الشيخة جميلة القاسمي تدعو إلى التبرع ومساندة الأشخاص المعاقين
دعت سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي مدير عام مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية أفراد المجتمع عامة إلى دعم ومساندة حملة الزكاة التي أطلقتها المدينة مطلع شهر رمضان المبارك تحت شعار: (قد أفلح من تزكى) والمساهمة بأموال الزكاة والصدقات وذلك بهدف دعم وتطوير البرامج المتنوعة والخدمات الجديدة المستحدثة التي تقدمها المدينة للأعداد المتزايدة من الأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة وتضمن في الوقت ذاته ضمان استقرار هذه البرامج واستمرارها.
وقالت إن الغايات النبيلة المتوخاة من اطلاق حملة الزكاة ــ كغيرها من الحملات والمشاريع التي تعمل عليها المدينة طوال العام ــ تستمد قوتها وجدواها من الروح الطيبة التي تسود مجتمع الإمارات في شهر رمضان المبارك وتتنقل إلى باقي الشهور وتتجلى نفحات من العطاء تنشر خيرها وعطرها ليس فقط في دولة الإمارات بل في كل بقاع الأرض.
الصيام والصدقات من موجبات الجنة
وتضيف أن الفهم العميق لمعاني الشهر الفضيل والامتثال لطاعاته وواجباته يرفع درجة الإحساس بمعاناة الآخرين وتقديم المساعدة لهم إلى أرقى مستوياتها، ولنا في هذا المجال أسوة حسنة؛ رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان أجود الناس في رمضان أضعافاً مضاعفة عن غيره من الشهور، وقد بيّن عليه الصلاة والسلام أن الجمع بين الصيام والصدقة من موجبات الجنة، وهي المعاني ذاتها التي تضمنها شعار حملة الزكاة لهذه السنة (قد أفلح من تزكى) الآية الكريمة من سورة الأعلى التي تفيد أن كل ما يتمناه الإنسان سوف يتحقق وسوف يفوز بجنة الله ورضوانه إن طهّر ماله ونفسه من سائر المعاصي واستبدلها بالإيمان والعمل بالطاعات ومنها الصدقات وزكاة المال.
عطاؤكم نترجمه إنجازات
وأوضحت مدير عام المدينة أن حملة الزكاة وغيرها من المشاريع المدرة للريع التي تنظمها المدينة طوال العام الغاية منها تغطية جانب من النفقات الآخذة في الارتفاع بسبب التزايد المستمر لأعداد المستفيدين من خدمات المدينة وما يستتبع ذلك من إنشاء مبان جديدة وتوظيف كوادر كفؤة ومؤهلة تقوم على خدمة هذه الأعداد بالإضافة إلى عمليات التطوير والتحديث المستمرة في نوعية الخدمات التي تقدمها المدينة مستفيدة فيها من أحدث التطورات التكنولوجية في مجال التعليم وصولاً إلى تهيئة البيئة الملائمة لطلاب المدينة لمتابعة تعليمهم حتى أعلى مراحله بما فيها التعليم الجامعي.
وبالفعل ـ تضيف الشيخة جميلة القاسمي ـ فإن إداء المدينة وطلبتها يشهد في كل سنة تقدماً ملحوظاً عما سبقه من سنوات ويثبت دائماً أن عطاء المتبرعين والداعمين يوظف دائماً في مكانه ومن أجل تحقيق المزيد من الإنجازات للأشخاص المعاقين وهذا يجعل المدينة أمينة على ما تقوم بجمعه من أموال الزكاة وصدقة المال وغيرها من أشكال الدعم المالي وقادرة على توظيفها التوظيف الأمثل، والشواهد على ذلك كثيرة فمن حيث المباني والخدمات المستحدثة تم هذا العام فقط افتتاح بيت الشابات المعاقات ذهنياً وافتتاح فترة مسائية في فرع مدرسة الوفاء لتنمية القدرات في الرملة مخصصة للإعاقات الشديدة والمتعددة من المراحل العمرية المتقدمة بلغ عددهم في العام الحالي 25 حالة من المتوقع أن يتضاعف في العام الدراسي القادم بكلفة تشغيلية ستصل إلى مليون درهم، هذا بالإضافة إلى تجهيز صالة رياضية وتزويدها بأحدث المعدات في الفرع ذاته.
