يشير مصطلح أفازيا Aphesia والذي هو مصطلح يوناني أساساً مكون من مقطعين الأول هو A وتعني (عدم) والثاني phesia ويعني (كلام) أي Speech وبهذا يترجم إلى العربية تحت اصطلاح احتباس الكلام أو الحبسة الكلامية، وهو يشير إلى (اضطراب لغوي) يتناول كافة جوانب اللغة الاستقبالية والانتاجية إضافة إلى الصعوبات النحوية التي تخص مبنى الجملة وصعوبات التذكر والفهم وينتج هذا عن إصابة الدماغ وبالتالي عدم القدرة على الاستيعاب أو التعبير أو كليهما وأكثر منهما.
وأود هنا أن أبين الفارق الجوهري بين مصطلح الأفازيا ومصطلح ديسآرثيا Dysarthria حيث أن هذا الأخير يشير إلى اضطراب عصبي حركي يؤدي إلى اضطراب في الكلام والنطق وخروجه بطريقة غير مفهومة وهو ليس اضطراب في اللغة لأنه يدل على عدم تناسق وتناغم في حركة أعضاء جهاز النطق نتيجة لشلل أو ضعف في العضلات (وهنا لا توجد مشكلة أبداً في اللغة) أما مصطلح أبراكسيا Apraxia فهو يشير إلى اضطراب في الكلام وذلك لوجود اضطراب في البرمجة وليس لوجود شلل أو ضعف في عضلات النطق، فهو قصور في القدرة على اختيار الترتيب المناسب لحركات عضلات النطق مما يجعل المصاب يلجأ إرادياً إلى ابدال الأصوات الصعبة واستبدالها بما هو أسهل منها في النطق.. فهو إذاً عسر في اللفظ والنطق.
وإذا عدنا إلى موضوع الحبسة الكلامية أمكننا تسجيل بعض المعلومات الهامة عنها وهي:
- الحبسة الكلامية هي عبارة عن اضطراب لغوي مكتسب في الاستيعاب أو التعبير أو كليهما لوجود تلف في الدماغ.
- هي عدم القدرة على ترجمة الأفكار إلى كلمات وجمل أو عدم القدرة على استيعاب الكلمات والجمل المقروءة والمسموعة.
- قد تتأثر مختلف جوانب اللغة (فنولوجي، النحو، المعنى، استخدام اللغة، المورفونولوجي).
- قد تصاحبها مشاكل لفظية، ولكنها ليست ناتجة عن مشاكل عضوية في جهاز النطق.
- هي اضطراب يؤثر في العديد من جوانب التواصل (قراءة ـ كتابة ـ لغة محكية ـ لغة غير محكية).
- يعاني صاحبها من أعراض مختلفة بشدتها وطبيعتها تبعاً لموقع الإصابة وشدتها.
ومن المشكلات التي تظهر في الحبسة الكلامية:
-
التمييز السمعي
- عدم القدرة على فهم المثيرات السمعية.
- عدم تمييز الكلمات المتشابهة.
- عدم تمييز الأشياء المسماة.
-
القراءة
- عدم القدرة على تمييز الأحرف بالنظر.
- لا يميز الكلمات المألوفة البسيطة.VACQWT5F23QA7Y65TY7HB
- عدم القدرة على ربط الكلمة بالصورة.
- بطء في القراءة.
- إضافة أو حذف كلمات أثناء القراءة.
-
المحادثة
- عدم وضوح الكلام.
- استبدال الكلمات (استبدال الكلمة بكلمة أخرى من المجموعة نفسها).
- أخطاء في النحو والقواعد.
- عدم القدرة على تذكر الكلمة المطلوبة.
- إعادة الكلمات والجمل بشكل مستمر.
- عدم القدرة على الحديث في موضوع ما.
- اللغة بسيطة وغير معقدة.
- كلمات ليس لها معنى ناجمة عن دمج كلمتين معاً.
-
الكتابة
- عدم القدرة على نقل الأشكال والحروف.
- عدم القدرة على كتابة الحروف أو الكلمات.
- حذف بعض الأحرف أو الكلمات أثناء الكتابة.
- إبدال حرف أو كلمة بكلمة أخرى.
- بطء في الكتابة.
-
التعبيرات الوجهية
- غير قادر على استخدام النظرات والايماءات كوسيلة للتواصل.
- عدم القدرة على فهم معنى النظرات والايماءات المستخدمة بالحديث.
-
تتأثر جميع اللغات الأخرى التي يعرفها الشخص
ويؤكد بعض الباحثين أن نصف المخ يكون مسؤولاً عن اللغة، أما النصف الآخر فله دور ثانوي ومساعد وأن النصف الأيسر هو المسؤول عن الوظائف اللغوية بينما النصف الأيمن مسؤول عن التنغيم وطبقة الصوت وغيرها.
وتقسم الحبسة الكلامية إلى:
-
حبسة بروكا
موقع الإصابة يكون في الجهة اليسرى الجانبية من الفص الجبهي فوق مستوى الثلم المخي الوحشي وقبل الثلم المركزي ويمتد إلى المنطقة المجاورة.
