أبو الوليد محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن أحمد بن رشد.. فيلسوف، طبيب، فقيه، قاض، فلكي، وفيزيائي مسلم، نشأ في أسرة من أكثر الأسر وجاهة في الأندلس، يعد ابن رشد من أهم فلاسفة الإسلام، دافع عن الفلسفة وصحح لعلماء وفلاسفة سابقين له كابن سينا والفارابي في فهم بعض نظريات أفلاطون وأرسطو.
قدمه ابن طفيل لأبي يعقوب خليفة الموحدين فعينه طبيباً له ثم قاضياً في قرطبة، تولّى ابن رشد منصب القضاء في أشبيلية، وأقبل على تفسير آثار أرسطو تلبية لرغبة الخليفة الموحدي أبي يعقوب يوسف، وفي آخر حياته تعرض ابن رشد لمحنة حيث اتهمه علماء الأندلس والمعارضون له وكادوا له المكائد فأبعده أبو يعقوب يوسف إلى مراكش وتوفي فيها.
كان ابن رشد مغرماً بعلوم الفلك منذ صغره، فكان يلاحظ الفلكيين حوله يتكاتفون لمعرفة بعض أسرار السماء وقت الظلام، وحين بلغ الخامسة والعشرين من عمره بدأ يتفحص السماء حيث قدم للعالم اكتشافات وملاحظات فلكية جديدة، كما اكتشف نجماً لم يكتشفه الفلكيون الأوائل.
تمتع ابن رشد بملكة عقلية باهرة، فكان يناقش نظريات بطليموس بل إنه نبذها من أصلها وأبدلها بنماذج جديدة تعطي تفسيرات فضلى لحقيقة الكون، وقدم للعالم تفسيراً جديداً لنظرية رشدية جديدة سميت (اتحاد الكون النموذجي)، كما قدم وصفاً للقمر وقال إنه يحمل طبقات سميكة وأخرى أقل سماكة وتجتذب الطبقات السميكة نور الشمس أكثر من الطبقات الأقل سمكاً، وقدم للعالم أول التفسيرات البدائية والقريبة علمياً لأشكال البقع الشمسية.
الأخلاق
انطلق ابن رشد في آرائه الأخلاقية من نظريات أرسطو وأفلاطون، فقد اتفق مع أفلاطون أن الفضائل الأساسية الأربع هي (الحكمة، العفة، الشجاعة والعدالة)، لكنه اختلف عنه بتأكيده أن فضيلتي العفة والعدالة عامتان لكافة أجزاء الدولة (الحكماء والحراس والصناع)، وهذه الفضائل كلها توجد من أجل السعادة النظرية التي هي المعرفة العلمية الفلسفية، المقصورة على (الخاصة)، وقد قَصَرَ الخلود على عقل البشرية الجمعي الذي يغتني ويتطور من جيل إلى آخر، فكان لهذا القول الأخير دورٌ كبير في تطور الفكر المتحرِّر في أوروبا في العصرين الوسيط والحديث.
أكد ابن رشد أن الفضيلة لا تتم إلا في المجتمع، وشدَّد على دور التربية الخلقية وأناط بالمرأة دورًا حاسمًا في رسم ملامح الأجيال القادمة، فألحَّ على ضرورة إصلاح دورها الاجتماعي وعدم اقتصار هذا الدور على إنجاب الأطفال والخدمة المنزلية، فقد كان هذا الفيلسوف العظيم يرى أن سبب الانحطاط الذي أصاب المجتمع العربي يرجع جزئياً على الأقل إلى الوضع الذي نبذت فيه المرأة خارج الحياة الاجتماعية.
مؤلفاته
لابن رشد مؤلفات عدة في أربعة أقسام: شروح ومصنفات فلسفية وعملية، شروح ومصنفات طبية، كتب فقهية وكلامية، كتب أدبية ولغوية، وقد اختص ابن رشد بشرح كل التراث الأرسطي، ومن شروحاته وتلاخيصه لأرسطو: تلخيص وشرح كتاب ما بعد الطبيعة (الميتافيزياء)، تلخيص وشرح كتاب البرهان أو الأورغنون، تلخيص كتاب المقولات، شرح كتاب النفس، شرح كتاب القياس.
