«المعاقون هم كتلة من المشاعر والأحاسيس» عبارة قالها اعلامي من دولة الكويت هزت مشاعر المشاركين في ورشة عمل لبحث دور الاعلام في الترويج لحقوق الاشخاص المعاقين في العمل، وهي عبارة لا جدال فيها لأن الشخص المعاق ومهما كانت إعاقته أو نوعها بحاجة إلى الدعم والمساندة من خلال سن تشريعات واصدار قوانين أو تعديل القوانين الحالية لكي تتلاءم مع احتياجات وظروف هؤلاء الذين ليسوا بحاجة للتباكي عليهم، فالمجتمع مطالب بالتخلص من هذه (الثقافة).
والمراقب لقضايا الأشخاص المعاقين في الدول العربية يلاحظ وجود تطور ـ وإن كان محدوداً ـ في متابعة قضايا وحقوق الأشخاص المعاقين.. ومن خلال لقاءاتي مع عدد من الاعلاميين من ذوي الإعاقة وأيضاً الإعلاميين غير المعاقين وجدت تفاوتاً في حجم هذه الحقوق التي حصل عليها هؤلاء. فعلى سبيل المثال الشخص المعاق في دولة الكويت يحظى باهتمام كبير من قبل الدولة التي توفر له الدعم المادي والمعنوي وتساعده على تعلم مهنة أو وظيفة لدرجة أن الناس من غير المعاقين يتمنون أن يصبحوا معاقين!! كما قال الزميل الكويتي عبد الكريم العنزي سفير المعاقين والإعلامي في التلفزيون الكويتي (لديه إعاقة حركية منذ الولادة).
وفي الأردن تحسنت أوضاع المعاقين مقارنة بالأوضاع التي عاشوها خلال السنوات الماضية وذلك بعد تعديل القوانين والتشريعات لصالحهم، إذ مرت هذه التعديلات بعدة مراحل كما قال أحد المسؤولين في المجلس الاعلى لشؤون الاشخاص المعاقين في الاردن، وهي أعلى مؤسسة تعنى بشؤون المعاقين، مشيراً إلى أن الانتخابات النيابية هذا العام كانت خير شاهد على مدى الاهتمام بالمعاقين، حيث وفرت الجهات المعنية مرافقين لهم للذهاب إلى مراكز الاقتراع والإدلاء بأصواتهم بشكل حر وكذلك وفرت لهم كافة الوسائل التي يحتاجونها مما أدى إلى زيادة عدد الأشخاص المعاقين الذين شاركوا في العملية الانتخابية هذه المرة.
أما منظمة العمل الدولية والمكتب الاقليمي لجامعة الدول العربية الذي نظم الورشة فيعتبران أن استبعاد الأشخاص ذوي الاعاقة من سوق العمل لا تنعكس سلبياته على الأشخاص المعوقين فحسب، بل إنه يقود إلى حرمان الاقتصاديات الوطنية من المشاركة الفاعلة والممكنة للأشخاص المعوقين في دعم اقتصاديات بلادهم، ويشيران إلى أن تقديرات البنك الدولي لتلك الخسائر على مستوى العالم بلغت ما يزيد عن 5,1 تريليون دولار سنوياً.
إن الترويج الايجابي لحقوق المعاقين مطلب شرعي ودور الإعلام في ذلك حيوي وهام لكنه لا يتحمل لوحده المسؤولية بل هناك عدد من الجهات والمؤسسات المطالبة بذلك وأهمها الدول والجمعيات والمؤسسات التي تعنى بشؤون الأشخاص المعاقين وكذلك أرباب العمل بحاجة إلى حث من أجل توفير أماكن عمل للأشخاص ذوي الاعاقة تناسب مع أوضاعهم وتتلاءم مع إعاقاتهم،. فهؤلاء لديهم طاقات هائلة وقادرة على الإبداع إن وجدوا من يدعمهم ويساندهم، وكما قال أحد الاعلاميين اليمنيين وأستاذ كلية الآداب في جامعة صنعاء الدكتور محمد صالح ـ وهو بالمناسبة إنسان كفيف ويعمل أيضاً مذيعاً في إحدى الاذاعات اليمنية: «إنني أستغرب من نظرة المجتمع لنا نحن أصحاب الإعاقة حتى المصطلح الذي يطلقونه علينا يمس بكرامتنا كقولهم: المعاقون أو ذوو الاحتياجات الخاصة أو أشخاص غير عاديين!! ففي بعض البلدان هؤلاء الأشخاص المعاقون أنفسهم يشغلون مناصب عليا ومؤثرة فعلى سبيل المثال يوجد في كينيا وزير كفيف وفي تونس نائب (إعاقة حركية) في البرلمان التونسي وغير ذلك».
وفي السعودية ـ ورغم كل التقدم الحاصل ـ فما زال الأشخاص المعاقون يعانون من عدم إنصافهم كما قال البروفيسور محمد بن حمود الطريقي رئيس مجلس أبحاث الشرق الأوسط.
إن وسائل الاعلام المختلفة بحاجة إلى نشر مفهوم المسؤولية الاجتماعية تجاه هؤلاء الأشخاص ونشر صورة إيجابية عنهم وكذلك الدول مطالبة هي أيضاً بدمجهم في برامجها التنموية ودمج قضايا الوعي الاجتماعي تجاههم في المناهج المدرسية والمساقات الجامعية.
رام الله، فلسطين