وهي تؤدي بحسب رأي بروكا إلى احتباس الكلام وعدم القدرة عليه بصوت مسموع رغم أن المريض يفهم ما يقال ويكرر لفظاً واحداً مهما كانت الأسئلة الموجهة إليه، والمريض هنا يعرف عجزه وأخطاءه وفي حالة الإصابة البسيطة فيها يتمكن المريض من الكلام بصوت خفيض ومنخفض مع ضعف في طلاقة الكلام، إضافة إلى أخطاء في النحو وقلة في التنغيم وبهذه الحالة يكون التواصل عن طريق الكتابة أفضل كثيراً من التواصل عن طريق الكلام.
وينجم هذا النوع من الإصابة عن عملية احتشاء الجزء الجبهي والجذري الأمامي من المخ بسبب جلطة دموية في الشريان المخي أو نزف حاد بسبب فرط التوتر الشرياني وقد تحصل بسبب الأورام والخراجات وأغلب الظن أن أفازيا بروكا تتراجع في حالات الاصابات الوعائية مع الزمن ولكن النطق يبقى بطيئاً وليس واضحاً وهذه الحالات تحتاج لعلاج طبي وتخاطبي. -
أفازيا فرنكس Wernikes Aphasia
وفيها تحصل إصابة في الفص الصدغي من الدماغ يؤدي إلى تلف الخلايا العصبية التي تساعد على تشكيل الصور السمعية للكلمات، وهذا ما يعرف بـ (صمم الكلمة) Word Deafness ويواجه المريض صعوبة في فهم واستيعاب الكلمات المفردة والأصوات وفي الصمم الكلامي تكون حاسة السمع سليمة ولكن الكلمات تفقد معناها لدى المريض ولا يستطيع تنفيذ أوامر معقدة أو مركبة من عدة خطوات ذلك لأن المريض يفقد القدرة على ادراك المعنى والمدركات اللفظية.
-
الحبسة الكلامية التوصيلية Conduction Aphasia
وهي عبارة عن إصابة مسارات من المادة البيضاء، وهذه المسارات هي التي تربط منطقة فرنك بمنطقة بروكا وتقع هذه المنطقة في الفص الجداري.
-
الأفازيا النسيانية
وهنا يصعب على المريض تذكر أسماء الأشياء والمواقف والصفات ويجد نفسه مضطراً لاستبدال كلمة بأخرى أو يتوقف عن الكلام وقد يسمي أشياء مألوفة ولكنه يصعب عليه تسمية أشياء أقل شيوعاً وقد يعجز عن تسمية الشيء باسمه ولكنه يذكر وظيفته واستعمالاته وقد تظهر في أعراض مرض الزهايمر.
-
الحبسة الكلامية الشاملة Total Aphasia
وهنا المصاب يعاني من أفازيا حركية وحسية ونسيانية وقرائية وهذا ما يحدث نتيجة الجلطات الدموية المخية وتتجه نحو الذراع والساق وأعضاء النطق وهنا لا يقوى المريض على القراءة أو الكتابة أو الفهم، ومع الزمن قد يستطيع المريض فهم الكلام الملفوظ ونطق بعض المفردات<لمفردات.
-
حبسة كلامية في القشرة الدماغية الثانوية
ويحدد موقع الإصابة فيها في منطقة العقد القاعدية وفي الجزء الأيسر من المهاد.
-
الأفازيا الكتابية Agraphia
وفي هذه الحالة يعجز المصاب عن الكتابة والإجابة على الأسئلة الموجهة إليه وطلب ما يريد من خلال الكتابة وإذا حاول ذلك فإنه يكتب بطريقة خاطئة.
ويقسم المختصون الحبسة الكلامية إلى:
- حبسة كلامية بسيطة.
- حبسة كلامية متوسطة.
- حبسة كلامية شديدة.
وسنتحدث الآن عن الحبسة البسيطة على أن تتم مناقشة الأنواع الأخرى لاحقاً.
أولاً ـ الحبسة الكلامية البسيطة
ويتم التقييم تبعاً للدرجة التي تؤثر فيها الحبسة الكلامية على أداء الشخص وعلى عملية التواصل فيكون الأداء اللفظي الشفوي أقل من الطبيعي بدرجة بسيطة.
ومن صفات الحبسة الكلامية البسيطة:
-
الاستيعاب السمعي
يملك الشخص قدرة جيدة على استيعاب ما يطلب منه وفهم الحديث وقدرة جيدة على تنفيذ الأوامر ويعتمد الشخص هنا على الأدلة والإشارات الموجودة في سياق الحديث و يتأثر بالمشتتات من ضوضاء وغيرها على قدرته على الفهم والاستيعاب ويحتاج إلى الإعادة أكثر من مرة لفهم المطلوب.
-
اللغة التعبيرية
يتأثر الأداء الشفوي للمصاب ويواجه مشاكل في التسمية وتذكر الكلام وإعطاء المفردات المناسبة مما يؤثر على طلاقة الحديث ويكون التقييم للمصاب من خلال:
- تسمية نماذج ومجسمات وأفعال وألوان.
- وصف الصور.
- المحادثة.
