تُعدّ مرحلة المراهقة مرحلة شديدة الحساسية ومن أصعب المراحل التي يمر به الفرد في حياته إذ ينتقل فيها الإنسان من الطفولة إلى الرشد، ويصاحب ذلك الكثير من التغيرات المتعلقة بعدة جوانب منها الجسمية والعقلية والعاطفية والاجتماعية مما ينتج عنه الكثير من الصراعات الخارجية والداخلية وتغيرات نفسية واضحة تنعكس على سلوك المراهق، ولذلك فهُو بحاجة إلى الكثير من العناية والرعاية والتوجيه والاهتمام ويكون الأمر أشد حساسية إذا كانت لديه مُشكلات أخرى مصاحبة للمراهقة، ومن أحد تلك المشكلات صعوبات التعلم فهي تؤثر على حياة المراهق في جميع مناحي حياته الشخصية والاجتماعية والمهنية.
ومع الأسف الشديد هُنالك طُلاب من ذوي صعوبات التعلم لم يتم اكتشاف الصعوبات لديهم قبل المرحلة المتوسطة والثانوية، وقد يكون ذلك ناتجاً عن ضعف التشخيص أو لأنه لم يتم تشخيصهم تماماً في المرحلة الابتدائية؛ وقد يُعزى الأمر إلى إهمال المدرسة أو الأسرة برفضهما الاعتراف بإخفاق الطالب وعدم السعي للحصول على المساعدة أو غير ذلك، فالتغيرات الفيزيائية والجسدية التي تطرأ على الطالب في مرحلة المُراهقة وزيادة مُتطلبات المدرسة وارتفاع الكفايات المطلوبة منهم في هذه المرحلة قد تُظهر مؤشرات صعوبات التعلم على السطح.
فالأداء المقبول والمرضي السابق في المرحلة الابتدائية لم يعُد مجدياً فقد يضعف وينخفض مستوى الطالب بشكل ملحوظ ، وغالباً ما تنقصهم المهارات التي يحتاجونها لمواكبة متطلبات هذه المرحلة إذا لم تتوافق الطُرق المُستخدمة في تدريس المواد العلمية مع قُدرات هذا الطالب، وقد ينتج ويصاحب ذلك ضعف في المهارات الاجتماعية وتصرفات غير ملائمة من الممكن أن تؤدي إلى تغيرات في العلاقات مع الأقران وتدني تقدير الذات مما قد يسبب الاكتئاب أو نوبات الغضب والانحرافات السلوكية كالتدخين والمخدرات والتسرب من المدرسة؛ وذلك لحساسية هذه المرحلة العمرية، وللضغط النفسي الذي يشعر به المراهق، ولنعته أحياناً بالكسل واللامبالاة ومقارنته بالآخرين، ولإحساسه بالعجز عن مواكبة أقرانه وشعوره بعدم تفهُم من حوله ما يمر به.
ومن أبرز المؤشرات السلوكية للمراهقين ذوي صعوبات التعلم التي تتفاوت من فرد لآخر بحسب نوع وحدَّة الصعوبة لديهم ومستواها، والذي يكون ـ عادةً – ما بين الخفيفة جداً إلى الشديدة والتي تعيق إتقانهم لمناهج المواد الدراسية، ومنها:
أولاً ـ قصور حادّ في المهارات الأكاديمية الأساسية مثل القراءة والإملاء والرياضيات، ومنها:
- محاولة تجنب القراءة والكتابة.
- قراءة المعلومات بطريقة خاطئة.
- ضعف في فهم المقروء والمسموع.
- صعوبة في فهم نصوص كتب المواد الدراسية.
- صعوبة في الإجابة عن الأسئلة المفتوحة.
- ضعف في مهارة التهجئة (الإملاء) مع الاستمرار بذلك.
- ضعف في استيعاب وفهم المفاهيم المجردة.
- ضعف في مهارة التعبير الكتابي.
- صعوبة في تعلم اللغات الأجنبية.
- ضعف القدرة على تطبيق المهارات الرياضية.
ثانياً ـ مشكلات في الانتباه / التنظيم، ومنها:
- نقص في التركيز والانتباه لفترة طويلة.
- صعوبة في التنظيم مثل: تنظيم الوقت والأشياء.
