ثبت علمياً أن التعرض المستمر أو المتكرر للأصوات العالية يؤذي حاسة السمع ويخرب أجزاء مهمة من الأذن الباطنة وبشكل خاص البنيات الدقيقة السمعية الموجودة في القوقعة وقد يؤدي في النهاية إلى الصمم الجزئي أو الكامل
يعد الجهاز السمعي نافذة الإنسان المهمة التي يطل منها على المجتمع الصاخب الذي يعيش فيه، يتفاعل من خلالها مع البيئة المحيطة في المنزل والمجتمع. ويستطيع من خلالها اكتساب اللغة المنطوقة المستعملة في التخاطب والتعلم والعمل، وإذا ما أصاب الجهاز السمعي بعض الحالات المرضية، نقصت القدرة السمعية جزئياً أو كلياً إلى درجة قد يتعذر معها قيام الفرد بوظائفه وأدواره الأساسية في الحياة ما لم يقدم له التدريب والتأهيل المناسبين.
من هنا تتبين لنا أهمية المحافظة على صحة حاسة السمع لأنها جزء لا يتجزأ من المحافظة على صحة الإنسان، وتزداد أهمية هذه الحقيقة عند الأشخاص الذين يعانون أصلاً من ضعف في حاسة السمع.
لا يهتم الناس عادة بحاسة السمع لديهم، ولا يعيرونها أي انتباه حتى تصاب بالضعف، أو يصاب الجهاز السمعي بالمرض، عندها يسارعون إلى مراجعة الطبيب المختص، وفي بعض هذه الحالات المرضية قد يجد الطبيب نفسه عاجزاً عن تقديم العون أو ما يفيد المريض الأمر الذي يؤكد ضرورة الاهتمام بهذه الحاسة المهمة والمحافظة على صحة وسلامة الجهاز السمعي بكل أقسامه.
وقبل الحديث عن طرق المحافظة على صحة وسلامة حاسة السمع من خطر الضجيج المحدق بها، والذي أضحى دون شك من أهم مظاهر تلوث البيئة التي نعيش فيها، والذي يلحق أذى كبيراً بحاسة السمع لدى الملايين من البشر، لابد في البداية من المرور سريعاً على الجهاز السمعي والتعرف إلى أقسامه.
جهاز السمع لدى الإنسان، وهو يتشكل من:
-
الجهاز الناقل للصوت
الأذن الخارجية: تتكون من الصيوان ومجرى السمع الخارجي، ومهمتها تجميع الأصوات الواردة، ونقلها إلى الأذن الوسطى، ويوجد في مجرى السمع الخارجي غدد تقوم بإفراز الدهن والصملاخ من أجل ترطيب وحماية المجرى من العوامل الخارجية والجراثيم، وهي تطرح إلى الخارج بشكل طبيعي وتلقائي.
الأذن الوسطى: وهي عبارة عن جوف صغير ينفصل عن الأذن الخارجية بواسطة غشاء الطبل، وتضم عظيمات السمع الثلاث (المطرقة، السندان والركاب)، حيث لا يتعدى طول كل منها بضعة ملليمترات، وهي تقوم بتكبير الأصوات ونقلها إلى الأذن الداخلية.
-
الجهاز المستقبل للصوت
الأذن الداخلية والعصب السمعي: تستقبل الموجات الصوتية الآتية من الأذن الوسطى في البنيات الدقيقة الموجودة في القوقعة (الحلزون) ومن ثم تحولها إلى موجات كهربية تنتقل عبر ألياف العصب السمعي إلى المراكز السمعية في الدماغ.
ابتعد عن الضجيج
امتد الضجيج والضوضاء إلى كل مكان في حياتنا، في المنزل والشارع والعمل وجميع المرافق العامة، وقد ثبت علمياً أن التعرض المستمر أو المتكرر للأصوات العالية الشدة يؤذي ويخرب أجزاء مهمة من الأذن الباطنة وبشكل خاص البنيات الدقيقة السمعية الموجودة في القوقعة أو الحلزون، وبالتالي يضعف من حاسة السمع، وقد يؤدي في النهاية إلى الصمم الجزئي أو الكامل، ويزداد خطر الأصوات العالية والضجيج إذا كان لدى الشخص الذي يتعرض له ضعف سابق في السمع، أو لديه بعض الأمراض العامة كالداء السكري وبعض الأمراض الوعائية، أو كان من المدخنين.