ولابن رشد مقالات كثيرة منها: مقالة في العقل، مقالة في القياس، مقالة في اتصال العقل المفارق بالإنسان، مقالة في حركة الفلك، مقالة في القياس الشرطي، ومن أبرز كتبه: كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد في الفقه، كتاب مناهج الأدلة وهو من المصنفات الفقهية والكلامية في الأصول، كتاب فصل المقال فيما بين الحكمة والشريعة من الاتصال وهو من المصنفات الفقهية والكلامية وقد أكد فيه ابن رشد على أهمية التفكير التحليلي كشرط أساسي لتفسير القرآن الكريم، كتاب تهافت التهافت الذي كان رد ابن رشد على الغزالي في كتابه تهافت الفلاسفة، كتاب الكليات، كتاب الحيوان، كتاب المسائل في الحكمة، كتاب جوامع كتب أرسطاطاليس، كتاب شرح أرجوزة ابن سينا في الطب.
مكانته عند الغرب
عُرف ابن رشد في الغرب بتعليقاته وشروحاته لفلسفة وكتابات أرسطو التي لم تكن متاحة لأوروبا اللاتينية في العصور الوسطى المبكرة، وقبل عام 1100 م كان عدد قليل من كتب أرسطو عن المنطق هو الذي تمت ترجمته إلى اللغة اللاتينية على يد الفيلسوف بوتيوس على الرغم من أن أعمال أرسطو الكاملة كانت معروفة في بيزنطة، ثم بعد أن انتشرت الترجمات اللاتينية للأعمال الأخرى لأرسطو من اليونانية والعربية في القرن الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين أصبح أرسطو أكثر تأثيراً على الفلسفة الأوروبية في العصور الوسطى. وقد ساهمت شروح ابن رشد في ازدياد تأثير أرسطو في الغرب خلال تلك العصور.
أثرت مدرسة ابن رشد في الفلسفة، والمعروفة باسم الرشدية تأثيراً قوياً على الفلاسفة الأوروبيين من أمثال توما الأكويني، وعلى الرغم من ردود الفعل السلبية من رجال الدين إلا أن كتابات ابن رشد كانت تدرس في جامعة باريس وجامعات العصور الوسطى الأخرى، وظلت المدرسة الرشدية الفكر المهيمن في أوروبا حتى القرن السادس عشر الميلادي واعتبرت الرشدية تمهيداً للتفكير العلمي الحديث.
كتب جورج سارتون أبو تاريخ العلوم ما يلي:
ترجع عظمة ابن رشد إلى الضجة الهائلة التي أحدثها في عقول الرجال لعدة قرون، وقد يصل تاريخ الرشدية إلى نهاية القرن السادس عشر الميلادي، وهي فترة من أربعة قرون تستحق أن يطلق عليها العصور الوسطى، حيث أنها كانت تعد بمثابة مرحلة انتقالية حقيقية بين الأساليب القديمة والحديثة.
عكف ابن رشد على شرح أعمال أرسطو ثلاثة عقود تقريباً، وكتب تعليقات حول جل فلسفاته ما عدا كتاب السياسة حيث لم يكن متاحاً لديه وقد كانت أعمال ابن رشد الفلسفية أقل تأثيراً على العالم الإسلامي في العصور الوسطى منها على العالم المسيحي اللاتيني وقتها، كما يدل على ذلك حقيقة أن الأصل العربي لكثير من أعماله لم يعش، بينما ظلت الترجمات اللاتينية والعبرية موجودة ومع ذلك فإن أعماله وعلى وجه التحديد موضوعات الفقه الإسلامي والتي لم تترجم إلى اللاتينية أثرت بالطبع في العالم الإسلامي بدلاً من الغرب.
كان لترجمات أعماله تأثير لا ينسى على الفلسفة الاوروبية، وبعض الفلاسفة مثل توما الأكويني كانوا مؤمنين أن ابن رشد بلغ مكانة من الأهمية لدرجة ما عادوا بعدها يشيرون إليه باسمه بل دعوه ببساطة (المعلق) أو (الشارح)، وكانوا يطلقون على أرسطو (الفيلسوف)، وتأثراً بفلسفات ابن رشد فقد أسس الفيلسوف الإيطالي بيترو بمبوناتسي مدرسة عرفت باسم (المدرسة الأرسطية الرشدية).