- لديهم مشكلة في شكل وتصميم الاختبار (عندما يكون غير ملائم لهم) كوضع قدر كبير من الأسئلة في الصفحة أو تصميمها بشكل يؤدي لتشتيت الطالب مثل: أسئلة الاختيار من متعدد قد يؤدي لتشتتهم وعدم القدرة على الإجابة.
- البطء في أداء الأنشطة الصفية والإجابة عن الاختبارات.
- ضعف في مهارات تسجيل وتدوين الملاحظات أثناء الدرس وإتباع التعليمات.
- ضعف في القدرة على تصحيح الأخطاء.
- التشتت بسهولة.
- فرط الحركة.
ثالثاً ـ مشكلات في السلوك الاجتماعي، ومنها:
- صعوبة في تقبّل النقد.
- لديهم نزعة عالية للقلق وخاصة عند استجابتهم للآخرين خشية كشف نقاط ضعفهم.
- صعوبة في طلب أو تقديم التغذية الراجعة.
- لديهم مشكلات في التفاوض أو الدفاع عن النفس.
- صعوبة في مقاومة ضغوط الأقران.
- صعوبة في فهم آراء الآخرين.
- صعوبة في اتخاذ القرار.
- نقص في تقدير الذات.
- مشكلات سوء الإدراك الاجتماعي وتفسير الدلالات والرموز والمؤشرات الاجتماعية كإدراك تفسير تعابير الوجه ولغة الجسد.
- نقص الدافعية نتيجة تكرار خبرات الفشل.
- صعوبة في تكوين الأصدقاء والاحتفاظ بهم.
- ضعف الثقة بالنفس والإحباط المزمن.
- الافتقار إلى الحياة الاستقلالية والاعتماد على الذات في كسب مقومات الحياة وهذا الافتقار ليس عاماً ويختلف بحسب حدّة الصعوبة.
وبما أننا كمُختصين نعلم جيداً أن مشكلة صعوبات التعلم مشكلة مستمرة ولا تختفي بتقدم العمر غالباً، فإن من واجبنا تقديم الخدمات لهم ومساندتهم طوال مراحلهم الدراسية وليس حصراً في مرحلة الطفولة فقط، فعند وجود هذه المؤشرات أو بعضاً منها عند الطلاب؛ فإنه يتعين على الأسر والمعلمين تقديم الدعم والمساعدة اللازمة وذلك بتنمية جوانب القصور في المهارات الأكاديمية اللازمة لهم والاهتمام أيضًا بالجوانب الأخرى من حياتهم كالجوانب السلوكية والاجتماعية وتنمية الدافعية ومهارات الاستقلالية لهم والتركيز على الطرق والاستراتيجيات التعلُمية والبرامج الملائمة وفق خطط مدروسة وبرامج خاصة لكل فرد على حدة.
وقد أثبتت أحد نتائج الدراسات المشجعة لدراسات المسح الدماغي التي أجريت على ذوي صعوبات تعلم القراءة بأن تعريضهم لطرق التدريس المكثف والهادف لمهارات القراءة (مثل: الوعي الفونولوجي الصوتي، الترميز وغيرها) كانت قد أظهرت تشابهًا في الكيفية التي تُعالج المعلومات في أدمغتهم مقارنة مع المسح الدماغي الذي أجري على الطلاب من غير ذوي صعوبات التعلم.
من خلال تلك الدراسة نستنتج بأن تقديم الطرق المناسبة والمكثفة لهم والأخذ بيدهم يؤدي إلى عدم تفاقم المشكلات لديهم، والتغلب على آثار تلك الصعوبات؛ ومحاولة إيصالهم إلى مستوى أقرانهم من غير ذوي صعوبات التعلم وإلى أفضل مستوى وفقاً لقدراتهم، فاحتوائهم ووضعهم في البرامج التربوية المناسبة وتعريضهم لطرق التدريس واستراتيجياته الملائمة ودعمهم نفسياً وأكاديمياً واجتماعياً؛ يضمن بقاءهم في الصفوف الدراسية وعدم تسربهم منها وحماية المراهق ومجتمعه من النتائج المترتبة على هذا التسرب.
المراجع:
- الزيات، فتحي، (1998)، صعوبات التعلم الأسس النظرية والتشخيصية والعلاجية، القاهرة: دار النشر للجامعات المصرية.
