أجرت وزارة الشؤون الاجتماعية دراسة حول واقع تعليم وتأهيل الصم في مراكز المعاقين بدولة الإمارات العربية المتحدة، مقارنة مع أفضل الممارسات العالمية، وجاءت الدراسة حرصاً من وزارة الشؤون الاجتماعية على النهوض المستمر بالخدمات المقدمة للأشخاص المعاقين عموما، والصم على وجه التحديد، للوصول إلى أفضل ما توصلت إليه البشرية في هذا المجال، حيث تم اختيار المدرسة الأمريكية للصم والتي تعتبر من أفضل الممارسات العالمية في المجال والتي قاربت على إكمال قرنين من التأسيس.
ومن أهم أهداف الدراسة هو التعرف على واقع تعليم وتأهيل الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية في دولة الإمارات العربية المتحدة، ومقارنة الواقع التعليمي والتأهيلي لذوي الإعاقة السمعية في دولة الإمارات بأفضل الممارسات العالمية، وتنبع أهمية هذه الدراسة كونها الأولى في دولة الإمارات التي قارنت واقع تعليم وتأهيل الصم بأفضل الممارسات العالمية في هذا المجال. وكونها توصلت إلى نتائج ملموسة حول مستوى الخدمات التعليمية والتأهيلية المقدمة للصم في مراكز تأهيل المعاقين في الدولة، وبالتالي قدمت توصيات هامة للمسؤولين والقائمين على تعليم وتأهيل الصم في الدولة من أجل النهوض بالأنظمة التعليمية والتأهيلية للصم في مراكز تأهيل المعاقين.
لقد تم اختيار مدرسة الصم الأمريكية كتجربة مقارنة نظراً لعراقة تجربتها الممتدة لحوالي 200 عام. ومن أجل تحقيق هذا الهدف تم تصميم أداة الدراسة وهي عبارة عن استبيان يتضمن (142) سؤالاً، يتم الإجابة عنها بنعم أو لا، إضافة إلى أسئلة تفصيلية أخرى مفتوحة تتعلق بأعداد الخدمات ومدى توفرها، استناداً إلى الأدبيات العالمية المتوفرة عن تعليم الصم في العالم. وقد تم تطبيق أداة الدراسة خلال الفصل الأول من العام الدراسي 2013 ـ 2014، وبعد جمع أدوات الدراسة معبأة وتحليلها إحصائياً، تم مقارنة نتائج التجربتين، واستخلاص جوانب القوة والضعف في كل تجربة.
المدرسة الأمريكية للصم:
تأسست المدرسة الأمريكية للصم في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1817، وهي تعتبر أقدم مدرسة لتعليم الصم في الولايات المتحدة والمكان الذي ولد فيه تعليم الصم في أمريكا ولغة الإشارة الأمريكية American Sign language ASD، توفر المدرسة مصادر غنية لتعليم الصم وضعاف السمع؛ الأطفال منهم والبالغين الذين تتراوح أعمارهم بين 3 ـ 21 سنة، وتوفر المدرسة في حرمها التعليمي مجموعة من الخدمات التعليمية للصم خلف المراحل الدراسية: ما قبل المدرسة، ابتدائي، ثانوي، وخدمات التأهيل المهني. بالإضافة إلى مجموعة كبيرة ومتنوعة من المساقات الأكاديمية والمهنية والبرامج الدراسية التي تركز على تطوير مهارات التواصل لدى الطلبة باستخدام لغة الإشارة، القراءة، الكتابة، النطق والتدريبات السمعية.
تقدم المدرسة أيضاً خدمات الدعم الخارجي للمجتمع المحيط للفئة العمرية من الولادة إلى ثلاث سنوات، والتي تتضمن الخدمات التربوية والسمعية للصم وضعاف السمع، بما في ذلك الخدمات المقدمة للطلبة الملتحقين بها من خارج الولايات المتحدة الأمريكية.
أهم نتائج الدراسة:
توصلت الدراسة إلى أن خدمات الكشف والتدخل المبكر في الإمارات ومدرسة الصم الأمريكية متشابهة، وذلك من حيث وجود خدمات للأطفال الصم وضعاف السمع في مراحل عمرية مبكرة وبرامج ما قبل المدرسة، إلا أن ماهية البرامج وجودتها قد تكون مختلفة، إضافة إلى أن تجربة التدخل المبكر للصم في أمريكا هي قديمة جداً تصل إلى العام 1975، حيث أنها في الإمارات تعتبر تجربة حديثة.
