أسدل الليل أستاره، وكما هي عادات البشر، التصق كل بسريره.. وهي كما البقية، التصقت بسريرها.. لقد أكملت استعداداتها..
نظرت إلى الطاولة الموضوعة إلى جانب السرير.. كل شيء في مكانه؛ كأس الماء.. أدوات الزينة الصباحية.. ملابسها بجانبها.. إنها لا تحب أن تضيع وقتها صباحاً في البحث والاختيار.. كرسيها بجانبها.. لا بد منه فهو حركتها وحياتها.
الأفكار تزحف على عقلها كما زحفت هي على سريرها قبل لحظات.. نظرت إلى نهاية الغطاء الذي يغطي جسدها.. ذلك يمثل حدود وفواصل لها فقط..
منذ متى لم تفكر في المشي والسير.. هل لأن تلك الصورة مستحيلة الورود.. هل لأنها شلت!..
قرصت رِجْلها كما كان يفعل الأطباء في البداية.. لعل بصيص حياة متبقي في طياتها.. ليس هناك إحساس.. دار عقلها وأخذتها أفكارها: ما الذي يوقظ تلك الرِجْل من سباتها العميق؟ الإجابة كانت قريبة أكثر مما تتصور.. لقد تحجرت،. أصبحت مطواعة لليد التي تحركها وتنقلها من هنا إلى هناك.
هيا تحركي أيتها الرِجْل.. أما اشتقت لطراوة العشب.. أما رغبت بدغدغة التراب للقدم.. أما حلمت بتعب الأقدام من صعود الدرج.. أما مللت من سطوة اليد على القدم.. أما رغبت في ذوبان الحذاء من كثرة الاستعمال!!! هيا..
تلك أنشودة يومية.. أريد منك صرخة.. استجابة.. تجبرني على ايقاف الإنشاد.. ذلك السجل الذي احتفظ به معي؛ «سجلك الحركي» الذي زاد في سكونك وعنادك.. فأوقفني عن المزيد من العتاب.
أنانية أنا.. أنانية الإنسانية.. أريدك دائماً.. أريد صراخك المتمثل في ردة الفعل العشوائية.. أحبك يا قدمي.. يا ساقي.. فأنت جزء مني.. وجودك وجودي.. ولا أحتمل فكرة عدم وجودك.
عفواً وعذراً فذلك عتاب المحب والإنسان في لحظة شوق.. لحظة مغلقة بين حميمين.. انفصالهما يمثل كارثة.. لأنك.. هيفاء.. والصفة دونك لا..