- العدل، عادل، (2015)، قضايا معاصرة في علم النفس وصعوبات التعلم، الزقازيق: دار الكتاب الحديث.
- هلاهان، دانيال وكوفمان، جيمس ولويد، جون وويس، ماجريت ومارتينز، إليزا بيث (2007) صعوبات التعلم مفهومها: طبيعتها التعلم، العلاجي (ترجمة: عادل عبد الله محمد)، عمان: دار الفكر، (الكتاب الأصلي منشور 2005).
- هلاهان، دانيال وجيمس، كوفمان وبيجي، بولين، (2013)، الطلبة ذوو الاحتياجات الخاصة: مقدمة في التربية الخاصة، (ترجمة: فتحي جروان وموسى العمايرة وغالب الحياري وحاتم الخمرة وقيس مقداد وعمر فواز ومحمد الجابري) عمان: دار الفكر، الكتاب الأصلي منشور (2012).
- الهديب، منيرة، (2017)، تقييم الاحتياجات التدريبية لخدمات الانتقال لدى معلمات الطالبات ذوات صعوبات التعلم للمرحلة الثانوية بالسعودية، رسالة ماجستير منشورة في المؤتمر الدولي الثالث للتربية، كوالالمبور، ماليزيا، متاح في:
http://www.tiikm.com/publication/Conference_Proceedings_ICEDU_2017.pdf
Berget، S. (n.d). THE WARNING SIGNS of LEARNING DISABILITIES. (Online). Retrieved from: http://www.kidneeds.com/diagnostic_categories/articles/warnsignld.htm
السيرة الذاتية:
- منيرة سليمان بن عبد العزيز الهديب
- ماجستير في الإعاقات التعلُمية من جامعة الخليج العربي بالبحرين
- باحثة ومُهتمة في مجال الخدمات الانتقالية لذوي صعوبات التعلم
- مدربة معتمدة من المؤسسة العامة للتدريب التقني والمهني بالسعودية
- عضوة في عدد من الجمعيات ولها مشاركات تطوعية في فعاليات مختلفة
- حاصلة على العديد من الدورات في مجال التربية الخاصة
- بحث الماجستير بعنوان / تقييم الاحتياجات التدريبية لخدمات الانتقال لدى معلمات الطالبات ذوات صعوبات التعلم للمرحلة الثانوية بالمملكة العربية السعودية
- إعداد برنامج الكتروني لتعليم الأطفال ذوي صعوبات التعلم التمييز بين الحروف المتشابهة رسماً والمختلفة نطقاً
- العديد من المقالات المنشورة
- بحث الماجستير منشور في إطار المؤتمر الدولي الثالث للتربية والمقام بماليزيا
للتواصل:
تويتر:
@monirah140
منيرة بنت سليمان بن عبد العزيز الهديب.
- ماجستير صعوبات تعلم من جامعة الخليج العربي بالبحرين 2017.
- دبلوم عالٍ في التربية الخاصة تخصص صعوبات تعلم من جامعة الخليج العربي بالبحرين 2015.
- دبلوم عالٍ تربوي من الجامعة العربية المفتوحة 2014.
- مهتمة بمجال الخدمات الانتقالية لذوي الإعاقة ومتلازمة إرلن.
- حاصلة على شهادة فاحصة دولية معتمدة لمتلازمة إرلن من مركز هيلين إرلن بأمريكا 2020، والتدريب بمركز ألف إرلن الإمارات.
- ناشطة في مواقع التواصل الاجتماعي.
- حاصلة على العديد من الدورات في مجال التربية الخاصة.
- ملتحقة ببرنامج مساعد الباحث التأهيلي بجامعة الملك سعود 2019 وحتى الآن.
- العمل في مشروع جائزة التميز للتعليم في لجنة تطوير الخدمات التعليمية بوزارة التعليم بالتعاون مع جمعية جستن بجامعة الملك سعود 2018.
- بحث منشور بعنوان Assessing Training Needs of Transition Services for Teachers of Learning-Disabled Students in the Secondary Stage in Saudi Arabia. في المجلة التابعة للمؤتمر الدولي الثالث للتربية، في كوالالمبور ماليزيا عام 2017.
للتواصل:
- [email protected]
- تويتر: @monirah140