أبو يوسف يعقوب بن إسحق بن الصّبّاح بن عمران بن إسماعيل بن محمد بن الأشعث بن قيس الكندي، علاّمة عربي مسلم، برع في الفلك والفلسفة والكيمياء والفيزياء والطب والرياضيات والموسيقى وعلم النفس والمنطق الذي كان يعرف بعلم الكلام، ويعد الكندي أول الفلاسفة المتجولين المسلمين، كما اشتهر بجهوده في تعريف العرب والمسلمين بالفلسفة اليونانية القديمة والهلنستية.
ولد في الكوفة في بيت من بيوت شيوخ قبيلة كندة، كان والده واليًا على الكوفة، حيث تلقى علومه الأولية، ثم انتقل إلى بغداد، حيث حظي بعناية الخليفتين المأمون والمعتصم، حيث جعله المأمون مشرفًا على بيت الحكمة – الذي كان قد أنشئ حديثًا لترجمة النصوص العلمية والفلسفية اليونانية القديمة – في بغداد.
أوكل إليه الخليفة المأمون مهمة الإشراف على ترجمة الأعمال الفلسفية والعلمية اليونانية إلى العربية في (بيت الحكمة)، وقد عدّه ابن أبي أصيبعة مع حنين بن إسحق وثابت بن قرة وابن الفرخان الطبري (حذّاق الترجمة المسلمين)، وكان لاطلاعه على ما كان يسميه علماء المسلمين آنذاك “بالعلوم القديمة” أعظم الأثر في فكره، حيث مكّنه من كتابة أطروحات أصلية في الأخلاقيات وما وراء الطبيعة والرياضيات والصيدلة.
عندما خلف المعتصم أخاه المأمون، عينه المعتصم مربيًا لأبنائه، ولكن مع تولي الواثق والمتوكل، أفل نجم الكندي في بيت الحكمة، وقد قيل في ذلك الكثير، فقد رجح البعض أن ذلك بسبب التنافس في بيت الحكمة، والبعض قال إن السبب تشدد المتوكل في الدين، حتى أن الكندي تعرّض للضرب، وصودرت مؤلفاته لفترة، يقول (هنري كوربين) – الباحث في الدراسات الإسلامية: إن الكندي توفي في بغداد وحيدًا عام 259 هـ/873 م في عهد الخليفة المعتمد.
وبعد وفاته، اندثرت الكثير من أعمال الكندي الفلسفية، وفقد منها الكثير، حيث يشير فيليكس كلاين فرانكه إلى وجود أسباب عدة لذلك، فبصرف النظر عن تشدد المتوكل الديني، فقد دمّر المغول عددًا لا يحصى من الكتب عند اجتياحهم بغداد، إضافة إلى سبب أكثر احتمالاً وهو أن كتاباته لم تعد تلقى قبولاً بين أشهر الفلاسفة اللاحقين كالفارابي وابن سينا.
إسهاماته العلمية
في الرياضيات، لعب الكندي دورًا هامًا في إدخال الأرقام الهندية إلى العالمين الإسلامي والمسيحي، كما كان رائدًا في تحليل الشيفرات، واستنباط أساليب جديدة لاختراق الشيفرات، باستخدام خبرته الرياضية والطبية، كما قام بوضع مقياس يسمح للأطباء قياس فاعلية الدواء وأجرى تجارب حول العلاج بالموسيقى.
وقد كان الشاغل الذي شغل الكندي في أعماله الفلسفية، هو إيجاد التوافق بين الفلسفة والعلوم الإسلامية الأخرى، وخاصة العلوم الدينية، حيث تناول الكندي في الكثير من أعماله مسائل فلسفية دينية، لكن على الرغم من الدور المهم الذي قام به في جعل الفلسفة في متناول المثقفين المسلمين آنذاك، إلا أن أعماله لم تعد ذات أهمية بعد ظهور علماء بعده بعدة قرون مثل الفارابي، ولم يبق سوى عدد قليل جدًا من أعماله للعلماء المعاصرين كي يقوموا بدراستها، مع ذلك لا يزال الكندي يعد من أعظم الفلاسفة ذوي الأصل العربي، لما لعبه من دور في زمانه، لهذا يلقب بـ “أبو الفلسفة العربية” أو “فيلسوف العرب”.
وكان الكندي عالمًا بجوانب مختلفة من الفكر، وعلى الرغم من أن أعماله عارضتها أعمال الفارابي وابن سينا، إلا أنه يعد أحد أعظم فلاسفة المسلمين في عصره، وقد قال عنه المؤرخ ابن النديم: فاضل دهره وواحد عصره في معرفة العلوم القديمة بأسرها، ويسمى فيلسوف العرب، ضمت كتبه مختلف العلوم كالمنطق والفلسفة والهندسة والحساب والفلك وغيرها، فهو متصل بالفلاسفة الطبيعيين لشهرته في مجال العلوم، كما اعتبره باحث عصر النهضة الإيطالي جيرولامو كاردانو واحدًا من أعظم العقول الاثني عشر في العصور الوسطى.
