يقوم المترجم الفوري بالترجمة لشخص آخر يتحدث لغة أخرى أثناء قيام المتحدث بالتكلم دون تدخل أو مقاطعة، وهو بذلك يختلف عن المترجم التتابعي consecutive interpreter لأن المترجم الأخير ينتظر دوره في الترجمة ولن يبدأ في التحدث إلا بعد أن يتيح له المتحدث الفرصة والوقت لأداء دوره.
وتعتبر الترجمة الفورية من أصعب أنواع الترجمة النطقية (الشفوية) لذا لا يتمكن من هذا النمط من الترجمة ويتقنه سوى عدد محدود من المترجمين ممن تعودوا على التحكم بالوقت بهدف التفكير بترجماتهم أما المبدعون في هذا الميدان فهم قلة قليلة يشار إليهم بالبنان.
الحاجة للترجمة الفورية
تبرز الحاجة إلى الترجمة الفورية لدى وجود شخص واحد على الأقل يحضر اجتماعاً أو مؤتمراً لكنه لا يفهم ما يطرحه المتحدث الذي يتكلم لغة أخرى كما لا يتيسر له وقت مناسب أو فرصة مؤاتية يتوقف في ضوئها المتحدث أثناء حديثه بانتظام.
بعض الأمثلة
تنظم إحدى الشركات اجتماعاً يحضره حاملو الأسهم وتكون فيه اللغة الإنكليزية وسيلة التفاهم بين الحاضرين غير أن عدداً من أعضاء الهيئة المؤسسة وأعضاء مجلس الإدارة وعدداً من حملة الأسهم يتحدثون اللغة الصينية ويواجهون صعوبة في فهم اللغة الإنكليزية. ومن المتوقع أن يطرح الحاضرون أسئلة باللغة الصينية يحتاج الناطقون باللغة الإنكليزية إلى معرفتها وفهمها. في ضوء ذلك يتعين عليك الاستعانة بمترجم فوري واحد أو أكثر وتهيئة المقصورة الخاصة بالترجمة الفورية ونظام صوتي يضم أجهزة لتضخيم الصوت للمترجمين الفوريين ومثلها للمتحدثين وسماعات أذن للحاضرين.
إذا كنت تدير شركة أبحاث خاصة بالتسويق ورغبت بإجراء مقابلات باللغة الصينية مع بعض المتقدمين للعمل في الشركة. أثناء ذلك ربما يرغب أحد ممثلي فروع الشركة في بلد ناطق باللغة الإنكليزية سماع بعض تلك المقابلات فيتعين عليك أن تخصص إحدى الغرف لمترجم فوري أو أكثر إضافة إلى ضيفك وأن تضع كاميرة فيديو ومضخم صوت واحداً على الأقل في غرفة المقابلة ونظاماً صوتياً / تصويرياً مربوطاً في الغرفة الأخرى مع سماعة رأس للمترجم الفوري.
ربما تخطط لتنظيم ندوة تستضيف فيها متحدثين من الصين لكنك تتوقع حضور عدد من الزوار الذين يتحدثون اللغة الإنكليزية. هنا يتعين عليك أن تستعين بمترجم فوري واحد أو أكثر مع نظام صوتي (مضخم للصوت وجهاز إرسال يعمل بالأشعة تحت الحمراء وعدد من سماعات الرأس).
ربما يقوم أحد الزبائن الإنكليز بإقامة دعوة قضائية على أحد الأشخاص الصينيين ممن تربطهم صلة عمل به، الأمر الذي يحتم عليك الاستعانة بمترجم فوري واحد أو أكثر للاضطلاع بمهمة الترجمة الهمسية whispering لمجريات المحاكمة.
ربما تقوم بتنظيم مؤتمر لمتحدثين باللغتين الإنكليزية والصينية بحضور عدد من الزوار تتوقع فيه إلقاء كلمات وإجراء حوارات بكلتا اللغتين. عليك في مثل هذه الحالة أن تخصص مركزاً أو غرفة خاصة لمثل هذا المؤتمر وتهيئة مقصورة للترجمة الفورية ومضخمات للصوت وسماعات للرأس وفوق كل ذلك مترجمين فوريين.
