لفتتان إنسانيتان شهدهما الجميع خلال افتتاح صاحب السمو حاكم الشارقة الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي (الأربعاء 6 نوفمبر 2013) لفعاليات معرض الشارقة الدولي للكتاب في دورته الـ 32، كانت الأولى تشريف طالب مدرسة الأمل للصم سالم عيسى بتقديم المقص لسموه خلال مراسم قص الشريط التقليدي وتقبل باقة الزهور التي قدمتها له طالبة مدرسة الوفاء لتنمية القدرات لينا إيهاب، وفي ذلك تأكيد واضح لمدى اهتمام سموه بالأشخاص من ذوي الإعاقة وحرصه على دمجهم إيماناً منه بأنهم جزء لا يتجزأ من المجتمع.
واللفتة الثانية توقف سموه أمام جناح مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية وهو الرئيس الفخري للمدينة تقديراً من سموه للتوجه الذي تبنته المدينة في نشر ثقافة الاختلاف والتنوع والمعرفة العلمية السليمة حول الأشخاص من ذوي الإعاقة.
حيث تقبل صاحب السمو حاكم الشارقة أثناء توقفه أمام الجناح الأستاذة منى عبد الكريم نائب مدير عام المدينة الكتابين الجديدين اللذين أصدرتهما المدينة حديثاًز
هذا وقد دأبت المدينة سنوياً على المشاركة في معرض الشارقة الدولي للكتاب وتميزت مشاركتها هذا العام بإصدارين جديدين من إصداراتها حمل الأول عنوان (هيا بنا نتحدث عن الحياة في عالم فيه عنف ـ حق الطفل في الحماية) للمؤلف د. جيمس جاربارينو وترجمة جيهان الشرقاوي وقام بمراجعة مادته العلمية الأستاذ وائل علام المدير الفني في مركز التدخل المبكر.
ويأتي نشر المدينة لهذا الكتاب إنطلاقاً من حرصها عبر عقود من العمل الدؤوب على تبني قضايا الطفولة بصورة عامة إلى جانب توجهها الأساس في مجال الإعاقة، ولا يمكن بأي حال من الأحوال فصل قضية حماية الطفل عامة عن جهود المدينة المتنوعة في مجالات أخرى عديدة، فالأطفال يمرون بالعديد من صور ومظاهر العنف عبر مراحل نموهم وتطورهم، وقد تختلف هذه الخبرات في النوع أو الشدة، إلا أنها واقع ينبغي التعامل معه ومن ثم إيجاد السبل والحلول الملائمة بما يتناسب مع خصوصية الأطفال واحتياجاتهم.
إن العنف بمختلف صوره ومظاهره كان وما زال جزءاً من الحالة الإنسانية لا يمكن تجاهله أو إنكار آثاره لذلك عملت المدينة على ترجمة هذا الكتاب وطباعته تقديراً منها للحاجة الملحة للمزيد من المصادر حول حماية الطفل باللغة العربية، حيث يتسم الكتاب المستند إلى أسس علمية متينة بالبساطة والطابع العملي ويمكن أن يستخدمه الأطفال والمختصون وأولياء الأمور وكل من يسعى إلى مساندة الأطفال في مواجهة العنف بكل صوره وأشكاله وهو نموذج جهد فريد ومميز لمؤلفه قد لا نجد له نظائر كثيرة في المكتبة العربية.
وتأمل المدينة أن يكون هذا الإصدار إسهاماً في جهود حماية الأطفال التي تحظى باهتمام كبير في الوقت الراهن على مستوى دولة الإمارات العربية المتحدة بصفة عامة وإمارة الشارقة بصفة خاصة.
الأستاذة منى عبد الكريم أوضحت أن المدينة ونظراً لأهمية هذا الموضوع ستعمل على تنظيم العديد من ورش العمل حول العنف وتأثيره السلبي علىى الجميع لتوعية أبناء المجتمع بمخاطره والعمل على تجنبها.