مصادر الضجيج المختلفة
- في المنزل: كالأصوات العالية الصادرة عن أجهزة المذياع والتلفزيون، وفي مثل هذه الحالات، كلما كان الصوت خافتاً ومسموعاً، كان أفضل لحاسة السمع وأقل ضرراً لها، وكذلك هو الحال في الآلات والأجهزة الأخرى مثل جلايات الأطباق والغسالات والمكانس الكهربية وغيرها، وفي مثل هذه الحالات ينبغي تجنب التعرض المستمر للضجيج الناجم عنها.
- في أماكن العمل: كالضجيج الصادر عن تشغيل الآلات والمعدات الثقيلة في بعض المهن، وذلك مثل آلات الطباعة، النجارة، الحدادة، السيارات والقطارات وغيرها، والصيد بالأسلحة النارية وغيرها من المتفجرات، حيث ينصح العاملون في مثل تلك المهن باستعمال واقيات السمع من أجل التقليل ما أمكن من تعرض الأذن لهذه الأصوات المرتفعة الشدة، مع إجراء الفحص السمعي الدوري.
- في أماكن اللهو والتسلية: أثناء الحفلات الموسيقية الصاخبة، الدراجات النارية، السيارات المختلفة، وبعض الألعاب والمفرقعات وغيرها. وتزداد هذه الأماكن في كثير من بلدان العالم وتلقى إقبالاً متزايداً من جمهور الأطفال والشباب.
الكشف المبكر
من الجدير بالذكر في هذه المناسبة أن نعرف أن أول علامات تأذي حاسة السمع نتيجة تعرضها للضجيج، والاضرار الناجمة عنه، هو الشعور بالطنين في الأذن، مع عدم القدرة على سماع بعض الكلمات الخافتة، عندها لابد من التشدد في تجنب التعرض للضجيج والأصوات عالية الشدة، بالإضافة إلى مراجعة الطبيب المختص، إذ أنه في كثير من الحالات المبكرة، يمكن استعادة ما تأذى من حاسة السمع، أما في الحالات التي يستمر فيها الأشخاص في التعرض للضجيج المذكور أعلاه ولمدة طويلة من الزمن، فإن ذلك لابد وأن يقود بدوره إلى ضعف سمع أو صمم نهائي غير قابل للتراجع والشفاء.
وفي مجال تدبير حالات نقص السمع الناجم عن الضجيج وباقي الحالات التي تؤدي إلى أذية وضعف في السمع فهي تحتاج إلى دراسة صحية شاملة وتوجيه وارشاد للفرد والأسرة حول تحسين سبل التخاطب مع ذويه، مع استعمال المعينات السمعية المناسبة والتي تفيد في بعض الحالات، والعمل على تجنب جميع العوامل المؤذية لحاسة السمع، ولا تفيد الأدوية أو الجراحة في استعادة فعالية الأجزاء المتأذية من حاسة السمع.
درهم وقاية
يبقى المثل القائل: «درهم وقاية خير من قنطار علاج» صالحاً لكل زمان ومكان، واتباع التوصيات الصحية السابقة في تجنب التعرض للضجيج في المنزل والعمل وأماكن اللهو والتسلية وغيرها، لابد وأن يساعد في المحافظة على صحة حاسة السمع وسلامتها، وفي هذا المجال لابد من التأكيد على أهمية الفحص الدوري للأذن والسمع، من أجل الكشف المبكر، ومن ثم علاج أية إصابة في الجهاز السمعي.
إن حاسة السمع من الحواس التي تضعف وتتراجع مع تقدم العمر، وهذا ما نشاهده عند الكثير من الأشخاص المسنين، الأمر الذي يزيد من أهمية المحافظة على صحة حاسة السمع، عند الأطفال والشباب، من أجل سلامة وصحة هذه الحاسة النبيلة مع تقدم العمر.
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/