إعداد: محمد عبد المنعم قشطة
غالباً، يبدو المستقبل غامضاً بالنسبة للشباب ذوي اضطراب طيف التوحد، وقد يكون من الصعب على الأهل تخيل ابنهم خارجاً إلى العالم الواقعي، أو ردة فعله عند توقف الحافلة المدرسية كل صباح، إذ يجد أولياء الأمور عملية “الانتقال” شاقة ومثيرة للارتباك والمخاوف.
وبقدر ما تشعر به الأسر من الارتباك يجب عليها أن تتحلى بالإيجابية والتفكير في المستقبل.
ألق نظرة على الماضي، وفكر في جميع الخطوات التي اجتازها ولدك حتى الآن، ومقدار ما تعلمته خلال ذلك. من بين الدروس التي من الممكن أن تكون تعلمتها مراراً وتكراراً أهمية أن تكون استباقياً..
ضع في اعتبارك أيضاً العديد من الأشخاص الذين مروا بهذه التجربة قبلك وأفرزت تجاربهم السابقة الكثير من المعلومات والموارد لمساعدتك في رحلتك، بالإضافة إلى الأبحاث والاستقصاءات التي أجراها الخبراء في هذا المجال.
وليكن المبدأ الأساسي الذي يجب أن تضعه الأسر دائماً نصب أعينها هو أن جميع الأفراد من ذوي اضطراب طيف التوحد يجب أن يكونوا قادرين على عيش حياة ملؤها الكرامة والسعادة بغض النظر عن مستوى الدعم المطلوب.
يتمتع جميع الأشخاص من ذوي اضطراب طيف التوحد بنقاط قوة وتحديات فريدة خاصة بهم بالإضافة إلى ما يعجبهم وما يكرهون، لذا، فما قد يعتبره شخص ما خياراً مناسباً أو مرغوباً به من حيث العمل أو السكن أو التعليم ما بعد المرحلة الثانوية أو المشاركة المجتمعية، قد لا يكون مناسباً لشخص آخر.
مؤسسة “التوحد يتحدث” أعدت دليلاً شاملاً للتخطيط للانتقال من مرحلة المراهقة إلى مرحلة البلوغ للأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد أتاح العديد من الاقتراحات والخيارات كي تأخذها الأسر بعين الاعتبار أثناء الانطلاق في هذه الرحلة نحو إيجاد مسار فريد للشخص ذي اضطراب طيف التوحد نحو مرحلة البلوغ .
هذا الدليل سلط الضوء على تطوير مهارات التعبير عن الذات والعيش المستقل مع وضع أهمية إيجاد المسار للشخص ذي اضطراب طيف التوحد في عين الاعتبار، وسنتناول في السطور القادمة بعضاً مما جاء في هذا الدليل من موضوعات تتعلق بعملية التخطيط للانتقال.
التعبير عن الذات:
الفترة الأكثر أهمية لبدء عملية الانتقال هي التي يمر بها الطفل ذو اضطراب طيف التوحد الآن أو عندما سيصبح مرهقاً أو شاباً إذ يجب أن تكون العملية مرتبطة بآماله وأحلامه ورغباته واهتماماته الفعلية.
يمكن لبعض الأفراد من ذوي اضطراب طيف التوحد أن يتواصلوا لفظياً للتعبير عن أهدافهم وأفكارهم في مرحلة البلوغ من حياتهم ويجب أن تكون هذه المحادثات بمثابة نقاط الانطلاق لتطوير خطط الانتقال لهم .
قد يكون بعض البالغين من ذوي اضطراب طيف التوحد مستعدين من ناحية نمائية للتعامل مع عملية الانتقال وقد لا يتمكن الآخرون من التعبير عن رغباتهم أو احتياجات للسنوات القادمة بسبب تحديات مهارات التواصل ويمثل هذا الأمر تحدياً للعائلات بشكل خاص حيث يرغب الكثيرون في توفير الحياة التي يريدها ابنهم اليافع .
تذكر أن التخطيط الانتقالي عملية تتطور بمرور الوقت …
تستغرق عملية الانتقال وقتاً لذا من المهم أن تعمل مع ابنك البالغ لتزويده بمهارات التواصل والمساعدة الذاتية والتعبير عن الذات التي يحتاجها كي يكون مشاركاً نشطاً في هذه العملية.
