لا تقتصر عملية الترجمة على نقل مفردات لغوية من اللغة الأصل source language إلى لغة اخرى لأن ذلك لا يؤدي إلى ترجمة متقنة حيث أن أية لغة من اللغات لا يمكن أن تعبّر عن المعنى الحقيقي للغة اخرى إذا أنصب الإهتمام على ترجمة المفردات اللغوية فحسب.
هناك اختلافات بين المعاني المتأصلة في اللغة والمعاني التي يتعين اقتناصها وترجمتها إلى اللغة الأخرى. من هنا تواجه المترجم الكثير من الصعوبات والعقبات أثناء عملية الترجمة، الأمر الذي يفرض على مترجم يعمل في شركة في تورنتو (كندا) أو في نيويورك أن يفكر بشكل مختلف من خلال إيلاء الإهتمام إلى مختلف حيثيات البيئة التي يعمل في إطارها. كما لا يمكن اعتبار الترجمة مجرد عملية يتم فيها استبدال مفردات لغوية في لغة معينة إلى مفردات تماثلها في المعنى في لغة أخرى لأن الترجمة الدقيقة تقتضي ايلاء أهمية لثقافة اللغة الهدف arget language، حيث أن الجوانب اللغوية هي الكفيلة بنقل المعنى باتقان فضلا عن تحاشي أي سوء فهم محتمل.
ويتعين على المترجم أن يجري عملية بحث وتقصي عن المحتوى المعجمي وكذلك التراكيب النحوية المتعلقة باللغة الهدف فضلا عما يتعلق بالمذاهب المختلفة ideologies والنظم القيمية والتقاليد التي تميز ثقافة ما قبل الشروع بعملية الترجمة. ومثل هذا الأمر لابد أن يعين المترجمين على التعرف على جمهور اللغتين فضلا عن العناصر المختلفة للغة الهدف، فعلى سبيل المثال هناك اختلاف كبير حول الكيفية التي يتم بموجبها التحدث باللغة الفرنسية في الأقطار الأوروبية وفي الولايات الكندية؛ ومثل هذا الأمر ينطبق على اللغة الإنكليزية، عليه يتعين على المترجم الذي يمارس عمله في تورنتو أو مونتريال أو في أية مدينة أوروبية أن يأخذ مثل تلك الإختلافات بعين الإعتبار.
وتقتضي الترجمة الإلتفات إلى العناصر الثقافية الأساسية الآتية:
- لابد ان يكون المترجم على دراية كافية بالعادات والتقاليد التي تكوّن ثقافة شعب ما فالمترجم لابد أن يواجه مشاكل ترجمية عديدة ما لم يدرك أو يعي أهمية السمات الثقافية المختلفة وأن كانت تتعلق بمظاهر مألوفة مثل الزواج أو المراسيم الجنائزية أو تقديم النذور. فعلى سبيل المثال تعتبر عملية تبادل القبل في الزواج المسيحي جزءا لا يتجزأ من عملية مراسيمه، لكن مثل هذا الأمر لا يصح على الإطلاق في ثقافة أخرى مغايرة. ولربما يكون التعبير عن المشاعر أمام الملأ أمرا شائنا في ثقافات أخرى.
- من المهم أن تتم عملية التحقق من الدلالة الإيحائية connotation لاسم منتج ما في اللغة الأجنبية قبل اعتماده لاحتمال وجود معاني مختلفة للمفردة اللغوية ذاتها في لغات مختلفة. وتتعاظم أهمية مثل هذا الأمر حين تتعلق الترجمة بحملة تسويق عالمية.
- لابد من التعامل المتأني والدقيق مع الجوانب الهزلية والفكاهية أثناء الترجمة لأن قراء الترجمة الهدف ربما لا يدركون تماما الكيفية التي تمت صياغة الفكاهة في ضوئها وربما لا يعون ذلك تماما. من هنا يتعين علينا أن ننظر إلى الترجمة والتعبير اللغوي ضمن إطار البيئة الإجتماعية أو الثقافية الأوسع.
- إذا وضعنا الجمهور الهدف في الحسبان فإنه يتعين استخدام كل من القواعد اللغوية وعلامات التنقيط والمفردات المعجمية من خلال تأثيرها على الأسلوب الذي يميز اللغة التي نتعامل بها.
- لابد أيضا من الإلتفات إلى عوامل ثقافية أخرى مثل الصور والرموز والألوان لأن الصورة ذاتها ربما تحمل معان أيحائية سلبية في بلدان أخرى، فاللون الأبيض على سبيل المثال يرتبط بالحزن في اليابان أما في غالبية البلدان الأوروبية فإن الحزن يتجسد باللون الأسود. والصور أيضا ربما تحمل مضامين ثقافية أو سياسية ربما تفضي في بعض الأحيان إلى إثارة مشاكل معينة لدى الجمهور الهدف.
بوجيز العبارة، يتعين على المترجم المقتدر أن يعي تماما ثقافة اللغة الأصل وكذلك اللغة الهدف جنبا إلى جنب مع التمكن من الجوانب اللغوية.
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.