أما في مجال تمكين الأشخاص المعاقين ـ تتابع مدير عام المدينة ـ فقد تم تعزيز مبدأ المناصرة الذاتية لتقوية اعتماد الأبناء المعاقين على ذواتهم وتم لهذا الغرض تنظيم رحلات لأداء مناسك العمرة تلبية لرغبة المناصرين الذاتيين من ذوي متلازمة الشلل الدماغي وعدد من طلبة مدرسة الأمل للصم، أما في مجال تطوير التعليم واكتساب المزيد من الخبرات فقد تم ادخال السبورات الالكترونية إلى عدد كبير من فصول المدينة وأقسامها وتم توفير عدد كبير من الكمبيوترات اللوحية (الآي باد) لمختلف المراحل العمرية بدءاً من مركز التدخل المبكر وصولاً إلى مدرسة الأمل للصم وتنظيم رحلة للطلبة الصم إلى أمريكا للاستفادة من تجاربهم المتطورة في التعليم العالي، وقد انعكس هذا التطوير على أداء الطلبة والعاملين في المدينة الذين ترجموه إلى مبادرات وجوائز أبرزها فوز المدينة بجائزة خليفة التربوية للعام الدراسي 2012 و2013 ومنها إطلاق مبادرة السائق لا يسمع وفوز عدد من طلبة المدينة بجائزة الشارقة للبيئة وجائزة الشارقة للتميز التربوي وجائزة أفضل ملف إنجاز لمادة اللغة العربية وفوز الطالبة نعمة اسماعيل بجائزة المنظمة العالمية للفن الخاص VSA بأمريكا.
التعليم الجامعي للصم والدمج والتوظيف أبرز إنجازاتنا
وتوضح مدير عام المدينة أن أبرز ما يتوج هذه الانجازات ــ التي لم تكن لتتحقق لولا دعم فئات المجتمع مادياً ومعنوياً وتفهمهم لأهداف المدينة ــ هو المخرجات التي نعتز بها وأبرزها تخريج المزيد من الطلبة الصم من حملة الشهادة الثانوية العلمي والأدبي ومواصلة عدد منهم دراسته الجامعية وتخرج بعضهم بالإضافة إلى اتباع سياسة الدمج المبكر للأطفال من ذوي الإعاقة وعلى سبيل المثال تمكنت مدرسة الأمل للصم من دمج 62 طفلاً في مدارس السامعين مع متابعتهم بشكل مستمر.
وتعتبر عملية توظيف الأشخاص المعاقين واحدة من أطيب ثمار عمل المدينة التي نجحت حتى الآن في توظيف عدد كبير من الأشخاص المعاقين بلغ عددهم 299 طالب وظيفة ومن مختلف أنواع الإعاقات الجسدية والعقلية والسمعية وفي القطاعين العام والخاص، يضاف إليهم 16 طالباً أصماً تم تشغيلهم في الدوائر الحكومية منذ تأسيس فرع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في خورفكان بالمنطقة الشرقية.
تحديات وأعباء مالية متزايدة
وتقول الشيخة جميلة القاسمي: إن عدد الطلبة الذين يتلقون خدمات يومية منتظمة في الفصول الدراسية وفي مراكز وأقسام المدينة وصل في العام الدراسي الحالي إلى 1200 طالب تحرص المدينة على مناصرتهم واحتوائهم وتمكينهم بكل الوسائل وصولاً إلى تحقيق استقلاليتهم ومشاركتهم التامة في المجتمع.
وللأسف ـ تضيف ـ هذه الأهداف لن تتحقق كما نرغب ونطمح مع تزايد الأعباء المالية التي تتحملها المدينة للقيام بواجبها تجاه هؤلاء الأبناء والعجز المتراكم سنة بعد سنة نتيجة ارتفاع اجمالي التكلفة الفعلية للطالب الواحد والذي بلغ في العام الدراسي الحالي مبلغ 30 ألف درهم في جميع فروع المدينة وأقسامها ومراكزها تضاف إليها رسوم المواصلات والعلاج الطبيعي والوظيفي والنطقي التي يقدر متوسط تكلفتها بـ 6000 درهم سنوياً.
