مراحل تربية وتأهيل الطفل التوحدي في مدارس إعادة تأهيل المعوقين في ألمانيا ـ برلين
-
التأهيل المبكر
مدخل إلى مفهوم التأهيل المبكر للأطفال المعوقين
لعبت العوامل الاجتماعية والنفسية والثقافية في السنوات الأخيرة دورا كبيرا في تحسين وتطوير مقاييس فحص وتحديد وتوصيف نشوء وتطور الإعاقات بمختلف أنواعها، إلى جانب معرفة وكشف الكثير من المسببات الجديدة للإعاقة العقلية، ومن هذه الأسباب التي برزت في السنوات الأخيرة على سبيل المثال لا الحصر:
- الإهمال والإغفال الاجتماعي.
- التغذية الخاطئة للطفل.
- إخفاق طرق التعليم والأساليب المناهج التربوية الخاصة.
إن عدم الاهتمام بالإعاقة ومعالجتها مبكرا خاصة الإعاقة المبكرة عند الأطفال، يؤدي إلى تأصلها عند الطفل، مما يعيق نموه ونضجه، وتأخذ من ثم إشكالا وأبعادا مختلفة وتسبب تعقيدات كبير منها الاضطرابات النفسية والاجتماعية، فمن المؤكد إن التطور السليم لطفل معاق، يتم فقط ضمن عائلة وعلاقات اجتماعية طبيعية، تنمي مشاعره وأحاسيسه، وتوفر له ارتباطات إنسانية، وعكس ذلك يؤدي إلى تفاقم الإعاقة العقلية.
تشير إحصائيات الباحث الألماني Eggert إلى اكتشاف 21% من الإعاقات أثناء الحمل وبعد الولادة مباشرة ومن 40 ـ 50% بعد أن يبلغ الوليد السنة الثانية من عمره، والبقية وهي الثلث تقريبا تكتشف إعاقاتهم بعد الدخول المدرسي أي بعد سن السادسـة.
أغلب أولياء الأمور يواجهون حقيقة الإعاقة وهم غير مهيؤون لذلك، ما يدفعهم للتفكير بحلول جدية في الوقت المناسب والمبكر، ومنها البحث عن مؤسسات مناسبة لرعاية وتأهيل وتعليم وتدريب أطفالهم مثل:
- مراكز التأهيل المبكر
- مؤسسات التأهيل قبل الدخول المدرسي
- رياض الأطفال الخاصة بالمعوقين
- المدارس الخاصة بإعادة تأهيل المعوقين
- ورشات العمل للمعوقين ثم يعقبها البيوت الخاصة بالمعوقين (البيوت المحمية).
إعداد وتنفيذ خطة تأهيل مبكرة للطفل المعاق، تطمح وتسعي لمساعدته وتمكينه من تجاوز حالة العجز التام، والرعاية السريرية هي مهمة اساسية لكل تربوي، حيث يجد كل شخص معوق، ومنهم ذو الإعاقة المزدوجة، فرصتهم في التأهيل وممارسة حقهم الطبيعي، في المشاركة حتى ولو بجزء بسيط في الحياة، عبر طرق وأساليب تربوية جديدة، إضافة إلى ما تنتجه العلوم التقنية الحديثة من أدوات ومواد مساعدة، لتسهيل حياة المعاق، ولا يمكن إنكار دور العلوم الطبية والعلاجية النفسية والطبيعية في تسريع عملية التكيف مع الإعاقة.
يميل الباحثون في مجالات التربية الخاصة والمختصون في اضطرابات التوحد إلى تعريف التأهيل المبكر، بأنه عملية تنظيم الخبرات المكتسبة في السنوات الأولى من عمر الطفل قبل الدخول المدرسي وتوظيفها لتنمية معارفه وقدراته في سنوات المدرسة.
التأهيل المبكر للطفل التوحدي
التأهيل المبكر للطفل التوحدي عملية تربوية مركبة، تتضافر خلالها الخبرات التخصصية المختلفة، وهو مفهوم يتضمن الإجراءات العلاجية التي تتخذ عند تشخيص هذه الإعاقة. ومن هذه الإجراءات:
- التشخيص المبكر.
- التحليل المبكر للإعاقة
- الخدمات الاستشارية المبكرة
- إعداد البرامج والمناهج التربوية الخاصة بالإعاقة المبكرة
- العلاج النفسي المبكر.
- العلاج الطبيعي المبكر.
كل هذه الحقول ترتبط مع بعضها وتشكل شبكة علاجية تربوية للطفل التوحدي، لتوسيع مداركه وتخفيف حدة الاضطرابات التي تسببها إعاقة التوحد قبل الدخول المدرسي.
فكلما كان تأهيل الطفل المعاق مبكرا ومرتبطا بدعم تربوي خاص، تطور نمو الطفل التوحدي بسرعة. فالوصول إلى نتائج مرضية في هذا المجال يعتمد أساسا على التشخيص المبكر للإعاقة، والذي سيؤدي بدوره إلى تقديم العون المبكر إلى عائلة الطفل التوحدي، والتخفيف من مشاق ارتبك طرق العناية به وتربيته وإزالة مشاعر اليأس والقنوط.
ماذا يعني التأهيل المبكر للطفل التوحدي؟
(التأهيل المبكر هو محاولة توسيع مدارك الطفل التوحدي وتخفيف حدة الاضطرابات التي تسببها إعاقة التوحد قبل الدخول المدرسي. وهو مفهوم يتضمن الإجراءات التربوية والعلاجية التي تتخذ عند تشخيص هذه الإعاقة، تشكل منظومة علاجية تربوية لمساعدة الطفل التوحدي)(1).
خصائص التأهيل المبكر
- التأهيل المبكر للطفل التوحدي كما ذكرنا عملية تربوية مركبة تتضافر خلالها الخبرات التخصصية المختلفة، وهذا هو أهم ما يميزه عن تأهيل الطفل غير التوحدي.
- يبدأ التأهيل المبكر حال اكتشاف الاضطرابات التوحدية وتشخيصها من قبل المختصين، إذ تتخذ عندها الإجراءات العلاجية والتربوية، التي سيكون لها أكبر الأثر على حياة الطفل التوحدي الشخصية والاجتماعية.
- يتوقف نجاح التأهيل المبكر على التعاون التام بين العائلة وأصحاب الاختصاص، حيث تلعب العائلة دورا مهما لا يتعلق فقط بتنفيذ التعليمات الطبية، وإنما بالمشاركة الفعالة في العملية التربوية أيضا.
- يرتبط التأهيل المبكر بالاستعدادات المبكرة للدخول المدرسي، كما انه يحفز بدوره إمكانيات التطور والنمو قبل هذا الدخول وخلال مسيرة التلميذ التوحدي الدراسية.
- تقديم الدعم الطبي والتربوي للأطفال في هذه الفترة.
