعقد فأعقد حتى الوصول إلى أقصى درجة من الاستقلالية في التنقل والحركة عند الطفل.
ويقوم بهذه العملية العلاجية متخصص في العلاج الطبيعي أو قد ينوب عنه آخرون.
إن تعريف العلاج الطبيعي في الطفولة المبكرة عبارة عن فن تحسين الوضع والحركة والتوازن والقوة والتحكم في الجسم لدى الطفل.
إن الإعاقات الحركية عند الأطفال غالباً ما تكون ناتجة عن اعتلال عصبي ويمكن أخذ الشلل الدماغي كمثال للإعاقة الحركية وعلاجها.
يعتمد العلاج الحركي عند الأطفال على ثلاث ركائز رئيسية:
التحكم بالرأس: إن تحكم الطفل برأسه من أهم وأخطر المراحل الحركية التي يمر بها خلال حياته، وفي حال عدم مقدرته على التحكم برأسه فإن هذا يعني عدم مقدرته على القيام بعملية الجلوس أو الحبو أو المشي.استخدام الأيدي: وخصوصاً في عملية الدعم والحماية بأشكالها المختلفة.التوازن: أي تحكم الطفل في عضلات جسمه وادراكه متى يعمل على انقباضها ومتى يعمل على بسطها، ومتى يجب أن تكون هذه المجموعة العضلية مضادة للجاذبية الأرضية ومتى تكون معها. وهذا يحتاج إلى الحفاظ على التوتر العضلي بشكل طبيعي.
ومما لا شك فيه أن الغرض الأساسي من العلاج هنا مساعدة الطفل على أن يعمل بفعالية أكبر سواء كان ذلك في البيت أو المحيط، ويتم استغلال التمارين العلاجية الأساسية والفرعية مثل تمارين التوازن والتناسق والحركات الايجابية وتمارين المشي وغيرها لتحقيق ذلك أو حسبما تقتضيه الضرورة والحاجة والتطور الحركي الحاصل.
إن الأساس الذي يعتمد عليه العلاج الحركي للأطفال هو قاعدة التطور الحسي الحركي (التطور الحسي والعصبي) لدى الأطفال خلال سني حياتهم الأولى. وهناك عدة طرق متطورة في مجال العلاج الطبيعي تعتمد أساساً على هذا الأسلوب وتسمى النماذج العلاجية الحس حركية، نذكر من هذه النماذج على سبيل المثال:
-
طريقة بوباث:
ينبثق أصلها من منحنى التطور العصبي النمائي وتعتمد أساساً على منع الحركات غير المرغوب فيها وتسهيل الحركات المطلوبة.
وتتم المعالجة على مراحل متسلسلة من الخبرات الحس حركية، وتزداد تعقيداً شيئاً فشيئاً بهدف تعليم الطفل مهارات حركية جديدة.
-
طريقة دومان ـ ديلاكتو:
تستند إلى العلاج الانعكاسي العصبي العضلي، وتعرف بطريقة التنميط حيث ان الحركة تعتمد على أنماط معينة من النشاط العضلي وليس على استجابات عضلية فردية، حيث يتم تطوير وتنمية الأنماط الحركية المعقدة عن طريق تطوير الأنماط الانعكاسية.
-
الطريقة الشرقية (الفوتيا):
تعتمد على ردود الفعل اللاإرادية وقنوات الطاقة في الانسان عن طريق الضغط على نقاط وأماكن محددة في الجسم تؤدي إلى حث المستقبلات الداخلية لدى الطفل للحصول على الحركة، غير أن هذه الطريقة غير محببة لدى الكثيرين كونها تسبب الألم والبكاء للأطفال في معظم الحالات.
-
طريقة رود:
تعتمد على العلاج العصبي الفسيولوجي وتهدف إلى زيادة مستوى النشاط العضلي بطرائق مختلفة مثل الحرارة والبرودة والمساج.
-
طريقة كابات ـ نوت:
تركز على المستقبلات الذاتية لدى الإنسان، وتعتمد على توظيف الأجزاء القوية وغير المصابة من أجل تقوية الأجزاء الضعيفة.. وهذه الطريقة تصلح لحالات دون غيرها.
وهناك طرائق أخرى كثيرة لا مجال للحديث عنها مثل طريقة و. م. فيليب، وطريقة تمبل فيه، طريقة برنسون، طريقة كولبي، طريقة باتو والطريقة الانعكاسية.. إلخ.
إلا أن الاتجاه الحديث في العلاج الطبيعي والطريقة التي يفضلها الكثيرون هي الأخذ بالأنظمة بشكل عام ودمجها والأخذ منها بما يتناسب وحاجات الطفل المصاب، فالتحدي الذي يواجهه الأخصائيون والآباء هو البحث عن الطرائق التي تؤدي بنا إلى حصول الطفل على المعالجة التي هو بحاجة لها وتتناسب وحالته على أن تكون بسيطة وممتعة وفعالة في آن واحد.