ما هو التعبير عن الذات :
خلال معظم حياة ولدك ذي اضطراب طيف التوحد، من المحتمل أنك كنت تقوم بالأحاديث نيابة عنه – أي اتخاذ القرارات المتعلقة به والتأكد من حصوله على ما يحتاج إليه ويريده ويستحقه، رغم ذلك، ومع تقدم الأشخاص ذوي اضطراب طيف التوحد في العمر، سيحتاجون إلى تعلم التعبير عن أنفسهم على نحو أفضل في حدود ما لديهم من قدرات بما يسهم في تطوير هذه المهارات وتنمية الشعور بالذات ودعم نجاح عملية الانتقال وتطوير مهارات يمتلكونها يمكن الاستفادة منها مستقبلاً.
يتضمن التعبير عن الذات، التحدث عن نفسك، وطلب ما تحتاج إليه، والتفاوض بنفسك، ومعرفة حقوقك ومسؤولياتك واستخدام الموارد المتاحة.
إن تعلم طلب المساعدة أيضاً يعتبر خطوة هامة في تطوير مهارات التعبير عن الذات ومن أجل القيام بذلك يجب أن يكون الفرد قادراً على تحديد وجود عقبة أو صعوبة ومن ثم طلب المساعدة لحل المشكلة.
الإفصاح :
من المهم ملاحظة أن التعبير عن الذات قد يشمل الإفصاح، لذا من المهم إخبار اليافع ذي اضطراب طيف التوحد بحقائق عن اضطراب طيف التوحد وفقاً لما تسمح به قدراته الإدراكية والتواصلية.
يجب أن نوضح لهم أن هذا الاضطراب قد أمده ببعض نقاط القوة وكذلك بعض التحديات، حيث يتفاعل الأشخاص ذوو اضطراب طيف التوحد مع هذا الأمر بشكل متباين، لكن الكثيرين منهم أوضحوا أنهم شعروا “بالارتياح” لمعرفة أن ثمة مُسمّى للأمر الذي يجعل الأمور أكثر صعوبة بالنسبة إليهم، فقد أدرك هؤلاء الأفراد أن تحدياتهم ليست نتيجة خطأ من جانبهم ولكن فقط لأن أدمغتهم تعمل بشكل مختلف وقد يكون من المفيد للفرد الانضمام إلى مجموعة دعم أو مجموعة مهارات اجتماعية خاصة من لديهم قدرات مماثلة.
كيف نعلم مهارات التعبير عن الذات :
يجب تعليم التعبير عن الذات طوال حياة الشخص، ويمكن أن نبدأ بطرق بسيطة من خلال تعليم الفرد اتخاذ الخيارات ثم تدريجياً إضافة مهارات أكثر تقدماً مثل التي تتضمن المفاوضات والإفصاح وصولاً إلى المناهج الدراسية إن كان ذلك مناسباً، وسيصبح تعليم مهارات التعبير عن الذات عملية مستمرة وسيستغرق اكتساب هذه المهارات وقتاً فيجب التحلي بالصبر.
من المهم تعليم الطفل أو اليافع ذي اضطراب طيف التوحد حول عملية صنع القرار، أي تحديد القرار بوضوح وموازنة الإيجابيات والسلبيات والتعلم من كل اختيار.
في المرة القادمة ابدأ بقرارات بسيطة مثل الملابس التي يحب ارتداءها كل يوم وهكذا يمكنك إعداده لاتخاذ قرارات حول جدوله الزمني الخاص وصولاً إلى قرارات أكبر.
المرجع
مؤسسة التوحد يتحدث بترجمة من مركز التميز للصحة النفسية بمستشفى الجليلة التخصصي
محمد عبد المنعم قشطة
الجنسية: مصري
الإقامة: الشارقة – الإمارات العربية المتحدة
هاتف: 056 – 2855575
- بكالوريوس خدمة اجتماعية بالمعهد العالي للخدمة الاجتماعية كفر الشيخ بمصر 2006.
- الدبلوم المهني في رعاية الفئات الخاصة جامعة كفر الشيخ بمصر 2008.
- دبلوم صعوبات التعلم بجامعة عين شمس طنطا مصر 2016.
- أخصائي اجتماعي سابقاً بوزارة التربية والتعليم بمصر لمدة سنتين.
- معلم تربية خاصة بمركز الشارقة للتوحد بمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية (من 2010 إلى 2018).
- مشرف تربوي بفرع مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية بالذيد (من 2018 حتى الآن).
- المشاركة في لجنة تقييم مسابقة التقنيات المساندة ATEDOCOM وحضور تدريب عملي في كوريا الجنوبية حول التقنيات المساندة.