أما بالنسبة للخدمات الطبية المقدمة للصم الملتحقين بمدارس في الإمارات وأمريكا، فتبين أنها تتميز في الإمارات بوجود تأمين صحي مجاني للطلبة، فيما تتميز في أمريكا بوجود طبيب وممرضة مداومة مع طلبة المدرسة. حيث أن مستوى الخدمات الطبية المقدمة للصم في مراكز المعاقين الحكومية والمشابهة للتجربة الأمريكية من حيث توفر المركز الصحي أو العيادة الطبية في المركز، ووجود الفحوصات الطبية العامة للطلبة وفحوصات الأسنان لجميع الطلبة، وهو ما يعتبر مؤشراً إيجابياً على مستوى هذه الخدمات في المراكز التابعة لوزارة الشؤون الاجتماعية
وأظهرت الدراسة مجموعة من الخدمات التعليمية التي تتميز بها التجربة الأمريكية أهمها أن الدراسة التعليمية تمتد لجميع المراحل الدراسية، إضافة إلى وجود برنامج خاص لتحضير الطلبة للمرحلة الجامعية ووجود برامج خاصة بالموهوبين الصم، وتوفر الكثير من الوسائل والتقنيات الحديثة في النظام التعليمي للمدرسة الأمريكية للصم. فيما تبين أن هناك تقارباً بين التجربتين في موضوع دمج الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية، حيث تتوفر في وزارة الشؤون الاجتماعية خطة استراتيجية للأعوام 2013 ـ 2016 ترمي إلى دمج المعاقين سمعياً، عن طريق تهيئة البيئة لعملية الدمج، ووجود متابعة مستمرة لعملية الدمج في المدارس، وتقديم الدورات التدريبية لمعلمات الدمج وللطلبة ولأولياء الأمور، إضافة إلى التزام الوزارة بالمناهج المتبعة في وزارة التربية والتعليم مما يسهل عملية الدمج، وتبادل الزيارات والأنشطة بين أطراف العملية.
ومن أهم الجوانب التي تحتاج لمتابعة وتطوير في التجربة الاماراتية هي مشاركة الأسرة في عملية تأهيل وتعليم ابنها الأصم، فيما تتميز التجربة الأمريكية بوجود مجموعات الدعم الذاتي بين الأسر التي تدعم بعضها بعضاً وتستفيد من تجاربها، إضافة إلى مجالس أولياء الأمور التي لها دور فاعل في العملية التربوية، والتواصل المستمر والمقنن من قبل الأسر مع المدرسة، ووجود مقر دائم لأولياء الأمور للاجتماعات وتبادل الخبرات، حيث تتيح المدرسة الأمريكية لأفراد الأسر الاستفادة من مصادر التعلم المتوفرة في مكتباتها من كتب وأسطوانات تسجيل وفيديو وحواسيب.
وعلى الرغم من تميز برامج التأهيل المهني في المدرسة الأمريكية من حيث التوجيه المهني والخيارات المهنية المتنوعة والتدريب بالتعاون مع مؤسسات المجتمع، إلا أن التجربة الاماراتية قطعت شوطاً في خدمات المتابعة للصم العاملين، من أجل دعم تكيفهم في بيئة العمل، وتذليل العقبات التي قد تواجه تواصلهم مع المحيط، من زملاء ورؤساء عمل، والاهتمام بتسويق منتجات طلبة التأهيل المهني عبر المعارض وغيرها، وهو ما يعتبر دعماً للنظرة المجتمعية الإيجابية نحو الصم وانخراطهم في الحياة العملية المستقبلية.
أما من حيث الموارد البشرية، فهناك تكافؤ في التجربتين كلتيهما من حيث سياسات التوظيف ووجود معايير واضحة لعملية توظيف العاملين مع الصم ومراعاة التطوير الوظيفي لهم، والاشراف المستمر عليهم، إضافة إلى أنظمة تحفيز الموارد البشرية، حيث يتم صرف بدل طبيعة عمل عن المهنة لمعلمات التربية الخاصة العاملات في مراكز تأهيل المعاقين التابعة للوزارة، إضافة إلى وجود العديد من الجوائز في الدولة والتي يمكن مشاركة العاملين فيها مثل جائزة الناموس، جائزة خليفة التربوية، جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة، الأمر الذي يعتبر محفزاً للكوادر العاملة مع المعاقين في الدولة.
أما من حيث مدى توفر هذه التخصصات فنلاحظ وفرة الاختصاصات وتنوعها في المدرسة الأمريكية للصم، بالمقارنة مع مراكز وزارة الشؤون الاجتماعية، حيث يتوفر (المرشد المدرسي، أخصائي السمعيات، أخصائي التوظيف، مترجمو لغة الإشارة، أخصائيو الإرشاد أسري، المرشدون الكشفيون).