وقد يتلعثم الشخص في أول الكلمة بإعادتها أو إعادة جزء منها ولقد وجد أن المصابين بالحبسة البسيطة يستطيعون رؤية قصة متسلسلة بشكل واضح وصحيح وتظهر لدى الشخص أخطاء نحوية وأخطاء متعلقة بالمعنى والكتابة، ولكن الشخص يحافظ على تسلسل السياق وتناسق الحديث.
-
الإشارات غير الكلامية
لقد وجدت الأبحاث أنه لا فارق ملحوظ بين المصاب بالحبسة البسيطة وغير المصاب بالنسبة إلى استخدام الإشارات الجسمية مثل هز الرأس وحركة الحواجب والابتسامة وغيرها، ولزيادة الحصيلة اللغوية من المفردات من خلال الخطوات التالية:
- التدريب على التمييز: على المتدرب أن يميز أزواج الكلمات التي تعطى له إن كانت متماثلة في النغم والايقاع وهل هي مترادفات أم متعاكسات ومتضادات.
- التدريب على الاختيار: ويتم إعطاء المتدرب ثلاث كلمات وعليه أن يختار الكلمة المترادفة أو المتضادة أو التي لها نفس التنغيم.
- زيادة القدرة على التعبير: يقوم الشخص بإنتاج الكلمات التي لها نفس التنغيم أو انتاج الكلمة المترادفة أو المتضادة.
ومن البرامج الأخرى برنامج يسمى Lexical Focus ويكون على المتدرب أن يعطي كلمات تنتمي إلى نفس المجموعات مثل مجموعة الخضار أو الفواكه أو أدوات المطبخ وغيرها.
والبرنامج الثالث يركز على المحادثة والتدريب اللفظي لموضوعات وحوارات أخرى وتجري إعادة مناقشتها. -
القدرة على التواصل
لقد وجدت الدراسات أن المصاب بالحبسة البسيطة يمكنه المشاركة في الحديث بنسبة 42٪ إلى 90٪ وهؤلاء الأشخاص لديهم قدرة جيدة على التواصل ولكن قد يحتاجون إلى مزيد من الوقت وإلى تحمل شريك الحديث عبء عملية التواصل.
علاج الحبسة الكلامية البسيطة
يتم العلاج بالتركيز على النقاط التالية:
- تدريب المصاب على الحديث عن مجال عمله وخبراته.
- إعادة رواية قصة ذات أحداث متنوعة في التسلسل والتعقيد.
- كتابة رسائل أو مذكرات يومية.
- تكوين جمل باستخدام كلمات محددة.
- أن يقوم الشخص بالشرح ووصف الأماكن والأشياء.
- كتابة التعليقات ووصف الوظائف والمهن.
- من البرامج العلاجية برنامج Sorrt الذي يركز على تحسين الذاكرة واسترجاع المعلومات.
وهكذا نجد أن تدريب المصاب بالأفازيا يعتمد على زيادة الحصيلة اللغوية عبر تقنيات التعيين والتسمية والتكرار مأخوذاً بعين الاعتبار أن تدريب الأفازي الراشد يختلف عن تدريب الطفل المصاب بهذا الاضطراب وصولاً إلى الاستجابة الادراكية والكلامية المطلوبة.
الجنسية: سوري
الوظيفة:اختصاصي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
الحالة الاجتماعية:متزوج ويعول أربعة أبناء.
المؤهلات العلمية:
- حاصل على درجة الدراسات العليا في الفلسفة من جامعة دمشق بتقدير جيد جداً عام 1979.
- حاصل على درجة الليسانس في الدراسات الفلسفية والاجتماعية بتقدير جيد جداً من جامعة دمشق عام 1975.
- حاصل على دبلوم دار المعلمين من دمشق عام 1972.
- حاصل على دورة عملية في طريقة اللفظ المنغم من بروكسل في بلجيكا.
الخبرات العملية:
- أخصائي علاج نطق بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- مدرس من خارج الملاك بجامعة الإمارات العربية المتحدة بالعين.
- عضو بالاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم منذ عام 1980.
- أخصائي نطق في اتحاد جمعيات الصم بدمشق.
- مشرف على مركز حتا للمعوقين بدولة الإمارات العربية المتحدة عامي 2001 و 2002.
المشاركات والدورات:
- عضو مشارك بالندوة العلمية الرابعة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1994.
- عضو مشارك بالندوة العلمية السادسة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم عام 1998.
- مشارك في المؤتمرين السادس والثامن للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم 1991 و 1999.
- مشارك في ورشة توحيد لغة الإشارة بدبي عام 1998.
- مشارك في تنظيم وتخريج عدد من دورات المدرسين والمدرسات الجدد في مدرسة الأمل للصم.
- عضو مشارك في الندوة العلمية التربوية بمؤسسة راشد بن حميد بعجمان عام 2002.
- مشارك في عدد من المحاضرات التربوية والتخصصية.
- كاتب في مجلة المنال التي تصدرها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- عضو مشارك في مؤتمر التأهيل الشامل بالمملكة العربية السعودية.
- عضو مشارك في الندوة العلمية الثامنة في الدوحة بقطر.