دراسة استكشافية حول الأنماط السلوكية والدعم النفسي الأسري لهم
أ.د: محمد حمزة الزيودي ، د: أيمن رمضان زهران
مفاهيم الدراسة عن متلازمة ويليامز
أ: متلازمة ويليامز:
مرض ناتج عن تلف صغير يشير إلى عدم وجود جزء من المادة التكوينية للجين ويسمى (Microdéletion) ،( بنسبة 6,1 ميقاباز (Mégabase )في الكروموزوم رقم7 بالضبط على مستوى الذراع الطويل في المجموعة 23,11 ،ويكتب 23,11 7 q ،هذا الجزء الناقص من الكروموزوم هو المورثة أو الجينة الخاصة بتركيب (élastine’L) ،بالإضافة إلى 15 مورثة أخرى أي أن الإصابة يمكن أن تظهر على شكل عدد لا بأس به من الأعراض عند الشخص الحامل لهذه المتلازمة (حسينة، 2017).
ب: الدعم النفسي:
يشير مفهوم الدعم النفسي إلى مجموعة من الخدمات التي تقدم على أسس نفسية، تهدف لإكساب الشخص المهارات والمعارف التي تؤهله لاتخاذ القرار، وأداء الأدوار المطلوبة منه، بهدف التغلب على المشكلات التي تواجه الشخص الذي يحتاج الدعم (نعمان، 2022).
الإطار النظري للدراسة
اشتملت الدراسة على محاور عدة يمكن مناقشتها على النحو الآتي:
أولاً: متلازمة ويليامز:
التعريف، التشخيص، المظاهر والإشكاليات تؤكد المراجعات والدراسات فيما يتعلق بمتلازمة ويليامز أن أصحاب تلك المتلازمة لديهم مشكلات كبيرة في التكيف بحيث يبدون تكيفاً أقل من أقرانهم في نفس المستوى العمري، فيما لم تشر الدراسات والمراجع إلى وجود فروقٍ جوهرية بين الذكور والإناث في الملامح الوجهية، على الرغم من أن الملامح الوجهية لأصحاب تلك المتلازمة تظهر بوضوح مع التقدم في العمر، في حين يعانون من انخفاض درجات التواصل مع الآخرين وانخفاض المهارات اليومية لديهم، ومما اتفقت عليه الدراسات بالنسبة للأشخاص ذوي متلازمة ويليامز أنهم بصفة عامة لديهم انخفاض في القدرات الذهنية نتيجة سوء التكيف؛ إلا أنه في بعض الحالات تحسنت درجات السلوك التكيفي والذكاء مع التقدم في العمر. Fisher. 2016)).
وأكدت الدراسات أنهم يعانون من مشكلات كبيرة في البصر وضعف تخطيط حركة العين ولازالت الدراسات محدودة جداً في مجال الربط بين متلازمة ويليامز والإعاقة البصرية، حيث تضمنت الدراسات غالبًا عينات صغيرة، إضافة إلى ندرة تتبع حركة البصر لديهم منذ الولادة، لذلك فقد أوصت دراسة (Herwegen 2015) بضرورة تقديم محفزات اجتماعية وغير اجتماعية حين تعليم هؤلاء الأطفال في الصغر لدعم البصر لديهم وتعزيز الانتباه عندهم، فمما لاشك فيه أنهم يواجهون تحديات اجتماعية ولفظية ومكانية، وضعفاً عاماً في الانتباه والذاكرة العاملة، لذا إن ارتبط أي عجز بواحد أو أكثر من المجالات السابقة خلال مرحلة الطفولة وما يليها يمكن أن يؤثر ذلك على مهارات أخرى لاحقًا في حياة الشخص المصاب بالمتلازمة (Herwegen 2015).
