تشتد الأزمات وتندلع الحروب ويكون الأطفال أولى ضحاياها ووقودها حتى ولو لم يصابوا بأي أذى جسدي فإن إصابتهم النفسية هي الأهم والأكبر أثراً، ويوصف ألمهم واحتراقهم النفسي بأنه من المتلازمات الأكثر انتشاراً وشيوعاً في المجتمعات التي تعاني من آثار الفتن والاضطرابات السياسية والحروب لفترات طال أمدها، وأن معاناتهم من سوء التغذية والجوع والفقر وتوقف موارد أسرهم سيعيق نموهم وتطورهَم ويضعف نظام المناعة لديهم، وسيؤدي تلقائياً إلى ارتفاع معدل الوفيات في أوساط الرضع والأطفال الذين هم دون سن الخامسة وانخفاض معدلات الحياة.
ومن المؤسف أن يكون قدر الطفولة العربية هو اشتعال الحروب وزيادة بُؤر التوتر في العالم العربي وطغيان أسلحة الدمار والقتل والتهديم فوق أي منطق أو قيم إنسانية رغم ما تلح عليه منظمة اليونيسف واتفاقية حقوق الطفل من حق الطفل في الوصول إلى عالم أفضل يكفل له العيش السعيد والملائم لنموه الإنساني الطويل من المهد إلى الحضانة إلى الطفولة وما بعدها من النواحي الجسدية والحسية والعقلية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية ليتاح له عَبْرَها تلقي حزمة هائلة من التعلم والخبرات والمعارف والمعلومات المتزامنة مع تطور وتزايد وعيه ونضجه الانفعالي وظهور دوافعه وحاجاته ومشاعره المفعمة بالخوف من الظلام ومناظر القتل والتدمير والهلع من أصوات الطائرات والمدافع والقنابل وأزيز الرصاص والقلق المستمر من المداهمات والتهجير القسري واستمرار النزوح وانتهاك طفولته بمختلف الأساليب غير الأخلاقية واستغلالها بكل الوسائل غير الإنسانية.
ويغدو الأطفال جميعاً بحاجة ماسة إلى الدعم النفسي والاجتماعي والاقتصادي والتدخل السريع والمباشر حال حدوث الحرب أو الأزمة وقبلها في حال احتمال التنبؤ بها وخلالها وما بعدها، بغية تقديم العون والرعاية لتلك الفئات العريضة المستهدفة من الأطفال الذين عانوا خبرات صادمة مؤلمة وتعرضوا للعنف وفقدان الأهل أحياناً، وما ظهر لديهم من اضطرابات ما بعد الصدمة وتفاقم مشكلات الفزع والهلع والحزن والاكتئاب، وتدهور أحوالهم المعيشية وحرمانهم من الغذاء الأساسي والدواء والتعليم والنوم الهادئ المستقر وتدنى تحصيلهم الدراسي بشكل ملحوظ وميلهم إلى الجدال والعناد والتمرد والعنف والعدوان وفقدهم لروح التعاون والمشاركة.
الدكتور فائز شالاتي
سابقاً، عضو اللجنة العلمية للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم