في بعض الأحيان يكون القلم عجيباً حيث يكون الفكر نقيضاً وتتلعثم الكلمة وتقف الفكرة، فليس من السهل تطويع القلم والكلمة للكتابة والتعبير بكل إرادة وخاصة عن تلك الفئات الخاصة التي تعيش في دائرة ذاتية وهمية لعدم القدرة على العطاء والاستفزاز نتيجة الإعاقة من جهة والنظرة الاجتماعية من جهة أخرى. أتعجب.. ما الذي يمنعنا من معرفة شخصياتهم وحاجاتهم ونفسياتهم وما يدور فيها من هموم وآلام وآمال ومتطلبات ودوافع لا يدركها إلا المتخصصون والدارسون والإعلاميون والتربويون.. الخ.
ما دور وسائل الإعلام المرئية والمسموعة والمقروءة في إبراز تلك الفئات ومحاولة ادماجهم وربطهم بالمجتمع للتفكير بحقهم وتعزيز دورهم داخل المحيط الاجتماعي ليأخذوا حقهم كغيرهم في الرعاية والتدريب والتعليم والتأهيل والتشغيل باعتبارهم جزءاً من المجتمع.
إن من واجب الجميع ـ وهذا شرف لهم ـ المساهمة الفعالة ـ ولو بالحرف ـ للوقوف بجانب تلك الفئات لتعزيز دورها وترسيخ مكانتها ما دامت قادرة على العطاء والانتاج على أساس لكل إنسان حقه. إنها أمانة ومسؤولية تقع على عاتق المجتمع بكل فئاته.
سألتهم وهم يتحدثون ويناقشون همومهم من خلال حلقة نقاشية تحت شعار (دعونا نتكلم): ما دور المجتمع في إبراز قضاياكم؟ فأجابوا: لا شيء سوى هوامش على صفحات الحياة.. فمساحات التواصل والتدارس قليلة.. أليس المعاق إنساناً له حقوق وعليه واجبات، أليست له كرامة لا بد من احترامها، وله شخصيته التي لابد من إبرازها، يجب أن يعي مجتمعنا أن الشخص المعاق ليس هو من عطّل جسده عن الحركة.. أو حد من قدراته العقلية.. وليس هو من قصر لسانه عن النطق.. المعاق هو الإنسان الذي توقف عن الانتاج وقل عطاؤه حتى لذاته واستمر عالة على أسرته ومجتمعه وهو في كامل قواه العقلية والجسدية.
إن الأمانة الإنسانية لأصحاب الكلمة والرأي أن يعملوا على تهيئة القاعدة الأساسية التي تمكن تلك الفئات من الانطلاق وسط المجتمع وليس الانزواء في أحد أركانه.. وأن يعملوا على تهيئة الظروف الملائمة لهم لتعويض ما حرموا منه فيسهموا بفاعلية في عملية التنمية الاجتماعية.
إن الشخص المعاق هو التحدي الحقيقي والإنساني الذي يسبح ضد التيار لتحقيق الطموحات، ولكن العالم هو الذي يعوقه! إنه العزيمة والتصميم والقوة والإرادة لكسر حاجز الخجل الاجتماعي الذي يكتنف بعض الأسر والدخول من بوابة الأمل لينال هويته الحقيقة في خدمة المجتمع كغيره.