ينتاب الأم ألمٌ شديد حين عودة ابنها من المدرسة باكياً لأن رفاقه لم يشاركوه بألعابهم، كما تشعر بالضيق والضجر لأن معلمته لم تمنح فلذة كبدها الاهتمام المناسب، وثمة أمور أخرى تواجه الطفل وتجعله كارهاً للمدرسة والمعلمة والأصدقاء.
وبديهيُ القول إن للاتجاهات الوالدية غير المتناغمة أثرها البالغ على نمو الطفل الانفعالي والاجتماعي، سواء بالتعامل المتناقض معه بين التسلط والسيطرة الزائدة واستخدام العنف المعنوي والجسدي أم بالحماية المفرطة والمجاملة والمحاباة الزائدة أم بالإهمال والتغاضي.
وسينعكس سلوك الطفل غير المرغوب سواء تجاه المدرسة أم تقبل المعلمة أم التعاون مع الرفاق على مشكلات سلوكية أخرى كالخوف والخجل والانطواء والغيرة والتمرد والعناد وعدم الطاعة والمشاكسة والعدوان وتملك أدوات الآخرين والأحلام المزعجة وفرط النشاط واضطرابات النطق ونوبات البكاء والغضب ورمي الأشياء والألعاب وقذفها والتلفظ بعبارات فاحشة لا يدرك معناها بالإضافة إلى صعوبات التعلم وحالات التأخر في التحصيل الدراسي.
وعلى الأم أن تدرك أن طفلها لا يمتلك الكفاءة والمهارات اللازمة للتعامل مع الآخرين لأن أمه تتصرف معه بأسلوب غير عقلاني جعله أنانياً واتكالياً ومتركزاً على ذاته دون أن تعِدُّه للاندماج التربوي والاجتماعي، كما عليها أن تتقبل بأريحية مشكلة ابنها وإعادة تنظيم بنيته المعرفية وتقبل ذاته وتقبل الآخرين متجنبة اعتبار أن الخطأ يكمن في المدرسة والمعلمة والرفاق وأن تقوم بتدريبه وإعادة تأهيله على المهارات الاجتماعية والإحساس بالمسؤولية والاعتماد على الذات والثقة بالنفس والتفاؤل والمرونة والتعاطف وتحمل الإحباط وتحريره من عوامل الشعور بالارتباك والاحراج والخجل وانتقاص الذات، علماً بأن الفرد طفلاً أم كبيراً يمتلك الرغبة للحصول على تقدير الآخرين ومحبتهم ولكن ليس إلى المستوى الذي يجعله متركزاً على ذاته وكأنه لا يرى سوى نفسه.
وعلى الوالدين أن يتعاونا لتثقيف نفسيهما تربوياً ونفسياً واجتماعياً والتعرف على طبيعة نمو الطفل بكل أبعاده وتَعَلُّم وسائل تحسين التعامل معه وتجويدها وفهم وإدراك معنى التوجيه والإرشاد النفسي والتربوي والاجتماعي الأسري بغية إسقاط ذلك على تربية أبنائهما وتفادي وقوعهما بأخطاء غير مقصودة في تعاملهما معهم ثم بذل جهود مضنية لتعديلها.
الدكتور فائز شالاتي،
سابقاً، عضو اللجنة العلمية للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم
الدكتور فائز شالاتي
سابقاً، عضو اللجنة العلمية للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم