تربط الأدب بالتاريخ علاقة وثيقة فهو يستمد مادته من بطون التاريخ وصفاً وتدويناً. ولعل ما يميز الأدب عن التاريخ أن الأخير يعتمد الحقائق أما الأدب فيطرح نفسه باعتباره شكلاً فنياً الأمر الذي يؤهله لإنتاج القصة الخيالية التاريخية Historical Fiction وكذلك الأدب اللاتخييلي القصصي Narrative Non-fiction.
يتخذ الأدب أشكالاً عديدة مثل الملاحظات الشخصية والقصائد الشعرية والمقالات الأدبية اللاتخييلية ويطرح نفسه عبر وسائل عديدة مثل المواد المرسلة عبر الأنترنت والمقالات التي تنشر في الصحف والمجلات فضلاً عن الكتب. ولابد أن يتسم العمل الأدبي بالصياغة الفنية المألوفة والجودة وهو كذلك يتصف بمادته ذات الطابع الذاتي التي لا يتم الاتفاق بشأنها إلا في النادر.
والتاريخ في جوهره يجسد قصة الإنسانية وينقسم إلى كل من علم الإنسان (الأنثروبولوجيا) Anthropology وعلم الآثار Archaeology والتاريخ. والتاريخ أيضا هو قصة وصف الإنسان لمجريات الأحداث التي يمر بها، بمعنى ما أختار الناس تدوينه وكتابته عبر العصور التاريخية. ويظهر كل من الأدب والتاريخ بأشكال كثيرة منها السجلات الخاصة بالضرائب والرسائل والتواريخ المفصلة لأمم وشعوب بأكملها.
وقد عمدت مدونات الأحداث المبكرة إلى نسج الأسطورة ضمن إطار القصة وبدرجات متفاوتة من النجاح، فهوميروس Homer لم يحجب الصفة الأدبية عن قصيدتيه الملحميتين (الإلياذة) The Iliad و(الأوديسة) The Odyssey وقدم ثوسيدايدس Thucydides وصفاً تاريخياً كاملاً لـ (الحرب البيلوبونيسية) Peloponnesian War لكنه توفي قبل أن تضع تلك الحرب أوزارها مما تسبب في عدم اكتمال المعطيات التاريخية عنها. وسعى هيرودوتس Herodotus من جانبه إلى تدوين تاريخ كامل على غرار ما فعله ثوسيدايدس رغم أنه تقدم عليه زمنياً لكنه لم يسع جاهداً لفصل الأسطورة عن الحقيقة.
ويرتبط الأدب بالتاريخ في مجال الأدب المقارن حيث يعمد هذه النمط التحليلي من الدراسة إلى مقارنة نصين أدبيين ينتميان إلى لغتين أو ثقافتين مختلفتين. في هذا السياق تتجه المدرسة الفكرية الفرنسية إلى دراسة الأدب استناداً إلى أساسه التاريخي والوطني، أما مدرسة بيتر زوندي Peter Szondi الألمانية فتدرس التأثيرات الاجتماعية الملهمة، في حين تبحث المدرسة الأمريكية عن الحقائق الشاملة.
وتعتبر القصة الخيالية التاريخية شكلاً جذاباً ورائجاً من أشكال الأدب وهي تجسد العلاقة الوطيدة بين التاريخ والأدب من خلال سعي الكاتب لدراسة حقبة تاريخية واستلهامها في كتابة قصة ما.
وربما يكون مثل هذا النمط من القصص خيالياً بشكل مطلق وربما يكون عبارة عن أوصاف لأشخاص أو أحداث حقيقية موضوعة في قالب قصصي يكون فيه لمخيلة الكاتب دور بارز. وتشمل قائمة كتاب القصة الخيالية التاريخية كتّاباً مثل بيرنارد كورنويل Bernard Cornwell الذي ألف كتباً عن أوربا النابليونية والعصور المظلمة ومعركة أجنكورت Agincourt Battle وهيلاري مانتل Hilary Mantel التي كتبت قصتها التاريخية الموسومة (قاعة الذئب) Wolf Hall التي تدور أحداثها حول توماس كرومويل Thomas Cromwell.
وتميل القصة الخيالية الأدبية إلى أن تكون معاصرة للأحداث التي تسجلها أو ربما تبلور ذكريات تلك الأحداث من جانب شخص كان قد عايشها. ومثل هذه المدونات يمكن أن تكون وثائق تاريخية لما ورد فيها من أحداث وكذلك يمكن أن تفيد في دراسة الكيفية التي يلهم فيها التاريخ الأدب. فعلى سبيل المثال يقوم كتاب صينيون من أمثال جاو خنكجيان Gao Xingjian في روايته (جبل الروح) Soul Mountain وما جيان Ma Jian في رواية (التراب الأحمر) Red Dust بربط التاريخ بالأدب Yبان فترة الثورة الثقافية التي قادها ماو تسي تونغ. ويقوم الكاتب الياباني هاروكي موراكامي Haruki Murakami في روايته الموسومة (الغابة النرويجية) Norwegian Wood بتحري حياة أحد الطلبة في ستينيات القرن الماضي في طوكيو. وحصلت الكاتبة الألمانية من أصل روماني هيرتا مولير Herta Muller على جائزة نوبل للآداب على مؤلفاتها التي تجسد حياتها في ظل حكم تشاوتشسكو في رومانيا.
المصدر: هنا
عراقي الجنسية
1951مواليد عام
حاصل على ماجستير لغة انكليزية
أستاذ مساعد في قسم الترجمة ـ كلية الآداب ـ جامعة البصرة ـ جمهورية العراق
المنصب الحالي مدير مركز اللغات الحية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة
الخبرة المهنية:
تدريس اللغة الانجليزية، لغة وأدبا وترجمة، في قسم اللغة الإنجليزية بكلية الآداب ـ جامعة البصرة منذ عام 1981 ومن ثم التدريس بكليتي التربية والآداب بجامعة الفاتح في ليبيا منذ عام 1998 وبعدها بكليتي اللغات الأجنبية والترجمة والإعلام بجامعة عجمان للعلوم والتكنولوجيا بدولة الإمارات العربية المتحدة اعتبارا من عام 2004. ويشمل التدريس الدراسات الأولية (البكالوريوس) والدراسات العليا (الماجستير) حيث أشرفت على عدة طلبة ماجستير فيما كنت أحد أعضاء لجان المناقشة لطلبة آخرين ، كما نشرت العديد من البحوث في مجلات علمية محكّمة.
الخبرة العملية:
العمل في ميدان الترجمة حيث نشرت أربعة كتب مترجمة إلى اللغة العربية كما نشرت المئات من المقالات والقطع والنصوص الأدبية المترجمة في العديد من الصحف والمجلات العراقية والعربية ومنها مجلة المنال. كما عملت في مجال الصحافة والإعلام والعلاقات العامة وكذلك الترجمة في مراكز البحوث والدراسات في العراق وليبيا ودولة الإمارات العربية المتحدة.