- الفحص الدوري للأطفال جسميا وعقليا ودعم عوائلهم نفسيا واجتماعياً (2).
إن مهمات التأهيل المبكر المركبة تتطلب عملا مشتركا بين فريق طبي مختص، كوادر التعليم ورجال التربية، علماء النفس، كوادر البحث الاجتماعي، أطباء علم نفس الطفل، العلاج الطبيعي، علاج النطق والعلاج بالموسيقى.
ولأهمية التأهيل المبكر الاستثنائية، علينا حث المؤسسات المدنية الخاصة بالأطفال المعوقين إلى أن تلتفت إلى هذه المهمة وتعيرها انتباها خاصا يتناسب وهذه الأهمية.
-
التأهيل المدرسي
تكمن عناصر النجاح لأي تأهيل مدرسي للطفل التوحدي في شروط التأهيل المدرسي العام وإلزامية التعليم وشروط إعداد الكادر التعليمي التربوي والمعالج لهؤلاء الأطفال، في المدارس العامة والمختصة.
ويختلف نظام التأهيل المدرسي للطفل التوحدي من منطقة إلى أخرى، مما يضاعف صعوبة بناء برنامج تأهيلي مدرسي تربوي موحد، ولم يرتق التأهيل المدرسي الحالي لمثل هؤلاء الأطفال إلى مستوى نموذجي باستثناء بعض النجاحات المحدودة في هذا المجال. ورغم اعتماد مسودات خطط ومشاريع عدة لتأهيل السلوك الاجتماعي للطفل التوحدي غير أن المنظمات التربوية العالمية المختصة لم تتفق بعد على برنامج موحد. ومن الجدير بالذكر أن اختلاف شروط التأهيل المدرسي للطفل التوحدي في المناطق الحضرية (في الحواضر والمدن) تختلف عن تلك التي تعتمد في المناطق الريفية، لاختلاف القيم الاجتماعية السائدة في كل منهما كما أن المدارس الابتدائية والمتوسطة والثانوية، إضافة إلى المدارس الخاصة تحدد هي نفسها نوع التأهيل المدرسي للأطفال التوحديين، ولكن دون الإخلال ببنود قانون التعليم الإلزامي. فبعض هذه المدارس يفتح بالاتفاق مع عوائل الأطفال صفوفا مختلطة من أطفال توحديين وآخرين غير توحديين، على أن لا يتجاوز فيها عدد الأطفال التوحديين عن عدد الأطفال غير التوحديين. إن دخول تلك المدارس يوفر للطفل التوحدي فرصة التعلم المشترك مع أطفال ليسوا توحديين، يهيئون له امكانات جمة للتلاؤم مع محيطه الاجتماعي، وحتى تستطيع المدرسة تحقيق هذه المهمة فإن عليها وهي تسعى إلى دمج التلاميذ التوحديين في المدارس العادية أن تعتمد على برنامج تربوي يتلاءم وخصوصيات هذا التلميذ.الدخول المدرسي للطفل التوحدي
يقدم تقرير تشخيص (الإعاقة التوحدية المبكرة) عند الدخول المدرسي، وغالبا ما يكون الطفل التوحدي قد خضع لعلاج طبي سريري، وتقييم تربوي، بناء على التقرير التشخيصي نستطيع أن نحدد نوع المدرسة المؤهلة لاستقبال هذا الطفل. قبل ذلك يجب إخضاع الطفل إلى اختبار ذكاء مختلف تماما عن الآخرين، يشمل المعلومات العامة حول تصرفه، كفاءة الأداء، مدى استمرار قوة التركيز، شدة الانتباه والتوتر، قدرته وكفاءته اجتماعيا وعاطفيا، وقدرته التحملية، ثم يعتمد الاختبار لوضع مخطط لتطور نمو الطفل.
تؤكد الإحصائيات المأخوذة من تقارير التشخيص إن ما يقارب 75% من الأطفال التوحديين يعانون من اضطراب وضعف في تلقي مواد المنهج التعليمي التربوية والعلاجية، ولا يجب اعتبار هذا الاضطراب عطبا أو تأخراً في قدرات ذكاء التوحدي، كما هو عليه الحال في منهج تعليم الأطفال المعاقين عقليا. أما القسم الآخر من الأطفال التوحديين فإنهم يتمتعون بكفاءة وقدرة متوسطي الذكاء.
تشتمل هذه الإحصائيات أيضا على عدد محدد من الأطفال التوحديين الذين يمتازون بمهارة نادرة وذكاء ملفت للنظر.وتتوقف مقاييس اختبار مستوى تطور الطفل التوحدي على مدى ملاءمتها لقدراته وكفاءاته، وتعتمد هذه المسألة بالذات على الإجراءات وطرق الاختبار الدقيقة لدى الفاحص المختص الذي عليه أن يتأكد من نجاعة أدواته وملاءمتها للحالات الخاصة والغريبة لدى الطفل التوحدي أثناء عملية التشخيص والفحص. إن الجزء الأكبر من إجراءات الفحوص التشخيصية المعتادة للأطفال التوحديين لا تتناسب على الإطلاق مع هؤلاء الأطفال. وبعض الفحوص القياسية يميل إلى تدوين المشاكل التي يعاني منها الطفل التوحدي على حساب تشخيص كفاءة الطفل وقدراته.
اشتراطات الدخول المدرسي
من أجل دخول مدرسي موفق للأطفال التوحديين، نورد أدناه بعض الاختبارات والفحوص التي تقوم بها لجنة خاصة تشكلها المؤسسة التعليمية، وتضم الكادر التربوي والعلاجي والإداري.
اللجنة الخاصة بالدخول المدرسي
تتكون هذه اللجنة من :
- الآباء والأمهات أو أي شخص من العائلة يتعلق به الطفل التوحدي
- المعالجون والأطباء.
- ممثل عن إدارة المدرسة.
- تربوي مختص بإعاقة التوحد، يمتلك المعلومات والكفاءة اللازمة لتأهيل وتربية الطفل التوحدي، وعلى معرفة جيدة باشتراطات الدخول المدرسي.
ومهمات هذه اللجنة هي:
- فحص انسياب اللغة، إذ أن من أولى الحقائق التي نتعرف من خلالها على خاصية أساسية من خصائص الإعاقة التوحدية (نقص وقصور اللغة الحاد، عسر الكلام، التأتأة، عيوب النطق انعدام القدرة على الكلام)، مع ملاحظة ميل الأطفال التوحديين وحاجتهم إلى إعادة الأسئلة المطروحة عليهم بكيفية مقاربة للصدى، أو تكرارها من خلال التأتأة بلغة غير واضحة بدل الإجابة عليها.
- فحص مستوى الفهم والإدراك بصورة وافية. فقصور الفهم والإدراك، هو من أبرز الصعوبات الخاصة والنموذجية المميزة للأطفال ذوي الاضطرابات التوحدية.
