بقلم الاختصاصية النفسية / د. ولاء أحمد علي
تعرضت في فترة من حياتي لتعب جسدي، وكان عليّ أن أراجع الطبيب لإجراء الفحوصات اللازمة، ومع الفحص والبحث أخبرني الطبيب أنه لا يوجد سبب ملموس أو واضح لما أشكو منه ، وأشار إلى أن السبب قد يكون نفسياً.
دُهشتُ من كلام الطبيب، وبدأت أبحث في مجال الأمراض الجسدية ذات المنشأ النفسي لما تمثله من تغيرات ملحوظة، ومع ازدياد ضغوط الحياة بصفة مستمرة والسعي الدائم وراء الماديات الضرورية في العصر الحالي والإحباطات التي تواجهنا بصفة كبيرة يومياً، ازداد ظهور عدد من الحالات المرضية العضوية التي لها جذور نفسية والتي لا تستجيب للعلاجات التقليدية بنجاح.
فهناك حالة ترابط قوي وواسع بين العقل والجسم وخاصة في مضمار الطب والعلاج، فقد حار العلماء في مجموعة من الأمراض التي لا يوجد لها سبب مادي مباشر ولكنها ارتبطت بتعرض الإنسان لأزمة نفسية حادة أو لمتاعب نفسية مزمنة.
هي أمراض يكون سببها العمليات الذهنية للمريض بدلاً من كونها ذات أسباب فيزيولوجية “جسمية”. وفي حالة إجراء فحص طبي، لا يظهر لهذه الأمراض أي أسباب جسمية أو عضوية، أو في حال حدوث مرض ناتج عن حالة عاطفية أو مزاجية مثل الغضب أو القلق أو الكبت أو الشعور بالذنب، في هذه الحالة تعد مثل هذه الحالات أمراضاً نفسية جسمية لا تتضمن خللاً عضوياً حقيقياً، حيث يكون العضو سليماً ولكنه غير قادر على القيام بوظيفته، بينما في الأمراض السيكوسوماتية فإن العوامل الانفعالية والنفسية تؤدي إلى حدوث خلل في التكوين التشريحي للعضو المصاب مثل حالات قرحة المعدة أو التهاب المفاصل أو بعض الأمراض الجلدية وغيرها من الأمراض النفسية المنشأ.
وقد تظهر أعراض الاضطرابات السيكوسوماتية في التالي:
- تغير السمات الشخصية للفرد، حيث تظهر عليه علامات من التشوش والاهتزاز النفسي.
- تأثير متبادل بين النفس والجسد، فالجسد يتأثر بالحالة النفسية للفرد، كما أن نفسية الفرد تتأثر بالحالة المرضية للجسد.
- معاناة الفرد من الحالة النفسية السلبية على مدار فترة طويلة من الزمن.
- تغير في وظائف الجسم.
- عدم فعالية العلاج الدوائي في علاج الاضطراب الذي يعاني منه الشخص.
وعن أسباب حدوث الأمراض السيكوسوماتية
تحـدث الاضطـرابات السيكوسوماتية نتـيجة اختلال شديد أو مزمن في كيمياء الجسـم نتيجة لضـغوط نفـسية حـادة أو مستمرة وبالتالي هو مرض جسمي ذو جذور نفسية ويظهر على شكل ردود أفعال عضوية في أحد أجهزة الجسم.
الصراع النفسي داخل الذات أو مع الآخرين الناشئ عن الضغوط التي يتعرض إليها الشخص خلال تفاصيل حياته سواءً داخل المنزل أو خارجه.
معاناة الفرد من اضطرابات التكيف، أو بمعنى آخر عدم قدرة الفرد على التكيف مع المتغيرات التي تطرأ على حياته وخاصة التغيرات التي توقعه فريسة للتوتر.
الحساسية المفرطة وشعور الإنسان بالذنب تجاه أي تصرف يصدر عنه أو يصدره الآخرون تجاهه.
افتقاد الشخص للحب والأمان ومصدر الطمأنينة وإحساسه بالهدوء والراحة، وبالتالي ارتباك في قدرته على التعامل مع الضغوط.
عدم قدرة الفرد على تحقيق احتياجاته الأساسية، مما يولد لديه صراعاً داخلياً ينعكس على نفسيته التي تسبب إصابته ببعض الأمراض الجسدية.
الطرق الواهية لتخفيف التوتر والشد العصبي الذي يتعرض له الإنسان من التدخين وشرب الكحوليات.
خبرات شعورية سلبية يمر بها الفرد في حياته مثل الفشل أو وفاة شخص قريب إلى نفسه.
وتؤكد البحوث أن تعرض الشخص المضطرب سيكوسوماتياً لأحداث انفعالية تعجل وتكرر من ظهور الاضطرابات الجسدية، فالانفعال عامل معجل على الرغم من أنه قد يكون ناتجاً عن حادث بسيط.