الكتاب الجديد الثاني من إصدارات المدينة يحمل عنوان (نحب الحياة.. مسرح مع الأشخاص ذوي الإعاقة) للمؤلف غنّام غنّام وهو توثيق لتجربة المؤلف في المسرح مع الأشخاص ذوي الإعاقة، تلك التجربة التي بدأت فنياً وإنسانياً منذ عشرين عاماً على الأقل، لتتكرس في أربع سنوات من 2008 إلى 2011.
تمتد خيوط ومسارات هذه التجربة في الكتاب من مؤسسة (خط الحياة) في عمان إلى فرجينيا إلى لبنان واليمن والعراق حيث ساهم فيها عشرات الأشخاص من ذوي الإعاقة والفنانين والباحثين والأساتذة في جامعة جيمس ماديسون وليصبح عنوان التجربة هو عنوان العمل المسرحي الذي نتج عنها وهو (نحب الحياة) عمل وحلم أصبحا عملاً وعلماً وفرصة للمؤلف كي يختبر ما اكتنزه من خبرات المسرح في منهج (المرايا السبع) مع هؤلاء الأشخاص المقبلين على الحياة متجاوزين الإعاقة بالإرادة والروح المعنوية العالية والإيمان بقدرتهم على إحداث الفرق.
جناح المدينة في معرض الشارقة الدولي للكتاب ضم بالإضافة إلى الإصدارين الجديدين مجموعة من كتب صاحب السمو حاكم الشارقة بالإضافة إلى إصدارات المدينة وكتب المنال التي تتضمن 38 عنواناً تنوعت موضوعاتها ما بين الكتب المتخصصة في مجال الإعاقة والكتب الأدبية ومجالات أخرى.
ومن أبرز العناوين كتاب الدليل التشخيصي والاحصائي الرابع وعدد كبير من الكتب المتخصصة بالإعاقة حيث تحرص المدينة على توعية المجتمع بقضايا الاشخاص المعاقين ونشر الثقافة العلمية الصحيحة عن هذه الشريحة بعيداً عن الأفكار السلبية حيث بات عرفاً سنوياً للمدينة أن تشارك بهذه المناسبة الراقية وتحرص أشد الحرص على التواصل مع جميع المشاركين والزوار من مختلف المدارس والمؤسسات الداخلية والخارجية بهدف نقل رسالتها عن الأشخاص ذوي الإعاقة.
مجموعة كتب المنال هي عبارة عن مكتبة تضمنت الإصدارات الكاملة لكتب المنال وهي 21 كتاباً حتى الآن تناولت موضوعات متنوعة وغنية تثري المكتبة المتخصصة والمنزلية ومن ضمنها مجموعة كتب العلاج الطبيعي التي تقدم تعريفاً بالعلاج الطبيعي وسلسلة إرشادات كاملة في تمارين العلاج الطبيعي.
بالإضافة إلى مجموعة من كتب المدينة للتعريف بالإعاقة مكونة من 7 كتب تقدم تعريفات ومعلومات علمية حول مختلف الإعاقات وهي (المعاقون عقلياً، اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه والإندفاع بالسلوك لدى الأطفال، متلازمة داون (حقائق وإرشاد)، متلازمة الشلل الدماغي الصم المكفوفون، تشوهات العمود الفقري ودليل التعامل مع الإعاقة).
أما المجموعة الأدبية في كتب المدينة فهي عبارة عن مجموعة تضم تسعة عناوين هي: (أحلام صغيرة ولكن، اسمع همسي، صرخات نور، على طريق البصر، فيض المشاعر، خواطر وقراءات، مسابقة المنال الشعرية، ولكني أستطيع، الإعاقة في الأدب العربي).
كما تضمن الجناح مجموعة من السلاسل القصصية للأطفال للكاتبة الدكتورة نجلاء نصير بشور وهي (سلسلة كتابي أنا، سلسلة رنا ونديم، سلسلة حنين، سلسلة الصديقان).
