من منا لا يعرف ذاك الأعمى الذي خلد ذكره الإسلام! نادى للصلاة بصوته الشجي المؤثر مؤذناً لسيد البشرية صلى الله عليه وسلم..
إنه ابن أم مكتوم؛ عبد الله بن قيس، وقيل عمرو بن قيس، ابن خال السيدة خديجة بنت خويلد أم المؤمنين رضي الله عنها، وهو الذي هاجر إلى المدينة المنورة قبل قدوم النبي صلى الله عليه وسلم إليها.
مثالٌ فريد لصحابي لم يعقه كف بصره أن يكون علماً من أعلام الإسلام، سخّر امكاناته الممنوحة من رب السماء، باذلاً ما يمكنه من العطاء، مساهماً في بناء أمة هي خير أمة أخرجت للناس.
حين انشغل الرسول الكريم بأمر جماعة من كبراء قريش وعظمائها يدعوهم إلى الإسلام، ويرجو بإسلامهم خيراً للإسلام في عسرته وشدته، جاء ابن أم مكتوم سائلاً رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا رسول الله، أقرئني وعلمني مما علمك الله). ويكرر هذا وهو يعلم انشغال الرسول صلى الله عليه وسلم بما هو فيه من أمر، فكره الرسول الكريم مقاطعته لكلامه واهتمامه، وظهرت علامات العبوس على وجهه الكريم الذي لا يراه الرجل الكفيف، فيعرض صلى الله عليه وسلم دون قصد عن الرجل المفرد الفقير الكفيف الذي يعطله عن الأمر الخطير؛ الأمر الذي يرجو من ورائه لدعوته ودينه الشيء الكثير، والذي تدفعه إليه نصرة الدين وإخلاصه لأمر دعوته وحبه لمصلحة الإسلام وحرصه على انتشاره.
ويتدخل التهذيب السماوي والتوجيه المنزه من رب العالمين لسيد الأنبياء والمرسلين في حق ذلك الأعمى بآيات كريمة قوية المعنى ضخمة الحقيقة عميقة اللمسة من سورة عبس وفيها يخاطب سبحانه وتعالى حبيبه المصطفى معاتباً ومعلماً إياه وموجهاً، بل ومقرراً حقيقة هذه الدعوة وحقيقة القيم في حياة الجماعة المسلمة في أسلوب قوي حاسم، وكيف أن (أكرمكم عند الله أتقاكم) مع الأخذ بيد السائل، وكيف يعامل فرد من الناس، أو صنف من الناس، وكيف يزن الناس أمور الحياة، ومن أين يستمدون القيم التي بها يزنون ويقدرون؟
فلما نزل من القرآن ما نزل بابن أم مكتوم، أكرمه الرسول صلى الله عليه وسلم وكلمه وقال له: (ما حاجتك؟ هل تريد من شيء)! وإذا ذهب من عنده قال: هل لك حاجة في شيء.. كما كان كلما لقيه قال: (أهلاً بمن عاتبني فيه ربي).
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إن بلالاً يؤذن بليل فكلوا واشربوا حتى ينادي ابن أم مكتوم). فقد كان رضي الله عنه يؤذن مع بلال، ولأنه كان رجلاً ضريراً فلم يكن يؤذن حتى يقال له: أصبحت أصبحت. وتلك أيضاً التفاتة جميلة للمجتمع المسلم في ترابطه وتآخيه وحرصه على إزالة العقبات والعوارض عن ذوي الإعاقة.
وتلك رواية لحماد بن سلمة تبيّن لنا الكرم الإلهي والوعد الجميل الذي يجعلنا ننهل من معين الصبر والاحتساب ما هو ذخر لنا في الآخرة، روى حماد: حدثنا أبو ظلال، قال: كنت عند أنس، فقال: متى ذهبت عينك؟ قلت: وأنا صغير، فقال: إن جبريل أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ابن أم مكتوم، فقال: متى ذهب بصرك؟ قال: وأنا غلام، فقال: قال الله تعالى: (إذا أخذتُ كريمة عبد لم أجد له جزاء إلا الجنة).
وأي مفخرة تلك بالعلم الكفيف ابن أم مكتوم، فتلك بيعة العقبة خير مثال لمن لم يقف مسالماً أمام فقد كريمته فاتضحت رؤى اجتهاداته وثمرات عطائه بالإسهام في بناء صرح إسلامي عظيم، فقد بايع نفر من الأوس والخزرج الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي حال انصرافهم للمدينة المنورة بعث معهم ابن أم مكتوم، ومصعب بن عمير رضي الله عنهما، يعلمان من أسلم منهم القرآن ويدعوان إلى الله عز وجل، فأي مهمة تلك! ومن المكلف بها!