- الانتباه إلى فاعلية وعمل وظائف الأجهزة الحسية (السمع، البصر، التذوق، الشم، اللمس) وفحص درجة الميل إلى التهيج والإثارة، والقيام بفحص المشاكل العضوية والاضطرابات السمعية البسيطة.
- لا يبدي الطفل التوحدي أي معالم أو مؤشرات مناسبة تدل على شخصيته، لا القوية منها ولا الضعيفة. لذلك ينبغي قبل الدخول إلى المدرسة، وبفترة زمنية مناسبة مراقبة تصرفه وسلوكه، لفرز وتحديد بعض ملامح شخصيته بشكل دقيق. الأمر الذي يتطلب معرفة أوقات الدخول المدرسي، وما تقدمه المدارس من عروض مرنة لمثل هؤلاء الأطفال قبيل دخولهم إلى المدارس.
المعايير والإجراءات المتبعة عند التأهيل المدرسي.
نورد أدناه أهم المعايير والإجراءات المتبعة عند التأهيل المدرسي للطفل التوحدي:
- تحاشي وصف الطفل التوحدي بالمعاق عقلياً وعدم إدراجه تحت مواصفات الإعاقة العقلية لأن الطفل التوحدي ليس معاقاً عقليا.
- الالتزام بتنفيذ الطرق التربوية الخاصة بالطفل التوحدي (3) وتكييف وتطوير وسائلها الأساسية في كل المدارس، وبشكل يسهل عملية إشراك الأطفال التوحديين في الدروس الاعتيادية في المدارس العامة.
- ربط التأهيل التربوي المدرسي بالجهات المختصة (علماء نفس، أطباء، معالجون)، وإشراك المعالجين مثلا بوضع وتطوير وتنفيذ الخطة التربوية (اليومية، الأسبوعية، الشهرية نصف السنوية والسنوية) يعكس الجدية في اكتشاف وتلبية احتياجات الطفل التوحدي.
- توظيف كل ما هو جديد في مجرى المساعدة على التواصل اللغوي، عبر استخدام الأساليب والطرق الحديثة المجربة.
- إدخال طريقة (Facilitated Communication) التواصل المسند ، واستعمال الكمبيوتر والتقنيات الحديثة لطرق الكتابة، من أجل تعزيز الإمكانيات والبدائل لتحسين وتطوير تواصل الطفل التوحدي، فهي من أنجع الطرق لإخراجه من عالمه الخاص.
- استمرار دعم العمل المشترك مع الوالدين وتعزيز الثقة المتبادلة معهما، فلقد اكتسبت العائلة في فترة ما قبل الدخول المدرسي خبرات متعددة الجوانب مع أطفالها وعاشت مختلف الوقائع في فضاءات متباينة، مما يؤهلها لان تكون شريكا مهما في بناء الخطة التربوية.
- انسجام الإجراءات والقوانين المدرسية للمعاقين مع القانون الأساسي للتعليم (التعليم الإلزامي)، الذي يجب ان يطبق على كل الأطفال دون استثناء، فإلزامية التعليم لا يجوز أن تستثني الطفل المعاق أو الطفل التوحدي، بل وأكثر من ذلك يجب توفير كل الوسائل من اجل توفير المناخات الملائمة لتطوير مناهج تدريسيه خاصة بالأطفال المعوقين. ففي العديد من التجارب مع الطفل التوحدي في المدارس المختلفة ومراحلها المتعددة أثبت الطفل التوحدي كفاءته واستجابته جزئيا للعلاقات والسلوك المدرسي العام. ويمكن تنمية هذه التجارب ودعمها في مختلف المدارس، بعد توفير بعض الإمكانات والخطط التربوية والكفاءات التعليمية والعلاجية لهذه المدارس(4).
- استعانة إدارة المدرسة بالعائلة، إضافة إلى روضة الأطفال السابقة، والطبيب المعالج لتوفير المعلومات الوافية عن الطفل التوحدي. تُغطي هذه المعلومات حالات الطفل العقلية، النفسية، الاجتماعية والصحية قبل الدخول المدرسي.
- توفر المدرسة وإدارتها كافة المعلومات اللازمة عن طبيعة المدرسة ومراحلها وطرقها التربوية العامة والخاصة بتأهيل الطفل التوحدي.
مناهج التأهيل المدرسي التربوية
يلعب المنهج المدرسي والخط التربوي الواضح المستند على أسس علمية مرنة غير ملتزمة برؤية تربوية أحادية الجانب دورا كبيرا في تأهيل الطفل التوحدي وزجه في العديد من الأنشطة والممارسات الاجتماعية.
إن إعاقة التوحد هي اضطرابات مركبة (اضطرابات مضاعفة) لذلك تتطلب منا منهجا تربويا مركبا يرتكز على عدد من المناهج والرؤى التربوية العلمية الحديثة، وعلى الرغم من وجود تصورات وملامح عامة لمنهج دراسي موحد ومتفق عليه، ويعتمد بالأساس على طبيعة الطفل التوحدي وإمكانياته ومهاراته، إلا أنه لا تتوفر حتى الآن طريقة منهجية محددة لتأهيل الطفل التوحدي، مع أن البحوث ما زالت مستمرة للوصول إلى تلك الرؤية التربوية الموحدة.ملامح وسمات الخطة التربوية الموحدة:
- كتابة خطة تربوية فردية بالتشاور مع الآباء وأصحاب الاختصاص، على أن تأخذ هذه الخطة بنظر الاعتبار الحلول البديلة، وتوظيف إمكانيات وطرقا جديدة لتوجيه وتنمية مواهب الطفل التوحدي.
- التطبيق المرن للمناهج التربوية المختصة .
- استخدام طريقة (التواصل المسند) F.C للتواصل مع الطفل التوحدي تواصلا لغويا تحريريا ولمعرفة حاجاته الأساسية سواء على جهاز الكمبيوتر أو من خلال طريقة بطاقة (نعم / لا).
- متابعة قوانين الأطفال المعوقين على الطبيعة ومحاولة التخلص من بعض ما يشوبها من سلبيات.
- الاستفادة القصوى من الأنشطة التي تجرى خارج المدرسة من قبل المعالجين والتربويين والمساعدين التربويين واستدعائهم إلى الفناء المدرسي.
- الاستفادة من أماكن وغرف للهدوء الاضطراري لبعض الأطفال أفرادا أو جماعات صغيرة (غرف الاسترخاء) Snoezel.
- الفحص المجدول الدائم للاحتياجات التربوية والفضاء التربوي، بهدف ضمان استمرار ملاءمتهما لتربية الطفل الفردية..
- التهيئة المبكرة عند اعتزام تغيير مدرسة الطفل التوحدي واتخاذ الإجراءات اللازمة لذلك.
- التأهيل التعليمي المستمر للهيئة التعليمية للمدارس المتخصصة بالطفل التوحدي وللمختصين خارج الإطار المدرسي.
