يعتبر التعاطي التجاري مع قضية الملكية الفكرية Intellectual Property (IP) المحرك الإقتصادي الثاني على الصعيد العالمي، لذا فإن الجامعات تنظر إلى إدارة الملكية الفكرية بأهمية خاصة. ولأن العولمة قد جعلت من عالم اليوم قرية صغيرة فإن الملكية الفكرية غدت أمرا لايمكن إغفاله لأنها قد تبلورت من قبل بحيث أصبحت تمثل الحل الثاني للمشاكل الأساسية التي تواجه الإنسانية على صعيد العالم.
ولاشك أن الكثير من جامعات العالم الثالث خاصة الجامعات الإفريقية، مع إستثناءات محدودة، غير قادرة على المنافسة العالمية بسبب سلبياتها الكثيرة. وبسبب الحداثة والعولمة فإن جامعاتنا تتعرض إلى ضغوطات جدية كي تنهض وتواكب مسيرة الجامعات العالمية الرصينة خاصة وأن التحديات التي واجهتها الجامعات بسبب الإستعمار والرأسمالية والعولمة قد أثرت كثيرا على مسيرتها التربوية. ولابد من التنويه إلى أن القضايا الثلاث أعلاه قد تركت آثارها السلبية والإيجابية على الجامعات.
وتشمل التحديات المباشرة التي تواجهها تلك الجامعات أمورا عديدة مثل الأجهزة والمعدات الرديئة أو العتيقة سواء تعلق الأمر بالمختبرات أو المكاتب أو مجالات النشاط فضلا عن المناهج الدراسية التي تتبناها تلك الجامعات والتي تناسب العوامل الإجتماعية – الإقتصادية السائدة في مجتمعاتها ومعها العوامل السياسية والبيئية. كما تترك تلك التحديات آثارها أيضا على خبرة الأساتذة الجامعيين ومؤهلاتهم وقدراتهم وهو أمر يمتد إلى حسن النوايا السياسية والثقافة والتقاليد. ولا ريب أن خطر كل ذلك سوف ينتقل إلى الخريجين الذين سوف يفتقرون إلى الخبرة العملية المناسبة وأن يتنافسوا مع غيرهم من الخريجين مع عدم أهليتهم على تحويل ما تعلموه إلى واقع ملموس.
وتمثل الملكية الفكرية وعملية نقل التكنولوجيا ضوءاً في نهاية النفق فجامعاتنا يمكنها أن تركز دراساتها على الإختراعات والتوجهات ذات النفع العام وحقوق النشر بهدف تحديد ما تحتاجه الجامعات من تقنيات تخدم الأغراض التي تسعى إليها. واذا ما واكب ذلك اتباع سياسات واستراتيجيات مناسبة خاصة بإدارة الملكية الفكرية فإن جامعاتنا سوف تسلك طريق التجديد والإبداع.
ويتعين على الجامعات أيضا أن تسعى للشروع في تطوير المؤسسات والدوائر التي تتولى إدارة الملكية الفكرية لأن مثل هذا التوجه يمكن أن يشكل موردا لبناء الثروات واجتذاب المنح والقروض والمتبرعين والشركات والمستثمرين للجامعة. ولابد أن تستعين جامعاتنا بالخبرات المقتدرة القادرة على تقديم النصح بشأن حماية الملكية الفكرية وتسويقها تجاريا لأن الجامعات بطبيعتها هي القيّمة على المعرفة التي تهم المجتمع. وبمقدور الملكية الفكرية أيضا أن تشكل أضافة قيمية تؤدي إلى تعزيز مكانة الجامعة ذاتها.
هنا نطرح السؤال الآتي: لماذا يشعر خريجو جامعة مثل هارفرد بالفخر والإعتزاز؟ أليست قيمة الملكية الفكرية لمثل هذه الجامعة إحدى أهم أسباب ذلك؟ وبوسع الجامعات أيضا أن تسهّل عملية التطور وتساعد المواطنين من خلال تقديم الخبرات وأجراء البحوث والتنمية R & D واحتضان مشاريع أقتصادية فضلا عن الإبداع والإبتكار يضاف إلى قدرتها على استنباط تقنيات محلية لحل المشاكل في المناطق التي توجد فيها. من هنا نرى أن السبل التي تخدم بها الملكية الفكرية كلا من الجامعة والمجتمع كثيرة ومتعددة، لكن كيف يتحقق مثل هذا الأمر؟
أولا لابد من الشروع بحملات توعية واسعة النطاق حول الملكية الفكرية تشمل كلا من الجامعات والمجتمع ومن ثم يتم الإنتقال إلى منتديات يمكن من خلالها أن تدخل الجامعات في حوارات وأن يتوحد رأيها بشأن التحديات وأن تتوصل إلى حلول بشأن المشاكل الثانوية ذات الصلة ببلورة سياسة الملكية الفكرية وإدارتها. ويمكن تحقيق ذلك بيسر من خلال تقنيات المعلومات والإتصالات ICT، ويمكن للجامعات أن تشرع بعدئذ في تأسيس أقسام ودوائر للملكية الفكرية قبل أن تصل إلى مرحلة متقدمة يمكن من خلالها أن تنطلق قدما بفعل الإستعانة بشركة ذات خبرة أو مؤسسة حكومية تعمل داخل الجامعة.
لقد ضيّعت أفريقيا والبلدان النامية الأخرى الكثير من الفرص لتحقيق التنمية لأسباب كثيرة تشمل المظالم ذات الصلة بالتنمية التاريخية والفساد والقفز إلى أفكار وأيديولوجيات لم يفهموها بشكل واضح. ويبدو أن استراتيجيات التنمية الخاصة بالملكية الفكرية في إطار المنظمة العالمية للملكية الفكرية WIPO تبدو واقعية وهذا أمر يجب أن لا يغيب عن ذاكرتنا مرة أخرى. وما زلت أظن أن الملكية الفكرية تشبه سيفا ذا حدين قادرا على القطع من الجهتين كليهما أو أنه مثل أية أداة أخرى يعتمد على كيفية استخدامه وكذلك على الشخص الذي يستخدمه. من هنا أشعر أن على الجامعة أن لا تقفز إلى الملكية الفكرية دون توفر توجه صحيح وأشخاص من ذوي المعرفة الواسعة والبنية المناسبة.
وهنا لابد من التنويه والإشادة الكبيرة بما حققه مركز الملكية الفكرية وتقنية المعلومات CIPIT من منجزات في هذا الشأن. غير أن مثل هذا الإنجاز لا يكفي وحده لتحقيق النتيجة المرجوة إذا ظلت النخبة والمشرعون القانونيون بأعدادهم الكبيرة يجهلون الملكية الفكرية وبضمنها جامعاتنا. تأسيسا على ذلك يتعين على جامعاتنا ومؤسساتنا الحكومية المحلية أن تؤدي دورها النبيل والضروري والحاسم حيال استراتيجيات الملكية الفكرية.
بقلم: جيري أمولو Jerry Amulo
المصدر:
http://cipitlawstrath.wordpress.com/2013/03/25/the-role-of-intellectual-property-in-third-world-universities/
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.