تكاد معظم ـ ولا نقول كل ـ نشاطات الأشخاص من ذوي الإعاقة تتميز بصفة مشتركة هي اقتصار المشاركين فيها غالباً على الأشخاص المعاقين أنفسهم وعلى من لهم علاقة مباشرة بقضايا الإعاقة، إضافة إلى بعض المسؤولين والداعمين. وهذا الوضع قد يخلق فجوة كبيرة في التواصل مع المجتمع ونقل رسائل وقضايا الإعاقة إلى عموم الناس.
إن التصدي لهذا الخلل يتطلب العمل على إخراج هذه القضايا والأنشطة من فضاءاتها الضيقة إلى فضاءاتها الأرحب،.. ومن مجتمع مغلق صغير تعيش فيه إلى مجتمع أوسع متقبل للأشخاص من ذوي الإعاقة متفهم لهم واع بقضاياهم ومناصر قوي وفاعل في حل مشكلاتهم.
وهذا لا يتم إلا بالتواصل مع الخبراء والاختصاصيين والنخبة الواعية من المفكرين والمثقفين والشخصيات المؤثرة والفاعلة في المجتمع وكسبهم إلى جانب قضايا المعاقين والانتقال معهم من مرحلة التعاطف مع هذه القضية إلى مرحلة التماس والمشاركة الحقيقية باعتبارهم جسر التواصل الذي سينقل الرسالة ـ القضية إلى المجتمع الأوسع، وهم الأقدر على ذلك لأنهم مؤثرون في محيطهم ويمتلكون الأدوات الكافية للعب هذا الدور.
لكن، وللأسف ما زالت هناك نظرة بين بعض الأشخاص من ذوي الإعاقة والعاملين في المجال ترى وجوب الاقتصار على الأشخاص المعاقين في عرض قضايا الإعاقة، أما الاستعانة بالخبراء فتأتي من باب تزيين المجالس وتطعيمها بأسماء مهمة!.. وهذا إن دل على شيء يدل على ضعف قدرة مجتمعاتنا على توظيف طاقات أبنائها وامكاناتهم والاستفادة منهم كل في مجال تخصصه.
إن الاعتماد على الأشخاص من ذوي الإعاقة ـ وإن كان مهماً في كل الأوقات ـ لما له من أثر طيب في الكشف عن مواهبهم وصقل شخصياتهم وبلورتها ـ إلا أنه لا يجب أن يخلق قطيعة أو يأتي على حساب إقصاء المتخصصين من خارج عالم الأشخاص من ذوي الإعاقة، ولا ننكر أن وجود أشخاص من ذوي الإعاقة محترفين ومتخصصين هو خيار أول نتمنى وجوده دائماً بالصدارة، إلا أننا يجب أن ندرك أنه في حال المفاضلة بين اختيار متطوع من الأشخاص ذوي الإعاقة غير متخصص وآخر محترف متمكن من خارج مجال الإعاقة لعرض قضية ما أو دراستها فيجب الاعتماد على الخيار الثاني بنسبة أكبر.
إذن، ينبغي تنويع الخيارات والابتعاد عن التشنج فإشراك خبراء ومحترفين لم يسبق لهم أن اقتربوا من قضايا الإعاقة، يوضح أنهم وعند معايشتهم لها أعلنوا اعجابهم بقدرات الأشخاص من ذوي الإعاقة واهتمامهم بهذه القضايا ورغبتهم في مناقشتها وإغنائها.. وربما كان هذا هو الكسب الأهم.