ظهرت المدرسة السلوكية والدافعية في الولايات المتحدة الأمريكية كرد فعل على النظريات الدينامية التي حاولت أن تفسر السلوك الإنساني بقوى داخلية غامضة لا يمكن تحديدها أو قياسها أو ملاحظتها وقد دعت هذه المدرسة إلى إعطاء علم النفس صفة العلم ولا يتحقق ذلك بنظر دعاتها إلا بتحديد موضوع علم النفس بحيث يقتصر على السلوك الذي يمكن ملاحظته وإخضاعه للدراسة العلمية.
انصب اهتمام هذه المدرسة على المثير كمحرض للفرد على السلوك والاستجابة كرد فعل متوقع على المثير، ولم يتعرض السلوكيون الأوائل أمثال واطسن وثورندايك إلى ما يجري داخل الفرد من عمليات نفسية أو نشاط يؤدي إلى اختيار الاستجابة المناسبة للمثير، وكي ننصف جماعة المدرسة السلوكية لا بد من الإشارة إلى أن محاولاتهم الأولى وتجاربهم كانت تستهدف البحث في موضوع التعلم ثم تطور هذا الاتجاه وعممت مرتكزات النظرية لتشمل الشخصية برمتها سواء أكان في حالة الصحة النفسية أم في حالة المرض النفسي.
وجماعة المدرسة السلوكية لا ينكرون مفهوم الغرائز ودورها في الدافعية ولكنهم يفضلون عدم استخدام مصطلح (الغريزة) واستبداله بمفهوم الدوافع الأولية مشيرين إلى أن هذه الدوافع ذات أساس فيزيولوجي مثل الجوع والعطش والجنس.. إلخ.. وهم لا يعطون أهمية كبيرة للدوافع الأولية لأن إشباعها أصبح ميسوراً من جهة كما أن طرق إشباعها قد اتخذت صيغاً ثقافية مختلفة وهذه الاستجابات التي يتعلمها الفرد لإشباع الدوافع الأولية أصبحت ذات قوة في الدفع والتأثير على الفرد لذلك فإنها رغم جذورها الفيزيولوجية تكتسب في معظم الأحيان خصائص الدوافع الثانوية مثل طرق تناول الطعام وأوقات تناول الطعام والتفصيلات التي تتصل بأنواع الطعام.. إلخ..
كما أشار السلوكيون إلى نوع آخر من الدوافع وهي الدوافع الثانوية وتمثل جملة الاستجابات التي يتعلمها الفرد خلال خبراته الحياتية التي تصبح عادات تنحو للتكرار في كل المواقف التي ترتبط بها وهذه الاستجابات أو العادات تصبح قوة دافعة للفرد، فالفرد الذي يعيش في وسط اجتماعي يحترم خصلة الكرم عندما يستجيب في أحد المواقف استجابة تدل على الكرم فإنه يتلقى تعزيزاً وتقديراً ممن حوله، لذلك نرى أن استجابة الكرم قد تعززت وأصبحت عادة ويحاول الفرد أن ينشد الكرم والمواقف التي يبدي فيها كرمه، وكذلك عادة التعاون وعادة النجاح والتفوق في الدراسة.. إلخ..
وإذا أردنا أن نستعرض تطور مفهوم الدافعية عند المدرسة السلوكية لا بد من تقديم آراء بعض المنظرين الذين يمثلون أبرز الاتجاهات الرئيسية في نمو المدرسة السلوكية، ويعتبر (ثورندايك) من أوائل الذين تحدثوا عن الدافعية من وجهة نظر سلوكية إذ يشير إلى عاملي النجاح والفشل كعاملين أساسيين في اكتساب العادات الجديدة، وقد لقي ثورندايك نقداً شديداً من معاصريه لأن كلاً من النجاح والفشل مفهومان نفسيان عقليان لذلك استغنى عنهما واستخدم مفهومي الثواب والعقاب أو ما يسمى بقانون الأثر حيث أن حالة الإشباع التي تقترن بها استجابة ما تقوى ويتعلمها الفرد، في حين أن عدم الإشباع أو الإنزعاج يؤدي إلى إضعاف الإستجابة مدعياً أن النتيجة التي تسببها الإستجابة ترتبط بأسباب فيزيولوجية حيث تقوى الوصلة العصبية في حالة الثواب بل ويشير إلى أكثر من ذلك فيؤكد أن الميول الفطرية هي أساس تكوين العادات وهذه الميول هي نتيجة للإرتباطات الوراثية وأن كل ما يتعلمه الإنسان ما هو إلا نتيجة لتقوية هذه الروابط العصبية.
