تكثر الزيارات في شهر الخير والعطاء، وتزداد صلات الأرحام، والجيران، ويتسامر الأهل والخلان، في منزل أحدهم، وقد حثنا الإسلام على التزاور لما له من أجر عظيم، ورسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم كان قد زار غير المسلمين من اليهود والنصارى، فهذه المظاهر الجميلة تسطر الأواصر الاجتماعية التي تتعزز في شهر الرحمة والغفران، لذا كان لابد من الحديث قليلاً حول إتيكيت الزيارة، حيث أن هناك بعض التصرفات الصادرة عن بعض الأشخاص بعفوية قد تسيء إليهم، أو قد تؤدي إلى إحراج الآخرين، وهم لا يقصدون الإساءة، وإنما تربوا على هذا الشيء ويرون أو يعتقدون أنه من الأمور العادية.
أولا: قبل الذهاب للزيارة يجب الاتصال بالشخص المعني وإبلاغه برغبتك في زيارته والاتفاق معه على وقت الزيارة وكم عدد الأشخاص الذين سيحضرون معك، حتى يتسنى له استقبالكم بدون تكليف أو حرج، حتى وإن كان من الأهل والأقارب، وبعد ذلك عند الوصول إلى منزل من نريد زيارته، يجب الاستئذان قبل الدخول امتثالا لأمره تعالى: (يا أيها الذين آمنوا لا تدخلوا بيوتا غير بيوتكم حتى تستأنسوا وتسلموا على أهلها ذلكم خير لكم لعلكم تذكرون).
ونستنتج من هذه الآية الكريمة، أهمية طلب الاستئذان والسلام عند الزيارة، وكل هذا طبعا بذوق، أي أن نطرق الباب بلطف، ونتخذ من يمين أو شمال الباب مكاناً للانتظار، حتى يُفتح الباب، وطبعاً عدد مرات طرق الباب يفضل ألا تزيد عن ثلاث مرات متفرقة، قد قال أنس ابن مالك رضي الله عنه: (إن أبواب النبي صلى الله عليه وسلم كانت تقرع بالأظافير) فإذا لم يفتح أحد الباب، عليك بالانصراف، ولا تطل الوقوف أمام الباب فلربما يكون أصحاب المنزل منشغلين ببعض أمورهم، فقد قال صلى الله عليه وسلم: (الاستئذان ثلاث فإن أُذن لك وإلا فارجع).
ولا تحاول النظر من جنب الباب أو من عين الباب، أو أن تضع أذنك لتسمع إن كان هناك صوت داخل المنزل أم لا، فإن هذا الأسلوب غير لائق إطلاقا، فعن سهل بن سعد الساعدي رضي الله عنه أن رجلا اطلع في حجر في باب رسول الله صلى الله عليه وسلم ومع رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يحك به رأسه فلما رآه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (لو أعلم أنك تنظرني لطعنتك به في عينيك) رواه مسلم.
لذا فرضت الشريعة السمحاء الاستئذان قبل الدخول كي لا تكشف العورات، وأسرار وخصوصيات البيوت، ولا يقتصر الاستئذان على أبواب المنازل الخارجية، أو حتى على الغرباء فقط، بل داخل البيت أيضاً، يجب الاستئذان على المحارم، وإن كانوا أولادكم.
ملاحظة أخرى ألا وهي أن أغلب الناس عند سؤالهم (من الطارق) يجيبون بكلمة أنا، وهذه الإجابة من الأشياء المنبوذة في مبادئ الإتيكيت، فعن جابر بن عبدالله رضي الله عنه قال: ”أتيت النبي صلى الله عليه وسلم في دَين كان على أبي، فدققت الباب، فقال: من ذا، فقلت: أنا، فقال: أنا أنا.. كأنه كرهها“.
كما لا تنس التلفظ بالسلام قبل الدخول، وعدم الالتفات يميناً وشمالاً وإطالة النظر، فيما قد يواجهك عند الدخول، ولا تتحدث بصوت عال قبل الدخول أو حتى عند الدخول، حرصا على عدم إزعاج الآخرين، فلا تنس أن هناك جيراناً لمضيفك ولهم حقوق عليه، وأنت شريك له عند زيارته في تأدية حقوق جيرانه.
إعلامي ـ كاتب و مدرب في مجال الإتيكيت
حاصل على اعتماد دولي كمستشار أول ومدرب للإعلام والبروتوكولات من أوكسفورد لمنطقة الشرق الأوسط، ويعد حالياً لرسالة الماجستير، حاصل على البكالوريوس في الإعلام والعلاقات العامة، ودبلوم برامج تطبيقية في الكمبيوتر، ودبلوم محاسبة، وهندسة شبكات كمبيوتر من مايكروسوفت. عمل كمعد ومقدم برامج للعديد من البرامج التلفزيونية، كما عمل مراسلا صحفياً وكاتب أعمدة شبه يومية وتحقيقات لبعض الصحف العربية، بالإضافة إلى عمله كمستشار أثناء مرحلة التأسيس لعدد من القنوات التلفزيونية والصحف والمجلات والمواقع الإلكترونية.