وبناء على هذه النتائج، قدمت الدراسة مجموعة من التوصيات للجهات العاملة مع الصم في الامارات، أهمها: زيادة أعداد الكوادر العاملة مع الصم من الناحية الكمية، ومن الناحية النوعية، وتكثيف البرامج التعليمية والتأهيلية المقدمة للصم في مراكز تأهيل المعاقين، مثل برامج الموهوبين، والمتأخرين دراسياً، وبرامج الأنشطة اللامنهجية والأنشطة الصيفية والمسائية، وزيادة الخدمات مثل خدمات ما بعد زراعة القوقعة والفحوصات السمعية وصيانة السماعات، إضافة إلى دعم وإشراك أولياء الأمور للمساهمة الفاعلة في العملية التعليمية.
خطط مستقبلية:
وبناء على ما توصلت إليه الدراسة من نتائج، تحرص وزارة الشؤون الاجتماعية على تطوير الخدمات المقدمة للصم في مراكز تأهيل المعاقين وذلك من خلال خطتها الاستراتيجية 2014 ـ 2016، التي تركز بشكل أساسي على تأهيل الصم وتوفير البيئة المناسبة والداعمة من أجل دمجهم في التعليم العام.
ويتمثل هذا التطوير في توظيف الكوادر العاملة المؤهلة وإدخال تخصصات جديدة من شأنها المشاركة ودعم عملية التأهيل، وإدخال أحدث العناصر التقنية في العملية التعليمية التي تدعم توفير التعليم للطلبة الصم بشكل مشوق ويعتمد على الإيضاحات البصرية وسهل الاستخدام، إضافة إلى توفير البرامج لأولياء الأمور والتي من شأنها إشراكهم في العملية التعليمية، وقيامهم بدور فاعل في اتخاذ القرارات التربوية المتعلقة بأبنائهم، وتيسير النفاذ لهم للحصول على المعلومات.
ومن أجل وصول الصم إلى مراحل تعليمية متقدمة، سوف تتبع الوزارة مبدأ الدمج التعليمي من مراحل مبكرة لما له من أثر في تطوير القدرات اللغوية والتعليمية عند الطلبة، وذلك عن طريق اتباع الأسلوب السمعي الشفوي والتدريب السمعي للأطفال منذ الصغر بعد الكشف والتدخل المبكر عن الإعاقة، والتدريب اللغوي بما يمكن الطلبة من التواصل مع الأقران في بيئات الدمج.
ونظراً لأهمية الأنشطة اللامنهجية والمشاركات المجتمعية في تطوير قدرات التواصل عند الطلبة، ستركز الوزارة ضمن استراتيجيتها القادمة على تقديم البرامج اللامنهجية خارج إطار البيئة الصفية والتي تدعم المنهج الدراسي، وذلك عن طريق تواصل الصم مع مؤسسات المجتمع المحيطة والتدريب في البيئات الحقيقة، وإشراكهم في اللجان والمجموعات التعليمية والاجتماعية وتعزيز العمل التطوعي، وتوجيه مشاركتهم للأنشطة الترفيهية والرياضية النافعة التي تغذي قدرتهم المعرفية وتنمي مهاراتهم المجتمعية والتواصلية.
- دكتوراه الفلسفة في التعليم الخاص والدامج ـ الجامعة البريطانية بدبي
- يعمل حالياً في إدارة رعاية وتأهيل أصحاب الهمم ـ وزارة تنمية المجتمع ـ دبي.
- له العديد من المؤلفات حول التقييم والتأهيل النفسي والتربوي وتشغيل الأشخاص ذوي الإعاقة.
- باحث مشارك مع مجموعة من الباحثين في جامعة الامارات العربية المتحدة للعديد من الدراسات المنشورة في مجال التربية الخاصة.
- ألقى العديد من المحاضرات والدورات وشارك في الكثير من المؤتمرات حول مواضيع مشكلات الأطفال السلوكية، وأسر الأشخاص المعاقين، والتقييم النفسي التربوي، التشغيل، التدخل المبكر.
- سكرتير تحرير مجلة عالمي الصادرة عن وزارة تنمية المجتمع في الإمارات.
- سكرتير تحرير مجلة كن صديقي للأطفال.
جوائز:
- جائزة الشارقة للعمل التطوعي 2008، 2011
- جائزة راشد للبحوث والدراسات الإنسانية 2009
- جائزة دبي للنقل المستدام 2009
- جائزة الناموس من وزارة الشؤون الاجتماعية 2010
- جائزة الأميرة هيا للتربية الخاصة 2010
- جائزة العويس للإبداع العلمي 2011