طرق العمل مع الأطفال التوحديين أثناء الدرس
لا توجد حتى الآن مناهج وخطط تربوية مدرسية تصل بالطالب التوحدي إلى مستوى الكمال والطموح. كل ما نستطيع فعله في هذا المجال هو الاشتغال على الأسئلة التالية:
- أي أداء نتبع؟
- هل يتميز منهج الطرق التعليمية المتبعة حقا بالنجاعة والصحة؟
- أي الوسائل والمواد التعليمية تجذب وتلائم الطفل التوحدي أكثر من غيرها؟
يمكن الإجابة على هذه الأسئلة من خلال فهم معطيات إعاقة التوحد، والملامح الشخصية للطفل التوحدي، والانتباه للكفاءات والمهارات والقدرات الفردية له.
القواعد المتبعة عند تنفيذ الخطة التربوية:
- الاستفادة مما تم التعرف عليه عند مراقبة الطفل التوحدي قبل الدخول المدرسي، لمعرفة تصرفه وأشكال ردود فعله ونمط تعامله مع المواد التعليمية.
- محاولة الوصول إلى معرفة رغباته واسباب رفضه وحنقه وجفائه.
- معرفة قدرته الاستيعابية ومهاراته. فالطفل التوحدي طفل انعزالي منطو على نفسه، ويفتقد الفعل الكامن لديه إلى النشاط الملائم الذي يؤهله للتواصل عند بدء عملية التعليم
- ضرورة الانتباه إلى إن فقدان الكفاءة اللغوية يزيد من صعوبة التواصل مع الطفل المعاق، وبالتالي صعوبة إيصال مفردات ومواد المنهج التعليمي إليه.
التواصل بين المعلم والطفل التوحدي
ينجح التربويون في عملية التواصل والتفاهم مع التلاميذ حين تصل كلماتهم إلى مناطق الحس لديهم، من خلال الوسائل المتاحة لحركة الجسم، إيماء، إيحاء، إشارة، إضافة إلى لغة الخطاب المباشر، حيث تؤثر هذه الكلمات ايجابيا على فهمه، وتثير لديه الرغبة والتطلع لمعرفة المزيد من مواد البرنامج التعليمي. يحدث العكس عند الطفل التوحدي الذي يتميز بضعف إمكاناته التطلعية والرغبوية، نتيجة اضطراب عملية الفهم والإدراك، المسؤول الأول عن تكوين عالمه المحدد المنعزل، وانشغالاته البسيطة التي لا تشتمل على رغبة التعلم..
وإذ يعتمد المعلم في عمله مع الأطفال غير التوحديين على معلوماته وخبراته التربوية السابقة، فإنه يجد أن أدواته في حالة الطفل التوحدي غير كافية، ويجب شحذها من جديد، لان الأطفال التوحديين لا يظهرون عدم الاهتمام بمجرى الدرس في المدرسة فحسب، إنما يحاولون مقاومة هذا الواقع الجديد بالرفض، كالهروب أو الهياج والصراخ. ويبقى الرفض سمة مميزة لهم أثناء عملية التعليم، ويستمد التوحدي رفضه هذا من خوفه من التغيير، التغيير في واقعه الخاص به، المتمثل في تغير مألوفه اليومي، اختراق عالمه المغلق المنعزل، الذي يؤدي حتى إلى تغيير نظرته إلى الشخصيات المقربة إليه، والتي يعتبرها صلته بالخارج، حيث يبدأ بالتعرف عليها ضمن واقع جديد (الذهاب معه إلى المدرسة، الاهتمام بأدوات الرياضة والسباحة، الكتب والأقلام والممحاة ودفاتر الرسم). ومن هنا على المعلم أن يأخذ بنظر الاعتبار عدم قدرة الطفل التوحدي على الانصياع إلى متطلبات تربوية جديدة سواء في الألعاب أو في المواد التعليمية الأخرى، التي لا تتوفر في مخزون ذاكرته، ولا ترتبط بأي صلة مع معارفه، حيث تفقد هذه الألعاب التربوية محفزاتها للوهلة الأولى عند الطفل التوحدي. فنكتشف وببساطة إن وسائل التعليم المألوفة في مختلف حقول التدريس، غالبا ما تكون غير ملائمة لمخزون ومعارف الطفل التوحدي، فهو لم يتعرف عليها أو ينسجم بعد مع العلاقات الاجتماعية السائدة في المدارس المختلطة العامة، وينسحب هذا على الأنشطة المشتركة في أوقات الفراغ بين تلاميذ المدارس العامة. فلا غرابة أن تثير مثل هذه الألعاب والمواد التعليمية والنشاطات المدرسية الهيجان والانفعال لديه.
أما المنهج التعليمي فغالبا ما يكون طويلا شاقا ويعتمد نجاحه على الوضع النفسي للطفل التوحدي وتجاوبه مع العملية التربوية الجارية. لذا نجد أن هيئة التعليم تضطر أحيانا إلى إطلاق مبادراتها التربوية، لجعل محتوى المناهج المدرسية جذابا يتلاءم مع طبائع واحتياجات الطفل والشاب التوحدي، فتعمد إلى تجديد وبناء خطة تربوية مرنة، تتماشى مع نمو وتطور التلميذ التوحدي، وتحاول كسر الحواجز واختراق الأسوار التي يحيط بها نفسه.
يعتبر النمط التكراري من أهم ملامح الشخصية التوحدية ولكن يجب أن لا يقود تركيز اهتمام الطفل التوحدي على أشياء بسيطة وانشغاله بأنشطة محددة إلى اعتبار ذلك تأخراً أو إعاقة عقلية، فإن إغراءه والنجاح في شده إلى مادة الدرس أو لأي مادة أخرى، وبأي طريقة كانت، يعتبر نقطة انطلاق موفقة في عملية التعليم. والطريق الأسلم لتنفيذ ذلك هو الصبر والخيال الخلاق لابتداع طرق تربوية جديدة تفرضها اللحظة. وعندما يتفاقم النمط التكراري عند بعض الأطفال والشباب التوحديين، او يصل إلى مستوى النزوع الإجباري التسلطي العنيف، يقف المعلم أو التربوي حينذاك عاجزا عن تقديم أي عون له، وهنا تتجلى أصعب مراحل التجربة التربوية. إلى جانب ذلك يوجد نمط آخر من التلاميذ التوحديين يسهل التعامل معه، وعندما تتوطد العلاقة بين المعلم والتلميذ التوحدي، فإنه يستطيع أن يتعرف بسهولة على دوافع وكنه سلوك وتصرف ذلك التلميذ، وان يقدم العون له، ويحد من نوبات الإثارة والعنف والهيجان، وصولا إلى إعادة توازنه الداخلي.
