السينما المالايالامية هي صناعة السينما الهندية ومقرها في ولاية كيرالا جنوب الهند، وهي مكرسة لإنتاج الأفلام باللغة المالايالامية. وهي معروفة أيضاً بلقب موليوود في العديد من الوسائط المطبوعة والإلكترونية (وهي كلمة تمزج بين المالايالامية وهوليوود). صناعة السينما المالايالامية هي رابع أكبر صناعة سينمائية في الهند. وتُعرف تلك الأفلام بتصويرها السينمائي وقصصها الواقعية. حصلت أفلام عديدة ناطقة باللغة المالايالامية على العديد من الجوائز العالمية وقد ترشحت وشاركت في مهرجانات عالمية متعددة. وتتخذ هذه الصناعة من مدينة (كوتشي) مركزاً لها.
كما هي كل الحركات السينمائية في العالم، ولمّا كان الوعي الحقوقي حول موضوع الإعاقة متدنياً، ويرافقه وصمة مجتمعية سلبية أو إيجابية بشكل مبالغ فيه، لم يتم قبول الاختلاف والتنوع – الجسدي والعصبي والعقلي في موليوود، حيث رسخت الصورة الهندية عموماً صورة نمطية لأبطال الأفلام ملتزمة (بالمعايير) الجسدية و(الحياة الطبيعية) إن جاز التعبير.
كان تصوير الأشخاص ذوي الإعاقة دون المستوى في بديات السينما المالايالامية. غالباً ما تتأرجح صور الإعاقة بين فاصل كوميدي، والبطولة التي تم التقليل من شأنها، والمسؤولية والعبء. كما يُتوقع بشكل خاطئ على أنها مشكلة طبية يمكن إصلاحها من خلال الطب الشعبي (الأيورفيدا) أو القوى الخفية أو حتى المعجزات الواضحة.
ولكن الآن يحسب للسينما المالايالامية قدرتها في السنوات العشر الأخيرة على مواكبة تطور الوعي الحقوقي في العالم وفي مجتمع ولاية كيرالا بشكل خاص، الذي غدا متقبلاً لتنوع مجتمعه بأطيافه المختلفة لاعتبارات اجتماعية اقتصادية وسياسية متعددة، وقد أدى هذا إلى انتاج عدد من الأفلام المرتبطة في موضوع الإعاقة أو تمثيلها بشكل مختلف أو برؤية واعية بغض النظر عن مدى اخفاقها أو نجاحها على المستويين الفني والتجاري.
في العام 2019 صدر فيلم Ambili وهو فيلم درامي كوميدي من تأليف وإخراج (جون بول جورج) وبطولة النجم (سوبين شهير)، تدور حكاية الفيلم حول شاب يدعى (أمبيلي) من ذوي الإعاقة الذهنية، يتيم يعيش في بلدة في ولاية كيرالا، محبوب للجميع في قريته. تتتبع القصة نظرة أمبيلي نحو الحياة والتحديات المحيطة به التي يواجهها بشكل يومي. يبدأ الفيلم بإلقاء نظرة ثاقبة على علاقته في طفولته مع الفتى كوريان (تانفي رام).
يسعى أمبيلي للزواج من حبيبته الممرضة (تينا)، ويحاول اقناع شقيقها وصديقه القديم، وهو راكب دراجات ومسافر دائم شغفه هو الدخول في موسوعة غينيس للأرقام القياسية، لذا فإن أمبيلي يسعى للحاق بصديقه وشقيق حبيبته لإقناعه بالزواج منها ومحاولة إعادة الصداقة، ويخوضان معاً رحلة من ولاية كيرالا في جنوب الهند إلى كشمير في شمالها، حتى يحقق أمبيلي هدفه في كسب ود صديقه، والحصول على موافقته للزواج من شقيقته. وعلى الرغم من رومانسية الطرح وعدم منطقيته في بعض الأوقات، لاعتبارات تتعلق بتوفير التأهيل المناسب لشخص من ذوي الإعاقة الذهنية، لكنها عكست الدور الذي تلعبه المجتمعات الصغيرة في القرى لدعم وتقبل الأشخاص من ذوي الإعاقة عموماً، ورغم ذلك فلا يخلو الأمر من وجود بعض محاولات الخداع أو التنمر أو الاستهزاء، وقد كان هذا الطرح منطقياً جداً.
حقق الفيلم مبيعات جيدة في شباك التذاكر، وتقييمه على مواقع الأفلام يبدو جيداً، وقد لاقى استحسان الحقوقيين والعاملين مع الأشخاص من ذوي الإعاقة في كيرالا، لطرحه الجديد عن أشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية قادرين على اتخاذ قراراتهم بأنفسهم وعلى قدر عالٍ من الاستقلالية.