وعلى الجانب الآخر أوضحت العديد من الدراسات أن متلازمة ويليامز تعبر عن اضطراب في النمو العصبي وأهم ما يميزه فرط التواصل والتشوهات العصبية المعرفية الفريدة، كما أن إحدى سمات متلازمة ويليامز هي الزيادة غير المناسبة في السلوك الاجتماعي، فقد يكون الأشخاص المصابون بالمتلازمة ودودين للغاية حتى مع الغرباء، فقد أجريت دراسة أشارت أن نقص الجين المسمى Gtf2i قد يلعب دورًا في متلازمة ويليامز، فعندما يكون هذا الجين غائباً تحدث تغييرات في أحد أهم مكونات الدماغ لنقل الإشارات في الدماغ ومن المحتمل أن تساهم في الود المفرط الذي لوحظ في متلازمة ويليامز .(Bar& Barak. 2020)
كما يتميز المصابون بـ WS بخصائص نفسية تميزهم تمثل نقاط القوة والضعف النسبية عبر المجالات المعرفية المتعددة ،وبنمط مميز من السلوك الاجتماعي، وأحد الجوانب الأكثر تمييزاً للنمط الظاهري الاجتماعي للأشخاص ذوي متلازمة ويليامز هو زيادة الرغبة في التفاعل الاجتماعي، فغالبًا ما يتعامل الأشخاص المصابون بـتلك المتلازمة مع الآخرين -بما في ذلك الغرباء- دون أي اعتبار للعواقب السلبية المحتملة، حيث يواجه الآباء ومقدمو الرعاية لتلك الفئة من الأطفال تحديًا في مهمة تعليم أطفالهم التصرف بطرق مناسبة اجتماعيًا، هذا وتعتبر الدراسات المصممة لتوضيح مسار الأداء الاجتماعي وتطور الدماغ لدى تلك الفئة خطوة حاسمة نحو تصميم وتنفيذ تقنيات التدخل المستهدفة التي تعزز التنمية الاجتماعية الصحية لدى الأفراد المتعاملين معهم. (Haas& Reis. 2012).
والسبب في حدوث تلك المتلازمة غير معروف في الحالات الفردية والحالات غير الوراثية، وقد أرجع الباحثون أن أسباب تلك المتلازمة تعود لمجموعة أمور منها حدوث طفرة جينية – ليس السبب شيئاً فعله الوالدان أو لم يفعلوه خلال الحمل أو قبله، وحالات قليلة تكون وراثية، أي تنتقل من الوالدين للطفل، إضافة إلى نقص أو حذف جزء من الكرموسوم – الصبغي – السابع q11 ، وهناك أكثر من 15 مورثاً في هذا الجزء، وفي هذا الجزء مورث مادة elastin ، لذا يلاحظ ارتخاء العضلات، الفتق، ارتخاء الشريان الأبهر، وأيضا في هذا الجزء مورث يدعى ليم LIM-kinase I، والذي ينشط في الدماغ، وهذا يشير إلى إمكانية تأثيره في نمو الدماغ وقيامه بوظائفه.
وفيما يتعلق بتشخيص تلك المتلازمة فيوجد حالات لا تكون واضحة ويصعب تشخيصها، وقد تمر سنوات عديدة قبل القيام بتشخيصها، ولا يعتمد في التشخيص على العلامات الظاهرة بل يحتاج إلى اختبارات خاصة، وهنا ننبه إلى أن التشخيص يتم من قبل طبيب الأطفال وطبيب الأمراض الوراثية، أو عن طريق فحص الكروموسومات، وفحص التهجين الفلوري الموضعي Fluorescent in situ hybridization ( FISH)، ويكون هذا الفحص إيجابي (غير طبيعي) في حوالي 95 % من الأطفال من ذوي بمتلازمة وليامز، ويتم تشخيص تلك المتلازمة حين زيادة التكلس في العظام، العمود الفقري، قاعدة الدماغ.
كما يشير التشخيص الخاص بتلك المتلازمة بأنها تحدث متلازمة بسبب فقد جينات مُعينة، مثل الجين الذي ينتج بروتين الإيلاستين. حيث يعطي الإيلاستين مرونة أو تمدد للأوعية الدموية وأنسجة الجسم الأخرى، وقد يكون هذا النقص هو الذي يسبب تضيق الأوعية الدموية، ويجعل الجلد مُتمدّدًا، والمفاصل مرنة، وينظر الطبيب في الأعراض السريريّة، بما في ذلك ملامح الوجه وأعراض القلب والأوعية الدمويّة، ورغم ذلك فقد لا تتضح أعراض مميزة أحيانا للإصابة بتلك المتلازمة، وليس بالضرورة أن يكون لجميع المصابين نفس الملامح والأعراض، ويمكن من خلال إجراء فحص الدم التحقق من وجود مستويات عالية من الكالسيوم، ويوجد بعض الاختبارات الجينيّة، التي يمكنها أن تشخص أكثر من 99 بالمائة من الحالات باستخدام التهجين الفلوري في الموقع (FISH) أو اختبار الحذف/المضاعفة. (سليمان، 2020).