أما استخدام المعلم للضغط بالضد من رغبات التلميذ التوحدي التكراري، فهو إجراء تربوي خاطئ، يعوق انفراج أزمته، ويقوده إلى الهياج والانكفاء، والى نشوء صراع بينهما يكلفهما طاقات جمة قبل عودة الأمور إلى حالتها الطبيعية، وخاصة أن ذاكرة التلميذ التوحدي تقوم بخزن وحفظ ردود فعل المعلم على تصرفاته، فلا يهدأ إلا بعد أن يصل بالمعلم إلى آخر حدود التساهل والمرونة.
استمرار التلميذ التوحدي بتصرفاته رغم ردود فعل المعلم لا يعتبر استفزازا للمعلم، كما هو الأمر عند التلاميذ غير التوحديين، وإنما يعبر عن إصراره على رفض كل تغير في مألوفه اليومي، كما أنه لا يستطيع التمييز بين الصح والخطأ ويحتاج إلى عملية تطبيع طويلة المدى. وتمثل هذه الحالة إشكالية تربوية عسيرة، فمن جهة نحاول إقامة علاقة طبيعية مع الطفل التوحدي تواجه بالرفض، ومن ثم نضعه، من جهة أخرى تحت الضغط والمراقبة، أو نستخدم العقوبة التربوية فنعزز بذلك لدية رغباته الانعزالية، فما علينا والحالة هذه إذن إلا حشد كل خبراتنا ومؤهلاتنا لاستنباط طرق وأساليب تفرضها اللحظة، للخروج من المأزق، والتقليل من نوبات اللهاث المتسارع والهيجان والصراخ للعودة به إلى حالته الطبيعية.
-
التأهيل المهني
تأهيل التوحدي للحياة العملية
يجب الالتفات خلال استمرار العملية التربوية للتلميذ التوحدي إلى الجانب العملي في حياته، خاصة عند بلوغه السنة الرابعة عشرة من عمره وظهور تغيرات بيولوجية على تكوينه الجسدي، واتخاذ الإجراءات التالية في مجرى الإعداد لهذا التأهيل.
- تهيئة المستلزمات العملية لمتطلبات الحياة العملية.
- الاختيار المبكر للحرفة المناسبة للتلميذ التوحدي.
-
تشكيل لجنة من أولئك الذين لهم علاقة مباشرة بالتهيئة للدخول المدرسي، للتشاور وإبداء النصح حول اختيار الحرفة المناسبة للتلميذ التوحدي. تتكون من:
- التلميذ التوحدي.
- ممثل عن العائلة.
- ممثل عن المدرسة التي تخرج منها.
- ممثل عن إدارة المعمل أو الشركة التي سيتم التطبيق فيها.
- مستشار التأهيل العملي (التطبيق). ممثل المدارس الحرفية (صناعية) (زراعية) (تجارية) معاهد الصناعات اليدوية.
-
تشكيل لجنة تتكون من كل أعضاء الفقرة الثالثة باستثناء المتدرب التوحدي، تكون مهمتها الأساسية بناء خطة تربوية للإعداد الحرفي للشاب التوحدي تتضمن:
- برنامج التدريب.
- تحديد زمن ابتداء وانتهاء الفترة التدريبية.
- تفصيلات الدروس الحرفية.
- شروط العمل العالمية مع الأشخاص المعوقين.
- إرشادات لإعداد التلميذ التوحدي لحياة مستقلة في (البيوت المحمية) (5) بعد انفصاله عن عائلته عند بلوغه الثامنة عشرة لفتح آفاق اجتماعية جديدة أمامه.
- توجيهات تتضمن توجيه محتويات الدروس التطبيقية بناء على مقتضيات ظروف عمل المتدرب التوحدي.
- إجراءات تربوية انفرادية تستهدف اختيار الحرفة اليدوية، التي تتلاءم مع الحالة العقلية والنفسية والمرونة الجسدية للتلميذ التوحدي، تأسيسا لعمل حرفي ناجح في المستقبل وانخراط اجتماعي موفق له في المجتمع.
إن تفاصيل الإعاقة التوحدية للأطفال والشباب واسعة جدا، تتطلب كوادر تربوية مختصة تتابع التجارب المطبقة وتلك التي في طور التطبيق، وتسعى إلى تعديل القوانين المدرسية التي تعيق دخول الأطفال التوحديين إلى المدارس العامة.
ورشة العمل في مدارس إعادة تأهيل المعوقين (درس العمل)
يستخدم التلميذ المعوق لأغراض احتياجاته اليومية مختلف المواد الأولية مثل الخشب والحديد والطين والورق ومنتجاتها، ويراقب حركة يده التي تنفذ جميع رغباته في المسك والقبض وتمزيق الورق والأكل والشرب، فدرس العمل يحفز بالتمرين والتدريب فعل حركة اليد وتحسين القدرة على استخدامها، كما يحثه على التفكير في تحولات المواد الأولية واستكشاف خواصها وإعادة تكوينها بأشكال متعددة نافعة، خلال التعليم التدريجي لطرق استخدام هذه المواد تتطور قدراته ومهاراته في الأشغال اليدوية، إضافة إلى توسيع معارفه بالمواد الصناعية والزراعية، ويتخرج من المدرسة مسلحا بمهارات حرفية ومهنية أولية، ويؤثر درس العمل تأثيرا كبيرا على تطور شخصية التلميذ المعوق، بولوجه علاقات اجتماعية جديدة في ورشة العمل وخضوعه لأنظمة عمل وطرق تربوية تأهيلية تختلف عما كان عليه في الصفوف المدرسية.
أهداف دروس العمل
تهدف دروس العمل في مدارس إعادة تأهيل المعوقين إلى ما يلي:
- إعداد التلميذ للحياة العملية سواء في البيت أو الورشة أو المصنع، وتطوير قدراته اللغوية من خلال العلاقات الاجتماعية الجديدة، إضافة إلى تنمية كفاءة أدائه الحركي، خلال إجراء تدريبات عملية يوميا، فتكرار إنتاج أشياء بسيطة جدا تزيد من مهارات التلميذ وتعزز استقلاليته، ويوظفها مستقبلا كخبرات متراكمة في عملية الإنتاج.
- تعلم استخدام الأدوات والمكائن والتقنيات التي تتوافق مع إعاقته وعمره بشكل صحيح فعال، فالاستخدام الخاطئ لها يودي إلى فقدان الشخص المعوق ثقته بنفسه وبحوافز العمل، إضافة إلى خطورة التعرض لإصابات العمل.
- التعريف بالورش والمصانع والمعامل، من خلال إجراء زيارات لهذه المواقع والاطلاع على واقع ما ينتظر الشاب المعاق من حياة عملية جديدة.
- يشترك التلاميذ ذوي الإعاقة المضاعفة ـ رغم محدودية قدراتهم في صفوف التأهيل الأولي البسيط لإنجاز واجبات دروس العمل التطبيقية وإعدادهم مهنيا للمشاركة في أعمال تتلاءم مع إعاقتهم.