علم الفلك
اتبع الكندي نظرية بطليموس حول النظام الشمسي، والتي تقول بأن الأرض هي المركز لسلسلة من المجالات متحدة المركز، التي تدور فيها الكواكب المعروفة حينها – القمر وعطارد والزهرة والشمس والمريخ والمشتري والنجوم -، وقال عنها إنها كيانات عقلانية تدور في حركة دائرية، ويقتصر دورها على طاعة الله وعبادته، وقد ساق الكندي إثباتات تجاربية حول تلك الفرضية، قائلاً بأن اختلاف الفصول ينتج عن اختلاف وضعيات الكواكب والنجوم وأبرزها الشمس؛ وأن أحوال الناس تختلف وفقًا لترتيب الأجرام السماوية فوق بلدانهم، إلا أن كلامه هذا كان غامضًا فيما يتعلق بتأثير الأجرام السماوية على العالم المادي.
وكان من أبرز ما كتبه الكندي في هذا المجال كتاب “الحكم على النجوم” وهو من أربعين فصلاً في صورة أسئلة وأجوبة، وأطروحات حول “أشعة النجوم” و”تغيرات الطقس” و”الكسوف” و”روحانيات الكواكب”.
الطب والكيمياء
للكندي أكثر من ثلاثين أطروحة في الطب، تأثر فيها بأفكار جالينوس، من أهمها كتاب (رسالة في قدر منفعة صناعة الطب)، أوضح فيه كيفية استخدام الرياضيات في الطب، ولا سيما في مجال الصيدلة، على سبيل المثال، وضع الكندي مقياساً رياضيا لتحديد فعالية الدواء، إضافة إلى نظام يعتمد على أطوار القمر، يسمح للطبيب بتحديد الأيام الحرجة لمرض المريض.
وفي الكيمياء، عارض الكندي أفكار الخيمياء القائلة بإمكانية استخراج المعادن الكريمة أو الثمينة كالذهب من المعادن الخسيسة في رسالة سماها “كتاب في إبطال دعوى من يدعي صنعة الذهب والفضة”، كما أسس الكندي وجابر بن حيان صناعة العطور، وأجرى أبحاثًا واسعة وتجارباً في الجمع بين روائح النباتات عن طريق تحويلها إلى زيوت.
الرياضيات
ألف الكندي أعمالاً في عدد من الموضوعات الرياضية الهامة، بما فيها الهندسة والحساب والأرقام الهندية وتوافق الأرقام والخطوط وضرب الأعداد والأعداد النسبية وحساب الوقت، كما كتب أربعة مجلدات، بعنوان “كتاب في استعمال الأعداد الهندية”، الذي ساهم بشكل كبير في نشر النظام الهندي للترقيم في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا، في الهندسة، كتب الكندي عن نظرية التوازي، وفي أحد أعماله الرياضية حاول بفكر الفيلسوف دحض فكرة خلود العالم، من خلال إثبات أن اللانهاية فكرة سخيفة رياضيا ومنطقيًا.
التشفير
كان الكندي رائدًا في تحليل الشيفرات وعلم التعمية، كما كان له الفضل في تطوير طريقة يمكن بواسطتها تحليل الاختلافات في وتيرة حدوث الحروف واستغلالها لفك الشيفرات، وقد اكتشف ذلك في مخطوطة وجدت مؤخرًا في الأرشيف العثماني في اسطنبول، بعنوان “مخطوط في فك رسائل التشفير”، أوضح فيها أساليب تحليل الشيفرات، والتشفير والتحليل الإحصائي للرسائل باللغة العربية.
قواعد الموسيقى
كان الكندي أول من وضع قواعد للموسيقى في العالمين العربي والإسلامي، فاقترح إضافة الوتر الخامس إلى العود، كما وضع سلمًا موسيقيًا ما زال يستخدم في الموسيقى العربية وهو مؤلف من اثني عشرة نغمة، وتفوق على الموسيقيين اليونانيين في استخدام (الثمن)، كما أدرك أيضًا التأثير العلاجي للموسيقى، وكان من أوائل من حاولوا علاج الأشخاص من ذوي الإعاقة بالموسيقى.
وللكندي خمسة عشر أطروحة في (نظرية الموسيقى)، لم يبق منها سوى خمس فقط، وهو أول من أدخل كلمة “موسيقى” للغة العربية، ومنها انتقلت إلى الفارسية والتركية، وعدة لغات أخرى في العالم الإسلامي.