هذا وتختلف توقعات تطور الحالة لدى المصابين بتلك المتلازمة، حيث يوجد لديهم درجة معينة من ضعف الفكر، كما يمتلك بعض البالغين القدرة على العمل بشكل مستقل جيدًا، وإكمال التعليم الأكاديميّ أو المهنيّ، والعيش في منازل خاضعة للإشراف أو بمفردهم؛ ولكن أغلبهم يعيش مع مقدم رعاية، كما يمكن للوالدين زيادة احتمالية أن يتمكن أطفالهم من العيش بشكل شبه مستقل بتعليمهم مهارات المساعدة الذاتيّة في وقت مبكر، وهنا يأتي دور وأهمية التدخل المبكر والبرامج التعليميّة الفرديّة المُصمّمة مع مراعاة السمات المعرفيّة والشخصيّة المميزة للمصابين على زيادة إمكانياتهم، إلا أن المضاعفات الطبية المصاحبة قد تؤدّي إلى قصر عمر بعض الأفراد المصابين بالمرض. (المرجع السابق).
ويوجد العديد من العلامات الرئيسة العامة التي تميز الأشخاص ذوي متلازمة ويليامز عن الأشخاص من ذوي غيرها من المتلازمات منها على سبيل المثال نقص الوزن عند الولادة، قلة النمو بعد الولادة، ملامح الوجه مميزة، التأخر الفكري البسيط إلى المتوسط، صعوبة النطق والكلام، زيادة نسبة الكالسيوم في الدم، مشكلات في كل من القلب والجهاز الدوري، مشكلات في التغذية، المغص المتكرر بالنسبة للمواليد، مشكلات في الأسنان، فبعضها تغيب بشكل كامل والأخرى ناقصة غير مكتملة، تشوهات كلوية مثل تكلس الكلية، عدم تناظر في حجم الكليتين، كلية وحيدة ومتواضعة في الحوض، رتج مثاني وتضيق في الإحليل، جذر مثاني حالبي، الفتاق: فتق السرة وفتق اربي، فرط حساسية للصوت، مشكلات في الجهاز الحركي – العظام والعضلات، صعوبة التكيف الاجتماعي والاضطرابات النفسية المتكررة مثل القلق والتوتر الزائد، ضعف النمو والتطور الحركي والفكري، صعوبات التعلم، ضعف التركيز.
وعموماً لا يوجد علاج محدد لمنع الإصابة بمتلازمة ويليامز، لكنّ النساء المصابات والراغبات في الحمل عليهن مراجعة الطبيب لدراسة احتمالية الحمل والإنجاب دون التأثّر بمشكلة نقل المرض للجنين، وتُخفّف أعراض المرض ليتعامل الأطباء مع الأعراض حسب نوع كل عَرَض، فتجرى فحوصات دورية للقلب لمعالجة مشكلات تضيّق الأوعية الدموية، والحدّ من الإصابة بفشل القلب.
ونسبة (67%) من المصابين بمتلازمة ويليامز لديهم مشكلات في الانتباه، فمع مرور السنوات والتقدم في العمر بالنسبة لهم تزداد مشكلات الانتباه والتركيز، والتي تكون عادة مصحوبة بصعوبات في التذكر والتركيز وميل إلى الشرود الذهني المستمر، لذا فتوصي الدراسات بإيجاد وقفات قصيرة لهم حين الدراسة أو المتابعة في أي عمل يتطلب نشاطاً ذهنياً، كما ينبغي التنويع في المثيرات لهم والأنشطة المختلفة. (حسينة، 2017).
ويفيد العلاج لدى اختصاصي النطق في تخفيف أعراض مشكلات تأخر الكلام والنطق، وتخف الأعراض المرافقة للمرض من خلال تشجيع الاعتماد على النفس، وتعزيز الاستقلالية، من خلال إدخالهم في سنّ مبكرة إلى المدرسة، وقد يلزم أحيانًا وجود ممرض مرافق للمريض يتولّى شؤونه ويرعاه، في حالات التأخر العقلي التي يعاني منها أغلبية المرضى، ويجب امتناع المصابين عن تناول مكمّلات فيتامين د والكالسيوم؛ بسبب ارتفاع نسبتهما في الدم، حيث يفضل اتباع أنظمة غذائية منخفضة المحتوى من الكالسيوم وفيتامين د، إذ تفيد هذه البرامج في عودة مستويات الكالسيوم إلى طبيعتها من دون الحاجة إلى العلاج، وقد وردت هذه المعلومات وفقًا للمنظمة الوطنية للأمراض النادرة (NORD)، ولا يتسنى ذكر مجموعة العلاجات التي تساعد المرضى على التحسّن؛ كالعلاج النفسي الذي يعالج اضطرابات القلق، بالإضافة إلى مشكلات الأسنان التي تُعرض على الطبيب المختص بتركيب التقويم، ومن منحىً آخر، فإنّ العلاج الدوائي قد يخفف من أعراض اضطرابات القلق، ومشكلات الانتباه المرافقة للمرض. (Barzier.2017).
يتبع ………..