إعداد : المشرف التربوي محمد عبد المنعم قشطة
مجلس الاختصاصيين النفسيين والمشرفين التربويين في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
[email protected] / [email protected]
بين الإصرار على الحياة والاستقلالية المادية وحق الأشخاص ذوي الإعاقة في العمل، تسرد الكثير من القصص المحملة بالتعب والألم والمخاوف، أبطالها أشخاص بحاجة لمن يؤمن بإمكاناتهم وبأنهم كغيرهم قادرون على العطاء والإنجاز والتحدي.
الحلم بإيجاد وظيفة مناسبة، ليس مطلباً تعجيزياً، كما يراه البعض، بل هو حق مشروع وأساسي يمكن الأشخاص ذوي الإعاقة من الاعتماد على أنفسهم ويبعدهم عن حاجة الآخرين، فهم يمتلكون القدرة على التعلم والتميز في مجالات عدة إذا أتيحت أمامهم الفرص وهيئت الطريق ليثبتوا جدارتهم واستحقاقهم للعمل وأن لديهم إرادة قوية للنجاح والتميز حتى وإن كان ذلك خارج حدود الشهادات الجامعية.
ولذلك نجد أن المجتمعات المتحضرة تبذل جهوداً عديدة لتقديم الخدمات التي تلبي تطلعاتهم بل وتطمح إلى ما هو أبعد من ذلك عبر دمجهم في المجتمع ليكونوا فاعلين ومنتجين ومشاركين في تنميته.
ومما لا شك فيه أن تعطيلهم، وعدم الاستفادة من قدراتهم يسهم في تعطيل التنمية الاجتماعية، فالأشخاص ذوو الإعاقة يمتلكون قدرات تمكنهم من المشاركة في بناء مجتمعاتهم، إن أحسن التعاطي معها، وتهيئة البيئة المناسبة لتفعيلها.
وقد أظهر الواقع العملي العالمي والمحلي أن المنشآت التي تبذل جهوداً عديدة لتقديم الخدمات التي تلبي تطلعات الأشخاص ذوي الإعاقة استفادت من قدراتهم في العمل؛ واكتشفت أن جودة إنتاجهم لا تقل عن غيرهم.
وضمن هذا السياق سنتناول في عدد من المقالات مجموعة من الأفكار التي تدعم المؤسسات والمنشآت لتحقيق فرص أكبر وتوفير بيئات عمل داعمة وميسرة لموظفيها من الأشخاص ذوي الإعاقة.
توظيف الأشخاص من ذوي الإعاقة
عند توظيف فردٍ جديد في المنشأة، لابد من التأكد من خلو جميع العمليات من أي عوائق تقف حائلاً أمام المرشحين من الأشخاص ذوي الإعاقة وبين الالتحاق بفريق المنشأة، وهذا الاهتمام يشير إلى أن فرص الترشيح للوظائف متاحة في المنشأة للمرشحين من ذوي الإعاقة كما هي متاحة لغيرهم من غير ذوي الإعاقة.
الوصف الوظيفي
- يجب أن يكون لكل وظيفة وصف وظيفي دقيق، ومن المهم عند كتابة إعلانات الوظائف والوصف الوظيفي ومواصفات المرشحين تجنب استثناء المرشحين من ذوي الإعاقة، وعند صياغة الأوصاف والمهام الوظيفية للمؤسسات الداعمة لتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة مراعاة ما يلي:
- العناية بلغة صياغة التوظيف، فلا يشعر الأشخاص ذوو الإعاقة من خلال اللغة المستخدمة في الوصف الوظيفي والمواصفات الشخصية بأن الوظائف لا تشملهم.
- دراسة المهام والمهارات الأساسية اللازمة للوظيفة.
- دراسة متأنية التفكير في المخاطر المرتبطة بتنفيذ العمل وطريقة التغلب عليها.
- التركيز على المهام الواجب تلبيتها، بدلاً من التركيز فقط على كيفية تنفيذ العمل؛ فالشخص من ذوي الإعاقة المرشح للعمل يمكن أن يكون قادراً على القيام بأداء العمل إذا توفرت الترتيبات الميسرة ضمن مكان العمل.
- مناسبة المهام المكلف بها الموظف وحجم العمل بالنسبة لقدراته ومهاراته، ومناسبتها كذلك لبيئة العمل.
- التحكم بالمهمة المعروضة على الموظف والرقابة عليه.
- فهم الموظفين لمهامهم بالنسبة للمنشأة، ومدى تعارض مهمتهم مع مهام غيرهم.
- فهم تحليل المخاطر يساعد في تحديد المواضع التي يلزم فيها تقديم دعم إضافي لمهام معينة.
- التركيز على ما يجب تحقيقه في الوظيفة بدلاً من طريقة تنفيذ مهام الوظيفة.