-
تأهيل التلاميذ المعوقين لتمكينهم من تسيير حياتهم اليومية دون الاعتماد على المساعدة الخارجية، وتنشيط الفعل الذاتي خلال تنفيذ مشاريع مفردة لكل مجموعة من متشابهي الإعاقة، عبر مناهج وخطط تربوية مختصة، منها مثلا تعريف التلاميذ على فئة من الناس العاملين في المجتمع التي توفر الحاجات الضرورية في حياتنا اليومية ولتوضيح الحرف والمهن بشكل موفق، يطرح المعلم أسئلة من واقع التلميذ اليومي مثل:
- هل تسير القطارات دون سائق القطار؟ من هو سائق القطار وما هي حرفته؟
- هل نحصل على اللحم دون القصاب؟ من هو القصاب وما هي حرفته؟
- هل نتعلم دون معلم؟ من هو المعلم وما هي مهنته؟
- حث التلميذ على مراقبة قطاع الخدمات مثل عمال التنظيف في الشارع وعمال البناء أثناء عملهم في بناء الدور والمستشفيات والمدارس، وملاحظة المطاعم والمخابز (فخلال الأسئلة والمراقبة والملاحظة، وبعض الأحيان التماس مع هذه الحرف، أثناء زيارة المعامل والمصانع، يتضح لليافع المعاق أهمية العمل والحرفة ودورهما في خدمة المجتمع) (6).
- الاستفادة من العمل والتدريب الحرفي كوسيلة تربوية لتطوير كفاءة المعوق الفكرية والعضلية للارتقاء به إلى مستوى من التطور والنمو، لتنظيم قدراته وترشيد توزيعها وصولا به إلى الاندماج الاجتماعي.
- ضمان العمل لليافع المعاق يتيح له فرصة ممارسة حقوقه ضمن أطر مجتمعه ويحدد بعض مسؤولياته اتجاه الآخر، باعتبارها من المقومات الأساسية لحياة الإنسان.
مراحل الإعداد المهني والحرفي الأولي في مدارس إعادة تأهيل المعوقين
تتكون عملية التأهيل المهني في مدارس إعادة تأهيل المعوقين من ثلاث مراحل، وتأخذ كل مرحلة بنظر الاعتبار خصوصيات إعاقة التلميذ فتحدد على أساسها طرقها وأساليبها التربوية وتضع خططها الطويلة والمرحلية، كما تعيد هيكلة الأقسام والقاعات مكانيا وزمانيا، فكلما كان نمو وتطور التلميذ المعاق مضطربا تفردت خصوصية خطة تأهيله المهني(7).
-
المرحلة الأولى: الأشغال اليدوية
تعريف التلميذ خلال هذه المرحلة على الأدوات البسيطة المستخدمة في حياتنا اليومية، وإجراء سلسلة من التدريبات عليها، لتحفيز مهاراته وقدراته العملية في استعمالها في مسار حياته اليومية، مما يعزز ثقة التلميذ بالتعامل مع محيطه. تحدد خطة التأهيل للإشغال اليدوية طريقة التطبيق العملي لاستخدام المواد البسيطة المتوفرة (الورق، الطين، الصلصال، الأقمشة والمنسوجات)، فيتعرف التلميذ من خلال التعامل مع هذه المواد وإعادة تشكيلها على بعض خصائصها الفيزيائية، كالصلابة والليونة، المرونة، اللون والرائحة، ويتعلم استخدام مصطلحات ومفاهيم لغوية جديدة تمكنه من تطوير تواصله الاجتماعي في ورشة العمل المدرسية. تبنى واجبات التلميذ في هذه المرحلة على أسس تربوية علمية تتناسب مع سنه واهتماماته وتستند على المعارف التي تلقاها التلميذ خلال دروس الاختصاص الأخرى ويجري تعميقها وتعزيزها، وتتضمن الخطة إضافة إلى الأسس التأهيلية العملية طرق تربوية مناسبة لمعالجة ما يعيق العمل، ودعم المعلم والمربي في التصدي إلى الإشكالات والصعوبات التربوية.
-
المرحلة الثانية: التأهيل التقني العام
يتعلم التلميذ المعوق في هذه المرحلة معلومات أساسية، تمده بخبرة تساعده على تطوير كفاءته، وتحفز مهاراته وقدراته ليتمكن من اختيار حرفة ما. تنفذ خطة هذه المرحلة المهمات التالية:
- تدريب التلميذ المعاق على طرق تحويل المواد الخام البسيطة ومعالجتها مثل (الخشب، المعدن، الطين، القماش والورق).
- تطوير مهارة وقدرة التلميذ على استخدام الآلات والأدوات والمكائن المستعملة في الحياة اليومية لإنجاز الخطوة أعلاه.
- عرض معلومات أساسية ابتدائية في مجالات تقنية الكهرباء، كاستخدام البطاريات في توليد طاقة.
- اطلاع التلميذ المعوق على الصناعات المحلية والتعريف بمختلف أنواع الحرف والمهن.
- التركيز والتوسع في استخدام المادة التي يميل التلميذ إلى العمل بها مثل الخشب والطين والأصباغ، ومساعدته على اختيار الحرفة.
- العمل على تطوير القدرات اللغوية والذهنية بتحفيز التفكير والتخيل.
-
المرحلة الثالثة: التأهيل التقني
ينفذ المعلم التقني التخطيط التربوي والعملي لدروس العمل في ورشة عمل المدرسة، وتهدف هذه المرحلة إلى تأهيل قدرات التلاميذ العملية لممارسة مهن وحرف في المستقبل من خلال:
- تعميق وتثبيت معارف التلميذ المكتسبة خلال المراحل الدراسية في استخدام الأدوات والآلات اليدوية.
- تدريب التلميذ تدريجيا على الدقة في العمل والالتزام بوقت ابتداء وانتهاء الواجب المناط به.
- تخصص عدد من الساعات للعمل على الآلات والمكائن..
- تقديم إيضاحات تقنية مبسطه لتعريف التلميذ على منجزات التكنولوجيا الحديثة.
- تدريب التلاميذ على مكائن وآلات مختلفة تتناسب مع إعاقتهم .
- تعريف التلميذ بتفاصيل مسار العمل اليومي وخطوات الإنتاج وأنظمة العمل
تتطور مهارة ودقة عمل التلميذ، عبر تنويع التدريب وابتكار أشكال متعددة من طرق العمل، تختلف عما ألفه سابقا لمساعدته في سرعة انجاز العمل ورفع جودة الإنتاج، ويتدرب التلاميذ ذوي الإعاقة المضاعفة والشديدة على حرف سهلة التنفيذ تتلاءم مع إعاقتهم، بعد إجراء فحوص طبية لهم، تحدد قدرتهم على التأهيل والاشتراك في الدروس العملية التطبيقية.
مهمات درس العمل
-
توجيه التلميذ في ورشة العمل المدرسي.
- تعريفه بمحتويات ورشة العمل من أجهزة وأدوات وآلات ومواد أخرى، وما تحدثه من أصوات وضجيج وما تبعثه من روائح.