الفيلم الآخر أيضاً من العام 2019 هو فيلم Oru Yamandan Premakadha ويعني (قصة حب عظيمة)، وقد تمت مراجعته مسبقاً على صفحات مجلة المنال على الرابط التالي:
ويتميز هذا الفيلم بتعامله مع الأشخاص من ذوي الإعاقة، كأفراد مشاركين في المجتمع، وقادرين على لعب أدوراهم الخيرة والشريرة، والمثير في هذا الفيلم أن من كتبه هو شخص من ذوي الإعاقة الحركية هو Bibin George وقد لعب في الوقت نفسه دور الشخصية الشريرة في الفيلم، وهذا يبرهن على أهمية أن يسهم الأشخاص ذوو الإعاقة في صناعة أفلام تعبر عنهم بشكل حقيقي وفاعل. وفي هذا الفيلم تم طرح شخصيات من ذوي صعوبات التعلم، ومن ذوي الإعاقة البصرية، ومن ذوي الإعاقة الحركية.
والفيلم الذي سنستعرضه هو Aby (آبي) وقد صدر في العام 2017 من إخراج Srikant Murali في أول ظهور له كمخرج للأفلام. ولعب بطولته النجم Vineeth Sreenivasan. الفيلم مستوحى من شخصية حقيقية هو ساجي توماس وهو شخص أصم يعيش في قرية بولاية كيرالا واستطاع صناعة طائرة خفيفة الوزن، وقد قُدم عنه فيلم آخر بعنوان Vimaanam في العام 2017. ولكن المثير في فيلم Aby (آبي) أنه لعب على شخصية البطل وأظهره من ذوي الإعاقة الذهنية كما ورد في الفيلم، وإن كانت الشخصية تمثل شخصاً من ذوي اضطراب طيف التوحد، وبغض النظر عن طبيعة إعاقة الشخصية الرئيسية في الفيلم، إلا أنه استطاع تحقيق حلمه ورغبته في الطيران وصنع طائرة بمفرده دون أي تعليم هندسي رسمي.
ويصور الفيلم كيف يسعى البطل ويكافح لتحقيق حلمه والعقبات التي يواجهها في طريقه للتحليق بطائرته. الجميل في هذا الفيلم هو نوع التحديات، فتارة التحدي يأتي من والده السكير، وتارة من الإجراءات القانونية، وتارة أخرى مالية أو معرفية في مجال الطيران. وقد حقق الفيلم قبولاً واسعاً وتقييماً جيداً على مواقع تقييم الأفلام.
تلعب الأفلام المالايالامية دوراً رئيساً في تشكيل الوعي المجتمعي بولاية كيرالا، صُناع الأفلام وقادة الرأي والقادة السياسيين على معرفة ووعي كاملين بهذا الأمر، لذا تجد أن هناك رسائل اجتماعية مختلفة ـ في الأفلام، تدخل إلى وعي المتفرج، ويدرك حينها أنه جزء من هذا المجتمع وعليه لعب الدور المجتمعي المطلوب منه، وهو ما أثر بشكل إيجابي وكبير على التنمية المجتمعية في تلك الولاية، فعلى سبيل المثال وقبل حدوث جائحة كورونا، كانت مولييود قد انتجت فيلماً بعنوان (virus) عن فيروس نيمبا الذي اجتاح كيرالا في العام 2018، وكيفية تعامل السلطات مع الأمر، ونجحت في مواجهته وحصره، لذا فقد كان هذا الفيلم دليلا إرشادياً للمجتمع في كيفية التعامل مع جائحة كورونا.
مولييود برهنت في السنوات الأخيرة على التأثير الساحر الذي قد تصنعه السينما على تنمية المجتمعات، ووعيها الحقوقي اتجاه القضايا المختلفة.
• كاتب أردني مقيم في الشارقة
• . مسؤول العمليات الفنية في مدينة الشارقة للخدمات الفنية
• يعمل في مجال الإعاقة والمؤسسات غير الربحية منذ أكثر من عشرين عاماً، شغوف بتعزيز حق القراءة للأشخاص من ذوي الإعاقة، وترسيخ الصورة الحقوقية عنهم في كتب الأطفال واليافعين.
• لديه العديد من المفالات منشورة في عدد من الدوريات العربية الالكترونية والورقية تحمل مراجعات نقدية للكتب، والسينما والحقوق الثقافية لللأشخاص ذوي الإعاقة.
• لديه خبرة في المسرح مع الأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة لديه مشاركات عديدة في مؤتمرات ثقافية ومتخصصة في مجال الكتب والمسرح.
صدر له:
• عن رواية تمر ومسالا – لليافعين عام – 2019 – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• قصة خياط الطوارئ – للأطفال عام 2020 ( تحت الطبع) – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• حاصل على المركز الأول في جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال سنة 2020 عن قصته “غول المكتبة”