تعد وسائل الإعلام المسؤول الأول عن إيصال الرسائل الإعلامية على اختلاف اتجاهاتها، كما يعتبر الإعلام من أهم الوسائل الفاعلة في المجتمع من خلال تأثيره المباشر على التغيرات التي يحدثها في القيم والاتجاهات والسلوكيات وغيرها، وبالرغم من التدفقات الإعلامية الهائلة التي يشهدها الوطن العربي، نستطيع القول أن قضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة بقيت مهمشة إعلامياً أو مرتبطة أحيانا ببعض المناسبات بعيداً عن واقع قضايا الإعاقة وحقوق المعاقين، ولا شك أن الإعلام له دور أساسي ويعتبر من أهم الأدوار في دعم قضايا الإعاقة ومساندة الأشخاص المعاقين في الحصول على حقوقهم، في الوقت الذي زادت فيه مشكلات الإعاقة مع تزايد أعداد الأشخاص من ذوي الإعاقة في الوطن العربي من خلال تفاقم الأحداث الراهنة التي تعيشها الكثير من الدول العربية.
وعملا بتوجيهات صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة نحو ترسيخ مكانة الشارقة بجعلها مركزاً ثقافياً وإعلامياً واعداً على المستويات كافة، كان لابد من ضرورة الأخذ بعين الاعتبار أهم الأدوات اللازمة لتحقيق هذا الغرض، والتي تتمثل في تعزيز النشاط الإعلامي لخدمة القيم المجتمعية والوطنية، وعلى هذا النهج يلتزم مركز الشارقة الإعلامي بالرؤية الأساسية والسياسة العامة للإمارة.
ولتسليط الضوء على قضية الإعلام ودوره الحيوي في دعم قضايا وحقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة في إمارة الشارقة كان لمجلة المنال حوار حصري مع الأستاذ أسامة سمرة مدير مركز الشارقة الإعلامي من خلال تقصي آرائه وانطباعاته باعتباره من أهل الاختصاص وقيادياً في مجال الإعلام وأيضا كونه أب لبنت من ذوي إعاقة وبالتالي هو صاحب تجربة في واقع قضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة.
أسامة سمرة:
دولة الإمارات تتصدر أعلى مستويات الاهتمام الذي توليه للأشخاص المعاقين
شغل الأستاذ أسامة سمرة عدة مناصب قبل توليه منصب مدير مركز الشارقة الإعلامي، حيث تنوع عمله بين الإعلام المقروء والمسموع والمرئي وعرف بداية ككاتب صحفي له العديد من المقالات والكتابات التي تنوعت بين السياسية والاقتصادية والثقافية، كما عمل لسنوات عديدة في عدد من المؤسسات الاعلامية الرائدة في الوطن العربي كصحيفة الرياض السعودية في مقرها الإقليمي بإمارة دبي، وأيضا ترأس تحرير مجلة تنميات المتخصصة في الشأن العقاري وله عدد من المساهمات البارزة عبر العديد من التقارير الاقتصادية في تحليل أداء القطاع المصرفي الاسلامي لعدد من كبرى الصحف الخليجية والعربية، بالإضافة الى عدد من التقارير حول الاداء الاقتصادي لإمارة الشارقة في صحيفة الشرق الاوسط.
وكان لأسامة سمرة تجربة مع النقد عبر صفحات اسبوعية متخصصة في كل من مجلة الاسرة العصرية ومجلة المرأة اليوم، في حين عمل في السنوات الأخيرة كمدير لإدارة الاعلام والتسويق في هيئة الإنماء التجاري والسياحي بإمارة الشارقة و ذلك قبل تسلمه لمنصبه الحالي كمدير لمركز الشارقة الاعلامي، وتجدر الإشارة إلى أن الأستاذ أسامة سمرة كان قد حل ضيفاً على عدد من البرامج الحوارية التلفزيونية والتي كان أبرزها استضافته مع عدد من الإعلاميين العرب عبر شبكة سي أن أن الأميركية في الحلقة الحوارية التي قدمها جيم ماكنزي من دبي حول الحرب على العراق، بالإضافة إلى عدة برامج أخرى تنوعت بين الثقافة والفنون والاقتصاد ومساهمات متنوعة في إعداد برامج تلفزيونية وإذاعية مختلفة عبر عدد من المحطات الفضائية والإذاعية العربية.