فعاليات مصاحبة
لم تقتصر مشاركة المدينة في معرض الشارقة الدولي للكتاب على جناحها الخاص وما تم عرضه فيه من كتب قيمة تتعلق بالأشخاص من ذوي الإعاقة والصحة الأسرية والنواحي الأدبية بشكل عام، وإنما قامت بتنظيم مجموعة من الفعاليات المصاحبة على هامش المعرض حرصاً منها على أن تكون مشاركتها أوسع وذات فائدة أكبر تخدم توجهها في خدمة المجتمع والأشخاص من ذوي الإعاقة.
ويوم الخميس 14 نوفمبر 2013 وفي ندوة استضافتها قاعة الفكر في المعرض تحت عنوان (ملتقى المنال ـ الإعاقة وأدب الطفل) وهو الملتقى الذي ستنظمه المدينة في مايو 2014 تحدث كل من الاستاذ أسامة نديم مارديني مدير تحرير المنال والأستاذ محمد النابلسي مسؤول التسويق في إدارة الاتصال المؤسسي عن مجلة المنال وملتقياتها التي سبق تنظيمها والملتقى القادم.
أما في الندوة التعريفية بمهرجان الكتاب المستعمل التي تم تنظيمها صباح السبت 16 نوفمبر 2013 فتحدث كل من الأستاذ محمد فوزي مسؤول لجنة استقطاب المدارس الخاصة والجامعات والأستاذ عبد الناصر درويش مسؤول لجنة الفرز والتسعير والأستاذ أسامة نديم مارديني مسؤول اللجنة الإعلامية عن مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة منذ العام 2006 وأهميته في حث جميع أبناء المجتمع على القراءة واقتناء الكتب والتبرع بها ليستفيد منها الآخرون.
وفي الندوة تم التطرق إلى المهرجان القادم الذي ستنظمه المدينة في مارس من العام 2015 ـ كما هو مقرر ـ وما يلعبه (التطوع) من دور غاية في الأهمية بالنسبة لنجاح المهرجان بشكل عام حيث يعتبر تشجيع فئات المجتمع المتنوعة على التطوع من بين الاهداف المهمة التي يركز عليها المهرجان وشرح هذه الآلية وكيفية التبرع بالكتب المستعملة ليتم عرضها في المهرجان الذي يخصص ريعه لتطوير ودعم الخدمات والبرامج والأنشطة التي تقدمها المدينة لطلبتها من الأشخاص ذوي الإعاقة.
وعصر اليوم ذاته تحدث الاستاذ وائل علام المدير الفني في مركز التدخل المبكرفي ندوة تعريفية حول كتاب (هيا بنا نتحدث عن الحياة في عالم فيه عنف) الذي يعد من أحدث إصدارات المدينة وتطرق إلى موضوع حماية الطفل من كافة أنواع الإساءة والعنف، تأليف الأمريكي جيمس جاربارينو ومن ترجمة جيهان الشرقاوي وقام بتدقيقه علمياً الأستاذ وائل علام الذي أشار في الندوة إلى أن المدينة قامت بإصدار الكتاب كونه كتاب عملي يحوي العديد من الأنشطة المتنوعة التي تسمح للطفل بالكتابة والرسم والتلوين للتعبير عن مفهومه حول العنف ومشاعره تجاهه وخبراته التي مر بها فيما يخص التعرض للعنف.
وكانت جماعة الإبداع الفني التابعة للمدينة قد قدمت مساء الاثنين 11 نوفمبر 2013 على المسرح الخارجي مسرحية (ألف ليلة وليلة) وهي من بطولة طلبة المدينة من الأشخاص ذوي الإعاقة حيث نالت إعجاب وتصفيق الجمهور العريض من زوار المعرض الذين حضروا المسرحية.