يتهرب بعض الأطفال من القراءة بشتى الطرق وتجد المعلمين والأسر يقفون حائرين من تهرب الطلاب ويحاولون جاهدين معرفة السبب الحقيقي وراء تصرفاتهم بهذه الطريقة، فقد يكون وراء سلوكياتهم في القراءة الكثير من الأسباب التي يجب أن نبحث عنها ونجد حلولاً لها؛ حتى لا يؤدي ذلك إلى هدر طاقتهم وإمكاناتهم وينعكس سلباً في كثير من الأحيان على صحتهم النفسية وقد يؤثر تأثيراً بالغاً على مستقبلهم العلمي والعملي، وقد يكون من أحد الأسباب – التي يجب أن نتنبه لها ونسلط الضوء عليها بشكل كافٍ؛ متلازمة إيرلين.
سميت هذه المتلازمة بهذا الاسم نسبة إلى مكتشفتها هيلين إيرلين، عندما تفاجأت بالصدفة بفائدة شفافيات ملونة خاصة وضعها أحد طلاب الجامعة من ذوي عسر القراءة ورأى بأنها تحسن وتساعد على القراءة، بعد ذلك شرعت بإجراء العديد من الدراسات ونتج عن ذلك – كما أوردت هيلين بحسب بعض نتائج بحوثها – أن هذه المتلازمة تؤثر على العديد من الأفراد بنسب متفاوتة فهي تؤثر على 12% إلى 14% من عموم الناس، وأيًضا 46% من الأفراد الذين يعانون من صعوبات تعلم القراءة (الديسليكسيا) و33% من ذوي اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه و33% من المصابين بالتوحد و55% من المصابين بإصابات الرأس والارتجاج.
وتُعرّف هذه المتلازمة التي يشار إليها أيضاً في بعض الأحيان باسم (تناذر الحساسية الضوئية، متلازمة إيرلين، والإجهاد البصري) بأنها اضطراب في (المعالجة الإدراكية) إذ أنها ليست مشكلة بصرية فتكون أجهزة الإبصار سليمة فليس لها علاقة على سبيل المثال: بطول النظر أو قصره أو الإستجماتزم وغير ذلك من أمراض العيون الأخرى، ولكنها مشكلة تتعلق في قدرة الدماغ على إدراك الاستقبال البصري ومعالجة المعلومات المرئية البصرية بدقة، وتؤثر على قدرة الشخص على العديد من المجالات المختلفة، بما في ذلك الأداء الأكاديمي، والعمل، والسلوك والانتباه، والقدرة، والتركيز.
فالأفراد الذين يعانون من متلازمة إيرلين لديهم صعوبة في قراءة الكلمات أو الأرقام أو النوتات الموسيقية فهم لا يرون بنفس الطريقة التي نرى بها فالكلمات المطبوعة على الصفحات والأرقام لديهم ليست واضحة أو مستقرة. فتظهر (الكلمات والأرقام) المطبوعة في الصفحة بعدة أنماط فقد تتغير، أو تهتز، أو تختفي وتظهر، أو تتحرك بشكل مبعثر كأنها تتراقص، أو تظهر متموجة، أو تبدو ثلاثية الأبعاد، وقد يدركون الحروف مزدوجة، أو تظهر لديهم على شكل فراغ بين الكلمات بشكل منحنٍ، أو يصبح من الصعب تصورها كما هو موضح في الصور الآتية:
وقد لا يدرك العديد من الأفراد ذوي متلازمة إيرلين الذين لم يسبق لهم أن رأوا الطباعة بشكل صحيح أن الطريقة التي يرون أو يدركون بها الصفحة المطبوعة ليست واضحة أو مستقرة. فهم يعتقدون أن الجميع يرون الصفحة بالطريقة التي يرون بها مما ينتج لديهم إحباطاً، وقلة في دافعيتهم للتعلم، وتدنٍ في تقديرهم لذواتهم؛ وذلك بسبب عدم قدرتهم على اللحاق بأقرانهم.
ومن أبرز المظاهر والمشكلات التي يعانون منها والتي تختلف وتتفاوت شدتها من شخص إلى آخر:
- إدراك بصري مشوش للكلمات والأرقام في الصفحات، أو إدراك البيئة الخاصة من حولهم بطريقة مشوهة.
- يمكن أن تؤثر على الكتابة فنلاحظ تباعد غير متساوٍ بين الكلمات والكتابة صعوداً وهبوطاً، وأيضاً مشكلات في الإملاء كاستخدام الحروف الصحيحة ولكن في موقف خاطئ، وقد يعكس الحروف والكلمات، ومشاكل بالرياضيات كالإجابات الخاطئة أثناء الحل في أعمدة.