أسامة سمرة:
الإعلام العربي مقصر تجاه قضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة
يؤكد الأستاذ أسامة سمرة أن مركز الشارقة الإعلامي ذراع إعلامية لحركة الشارقة، وبالتالي يعمل ضمن سياسية إمارة الشارقة في مختلف مناحي الحياة والقطاعات الثقافية والاقتصادية والمجتمعية وغيرها، ومركز الشارقة الإعلامي يعزز جهوده ويضع في أولوية استراتيجيته ضمن هذه المنهجية العملية وقال:” إن إمارة الشارقة تختلف عن سواها في المبادرات التي تتعلق بالاهتمام الذي توليه للأشخاص من ذوي الإعاقة والأيتام والمسنين وأيضا مناصرة اللاجئين والاهتمام المتزايد بهذه القضايا الإنسانية يرسم الصورة المثلى لإمارة الشارقة لاهتمامها بالإنسان وما يحظى به من تكريم”.
وأضاف:” بالرغم من التطورات الإعلامية لا يزال ينظر في الوطن العربي إلى المعاق على أنه عالة على المجتمع وذلك بسب تدني الوعي وانعدام الثقافة في التعامل الصحيح والإيجابي مع الأشخاص من ذوي الإعاقة وإلى يومنا هذا يوجد الكثير من الأسر العربية تخجل من كون أحد أطفالها من ذوي الإعاقة، ومن خلال تجربتي الشخصية مع ابنتي جنا فإنها تعيش كغيرها من الأطفال غير المعاقين بعيداً عن النظرات السلبية للمجتمع وذلك تحقق بسبب ترسيخ الثقافة في مجتمع دولة الإمارات بحقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة، ويكفي أن ننظر إلى الدول الغربية ومدى اهتماماتها بالشخص المعاق ومشاركته في كافة المجالات الحياتية والمجتمعية والوطنية فلماذا نعاقب الشخص المعاق على أمر هو قضاء وقدر؟
وعن نظرته إلى واقع الإعاقة في الوطن العربي أكد مدير مركز الشارقة الإعلامي أن الإعلام العربي مقصر تجاه قضايا الأشخاص من ذوي الإعاقة وقال:” يجب على الإعلام العربي أن يساهم بدور أكبر في دعم قضايا المعاقين وإبراز قدراتهم وإمكانياتهم ومستويات تفوقهم في مختلف المجالات ليكونوا قدوة لغيرهم من أفراد المجتمع”، موضحا أن العديد من أفراد هذه الفئة فاعلة وبحاجة للعناية والرعاية لتكون فئة منتجة في المجتمع مؤكداً أن فئة المعاقين ما زالت لا تحظى بالعناية والاهتمام الكافي في الوطن العربي في حين أن لدولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً ملموسة لرعاية هذه الفئة من خلال عمل العديد من المؤسسات الناشطة في خدمة ودعم قضايا الإعاقة.
وقال أسامة سمرة: إن صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة (نصير المعاقين) يولي اهتماما كبيراً لفئة المعاقين وقدم الكثير من المبادرات والمشاريع التي تخدمهم في مختلف أنحاء الوطن العربي، ونحن اقتداء بتوجيهات صاحب السمو حاكم الشارقة نؤكد على أهمية هذه الفئة وندعو الجميع إلى دعم ومساندة الأشخاص من ذوي الإعاقة وهم كغيرهم من أفراد المجتمع قادرون على العطاء وتحقيق الإنجاز.
وفي نفس السياق تحدث أسامة سمرة عن دور مركز الشارقة الإعلامي في دعم قضايا الإعاقة، وأكد أن المركز انطلاقا من دوره ورسالته الإعلامية المنبثقة عن مسؤوليته الاجتماعية يعمل على تقديم العديد من الأنشطة والبرامج التي تساهم في دمج الأشخاص المعاقين مجتمعيا، كما يعمل مركز الشارقة الإعلامي على تعزيز التواصل مع مختلف وسائل الإعلام للاهتمام بإبداعاتهم وتسليط الضوء على قضاياهم، وقال: “نحن مطلعين على بنود الاتفاقية الدولية لحقوق المعاقين التي صادقت عليها دولة الإمارات العربية المتحدة وبدورنا نؤيد ما جاء فيها وندعو الجميع إلى تطبيق ما يساهم في حفظ حقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة”.
الإعلام شريك رئيسي في دعم قضايا الإعاقة التي تتطلب وعياً مجتمعياً أكبر
وفي إطار تعاونه مع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية قال أسامة سمرة:” سبق لي أن شاركت في الفعاليات التي تنظمها المدينة ومن بينها ملتقى المنال وكان لي الشرف أن أكون متحدثاً في هذا الملتقى، كما شاركت من خلال الدعم الإعلامي في بطولة العالم للأشخاص من ذوي الإعاقة للكراسي المتحركة وفيه كان مركز الشارقة الإعلامي مسؤولاً إعلاميا في هذه البطولة وضمن أعضاء اللجنة العليا المنظمة لهذا الحدث المتميز وقمنا بالتغطية الإعلامية لهذه البطولة وأجرينا الكثير من الحوارات الصحفية مع أبطال من ذوي الإعاقة وحرصنا على توطيد العلاقة معهم”.