الفلسفة
كان جهد الكندي الأكبر في تطوير الفلسفة الإسلامية، هو محاولته تقريب الفكر الفلسفي اليوناني، وجعله مقبولاً عند جمهور المسلمين، من خلال عمله في بيت الحكمة في بغداد، ومن خلال ترجمته للعديد من النصوص الفلسفية الهامة، أدخل الكندي الكثير من المفردات الفلسفية إلى اللغة العربية، ولولا أعمال الكندي الفلسفية، لما تمكن الفلاسفة مثل الفارابي وابن سينا والغزالي من التوصل إلى ما توصلوا إليه.
ويعد الكندي أول فيلسوف مسلم حقيقي، وقد تأثر إلى حد كبير بفكر فلاسفة المدرسة الأفلاطونية المحدثة أمثال بروكليوس وأفلوطين وجون فيلوبونوس، وإن كان قد تأثر ببعض أفكار المدارس الفلسفية الأخرى، كما استشهد الكندي أيضًا في كتاباته الفلسفية بأرسطو، لكنه حاول إعادة صياغتها في إطار الفلسفة الأفلاطونية المحدثة.
الروح والحياة الآخرة
رأى الكندي أن الروح هي شيء غير مادي، يرتبط بالعالم المادي عن طريق تواجدها في الجسد المادي. لشرح طبيعة وجودنا الدنيوي، أخذ الكندي بفكرة أبكتاتوس، الذي وصف الوجود البشري بسفينة في رحلة عبر المحيط، راسية مؤقتًا على جزيرة، وسمحت لركابها بالنزول، وأن الركاب الذين بقوا لفترة طويلة على الجزيرة، قد تتركهم السفينة عندما تبحر مجددًا.
فسر الكندي المثال بمفهوم رواقي، أننا لا يجب أن نرتبط بالأشياء المادية (التي تمثلها الجزيرة)، التي ستزول عنا (عند رحيل السفينة). ثم ربط ذلك بفكرة أفلاطونية محدثة، عندما قال أن أرواحنا يمكن أن نتركها تنساق لتحقيق رغباتنا أو نتحكم بها بعقلانية، فالأولى تنتهي بموت الجسم، أما الأخيرة فتحرر الروح من الجسد لتخلد “في نور الله” في عالم من النعيم الأبدي.
مؤلفاته
وفقًا لابن نديم، كتب الكندي على الأقل مئتين وستين كتابًا، منها اثنان وثلاثون في الهندسة، واثنان وعشرون في كل من الفلسفة والطب، وتسعة كتب في المنطق واثنا عشر كتابًا في الفيزياء، بينما عدّ ابن أبي أصيبعة كتبه بمائتين وثمانين كتابًا، وعلى الرغم من أن الكثير من مؤلفاته فقدت، فقد كان للكندي تأثيرًا في مجالات الفيزياء والرياضيات والطب والفلسفة والموسيقى استمر لعدة قرون، عن طريق الترجمات اللاتينية التي ترجمها جيرارد الكريموني، وبعض المخطوطات العربية الأخرى، أهمها الأربع وعشرون مخطوطة من أعماله المحفوظة في مكتبة تركية منذ منتصف القرن العشرين.
من مؤلفاته في الفلسفة
(الفلسفة الأولى فيما دون الطبيعيات والتوحيد)، كتاب (الحث على تعلم الفلسفة)، (رسالة في أن لا تنال الفلسفة إلا بعلم الرياضيات)، وفي المنطق كتب (رسالة في المدخل المنطقي باستيفاء القول فيه)، (رسالة في الاحتراس من خدع السفسطائيين)، وفي علم النفس (رسالة في علة النوم والرؤيا وما ترمز به النفس)، وفي الموسيقى (رسالة في المدخل إلى صناعة الموسيقى)، و(رسالة في الإيقاع).
كما كتب في الفلك (رسالة في علل الأوضاع النجومية)، (رسالة في علل أحداث الجو)، (رسالة في ظاهريات الفلك)، (رسالة في صنعة الاسطرلاب)، وفي الحساب (رسالة في استعمال الحساب الهندسي)، (رسالة في تأليف الأعداد)، (رسالة في الكمية المضافة)، (رسالة في النسب الزمنية)، وفي الهندسة (رسالة في الكريات)، (رسالة في أغراض إقليدس)، (رسالة في تقريب وتر الدائرة)، (رسالة في كيفية عمل دائرة مساوية لسطح أسطوانة مفروضة).
وكتب في الطب (رسالة في الطب الأبقراطي)، (رسالة في وجع المعدة والنقرس)، (رسالة في أشفية السموم)، وفي الفيزياء (رسالة في اختلاف مناظر المرآة)، (رسالة في سعار المرآة)، (رسالة في المد والجزر)، وفي الكيمياء (رسالة في كيمياء العطر)، (رسالة في العطر وأنواعه)، (رسالة في التنبيه على خدع الكيميائيين).
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)