- مشكلات في العمل على الكمبيوتر والقيادة أثناء الليل، والأداء الرياضي، والراحة تحت أضواء الفلوري.
- أيضاً مشكلات في معدل سرعة القراءة، والراحة، والتدفق، والطلاقة، والتتبع والفهم والاهتمام والتركيز والتشتت بسهولة.
- قلة الدافعية، وضعف التعلم والإحباط.
- صعوبة في الحكم على تقدير المسافات، وانحراف عن الناس عند المشي بجانبهم، وصعوبة اصطياد الكرات، والعديد من المجالات الأخرى في حياة الشخص.
- ومتلازمة إيرلين غير قابلة للعلاج بشكل نهائي ولكن يمكن الحد من إشكالها بالطرق المتاحة.
ومن الممكن أن تظل هذه المتلازمة حاجزاً للتعلم مدى الحياة إذا لم يتم اكتشافها وحل إشكالها لأنها تؤثر بشكل كبير على كافة مناحي الفرد ومنها كما أسلفت القراءة والفهم القرائي، فالقراءة هي المدخل الأساسي والرئيس لكل العلوم وبغيره يصعب التعلم، فمتلازمة إيرلين تصاحب بعضاً من ذوي صعوبات تعلم القراءة أو ما يعرف بـ (الديسليكسيا = عسر القراءة) ولكنها ليست سمة أساسية كما يعتقد البعض، وليست كل مشكلة للقراءة ناتجة عن متلازمة إيرلين ولكن بعض الأبحاث التي أوردتها هيلين إيرلين كما ذكرت سابقاً أظهرت أن نسبة تقدر بـ 46% من الأفراد الذين يعانون من مشكلات في القراءة وخصوصاً عسر القراءة (الديسليكسيا) تصاحبهم متلازمة إيرلين وقد يُخلط في التشخيص بينهما لتشابه الأعراض بينهم في جانب القراءة. وغالباً تتضح هذه المتلازمة في ظل ظروف الإضاءة الساطعة، إضاءة الفلوري، والتباين في الصفحة المطبوعة كالكتابة بلون أسود على خلفية بيضاء فالترددات المنبعثة من موجات الضوء المنعكسة على الورقة تسبب تعباً سريعاً وإجهاداً كبيراً للعين. فلا تكون الطباعة واضحة أو مستقرة أو مريحة. ونتيجة لذلك، يمكن أن تكون القراءة بطيئة وغير فعالة وتؤدي إلى تخطي الكلمات أو الأسطر، أو إعادة القراءة، أو سوء الفهم.
ومن أنواع مشاكل القراءة التي قد يواجهها الأشخاص ممن لديهم متلازمة إيرلين ما يلي:
بطء معدل القراءة:
قد تكون لديهم مشاكل في التتبع والانتقال بين الأسطر، ومعدل القراءة بطيئة، والقراءة كلمة بكلمة، أو لديهم عدم القدرة على سرعة القراءة. وغالباً ما يستخدم الأفراد إصبعهم أو يضعون علامة عند القراءة.
مشاكل في التركيز:
عند القراءة والكتابة، أو العمل على الكمبيوتر قد يكون راجعاً إلى متلازمة إيرلين. وقد يجد الفرد صعوبة في القيام بالمهمة، ويتخذ فواصل متكررة، ويصبح لا يهدأ، ومتململاً أو متعباً عند القيام بالقراءة، والدراسة، أو القيام بمهام بصرية أخرى، مما قد يخلط في التشخيص بينهم وبين ذوي اضطراب الحركة ونقص الانتباه وقد يصرف لهم الدواء دون داع.
الجهد والإعياء:
قد يصبح الأفراد متعبين. والبعض الآخر يعانون من الصداع، والدوار، والنعاس، والقلق، والعصبية، والتململ، وحكة العينين وجفافها أو النعاس أثناء القراءة وقد تبدو مجهدة، أيضاً يلاحظ على الطفل فرك عينيه أثناء القراءة بشكل متكرر، أو يحاول فتح العيون بشكل أوسع، ويقرب الصفحة بشكل متكرر، وقد يصبح لديهم عدم القدرة على الاستمرار في التركيز. ويمكن أن يتداخل أو يتضح الانزعاج مع طول الوقت في القراءة، والدراسة، أو القيام بالواجبات المنزلية مما يجعل من الضروري وجود فواصل للطفل للراحة.
الحساسية من الضوء:
حيث يظهر لديه انزعاج من الوهج الفلوري وأشعة الشمس وأحياناً الإضاءة في الليل. ويفضل معظم الأفراد ممن لديهم متلازمة إيرلين القراءة في الإضاءة الخافتة مع شعورهم بأن هذه الإضاءة غير كافية، ويفضلون البقاء مركزين على الاستماع.