وقد اعترض واطسن على آراء ثورندايك واعتبر أن كل من يتحدث عن الثواب والعقاب أو النجاح أو الفشل فهو يبتعد عن الروح العلمية وقد فسر واطسن السلوك على أساس عامل التكرار وعامل التقارب الزمني فأي سلوك يتم حدوثه يقوم على أساس ارتباط بين مثير واستجابة على أن تكون هذه الاستجابة قد تكررت لأنها كانت أكثر الاستجابات ملاءمة.
وهكذا نلاحظ أن المحاولات الأولى للمدرسة السلوكية كانت فجة حيث لم تقدم مفهوماً واضحاً للدافعية يفسر لنا لماذا يسلك الفرد سلوكاً ما في هذا الاتجاه أو ذاك الاتجاه وقد أعطوا الأهمية الأساسية للمثير وكأنه الشرط الأساسي لتنشيط السلوك الإنساني سواء أكان قوياً أم لا، وقد نسوا أو تناسوا الحاجات الحقيقية التي تعمل داخل الفرد والتي تنطلق باحثة عن الإشباع سواء أكانت هذه الحاجات عضوية المنشأ كالجوع أم نفسية المنشأ كالنضال من أجل تحقيق العدالة مثلاً.
لذلك جاءت محاولات السلوكية الحديثة التي قادها هل وسكينر ودولارد وميلر حيث تخلوا عن الحتمية الآلية وعبروا عن آراء أكثر واقعية فأعطوا أهمية للكائن الحي كمتغير يتدخل في عملية اختيار الإستجابة لأن لكل فرد إمكاناته وخبراته الخاصة، وقد أخذ (هل) بقانون الأثر ولكن قدمه بصيغة جديدة حيث استخدم مصطلح اختزال الحاجة للدلالة على الإشباع كما استخدم مصطلح الحافز للدلالة على المتغيرات التي تتدخل بين الحاجة والسلوك مؤكداً أن الحاجة هي المتغير المستقل وهي التي تلعب دوراً فاعلاً في تحديد الحافز كمتغير بين الحاجة والسلوك وبهذا المعنى فإنه قد أعطى للحافز دوراً في اختيار السلوك الصادر عن الفرد واختزال الحاجة يتحقق عندما يكون السلوك ملائماً للحاجة.
أما سكينر فقد استخدم مفهوم التعزيز للدلالة على الدافعية فالطفل الذي ينشأ في وسط اجتماعي يعطي للنجاح قيمة كبيرة، يتعلم أن يبحث عن النجاح لدرجة أن الاستجابة التي تؤدي إلى النجاح تصبح ذات قوة جاذبة تدفع الطفل وهو ينشدها بحد ذاتها، ويمكن القول بوجه عام أن موقف السلوكيين في موضوع الدافعية يتلخص بما يلي:
- لا ينكرون وجود غرائز غير أنهم لا يعطونها أهمية كبيرة في حياة الفرد العادي.
- ينادون بأن الفرد يكتسب دوافعه من الخبرات التعليمية التي يمر بها وفق نماذجهم التعليمية.
- لا ينكرون وجود عوامل فطرية تدفع الفرد في نشاطه مثل الانفعالات غير أنهم يقصرون حديثهم عن العوامل الفطرية على ثلاثة أنواع من الانفعالات: الخوف، الغضب والسرور.
- إن الفرد يكتسب قيمه انطلاقاً من نفس الأسس التي يكتسب بها أي مهارة أخرى.
- لا ينكرون الجوانب الروحية في دفعها للسلوك الإنساني ولكنهم يرفضون الحديث عنها.
إن مراجعة دقيقة لآراء المدرسة السلوكية وعلاقتها بعملية التكيف تظهر أنها تركز على كون النشاط السلوكي الذي يظهره الفرد وسيلة أو ذريعة للوصول إلى هدف معين مستقل عن السلوك ذاته وأن السلوك الذي يصدر عن الفرد بغية الحصول على التعزيز يدل على أن الدافعية من طبيعة خارجة عن الفرد وتحددها عوامل مستقلة عن صاحب السلوك ذاته وهذه الصورة تؤكد حتمية السلوك وضبطه بمثيرات تقع خارج نطاق إرادة الفرد.
من كتاب مبادئ الصحة النفسية للدكتور محمد خالد الطحان
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)