ولكم كان رضوان الله عليه حريصاً ـ كبقية صحابة المصطفى ـ تحققاً بما نزل في الكتاب الكريم، وتلبية للنداء الإلهي، ففيما روي عن عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبيه، قال: كنت إلى جانب الرسول صلى الله عليه وسلم فغشيته السكينة، فوقعت فخذه على فخذي، فما وجدت شيئاً أثقل منها، ثم سري عنه، فقال لي: اكتب فكتبت في كتف {لا يستوي القاعدون من المؤمنين والمجاهدون}، فقام بعمر بن أم مكتوم فقال: فكيف بمن لا يستطيع؟ فما انقضى كلامه حتى غشيت رسول الله صلى الله عليه وسلم السكينة، ثم سري عنه فقال: اكتب {غير أولي الضرر}. قال زيد: أنزلها الله وحدها، فكأني أنظر إلى ملحقها عند صدع الكتف.
وعن ابن أبي ليلى، أن ابن أم مكتوم قال: أي رب! أنزل عذري، فأنزلت: {غير أولي الضرر}. فكان بعد يغزو ويقول: ادفعوا إلى اللواء، فإني أعمى لا أستطيع أن أفر، وأقيموني بين الصفين.
وقد استخلفه الرسول صلى لله عليه وسلم مرات على المدينة المنورة بعد الهجرة، وقال قتادة وأخبر أنس بن مالك: رأيته يوم القادسية وعليه درع ومعه راية سوداء، وقد قيل مات بها شهيداً.
تلكم وبين أيديكم حقيقة السماء التي عطرت الكون بإمطارها على أخصب ما في الكون وأفضل غراس للإنسانية سيد البشرية خير معلم وموجه وراع لأمة الإسلام على مر العصور، وذاك نموذج لفرد من الصحابة رضوان الله عليهم، كسر كل حواجز الإعاقة منتصراً عليها، فكان علماً من أعلام أمة الإسلام.
من مواليد مدينة جدة، أم لثلاثة من الأنجال (المعتز، فيصل، يارا الجفري).
تحمل مؤهلاً جامعيًّا في اللغة العربية، ودبلومًا عامًّا في التربية.
التحقتْ بأكثر من أربعين دورة تدريبية في مجالات مختلفة.
شاركتْ حضورًا وتنظيمًا بعدد من الندوات / اللقاءات / المؤتمرات العلمية والأدبية والتربوية داخل المملكة وخارجها.
مارستِ العمل بالتربية والتعليم تدريسًا وإدارة وإشرافًا، وودعته بعد 25 عامًا بعد أن اختتمته بالإشراف الإداري التربوي على معاهد وبرامج التربية الخاصة للبنات بجدة.
لها اهتمام بالأدب والإعلام والإدارة والتربية وذوي الإعاقة والتفاعل الاجتماعيّ.
العضويات:
- عضو الجمعية السعودية للإعلام والاتصال.
- عضو اللجنة النسويّة بجمعية الأطفال المعوقين مركز جدة.
- عضو مؤسس بـ «لجنة مساندة أسر أطفال ذوي الاحتياجات الخاصة» بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة، والذي أصبح فيما بعد (الجمعية السعودية لأولياء أمور ذوي الإعاقة).
- عضو لجنة الدمج للبرنامج القائم بين الأمانة العامة للتربية الخاصة وجمعية الأطفال المعوقين 1425 ـ 1428هـ.
- عضو اللجنة الاستشارية لبرامج التربية الخاصة بجمعية الأطفال المعوقين 1425 ـ 1427هـ.
- عضو مؤسس بأول فريق نسويّ متطوع بالدفاع المدني عام 1422هـ / 2001 م .
بعض المناشط الكتابيّة:
- محررة صفحة استراحة الجمعة في مجلة ( الشرق ) إبان تأسيس المجلة 1398 هـ.
- محررة زاوية (شذرات ملونة) بصحيفة اليوم للأعوام 1405 ـ 1407 كما شاركت بتحرير صفحة الأسرة للفترة ذاتها.
- شاعرة الحفلين الأول والثاني لمهرجان جائزة الأمير محمّد بن فهد للتفوّق العلميّ بالمنطقة الشرقيّة لعاميّ 1407 هـ / 1408هـ.
- شاعرة أول مجلس حيّ لمدارس البنات بالرياض، والمقام عام 1409هـ.
- مؤلفة لبعض الأناشيد.
- محررة صفحة «ومض ونبض» بمجلّة المنال الصادرة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانيّة منذ عام 1999م – 2005م.
- شاركتْ بأمسية شعريّة بنادي الفتيات بالشارقة 1999م.