وأضاف قائلا:” إن مركز الشارقة الإعلامي لديه خطط مستقبلية في التعاون مع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية هذه المؤسسة الرائعة والمتميزة من خلال ما تقدمه من خدمات جليلة في توفير العلم والعلاج والتأهيل والرعاية لأبنائنا من ذوي الإعاقة، وشخصيا عشت التجربة كوني أباً لطفلة من ذوي الإعاقة وهي نعمة من الله عز وجل، حيث ولدت جنا بعد أقل من 6 أشهر وكنت أمضيت للتخلص من الجنين لانقاد حياة زوجتي، وبعد العملية تفاجأت بالدكتورة تخبرني أني رزقت بمولودة وحمدنا الله أنا وزوجتي على قضاء الله وقدره، وكنت سعيدا جدا بمولودتي الصغيرة وقدمنا لها كافة الرعاية التي تحتاجها خلال فترة نموها وهي الآن تبلغ من العمر 6 سنوات، ونقدم لها كافة الرعاية والعلاجات الصحية وأوجه جزيل الشكر لسعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي نائب رئيس المجلس الأعلى لشؤون الأسرة مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية على اهتماماتها وتقديمها كامل الدعم لابنتي جنا منذ دخولها فصول المدينة حيث تلقت الخدمات المناسبة لحالتها وهي في تطور مستمر”.
وأوضح مدير عام مركز الشارقة الإعلامي أنه لا يوجد صحافة متخصصة بقضايا الإعاقة رغم ما تشير إليه الإحصائيات من وجود نسبة كبيرة من هذه الفئة في المجتمع، مؤكدا أن وجود إعلام متخصص بذوي الإعاقة وإعلاميين متخصصين مهم جدا لخدمة هذه الفئة المجتمعية، وأشار إلى أهمية البحث عن سبل متعددة لتعميق لغة الحوار بين المعاقين من خلال الإعلام وضرورة توفير مختلف الإمكانيات والوسائل الحديثة لخدمة الأشخاص من ذوي الإعاقة في المجتمع وزيادة التواصل بين المرسل الإعلام والمتلقي المعاق والمجتمع.
وقال: ” لابد من تسليط الضوء على أهمية توفير وسائل إعلامية تخدم المعاقين، وندرك جميعا الدور الكبير للإعلام وما يحدثه من تأثيرات في الرأي وتغيير الاتجاهات، والإعلام هو شريك رئيسي في دعم قضايا الإعاقة التي تتطلب وعياً مجتمعياً أكبر يضمن حقوقهم المجتمعية والوطنية والإنسانية وتسليط الضوء على مواقع الخلل والحد منها والنهوض بمستوى الخدمات المقدمة للأشخاص من ذوي الإعاقة وضمان حياة مستقبلية آمنة لهم، ونستطيع القول أن دولة الإمارات العربية المتحدة تتصدر أعلى مستويات الاهتمام بهذه الفئة من خلال الاهتمام المتزايد الذي توليه لفئة المعاقين، وهو واضح جدا والكل يعترف به، ويبقى دور الإعلام مقصرا في هذا الجانب بحيث يجب تعزيز دور الإعلام في خدمة فئة ذوي الإعاقة وأيضا في نشر الوعي لدى المجتمع وتعزيز ثقافة التعامل الإيجابي مع هذه الفئة، ويجب على كل مؤسسة في الوطن العربي أن تقدم صوتاً لنصرة المعاقين والاهتمام بقضاياهم في كافة المجالات.
وفي الأخير وجه الأستاذ أسامة سمرة من مركز الشارقة للإعلام هذا المنبر الإعلامي الحيوي رسالة إلى ابنته جنا وهي تحمل مضموناً عاماً إلى المجتمع وقال
“أطمئنك يا ابنتي بأن هذا المجتمع الذي تعيشين فيه يتقبل وجودك كإنسان حرم مما أنعم الله به على الآخرين كالقدرة على الحركة والمشاركة في الأمور الحياتية الأخرى… وهذا المجتمع يؤمن أن الله أنعم عليك وعلى الكثيرين من إخوانك المعاقين بنعم كثيرة تستطيعون من خلالها أن تكونوا أشخاصاً فاعلين وقدوة في المجتمع ولن تكونوا أبدا عالة عليه…”