ليست الغاية من إصدار القوانين والتشريعات الخاصة بحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة مظهراً حضارياً نفتخر به وحسب، على الرغم من أهميته كونه بحق ثمرة طيبة وتتويج منطقي لنضالات الأشخاص ذوي الإعاقة الذين عانوا الكثير من أجل الوصول إلى هذا اليوم الذي طال انتظاره ولابد إذن من العمل على تطبيقها تطبيقاً فعلياً وتنفيذها بدقة للوصول إلى غاياتها الحقيقية التي ضحى الجميع من أجلها.
لقد قيل قبلها إن هناك العديد من الاتفاقيات الدولية في مجال حقوق الإنسان تكفل حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة.. وقيل أيضاً إن الدساتير في كل البلدان لا تلغي حقوقهم بل وتضعهم على قدم المساواة مع باقي فئات المجتمع طالما أنها لا تعني أن يحرم أي شخص من حقه في التعليم بسبب الإعاقة،. أو من حقه في العلاج والصحة والعمل وغيرها من الحقوق للسبب ذاته.
ولكن حتى قبل دخول الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة حيز التنفيذ في مايو 8002 وما عززها ويعززها من قوانين وطنية صدرت في السنوات الماضية لم تكن هناك اتفاقية محددة وملزمة تتناول احتياجات الأشخاص ذوي الإعاقة وحقوقهم بدون أي تمييز أو تهميش أو إقصاء.
ومعروف أن الهدف من هذه الاتفاقية الدولية والقوانين الوطنية هو: »تعزيز وحماية وكفالة تمتع الأشخاص ذوي الإعاقة تمتعاً كاملاً على قدم المساواة مع الآخرين بجميع حقوق الإنسان والحريات الأساسية وتعزيز احترام كرامتهم المتأصلة« وهو ما جاء في نص المادة الأولى من الاتفاقية.
إذن، الاتفاقية الدولية لا يوجد بينها وبين القوانين الوطنية أي تضارب أو تعارض،.. ولكن ماذا عن التنفيذ والتطبيق، وماذا عن دور الجمعيات المحلية ومنظمات المجتمع المدني في رصد وتطبيق الاتفاقية الدولية والتعريف بها. وماذا عن الأشخاص المعنيين بنصوصها بمن فيهم الأفراد من أصحاب الإعاقات وذويهم!
لقد نصت المادة الثامنة من الاتفاقية الدولية على ضرورة ضمان توعية الأسر بحقوق أبنائهم ذوي الإعاقة، وتحت مسمى »إذكاء الوعي«: »تتعهد الدول الأطراف التي صادقت على الاتفاقية باعتماد تدابير فورية وفعالة وملائمة من أجل إذكاء الوعي في المجتمع بأسره بشأن الأشخاص ذوي الإعاقة بما في ذلك على مستوى الأسرة، وتعزيز احترام حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة وكرامتهم«.
ولكن، هناك بعض فئات الإعاقة قد تحول بعض الصعوبات دون معرفتها بهذه الحقوق لأسباب تتعلق بالإعاقة ذاتها أو بالمستوى الثقافي والتعليمي للمعنيين بها والمستفيدين منها، إلا أن هذا لا يعفيهم متضامنين مع أسرهم والمنظمات المعنية بهم حكومية أو غير حكومية من واجب التعرف عليها والعمل بها… وعلى سبيل المثال ـ فقد أجريت بعض الدراسات المحدودة عن مدى معرفة الأسر بحقوق أبنائهم سواء تلك التي أقرتها الاتفاقية الدولية أو القوانين المحلية، وكانت النتائج متواضعة جداً؛ أكثر من نصفهم يدركون حقوق أبنائهم في الصحة والتعليم والتشغيل والبيئة المؤهلة، ولكن نسبة أقل من ثلثهم سمع بالاتفاقية الدولية وأقل من هذا بكثير لديه نسخة منها أو قرأ عنها!
كل هذا يؤشر على ضرورة العمل وبشكل جدي على ايصال المعرفة بالاتفاقية الدولية والقوانين المحلية إلى كل المعنيين والمستفيدين منهما بغض النظر عن نوعية الإعاقة أو المستوى الثقافي والاقتصادي للأفراد أو الأسر وباستخدام كل الوسائل المتاحة بما فيها وسائل الإعلام وتفعيل كل الأطر الموجودة وتوظيفها لهذه الغاية حتى نضمن فعلاً لا قولاً مشاركة الأشخاص ذوي الإعاقة وأسرهم في مختلف مناحي الحياة مشاركة تامة وفاعلة والقيام بأدوارهم المتوقعة منهم والتي لا تقل أبداً عن باقي فئات المجتمع.