عملت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ تأسيسها في 1979 على تحقيق رؤيتها ورسالتها التي تطورت مع الزمن كترجمة حية لتوجهاتها وإنجازاتها التي حقتتها ـ وما زالت ـ في استشراف مبكر لمحتوى ومضمون الاتفاقية الدولية لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة والقوانين الوطنية التي أقرت منذ سنوات كتتويج لحراك ونشاط مطلبي كانت المبادرة إليه دائماً تشهد بذلك العديد من المبادرات والمشاريع التي نفذتها بألمعية ونجاح غير مسبوقين.
وهو ما لخصته رؤيتها بأن تكون: مؤسسة رائدة في مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الاعاقة في دولة الإمارات والوطن العربي، ونصت عليه رسالتها: (نحن نعمل معا للحد من أسباب الإعاقة بالتدخل المبكر والتوعية المجتمعية، ونعمل على مناصرة واحتواء وتمكين الأشخاص ذوي الإعاقة بالتعليم والتأهيل والتوظيف ليكونوا مشاركين ومستقلين في مجتمعاتهم).
وكان للمدينة منذ تأسيسها دور كبير في التوعية بحقوق الأشخاص من ذوي الإعاقة في مختلف المجالات والدفع باتجاه ممارستها على أرض الواقع بما فيها حق الوصول إلى مختلف البيئات المادية والثقافية نظراً لتعاملها المباشر مع هذه القضايا واحتكاكها المبكر بهموم ومشكلات الأشخاص ذوي الإعاقة وما تولد عنها من مبادرات وحلول مبتكرة لهذه المشكلات.
وقد عملت المدينة على تعظيم القدرات والإمكانات الحالية، الحكومية وغير الحكومية للحد من الإعاقة، ومواجهة مشكلاتها، كنقطة انطلاق نحو الوصول إلى الصورة المستهدفة، وركزت على الجانب الوقائي المتمثل في الاكتشاف والتدخل المبكرين للإعاقة للحد منها، والأخذ بأساليب ونظم تكنولوجية أكثر تطوراً في تعليم وتدريب وتأهيل الأشخاص من ذوي الإعاقة، بل وفى علاجهم أيضا لتحويلهم إلى قوة منتجة وفاعلة تندمج في المجتمع وتصبح جزءاً من نسيجه، وعملت على إتاحة الفرصة الكاملة أمام أكبر عدد منهم للاستفادة من مخرجات البرامج والمشاريع التي تضمنتها خططها الاستراتيجية والمرحلية.
ويتم تحقيق مفهوم الاحتواء والدمج بكافة السبل ويبدأ بالمناصرة وزرع الثقة في النفس والتعلم الجيد وتطوير المهارات الاجتماعية ومهارات التواصل والثقافة العامة والتوعية المجتمعية وتدريب المعنيين، وجميعها تمكن الأشخاص من ذوي الإعاقة وتسهل عملية إندماجهم وصولاً إلى الهدف المنشود: التمكين.
ويعتبر مفهوم (المناصرة الذاتية) من المفاهيم التي فرضت نفسها على جميع المؤسسات والجهات والأفراد العاملين في مجال الأشخاص ذوي الإعاقة ولعل أبرز المعنيين بهذا الموضوع هم أسر هؤلاء الأشخاص نظراً لما يخلفه من آثار إيجابية على هذه الأسر؛ ولا نبالغ عندما نقول على حياة المجتمع ككل، لأن المناصرة الذاتية تقوم على تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة الذهنية من حقوقهم الإنسانية والارتقاء بأوضاعهم الاجتماعية والاقتصادية وصولاً إلى تحقيق التكامل الفعلي بين جميع العناصر المكونة للمجتمع على أساس من المساواة والاحترام وعدم التجاهل.
وقد خطت مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية خطوات واسعة منذ أن تبنت مفهوم المناصرة الذاتية رسمياً في الأول من يناير 2009، فاستضافت الندوات والملتقيات والاجتماعات وأدرجت مفهوم المناصرة الذاتية ضمن الخطة التربوية الفردية للطلبة وأنشأت وفعّلت مجالس الأمهات والآباء والأخوة وشكلت مجلساً أعلى للطلبة بهدف تحقيق أعلى درجات التواصل والمشاركة والتفاعل مع باقي أقسام المدينة وللتصدي للمشاكل التي تواجه المناصرين الذاتيين داخل وخارج المدينة والمطالبة بحقوقهم، ونجحت في تنمية قدرات المناصرين الذاتيين على ممارسة حريتهم في الاختيار واتخاذ القرارات والتخطيط للبرامج الخاصة بأنشطتهم في المناسبات والرحلات والمشاركة الفاعلة في المسابقات والمنافسات والمعارض المحلية وممارسة حقهم في الوصول إلى التكنولوجيا ودعم وتشجيع الأسر من خلال اجتماعات المجالس وتنظيم الرحلات والزيارات وتبادل الخبرات.
هذا بالإضافة إلى توعية المجتمع من خلال الحملات الإعلامية والمشاركة في المؤتمرات والملتقيات المحلية والعربية لتطوير مهارات المناصرين الذاتيين والتعبير عن مطالبهم وكذلك المشاركة في الحملات التوعوية التي تنظمها الجهات المعنية، هذا بالإضافة إلى إقامة معسكرات داخلية لتدريب المناصرين الذاتيين على المطالبة بحقوقهم.
واليوم تستضيف مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (في الفترة من 27 إلى 30 سبتمبر 2019) قمة المناصرة الذاتية (خطوة واحدة أقرب) الأولى من نوعها في دولة الإمارات العربية المتحدة بالتعاون مع منظمة الاحتواء الشامل في إقليم الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنظمة الاحتواء الشامل الدولية بمشاركة 14 مناصراً ذاتياً مع مسانديهم وعدد من الأمهات من دولة الإمارات العربية المتحدة ومصر والسعودية والكويت ولبنان والأردن وفلسطين..
سوف يؤكدون مجتمعين ويثبتون أن المناصرين الذاتيين هم أشخاص يتمتعون باستقلالية كافية وقادرون على المطالبة بحقوقهم وحقوق أقرانهم من ذوي الإعاقة الذهنية، وبالفعل سوف تتولى التدريب في هذه القمة مناصرتان ذاتيتان مشهود لهما الأولى ممثلة المناصرين الذاتيين في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا المناصرة الذاتية شيخة القاسمي من الإمارات والمناصرة الذاتية سلمى كنعان من مصر.
وتتطلع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من خلال تنظيمها واستضافتها لهذه الفعالية إلى بناء جيل قوي من المناصرين الذاتيين من خلال تمكينهم وتدريبهم على العمل الحقوقي، وبناء شبكة تعارف لهم من خلال الأنشطة الاجتماعية التي تبني وتقوي روح الفريق لديهم، كما تهدف إلى دعم مساندي المناصرين الذاتيين من خلال اكسابهم مهارات جديدة وكذلك دعم أمهات المناصرين الذاتيين من خلال برنامج ترفيهي اجتماعي هادف.