- توضيح الفرق في نظام العمل بين الدروس العادية في المدرسة ودرس العمل.
- تعريف التلميذ على ورش عمل مختلفة والفروق بينها (ورشة النجارة، ورشة الحدادة، ورشة الخزف).
- بيان طرق ومكان العمل للتلميذ وأوضاع الجلوس أو الوقوف إلى جانب طاولة العمل.
- تمكين التلميذ من حركة اليد الحرة، والتعرف على قدراتها ومهارتها، كأداة عمل مباشر عند الإنسان، في المسك، القبض، الضغط، طي وتمزيق الورق، عجن الطين، وكسر الأغصان للتحطيب، شد الصواميل، وتنسيق وتنظيم الأشياء، إضافة إلى تدريبه المستمر على التنسيق بين حركة اليدين، كمسك المسمار بيد والطرق عليه باليد الأخرى بمطرقة، والتحكم بقوة ضغط اليد على أزرار المكائن والأجهزة.
ارتداء ملابس العمل وخلعها، والتعرف إلى مكان خزنها والاعتناء بها، والقيام بتنظيفها من حين لأخر، توضيح منافع ملابس العمل ودورها في حماية التلميذ من الأوساخ، وتمكينه من حمل بعض أدوات العمل اليدوي.
-
استعمال الأدوات اليدوية والآلات والمكائن
- الاختيار الصحيح لأدوات العمل المناسبة للحرفة شرط من شروط نجاح عملية التأهيل المهني للتلميذ المعوق التي ستقوده مستقبلا إلى الاستقلالية في اختيار واستعمال أدوات العمل
- تدريب التلميذ على الطرق والقص واستعمال مكائن التثقيب، وتغيير شكل المواد الأولية بالبرد، الصقل، التلميع والشحذ.
- تعليم التلميذ وتعويده على اتخاذ الوضع الصحيح للجسم عند استعمال المنشار للقص والمبرد للصقل ومكائن التثقيب.
-
تطوير التواصل اللغوي والمهارات الحسابية
- عمل التلميذ المعوق في ورشة التأهيل المدرسي يؤدي إلى تطوير ملكاته اللغوية والحسابية، وتعزيز مهاراته الحرفية من خلال:
- استخدام مصطلحات العمل الجديدة، وأسماء الآلات والأدوات والمواد المستعملة وأفعالها.
- تعلم الإشارات الخاصة بالعمل مثل إشارات التحذير والخطر والتيار الكهربائي
- استخدام أدوات القياس كالمتر والسنتيمتر وإعداد وحجوم المواد المستعملة ينمي مهارته الحسابية.
-
تطوير العلاقات الاجتماعية وسلوك العمل
تصاعد نشاط التلميذ المعوق واقترابه من الأخر خلال العمل الجماعي في ورشة المدرسة يطور علاقاته الاجتماعية، ويعلمه نمطاً جديداً من السلوك الاجتماعي تحدده شروط العمل والمكان، فالاستقلالية في انجاز عمل ما ضمن الجماعة يوثر بشكل ايجابي على نمو حس التلميذ بالمسؤولية والتعاون الجماعي، تتمثل في:
- التزامه بنظام العمل والعناية بالأدوات والمكائن، يعزز إدراكه لواجباته ضمن هذا المجتمع المصغر.
- تنفيذ العمل المناط به تدرجيا وعلى خطوات، مستعينا بالتوجيهات الشفوية والتحريرية، يرتقي بأشكال التضامن والتعاون إلى إلفة اجتماعية بين مجموعات العمل.
- الاستمرار في العمل وتوظيف قدر كبير من طاقته لإنجاز عمل جماعي يخفف من عزلته الاجتماعية.
- الارتباط بمجموعة العمل ومكانها لفترة طويلة، وعودته إليها بعد الاستراحة يوقظ فيه أحاسيس ورغبات الانتماء إلى المجموعة والمكان.
- تقديم المساعدة للأخر، وتعلم الانتظار للحصول على أدوات العمل تحفز مهارة التعاون مع الآخرين.
لوائح درس العمل
يلتزم التلميذ في ورشة العمل في مدارس إعادة تأهيل المعوقين بضوابط وقواعد عمل محددة، حفاظا على سلامة التلاميذ والعاملين معه وصيانة المكائن والأدوات في ورشة العمل من الأضرار.
تنص لوائح درس العمل في مدارس إعادة تأهيل المعوقين على تطبيق نظام الأمن والسلامة والإخلاء المدرسي وعلى الضوابط والقواعد التالية الخاصة بورشة العمل:-
النظام والنظافة
- لا يجوز دخول التلميذ المعوق إلى ورشة العمل الا بمرافقة المعلم.
- الجلوس أو الوقوف في المكان المحدد للتلميذ ضمن مجموعته، والحفاظ على نظافة طاولة العمل.
- العناية والحذر عند استخدام ادوات وآلات العمل والاقتصاد في استعمال مواد العمل.
- تنظيف وصيانة الأدوات والمكائن بعد الاستعمال وإغلاق خزانات المواد الأولية يوميا، وتنفيذ الإجراءات الصحية، كتنظيف أرضية ورشة العمل، وإزالة النفايات ثم غسل اليدين بعد انتهاء العمل.
- تنظيم محتويات ورشة العمل بوضع أدوات العمل في مكان واضح يسهل الوصول إليه، وإعادتها إلى مكانها المحدد والمؤشر بلوحات بارزة، كتب عليها اسم الأداة أو الآلة وصورتها بعد الاستعمال.
-
إجراءات السلامة والأمن والإخلاء
- تعريف التلميذ بقوانين الحوادث والإصابات والالتزام به وتنفيذ تعليمات السلامة والأمن (تكتب تعليمات السلامة والأمن بخط واضح، مرفقة بإيضاح بصري، يشير إلى كل الأخطار الممكنة، وتعلق على الجدار قرب مطفأة الحريق، إلى جانب لوحة منافذ الخروج الاضطرارية) (8).
- إعلام المسؤولين عند وقوع الإصابة أو الجروح.
- لا تحمل الأدوات الحادة والمدببة إلى الأعلى، بل تخفض إلى الأسفل بجانب الجسم.
- الالتزام بارتداء ملابس العمل، واستخدام الأجزاء الواقية مثل غطاء حماية الإذن، مشابك الشعر، نظارة حماية العين، وخلع الساعات اليدوية والمصوغات الأقراط والقلائد أثناء العمل.
- إتقان الاستخدام الصحيح لأدوات العمل، وفحصها قبل المباشرة بالعمل (فحص مقبض المطرقة، الأسلاك الكهربائية ومكان الجلوس)، إضافة إلى تأمين مواد العمل من السقوط وإعلام معلم الورشة عن أي عطب يحصل في أداة ما او ماكينة عمل.