وهنا يجب أن نشير إلى أهمية العلاج المبكر فكلما كان العلاج مبكراً كانت النتائج المرجوة أفضل، ومما لا شك فيه أن اتخاذ القرار المناسب بما يتعلق بحاجات الطفل يدفعنا إلى النظر إليه كوحدة متكاملة وعلينا أن نكيف الموارد والوسائل المتاحة لملائمة وضع الطفل وحاجته قدر الإمكان.
كما بإمكاننا أن نعمل على زيادة فعالية التمارين عن طريق جعل الطفل يحصل على تمارينه التي هو بحاجة إليها من خلال ألعابه ونشاطاته اليومية الاعتيادية التي يقوم بها، وبقدر ما تسمح الظروف بذلك، أي أن يستمر العلاج بشكل متواصل ليشمل جميع مناحي حياته المختلفة.
إن الأطفال المعاقين كغيرهم من الأطفال إذا سنحت لهم الفرص وبقليل من الجهد فإنهم كثيراً ما يصبحون أفضل معالجين لأنفسهم، وبشيء من التشجيع والمساعدة والحرية والظروف الملائمة يدرك الطفل بالغريزة التي وهبه الله إياها أنه يجب أن يعيش وأن عالمه وجسده وجدا ليكتشفا فيحاول قدر الامكان تحسين أدائه الحركي، ولكنه يحتاج فقط إلى قليل من الاهتمام.
إن العملية العلاجية تستغرق وقتاً طويلاً يمتد إلى سنوات في معظم الأحيان وعلينا أن نتقبل الوضع بروح جيدة وأن نصمم على متابعة المحاولة للوصول إلى الأحسن والأفضل وأن لا نيأس من رحمة الله فإن النتيجة المتوقعة من العملية العلاجية لا تأتي بين ليلة وضحاها.
وأخيراً فإن العلاج والرعاية الملائمة للطفل المعاق تساعده على التمتع بأوقاته قدر المستطاع وتساعده أن يصبح فعالاً ومفيداً في المجتمع والبيت حتى نصل إلى الهدف المنشود من وراء العلاج الحركي بإذن الله.
- الشارقة، الإمارات العربية المتحدة
- هاتف : 00971 6 5535364 Fax: 00971 6 5665665
- هاتف متحرك : 00971 50 9763650
- البريد الإلكتروني : [email protected]
- تويتر : @mohammadfawzi
- صفحة الفيس بوك : facebook.com/pages/Mohammad-Fawzi-Yousef/132496393462718
- حساب الفيس بوك : Mohammad Fawzi Yousef
- انستغرام: mohammadfawzi1
- أنهى دراسة العلاج الطبيعي عام 1992 في الأردن وكان الأول على مستوى المملكة في مجال التخصص في ذاك العام، عمل بعدها مع الأطفال من ذوي الإعاقة ، ثم التحق بفريق عمل مركز التدخل المبكر بالشارقة كمتخصص في العلاج الطبيعي في العام 1994 ثم تسلم مسؤولية قسم العلاج الطبيعي والوظيفي التابع لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنة 1999 ثم مديراً لإدارة لعلاج الطبيعي والوظيفي في العام2008 أما في العام 2010 فإلى جانب مهامه في العلاج الطبيعي استلم مديراً ادارياً بالإنابة لمركز التدخل المبكر وحالياً هو مدير مركز التدخل المبكر الشارقة التابع للمدينة منذ عام 2014.
- أكمل مشواره التعليمي بحصوله على شهادة متخصصة في مجال التدخل المبكر من جامعة جورج تاون في واشنطن – الولايات المتحدة ودبلوم مهني في التربية الخاصة في العام 2015.
- التحق بعدد كبير من الدورات وورش العمل المتخصصة في مجال العلاج الطبيعي للأطفال والطرق العلاجية ومجالات التعامل مع الآخرين والادارة والبرمجة العصبية اللغوية والتدخل المبكر والتربية.
- عضو في عدد من الجمعيات المتخصصة في الأردن والإمارات، ومجموعات الدعم للمعاقين مثل جمعية الامارات لمتلازمة داون وجمعية الإمارات الطبية، جمعية العلاج الطبيعي الأردنية والجمعية العالمية للتدخل المبكر، مجلس الأطفال الاستثنائيين.
- له عدة كتابات متخصصة ونشرات تثقيفية منها ما نشر في مجلة المنال ومجلة عالمي ومجلة الصحة والطب ومجلة منار الاسلام وله كذلك عدة مؤلفات منشورة في مجال التخصص:
- كتاب متلازمة داون: حقائق وإرشاد
- كتيب أهمية العلاج الطبيعي في مجال التربية الخاصة
- كتاب متلازمة الشلل الدماغي
- سلسلة الإرشادات المنزلية لتنمية المهارات الحركية / وهي سلسلة مصورة مكونة من 5 أجزاء.
- حاصل على عدة جوائز محلية ودولية (جائزة الموظف المتميز للعام 2007 في حكومة الشارقة وجائزة أحسن كتاب مؤلف للعام 2008 من جامعة فيلادلفيا الاردن عن كتاب متلازمة الشلل الدماغي وحاصل على جائزة الاميرة هيا للتربية الخاصة / أخصائي العلاج الطبيعي المتميز 2010، وحصل على جائزة مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الانسانية 2010).