أمثلة لبعض العبارات غير الدقيقة في نماذج الوصف الوظيفي:
مثال 1 : “القدرة على الطباعة باليد“
هذه الجملة غير دقيقة؛ فقد يترتب عليها استثناء مرشحين أكفاء لديهم طرق بديلة في إنجاز الأعمال الكتابية. نقترح استبدال هذه الجملة بعبارة : “تتطلب منك مهام الوظيفة تحرير تقارير دقيقة باستخدام برنامج معالج الكلمات”. ويسمح هذا الطلب للمرشحين ذوي الإجهاد المتكرر إظهار مقدرتهم على تلبية المتطلبات من خلال استخدام برنامج يعمل بالتحكم الصوتي.
مثال 2: “يجب أن يكون لديه رخصة قيادة“
لا يوضح هذا الطلب السبب وراء توفر رخصة القيادة لدى المرشح، ومن الممكن أن يتسبب ذلك في استبعاد مرشح من ذوي الإعاقة البصرية، أو مصاب بالتهاب في المفاصل يمنعه من القيادة. لذا نقترح استبدال هذه الجملة بالعبارة التالية: “من الشروط الأساسية الاستعداد للسفر والتنقل بشكل متكرر ومكثف للاجتماع مع العملاء”، وهذا الأسلوب في الطلب يتيح للمرشح اختيار الوسيلة البديلة لإتمام المهمة المطلوبة منه.
وفيما يتعلق بالإنتاجية، فإن النتيجة أكثر أهمية من الطريقة فعند إعداد الوصف الوظيفي ومواصفات المرشحين يجب الأخذ في الاعتبار أنه من الممكن أن يقوم الشخص ذو الإعاقة بتنفيذ المهمة بشكل مختلف ولكن بنفس النتيجة.
مثال 3 : “الحصول على درجة جامعية” أو “توفر خبرة في العمل“
عند وضع المؤهلات التعليمية والخبرات العملية باعتبارها الحد الأدنى من المعايير الأساسية للوظيفة، يجب النظر فيما إذا كانت تلك المتطلبات أساسية بالفعل. فهناك مرشحون جيدون من ذوي الإعاقة لم تساعدهم الظروف للحصول على قدر كاف من التعليم وبالمثل، من الممكن أن لاتكون خبراتهم العملية كافية نظراً لعدم إتاحة الفرصة لهم من قبل. وإذا كانت المنشأة تستخدم الحد الأدنى من المعايير، فإنه من المهم توضيح أنها سوف تنظر في أمر المرشحين الذين يستطيعون إثبات مهارتهم، أو أنهم قد اكتسبوا المهارات اللازمة التي تعتبر المؤهلات أو الخبرات العملية مؤشراً لها.
تجنب طلب كفاءات قد تنطبق على معظم الوظائف في المنشأة، مثل “العمل مع الفريق”. فإذا لم يكن العمل ضمن فريق أمراً أساسياً لدور الوظيفة، فقد يترتب على هذا الشرط مثلاً استثناء مرشح من ذوي إعاقة Asperger تتوفر لديه كل الإمكانيات والكفاءات مثل: الأشخاص من ذوي اضطرابات التواصل أو اضطراب طيف التوحد، والذين قد تكون لديهم صعوبة في العمل ضمن فريق يتطلب منهم الكثير من التفاعل مع الآخرين.
اختيار أفضل المرشحين للوظيفة
عند اختيار المرشحين يُراعى أن المؤهلات التعليمية ليست مؤشراً دقيقاً على الإمكانيات، نظراً لأن العديد من الأشخاص ذوي الإعاقة قد حرموا منها لأسباب مختلفة.
إن الفجوة بين الوظائف أو الدورات قد تكون مرتبطة بالإعاقة، مثل: إعادة تأهيل الأشخاص بعد التعرض لحادث أو بعد فترة مرض طويلة كانوا قد تعافوا منها
إن العمل التطوعي والخبرة الحياتية يمكن أن توفر مهارات قَيِّمَة تماثل الخبرة العملية، مثل: مهارات حل المشكلات ومهارات الاتصال والتعامل مع الآخرين
إن المتطلبات الخاصة بالدقة في التهجئة والقواعد النحوية غير أساسية إلا إذا كانت الكتابة جزءاً جوهرياً من الوظيفة.
الإعلان عن الوظيفة
أساليب ومميزات الإعلان الناجح عن وظيفة معينة
وضع الإجراء الخاص بالترحيب والمعاملة العادلة لطالبي الوظائف من الأشخاص ذوي الإعاقة في قائمة أولويات الإعلان والمعلن.