مترجم واحد أو أكثر؟
في الأمثلة المذكورة أعلاه لاحظنا الحاجة لأكثر من مترجم فوري. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق: ما المعيار الذي نقرر في إطاره الحاجة إلى مترجم واحد أو أكثر؟ الإجابة عن هذا السؤال تقتضي معرفة الكيفية التي يعمل المترجم الفوري في ضوئها فالترجمة الفورية عملية معقدة للغاية لا يسبر غورها إلا من أوتي حظاً وفيراً لأن المتحدث يواصل حديثه دون توقف، أما المترجم الفوري فيتعين عليه أن يضطلع بالخطوات الآتي ذكرها أثناء كلام المتحدث:
- الأصغاء جيداً لما يقوله المتحدث؛
- ترجمة ذلك في ذهنه أولاً؛
- نقل الترجمة إلى مضخم الصوت؛
- الإصغاء في الوقت نفسه إلى ما يقوله المتحدث نفسه (وهذا الجانب هو الأصعب في العملية).
وتتطلب مثل هذه الأمور معجزة ذهنية الأمر الذي يجعل إنجاز مثل هذه الفعالية أمراً مضنياً ومعقداً يحتاج إلى الكثير من التركيز الذي يؤدي إلى شعور المترجم الفوري بالإرهاق بعد مضي فترة وجيزة مما يؤثر على تركيزه وبالتالي على أدائه. وهناك ثمة حلول لمثل هذه المشكلة فيحصل في بعض الأحيان أن توفر الفعالية احتمالات حصول وقفات منتظمة أثناء الحديث، وربما يعزى ذلك إلى تقديم عروض مرئية لدى انتهاء الكلمة أو الخطاب وعندئذ يمكن أن تنتفي الحاجة لأكثر من مترجم فوري واحد، أما إذا تواصلت الكلمات فإن المترجم الفوري سوف يشعر بالإرهاق الشديد حتماً بعد فترة وجيزة وعندها يصبح لزاماً الاستعانة بأكثر من مترجم فوري ليتسنى لهم تبادل الأدوار. ويمكن الاستعانة بمترجم آخر لأوقات أخرى من اليوم نفسه لضمان جودة الترجمة. وبصرف النظر عن الإجراء الذي تتخذه فلابد من إيجاد الحل المناسب للإرهاق الشديد الذي يمكن أن يتعرض له المترجم الفوري لكون ذلك سوف ينعكس بشكل سلبي على الترجمة. ولابد أن تضع في البال أن استخدام مترجم فوري يكلف الكثير من المال، لذا يتعين عليك أن تضمن ترجمة فورية سليمة.
أنواع الترجمة الفورية
رغم أن المبدأ ذاته ينطبق على مختلف أنماط الترجمة الفورية فإن هناك تسميات متنوعة لأنواع الترجمة الفورية المختلفة:
- الترجمة الهمسية whispering interpreting: حيث يقوم المترجم الفوري بالترجمة الخافتة والهمس بأذن الشخص الذي يترجم له. ويحصل ذلك في العادة حين يشكل المستمعون المعنيون أقلية بين الحاضرين وخاصة ما يتعلق باللغة التي يتحدثون بها، فربما يكون هناك مستمع واحد أو بضعة أشخاص وبذا لا تدعو الحاجة إلى الاستعانة بمعدات صوتية.
- الترجمة الحوارية conversation interpreting: في مثل هذه الترجمة نحتاج إلى مترجم فوري في الغالب في حين تنتفي الحاجة إليه في بعض الأحيان، ففي المثال الذي ذكر آنفاً عن شركة أبحاث التسويق كانت هناك حاجة لوجود مترجم فوري يقوم بترجمة المقابلات. لكن هل يتوفر وقت للتوقف أثناء أجراء الحوارات، وهل هناك موافقة حول وجود مشاركين في الحوار ينتظرون الترجمة جملة جملة؟ إذا حصل مثل هذا الأمر فإنك ربما تحتاج إلى مترجم تتابعي وليس فورياً.
- الترجمة القانونية داخل المحكمة: أن الحاجة إلى مترجمين قانونيين legal interpreters محدودة للغاية لكونها تجري في الغالب داخل المحاكم خاصة أن الأخيرة تحتفظ بقائمة تضم أسماء المترجمين الفوريين الذين يتم التعامل معهم. كما يلاحظ أيضاً الاستعانة بالمترجمين الفوريين في المؤتمرات والذين يعملون من داخل مقصورات الترجمة.
المصدر:
http://chinese-school.netfirms.com/simultaneous-interpretation.html
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.