- التعامل بحذر في إعمال الصباغة مع المواد الكيماوية والسريعة الاشتعال وتهوية الورشة بفتح النوافذ لفترة قصيرة.
- رمي بقايا المواد الكيماوية والأصباغ في الأماكن المخصصة لها حفاظا على البيئة.
-
ظروف العمل
إبعاد المعاق عن ظروف العمل التي لا تتوافق مع إعاقته مثل:
- الإعمال التي تتطلب جهداً ومشقة جسدية.
- الوقوف في العراء طويلا في درجات حرارة منخفضة أو مرتفعة، والعمل الذي يتطلب الوقوف أو الجلوس لفترة طويلة.
- المواد الكيماوية التي تؤثر على جهاز التنفس والمناطق الكثيرة الغبار.
- العمل المضر بحاسة السمع والجلد، والمسبب لمخاطر وجروح.
التقرير المدرسي
يتضمن تقرير مدرسة إعادة تأهيل المعوقين إلى مركز التأهيل المهني للمعوقين بخصوص التلميذ المتخرج منها ما يلي:
- كفاءات ومهارات واستقلالية التلميذ المتخرج وإمكانيات تواصله اللغوية، هواياته ورغباته، وتنسيق قدراته الحركية وإدارة شؤونه المنزلية.
- حالته النفسية وسلوكه الاجتماعي، ونوع إعاقته مدعمة بتقرير، طبي يشمل حالات التشنج والصرع التي يتعرض لها أسبابها وعلاجها وأشكالها، إضافة إلى ذكر الأمراض الأخرى، وتقرير علاجي آخر يشمل أنواع وطرق المعالجة النفسية والطبيعية، وأنواع الأدوية التي يتناولها وعدد الأوقات، عنوان طبيبه الخاص المعالج، ويذكر التقرير أيضا احتياجه إلى مرافقة في العمل، وقدرته على استعمال طرق المواصلات. يعتمد هذا التقرير في مركز التأهيل المهني للمعوقين لتهيئة المستلزمات التربوية والعلاجية الملائمة له. تقوم بعض مدارس إعادة تأهيل المعوقين بالاتفاق مع مراكز التأهيل المهني للمعوقين، بإرسال مجموعة من طلاب المرحلة المنتهية للتطبيق في تلك المراكز عدة أيام في الأسبوع ولمدة عام دراسي، بدلا من فترات العمل التطبيقي النصف سنوية.
الحواشي والإحالات
- ) Schirmer Brita Autismus in Berlin Ein Handbuch und Ratgeber Weidler Buchverlag 2002
- تنص الفقرة 26 من قانون الرعاية الاجتماعية الألماني تحت عنوان (حق الطفل في الفحص المبكر): ( لكل طفل الحق بعد إتمامه السنة السادسة في الفحص المبكر وتشخيص الأمراض التي تؤدي إلى أدنى إضرار ببنيته وتطوره العقلي).
- تأهيل المعلم المستمر بالطرق التربوية الحديثة، ليس على طرق التدريس المنهجية فحسب، وإنما على طرق ومناهج العمل مع الأطفال ذوي الاضطرابات التوحدية الخاصة، على أن يكون لكل قسم، مرب تربوي خاص ومعلم بحيث يتوزع عليهما العمل عند إعداد الخطط التعليمية.
- معروف ما قامت به الأستاذة الاسترالية Rosmary Crossely مع تلميذتها التوحدية Anne McDonald وما بذلته من جهد لإخراجها على مدى سنوات طويلة، من طفلة توحدية ومعوقة جسديا تستعين بكرسي متحرك إلى خريجة إحدى جامعات استراليا وقد وثقت الأستاذة روز ماري عملها مع آنا في كتابها Annie‘s Coming Out الذي صدر عن دارPenguin Book .
- البيوت المحمية مؤسسات سكنية شبيه بالأقسام الداخلية، وهي مشمولة برعاية الدولة يعمل فيها تربويون من مختلف الاختصاصات، وفيها مطعم وقاعات ترفيهية للشباب والشابات ذوات الإعاقات المختلفة كما أن فيها لكل معاق غرفة خاصة به وشخص معين مسؤول عنه.
- Grundlagenmaterial zur Gestaltung der rehabilitativen Bildung und Erziehung.Verlag Volk und Gesundheit Berlin 1987 Doz. Dr. sc. paed . Sigmar Eßbach
- Erziehung und Bildung anomaler Kinder I A Djatschkow 1971 Carl Marhold Verlagbuchhandlung – Berlin – Charlottenburg
- خارطة ارضية لبناية المدرسة علمت عليها ممرات وابواب مرافق المدرسة، وأشر على منفذ الخروج الاضطراري بالخط الأخضر، يسلكه جميع التلاميذ برفقة الكادر التعليمي في حالات الحريق أو الأخطار التي تتطلب الإخلاء، يقود المنفذ الاضطراري إلى دائرة التجمع في أبعد مكان في حديقة المدرسة، بعد تجمع تلاميذ المدرسة حسب الصفوف، يعلن كل معلم عن تطابق عدد تلاميذه في دائرة التجمع مع سجل الحضور الصفي في حضور مدير المدرسة، يخلى التلاميذ ذوو الإعاقات المضاعفة والكراسي المتحركة إلى شرفات المدرسة مع أغطية، لتمكين فرق الانقاذ للوصول إليهم. يمنع استعمال المصعد الكهربائي في حالات الإنذار المفاجئ الذي ينفذ عدة مرات أثناء العام الدراسي. تشرف على مراقبة نظام السلامة والإخلاء في المدارس بلدية المدينة (لجنة الحماية من الحرائق) حيث تنفذ زيارات مفاجئة لتفقد إجراءات الحماية من الحرائق، ولها صلاحيات بإغلاق المدرسة المخالفة للنظام السلامة لفترة عدة أيام، واتخاذ إجراءات صارمة ضد المقصرين .
- تربوي وصحفي وكاتب ولد في العراق 1951.
- 1975 أنهى دراسته الجامعية في جامعة بغداد ـ كلية الآداب.
- 1979 ـ 1987 عمل مدرسا في الجزائر.
- 1985 درس في جامعة لايبزغ ـ ألمانيا.
- منذ 1987 يعمل مدرسا في مدرسة (فالكنبرغ), لإعادة تأهيل المعوقين في برلين.
- كتب العديد من البحوث والمقالات في المجلات والصحف العراقية والعربية.• نشر ترجمات عن الأدب الألماني.
- 2001 صدر له كتاب شاهد من هذا العصر عام عن دار المقدسية في دمشق.
- 2005 اصدر كتاب (التأهيل المدرسي للأطفال المعوقين.. الطفل التوحدي نموذجاً), عن الأكاديمية العربية للتربية الخاصة المملكة العربية السعودية ـ الرياض.
- تحت الطبع (التأهيل المهني للمعوقين اليافعين.. اليافع التوحدي نموذجا),.