كلمتان نسمعهما دائماً حيث أصبحتا عرفاً كلامياً وكتابياً يقصد به استهلاك الوقت وملء الفراغ.
والأفضل أن يقال: استخدام أو استهلاك الوقت، لأن كلمة قتل فيها نوع من الغلظة فالإنسان لا يقتل إلا ما يستحق القتل والوقت ليس من تلك الأشياء وهو من أثمن ما يملكه البشر لأن كل أنشطتهم طيلة حياتهم إنما تتم عبر الوقت ومجموع هذه الأوقات هو ما يسمى بعمر الإنسان. والناس سواسية فيما يملكون من وقت فكل منا لديه 24 ساعة يومياً وسبعة أيام أسبوعياً واثنا عشر شهراً في كل سنة.
ولكنهم ليسوا سواسية في طريقة استخدامه فقد نجد شخصاً يستفيد في ساعة واحدة ما لا يستفيده شخص آخر في خمس ساعات وهذا يتوقف على تنظيم الشخص والأهمية التي يعطيها لوقته. والوقت من حيث النوع ينقسم إلى صنفين.
الأول:
يكون الشخص فيه ملزماً بأداء عمل أو نشاط معين في وقت محدد كالعمل الإداري أو التدريس أو مهنة التجارة، أو الطب وما شابه ذلك وفي هذه يكون حسن استخدام الوقت هو بالحضور في المواعيد الرسمية وإنجاز العمل على أحسن وجه وبكل أمانة وإخلاص ومسؤولية سواء كان هذا العمل خاصا أو عاما، مع ملاحظة أن مواعيد العمل وساعات العمل في الأعمال الحرة والخاصة قد تختلف في الضوابط عنها في الأعمال العامة ولكن المعايير المشتركة في حسن استخدام الوقت في الحالتين هي (الإنجاز، الأمانة والاخلاص).
الصنف الثاني:
هو الوقت الفارغ الذي يكون فيه الإنسان غير ملزم بعمل ما وهنا يظهر التفاوت الكبير بين الناس فمن الناس من يقضي أكثر هذا الوقت في اللهو، أو مشاهدة المسلسلات دائما أو الجلوس في المقاهي أو التمشي في الأسواق، أو النوم الزائد عن الحد ولا ينظم وقته وإنما يتركه للصدفة وهذه الفئة تضيع وقتها في أمور عديمة أو قليلة الفائدة. وفي المقابل من الناس من ينظمون هذا الوقت للاستفادة منه قدر الإمكان بقراءة كتاب مفيد، بالاجتماع بأسرته في وقت معين، بالالتحاق بدورة تدريبية أو بناد رياضي أو بمتابعة برامج دينية أو ثقافية أو علمية أو عمل مفيد يزيد من دخله ويمكن للإنسان أن يوزع عدة أنشطة على يوم واحد أو على أيام الأسبوع دون أن يحرم نفسه من الراحة وذلك وفق إمكانياته المادية وحسب ما لديه من وقت الفراغ، فما دام الإنسان في صحة فلينظم وقته وليستثمره أحسن استثمار وليعلم أولاده كيف ينظمون أوقاتهم بين المذاكرة واللعب والنوم وكيف يستفيدون من الإجازات بحيث يجمعون بين المرح واللهو وتنمية القدرات فالوقت أمانة ونعمة من الله، فمن أحسن استخدام الوقت فهنيئاً له، فقد استفاد من وقت فراغه فازداد علماً،. ومنهم من ألف كتاباً ومنهم من تعلم لغة ومنهم من أقام مشروعاً.. أما من أضاعه فيما لا يفيد فقد قتل الوقت فعلاً وضيع جزءاً من عمره هباء منثوراً.
ومن حسن استخدام الوقت بالنسبة للمسلم إضافة إلى ما سبق ذكره هو احترام الميعاد والإصلاح في الأرض والابتعاد عن قرناء السوء وأداء الصلوات في أوقاتها قال تعالى: (إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتاً) (النساء آية 103).
فلنحافظ على أوقاتنا ولنستقد منها في فعل الخير بكل أنواعه فالوقت الذي يمضي لا يعود مرة أخرى وكل دقيقة أو ساعة تمر تفقدنا جزءاً من حياتنا وصدق من قال (الوقت كالسيف إن لم تقطعه قطعك).