كيف نصحح مشاكل القراءة الناجمة عن متلازمة إيرلين؟
العلاج جداً سهل فمنذ أكثر من 30 عاماً والبحوث قائمة في هذا المجال، فلقد أجرى العديد من الخبراء في مجال العلوم الإنسانية والطب وطب العيون من جميع أنحاء العالم العديد من الدراسات التي أثبتت نجاح طريقة إيرلين لتصحيح مشكلة القراءة الناتجة عن متلازمة إيرلين، وذلك باستخدام أغطية إيرلين الملونة (العدسات) واستخدام شفافيات إيرلين الملونة المخصصة لهذه المتلازمة، حيث يكون الإدراك البصري معها واضحاً ومستقراً. ويُمكن للفرد معها إحراز تقدم كبير مع استخدام تلك المرشحات عن طريق استخدامه اللون المناسب له بعد التشخيص عن طريق المختص المؤهل لمثل هذه الحالة، فهي تسمح للطفل بالتركيز لفترات أطول وبراحة أكبر. بالإضافة إلى الحرص والاهتمام بالتعلم والتدريب على مهارات القراءة الأساسية، وممارسة ذلك في غرف التعلم الخاصة في المدرسة.
فوضوح الطباعة والاستقرار والراحة في القراءة التي تقدمها مرشحات إيرلين الطيفية، هي اللبنات الأولى الأساسية للتعلم والنجاح؛ لأنها تسمح الطفل بالتركيز لفترات أطول وبراحة أكثر.
المراجع الإنجليزية:
Acai. (2018). Signs and Symptoms of Irlen Syndrome. (Online). Retrieved from:
https://www.aaic.org.au/index.php/irlen-syndrome/item/2-signs-and-symptoms-of-irlen-syndrome
Frog, Tiny. (2017).how Irlen syndrome affect reading
Online). Retrieved from:
http://irlen.com/reading-problems-dyslexia- learning-difficulties-the-Irlen-method/
Irlen. (2017). what is Irlen Syndrome? (Online). Retrieved from:
Irlenandme. (2015). the Colorful World of Irlen Syndrome.
(Online). Retrieved from:
https://irlenandme.wordpress.com/tag/irlen-diagnosis/
Kruger, lunette. (2018). Irlen syndrome. (Online). Retrieved from: https://www.edu-psych.co.za/services/irlen-syndrome
Sydney Irlen Dyslexia Centre. (2016). Visual Distortions.
(Online). Retrieved from: http://sidc.net.au/irlen-syndrome/visual-distortions
Irlen, Helen. (n.d). The World of Misperception: Irlen Colored Filters for Learning Disorders.
(Online). Retrieved from:
The World of Misperception: Irlen Colored Filters for Learning Disorders
It. (2017). Jersey clinic aims to raise awareness of Irlen .syndrome. (Online). Retrieved from: http://www.itv.com/news/channel/2017-10-12/jersey-clinic-aims-to-raise-awareness-of-irlen-syndrome
- Five. (n.d).何謂光敏感/艾蘭綜合症 (Irlen® Syndrome)?
(Online). Retrieved from:
http://www.hi-five.com.hk/i/
المراجع العربية:
- بطرس، حافظ. (2009). تدريس الأطفال ذوي صعوبات التعلم. عمان: دار المسيرة.
منيرة بنت سليمان بن عبد العزيز الهديب.
- ماجستير صعوبات تعلم من جامعة الخليج العربي بالبحرين 2017.
- دبلوم عالٍ في التربية الخاصة تخصص صعوبات تعلم من جامعة الخليج العربي بالبحرين 2015.
- دبلوم عالٍ تربوي من الجامعة العربية المفتوحة 2014.
- مهتمة بمجال الخدمات الانتقالية لذوي الإعاقة ومتلازمة إرلن.
- حاصلة على شهادة فاحصة دولية معتمدة لمتلازمة إرلن من مركز هيلين إرلن بأمريكا 2020، والتدريب بمركز ألف إرلن الإمارات.
- ناشطة في مواقع التواصل الاجتماعي.
- حاصلة على العديد من الدورات في مجال التربية الخاصة.
- ملتحقة ببرنامج مساعد الباحث التأهيلي بجامعة الملك سعود 2019 وحتى الآن.
- العمل في مشروع جائزة التميز للتعليم في لجنة تطوير الخدمات التعليمية بوزارة التعليم بالتعاون مع جمعية جستن بجامعة الملك سعود 2018.
- بحث منشور بعنوان Assessing Training Needs of Transition Services for Teachers of Learning-Disabled Students in the Secondary Stage in Saudi Arabia. في المجلة التابعة للمؤتمر الدولي الثالث للتربية، في كوالالمبور ماليزيا عام 2017.
للتواصل:
- [email protected]
- تويتر: @monirah140