- معدة البرنامج الإذاعيّ الأسبوعيّ «عندما يأتي المساء» والبرنامج اليومي «أوراق الصباح».
- مديرة الأمسية الشعريّة النسويّة (ليلة في بحر جدة) والتي نظمتها جمعية الأطفال المعوقين مركز جدة 2003 م.
- شاعرة حفل جامعة الملك عبدالعزيز بمناسبة الاحتفاء بمرور خمس سنوات على تأسيس مكتب ذوات الاحتياجات الخاصة عام 1428هـ.
- نشر بعض نتاجها الأدبيّ (شعر + نثر) في صحيفة اليوم والجزيرة والرياض ومجلّة الشرق .. ومجلة أشرعة الصادرة عن رابطة أديبات الإمارات، وكذلك عبر مواقع ثقافية أدبيّة في الشبكة العنكبوتية. كما صنّفتْ ضمن شاعرات الفصحى بالوطن العربي في موقع (بوابة العرب) ومواقع ثقافيّة وأدبيّة أخرى.
- تضمنت بعض الرسائل العلميّة شعرها بالتناول والدراسة ومنها رسالة الدكتوراه «شعر المرأة السعودية المعاصر: دراسة في الرؤية والبنية» 1426هـ للدكتور فواز بن عبدالعزيز بن لعبون .
- حظيتْ بكلمات شكر في مقدمة قصة “ولكني أستطيع” للكاتبة الإماراتيّة/مريم بنت علي البلوشي.. من إصدار مدينة الشارقة للخدمات الإنسانيّة.
- حظيتْ بكلمات شكر في مقدمة كتاب «قلوبٌ تفيض» للكاتبة المصرية الدكتورة سهير عبدالحفيظ عمر.
- تضمن ديوان «وحين أورقت» 2009م للشاعرة المصريّة د. سهير عبدالحفيظ عمر. قصائد حوارية بين الشاعرة العباسي والمؤلفة د. سهير.
- تضمن معجم الشاعرات السعوديات «ديوان الشاعرات السعوديات في المملكة العربية السعودية» للباحثة سارة الأزوري 2011 م ترجمة للشاعرة، ونصوص من شعرها.
- مؤلفة موشحة (هالنا العلم) لجائزة التميز للتربية والتعليم في دورتها الثانية 1432هـ/ بنات جدة.
- ناظمة قصيدة احتفائية أكاديمية الملك فهد بلندن بمرور 25 عامًا على تأسيسها 2011م.
روافـد الشكر والتقدير: كانت جزلة وأبرزها:
- شهادة شكر وتقدير لما قدمته من جهد متميز وعطاء واضح وفعال في إنجاح فعاليات الندوة الأولى «التواصل مع ذوي الاحتياجات الخاصة بناء ونماء» (مدير عام تعليم البنات بمنطقة مكة المكرمة/جدة).
- التكريم لإسهاماتها الفكريّة إبان احتفاء مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية باليوبيل الفضيّ 2005م.
- شهادة شكر وتقدير لمساهمتها في دمج أطفال مركز جمعية الأطفال المعوقين بالمدارس العامة خلال عام 23/1424هـ ( مدير مركز جمعية الأطفال المعوقين بمحافظة جدة).
- شهادة شكر وتقدير للجهود المتميزة والمثمرة في تنظيم فعاليات ندوة «تطوير الأداء في مجال الوقاية من الإعاقة».
- شهادات شكر للمشاركة الفاعلة في مؤتمر إعاقات النمو بمستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بجدة (منذ انطلاقه).
- شهادة شكر من صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان لمشاركتها في برنامج دمج جمعية الأطفال المعوقين خلال السنوات الخمس 1427هـ.
- درع شكر وتقدير من سعادة عميدة شطر الطالبات بجامعة الملك عبدالعزيز لإعداد برنامج توعوي مشترك بين شعبة التربية الخاصة وجامعة الملك عبدالعزيز 2006م.
- التكريم من جامعة الملك عبدالعزيز إبان الاحتفاء بمرور خمسة أعوام على تأسيس مكتب ذوات الاحتياجات الخاصة بالجامعة ، 1428هـ.
- شهادة شكر + درع من اللجنة المنظمة للمهرجان الوطني للتراث والثقافة 23 / الرياض 1429هـ لإدارتها ندوة (المرأة من ذوي الحاجات الخاصة في المجتمع،، نجاحاتٌ وإنجازات).
- درع تقدير من اللجنة المنظمة لجائزة التميز للتربية والتعليم للبنات بجدة لمشاركتها في تأليف موشحة بهذه المناسبة.
شكرٌ وامتنان تقديرًا للجهود الطيبة والتعاون المثمر والإسهام في إنجاح ملتقى المنال 2003م (مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية).