إطلاق أول دمية باربي من ذوات متلازمة داون
إعداد : محمد زكريا النابلسي
كلنا يعرف دمية باربي الشهيرة بأثوابها الوردية والمزركشة، وصورتها الحالمة لجسد الفتاة الممشوقة القوام، وشعرها الأشقر الطويل، نموذج الأناقة وحلم الفتيات حول العالم منذ العام 1959، منذ ظهرت نسختها الأولى في خصرها النحيل ووجهها المزين بألوان المكياج الكاملة. كأن شركة ماتل MATTEL المنتجة لدمية باربي تقول للعالم أننا نقدم لأطفال العالم دمية لا تشبههم وعليهم أن يروا أنفسهم من خلالها.
وهو ما جعل الشركة الأمريكية والعملاقة في صناعة الدمى تتعرض لانتقادات متعددة، كون تلك الدمية لا تمثل النساء الحقيقيات، كونها موجهة في المقام الأول للفتيات، وقد أشار أكاديميون من جامعة جنوب أستراليا أن احتمال أن يكون لدى المرأة شكل جسم باربي هو واحد من 100000.
وهو ما جعل شركة MATTEL تراجع شكل الدمية على مدى السنوات المختلفة لتحقيق أكبر قدر ممكن من التنوع، ومحاولة الشركة جعل الفتيات يرين أنفسهن بالفعل من خلال دميتهن المفضلة باربي، والتي اكتسبت اسمها تيمناً بابنة مخترعة الدمية السيدة روث هاندلر، فبعد أن رأت ابنتها الصغرى “باربرا” تلعب بدمى ورقية مع صديقاتها، استوحت روث دمية باربي، وأنتجت الدمية من خلال شركة زوجها ماتيل.
وفي العام 1980 بدأت شركة ماتل إطلاق دمية كريستي كأول دمية سمراء، كصديقة لباربي، ومع تطور المفاهيم الحقوقية والفكر النسوي، وفي سبيل مواجهة كافة الانتقادات التي واجهتها الشركة، صارت الشركة تجتهد في رؤية دميتها المدللة بشكل مختلف، مبنية على مفاهيم التنوع والتعدد.
فصرنا نشاهد باربي التي تمثل نماذج المرأة الملهمة والناجحة حول العالم، كإصدارات تذكارية مثل الناشطة التسوية الأمريكية سوزان أنتوني والسيدة اليانور روزفلت ورائدة الفضاء سالي رايد. بالإضافة إلى باربي التي تمثل دول العالم وثقافتها.
كما بدأت شركة ماتل تلتفت إلى ذلك التنوع في أجساد النساء فصرنا نشاهد باربي بأحجام مختلفة، تمثل أجساد السيدات المختلفة وعروقهن المختلفة، فصرنا نجد باربي الممتلئة، أو بألوان البشرة المختلفة.
ولكن في العام 2000، ظهرت دمية باربي المصابة بالبهاق لأول مرة، وسرعان ما ارتفعت قيمتها لتصبح واحدة من أفضل دمى العالم وحققت مبيعات عالية، وهو ما أثر على عروض الأزياء في العالم فصرنا نشاهد عارضات الأزياء من ذوات البهاق. وتتطلب الأمر 20 عاماً أخرى لقيام شركة MATTEL في عام 2020، بتقديم دمية باربي كإحدى مستخدمات الكراسي المتحركة. كما عملوا مع مجتمع الصم الأمريكي لصناعة دمية باربي تستخدم سماعة أذن.
وفي شهر أبريل الماضي أعلنت شركة MATTEL عبر موقعها الإلكتروني عن إطلاق دمية باربي من ذوات متلازمة داون، في سبيل تحقيق أكبر قدر من التنوع، وإلهام جميع الأطفال لرواية المزيد من القصص من خلال اللعب.
قالت ليزا ماكنايت، نائب الرئيس التنفيذي والرئيس العالمي لباربي: “بصفتها خط الدمى الأكثر تنوعًا في السوق، تلعب باربي دورًا مهمًا في التجارب المبكرة للطفل، ونحن ملتزمون بالقيام بدورنا لمواجهة وصمة العار الاجتماعية من خلال اللعب”.
للتأكد من أن الدمية تمثل الأشخاص من ذوي متلازمة داون بدقة، أشارت شركة باربي عبر موقعها الإلكتروني إلى أنها عملت بشكل وثيق مع الجمعية الوطنية لمتلازمة داون (NDSS)، وهي منظمة حقوقية أمريكية رائدة تعمل على تمكين الأشخاص من ذوي متلازمة داون. وقد ساعدت إرشادات تلك المنظمة في عملية التصميم من البداية إلى النهاية، بما في ذلك نحت الدمية والملابس والإكسسوارات والتغليف.
تقدم هذه الدمية شكلًا جديدًا للوجه والجسم ليكون أكثر وضوحًا للنساء ذوات متلازمة داون، بما في ذلك طول قامة الدمية، وشكل الوجه الجديد المستدير وأذنين أصغر وأنف مسطح قليلاً، بينما تميل العينان قليلاً على شكل اللوز. حتى أن راحتي الدمية تحتويان على خط واحد، وهي خاصية ترتبط غالبًا بمتلازمة داون.
ترتدي باربي من ذوات متلازمة دوان فستاناً بأكمام منتفخة بالفراشات والألوان الصفراء والزرقاء، وهي رموز وألوان مرتبطة بحملات التوعية الخاصة بمتلازمة داون. كما ترتدي قلادة وردية تمثل النسخ الثلاث للكروموسوم الحادي والعشرين، وهي المادة الوراثية التي تسبب الخصائص المرتبطة بمتلازمة داون. كما ترتدي دمية باربي “فاشنيستا” ذات متلازمة داون أيضًا تقويم القدم الوردي (AFOs) لتتناسب مع ملابسها وحذائها الرياضي. وهو تقويم عظام يستخدم مع بعض الأطفال من ذوي متلازمة داون لدعم أقدامهم.
ستتوفر هذه الدمية في الأسواق الصيف القادم.
ما تقوم به اليوم شركة MATTEL نقلة في صناعة الدمى، وإن كانت متأخرة قليلاً في تمثيل التنوع والتعدد في مجتمعات العالم، باختلافاتهم الجسدية والعرقية وإعاقاتهم المختلفة.
• كاتب أردني مقيم في الشارقة
• . مسؤول العمليات الفنية في مدينة الشارقة للخدمات الفنية
• يعمل في مجال الإعاقة والمؤسسات غير الربحية منذ أكثر من عشرين عاماً، شغوف بتعزيز حق القراءة للأشخاص من ذوي الإعاقة، وترسيخ الصورة الحقوقية عنهم في كتب الأطفال واليافعين.
• لديه العديد من المفالات منشورة في عدد من الدوريات العربية الالكترونية والورقية تحمل مراجعات نقدية للكتب، والسينما والحقوق الثقافية لللأشخاص ذوي الإعاقة.
• لديه خبرة في المسرح مع الأطفال والأشخاص من ذوي الإعاقة لديه مشاركات عديدة في مؤتمرات ثقافية ومتخصصة في مجال الكتب والمسرح.
صدر له:
• عن رواية تمر ومسالا – لليافعين عام – 2019 – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• قصة خياط الطوارئ – للأطفال عام 2020 ( تحت الطبع) – دار (و) للنشر والوسائل التعليمية – دولة الإمارات العربية المتحدة. –
• حاصل على المركز الأول في جائزة عبد الحميد شومان لأدب الأطفال سنة 2020 عن قصته “غول المكتبة”