أما عن علاقته بأفلاطون فقد لعبت رسالة ابن رشد وشرحه لكتاب أفلاطون (الجمهورية) دوراً رئيسياً في نقل وتبني التراث الأفلاطوني في الغرب، وكان المصدر الرئيسي للفلسفة السياسية في العصور الوسطى.
من ناحية أخرى كان العديد من رجال الدين يخشون فلسفته حتى أنهم إتهموه بالدعوة إلى (الحقيقة المزدوجة) ورفضه المذاهب التقليدية التي تؤمن بالخلود الفردي، وبدأت تنشأ أقاويل وأساطير واصفة إياه بالكفر والإلحاد في نهاية المطاف، واستندت هذه الإتهامات إلى حد كبير على التأويل الخاطئ لأعماله.
محنته ووفاته
كان الخليفة أبو يعقوب يستعين بابن رشد إذا احتاج الأمر للقيام بمهام رسمية عديدة، ولأجلها طاف في رحلات متتابعة في مختلف أصقاع المغرب؛ فتنقَّل بين مراكش وإشبيلية وقرطبة، ثم دعاه أبو يعقوب في سنة (578هـ) إلى مراكش فجعله طبيبه الخاص، ثم ولاَّه منصب القضاء في قرطبة، فلما مات أبو يعقوب يوسف وخلفه ابنه المنصور الموحدي زادت مكانة ابن رشد في عهده عظمة ورفعة، وقرَّبه الأمير إليه، ولكن بعض المقرَّبين من الأمير كادوا له، فأمر بنفيه، وأحرق كتبه، وقد مات ابن رشد محبوسًا في داره بمراكش، وذلك سنة (595هـ، 1198م).
في العصر الحديث قام علماء الغرب وتقديراً منهم للعلم الذي تركه ابن رشد بتسمية أحد كويكبات المجموعة الشمسية باسم (ابن رشد 8318) تيمناً باسم الفيلسوف العربي الكبير.
حازم ضاحي شحادة
- بكالوريوس في الصحافة / جامعة دمشق
- صحفي في جريدة الوحدة السورية سابقاً
- صحفي منذ عام 2007 في قسم الإعلام / إدارة الاتصال المؤسسي في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
- كاتبٌ في مجلة المنال الإلكترونية
الخبرات
- التطوع والعمل سنوياً منذ العام 2008 في مخيم الأمل الذي تنظمه مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية حيث قامَ بتحرير أخباره أولاً بأول.
- التطوع والعمل منذ العام 2008 في مهرجان الكتاب المستعمل الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2007 في ملتقى المنال الذي تنظمه المدينة بشكل دوري وتحرير أخباره.
- المشاركة في ملتقى التوحد (خارج المتاهة) الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في أبريل من العام 2015 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التدخل المبكر الذي نظمته مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في يناير من العام 2016 والمساهمة في تحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة في مؤتمر التقنيات المساندة الذي نظمته المدينة في مارس من العام 2017 وتحرير أخباره أولاً بأول.
- المشاركة منذ العام 2008 في حملة الزكاة التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية سنوياً وتحرير أخبارها أولاً بأول.
- لا بد من الإشارة إلى عشرات وعشرات الفعاليات والأنشطة والزيارات التي تنظمها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية ويقوم بتحرير أخبارها أولاً بأول.
- كما لا بد من الإشارة إلى أن 80 في المائة من الأخبار المنشورة عن مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في مختلف الصحف والمواقع منذ منتصف العام 2007 وحتى يومنا هذا هي من تحريره.
المؤلفات
- أديبٌ سوري يكتبُ في الصحافةِ العربيةِ منذ عشرين عاماً
- صدر له حتى الآن:
- المبغى / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- اختلافٌ عميقٌ في وجهات النظر / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- أيامٌ في البدروسية / مجموعة قصصية ـ دار آس ـ سوريا
- فوق أرض الذاكرة / مجموعة قصصية. دار آس سوريا
- أوراق نساء / 2012 ـ ديوان . دار بصمات ـ سوريا
- نشرت العديد من قصصهِ في مجلات وصحف ومواقع إلكترونية سورية وعربية منها
- (مجلة الآداب اللبنانية) (مجلة قاب قوسين) الأردنية (مجلة ثقافات الأردنية) (مجلة انتلجنسيا التونسية) (جريدة الوحدة السورية)