كذلك توفر المدينة خدمة الإرشاد الأسري للحالات من خارج المدينة بلغ عددها في السنة الدراسية الحالية 130 حالة بمتوسط تكلفة بلغ 9000 درهم سنوياً لكل حالة، هذا بالإضافة إلى الخدمات الأخرى التي يقدمها مركز مدينة الشارقة للسمعيات بما فيها عمليات زراعة القوقعة للصم غير القادرين والتي يتجاوز متوسط كلفة العملية الواحدة الـ 120 ألف درهم.
وتوضح مدير عام المدينة أن 89% من طلبة المدينة لديهم إعفاء كلي من الرسوم والنسبة الباقية فقط قادرة على تسديدها، وهذا يعني بكل بساطة زيادة الأعباء المادية التي تتحملها المدينة التي سجلت خلال العام الدراسي الحالي 2012 ـ 2013 عجزاً مالياً قدره 9 ملايين درهم لم يستطع قسم الاستثمار في المدينة سده بأكثر من مليوني درهم ليبقى العجز المالي للمدينة في هذه السنة وحدها 7 ملايين درهم.
مصارف شرعية لأموال الزكاة
وتؤكد سعادة الشيخة جميلة القاسمي أن حملة الزكاة هي واحدة من المشاريع التي تسعى المدينة من ورائها إلى التخفيف من هذا العجز المالي خصوصاً وأن أموال الصدقات وزكاة المال ستصرف في مصارفها الشرعية حصراً وليس في أي مجال آخر وستخصص لصالح الأشخاص من ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم المحتاجين وغير القادرين على دفع تكاليف الخدمات المقدمة لهم.
وتضيف أن أموال الزكاة والصدقات التي يتم جمعها تصرف بإجراءات شرعية من خلال حساب المدينة الخاص للزكاة في مصرف الشارقة الإسلامي، ويتم ذلك بعد دراسة الحالة الاجتماعية لأسرة الشخص المعاق وتقييم امكانياتها المادية بمتابعة مسؤولي الإدارة المالية في المدينة وبمستندات وأوراق قانونية تثبت شرعية صرف أموال الزكاة بغرض تقديم الدعم المادي للشخص المعاق وأسرته وسد حاجياتهم الضرورية للحياة، بالإضافة إلى توفير المتطلبات والتجهيزات الضرورية للشخص المعاق غير القادر على دفع تكاليف العلاج والتعليم والتأهيل وغيرها من الضروريات التي تكفل له العيش بكرامة.
التبرع للأشخاص المعاقين فعل إيماني وإنساني
وتؤكد مدير عام المدينة إن التطوع والتبرع بأموال الزكاة والصدقات لدعم الأشخاص من ذوي الإعاقة وأولياء أمورهم من المتعثرين هو فعل إيماني وإنساني في الوقت نفسه واستجابة لتعاليم ديننا الحنيف تؤسس بشكل متين للشراكة القوية بين فئات المجتمع والاحساس المتنامي بالمسؤولية المتبادلة بين مؤسساته وأفراده للمساهمة في رفع المعاناة والتخفيف من آثار الإعاقة على أصحابها خاصة وعلى المجتمع بشكل عام.
وفي ختام حديثها وجهت سعادة الشيخة جميلة بنت محمد القاسمي جزيل شكرها وتقديرها لكل الجهات الحكومية والخاصة التي ساهمت وما زالت في إنجاح الحملة وخصت بالذكر جميع الرعاة الداعمين والمتبرعين، وكل من ساهم في دعم المدينة وتقديم التبرعات من أموال الزكاة والصدقات لصالح الأشخاص من ذوي الإعاقة معربة عن أملها في أن تتواصل هذه الأعمال الطيبة طوال شهر رمضان الكريم قدرنا الله جميعاً على القيام بواجباته والفوز بطاعاته أعاده الله على الجميع بالخير واليمن والبركات.
(*) المصدر:
جريدة الخليج الإماراتية، العدد 12494، السبت 24 رمضان 1434 هـ الموافق لـ 3 أغسطس 2013 م