تخصيص صفحة للإعلان على موقع المنشأة الإلكتروني أو في منشورات التوظيف تظهر التزام المنشأة بتوظيف الأشخاص ذوي الإعاقة، وإضافة إفادات من الموظفين ذوي الإعاقة عن تجاربهم وخبرتهم في العمل لدى المنشأة
التأكد أن يكون الاتصال الأول مع كل مرشح إيجابياً
إرسال ردود بناءة إلى جميع المرشحين الذين أخفقوا في الحصول على وظائف، ويشمل ذلك المرشحين من الأشخاص ذوي الإعاقة
استخدام لغة إيجابية مثل: “نرحب بمرشحي العمل من الأشخاص ذوي الإعاقة
توفير جهات اتصال مختلفة للأشخاص المهتمين بعملية التوظيف للاتصال بهذه الجهة عن طريق الهاتف، أو البريد الإلكتروني، أو الهاتف المحمول
التوضيح في الإعلان أن طلبات التقدم للوظائف سيتم قبولها في وسائل بديلة، مثل: البريد الإلكتروني أو ملف صوتي
التأكد من أن جميع قنوات التواصل للمنشأة سهلة الوصول من قبل المرشحين ذوي الإعاقة ويشمل ذلك الموقع الإلكتروني وهوية المنشأة وغيرها من وسائل قنوات الاتصال والتسويق
التأكد من سهولة الوصول إلى الموقع الإلكتروني للمنشأة، خاصة إن كان يمثل قناة توظيف أساسية.
استمارة التقديم على الوظيفة
تعتبر نماذج طلب الوظيفة وسيلة شائعة الاستخدام من قبل أصحاب العمل نظراً لشموليتها إذ إنها تسمح بالمقارنة بين المتقدمين بطريقة سهلة. لكن هذا النوع من توحيد المعايير قد يضر بأشخاص ربما يكونون مرشحين أكفاء لكن تنقصهم المؤهلات التعليمية الأساسية، أو أن تاريخهم الوظيفي يتضمن فترات انقطاع عن العمل. وبالرغم من ذلك يملك أغلب الأشخاص ذوي الإعاقة خبرات ومهارات أخرى تمكنهم من العمل.
مواصفات استمارة التقديم للوظيفة
إذا كانت المنشأة تستخدم استمارة التقديم للوظيفة، فإن من مواصفات الاستمارة الجيدة :
تجنب إعداد نماذج تقديم طويلة ومعقدة، لأن ذلك سيجعل من الصعب على بعض الأشخاص أن يتقدموا للعمل، وقد يضر بصفة خاصة بالأشخاص ذوي الإعاقة الذين يحتاجون لوقت أطول لتعبئة النموذج.
مساعدة الأشخاص في تعبئة الاستمارة إذا كانت المنشأة غير قادرة على تغيير النماذج المعقدة، وتقديم وسائل إبداعية يمكن بواسطتها التغلب على العوائق الواردة في النماذج. مثل: تقديم إرشادات حول كيفية تعبئتها.
التأكد من أن كل الأسئلة لها علاقة بالوظيفة، وتحديد وتوضيح ماهي المعلومات الإجبارية وما هي المعلومات الاختيارية المطلوبة في هذه الأسئلة.
التأكد من عدم تأثير الأسئلة غير الإلزامية للوظيفة -التي قد تكون موجودة في الاستمارة- على أي قرار يتعلق بتوظيف المرشح أو إجراء المقابلة الشخصية معه
التوضيح أن النموذج هو إجراء اعتيادي، وأن المنشأة ستنظر فقط في الأسئلة الموجودة في الاستمارة.
ترك مساحة لمقدم الطلب كي يشرح فيها تفاصيل خبراته التي اكتسبها خارج أماكن العمل.
استخدام لغة بسيطة ومباشرة مناسبة للجميع، وخاصة الأشخاص من ذوي الإعاقة الذهنية، وأولئك الذين لديهم صعوبات في التعلم.
التأكد من أن الاستمارة الإلكترونية متاحة للاستخدام من جميع الأشخاص ذوي الإعاقات المختلفة.
التأكد عند عرض نماذج طلب التوظيف على الإنترنت، من قدرة طالب الوظيفة على معرفة ما تتضمنه نماذج طلب التوظيف قبل أن يبدأ في تعبئتها، ومعرفة المعلومات المطلوب تقديمها.
تقدير الوقت – إذا أمكن- الذي يستغرقه استكمال تعبئة النموذج.
قدرة طالب الوظيفة على طباعة نسخة من النموذج لمساعدته في إعداد الإجابات المطلوبة، وأن يكون قادراً على حفظ النموذج والعودة إليه لاحقا.
تجنب انقطاع الاتصال بالموقع إذا استغرق المستخدم وقتاً طويلاً في إعداد النموذج، كما يحدث في بعض استمارات التوظيف على الإنترنت.
إتاحة الفرصة لباحثي العمل لاختيار الطريقة المناسبة لهم لإرسال النموذج حسب ما هو مناسب لهم، مثل: إرسال النموذج عبر البريد العادي، أو عبر البريد الإلكتروني.
على المنشأة تحديد الطرق المفضلة للباحثين عن العمل لإرسال نموذج الطلبات.
مثلاً: إرسال الطلبات عبر البريد الإلكتروني أو بطريقة برايل.
تجنب السؤال التالي في نموذج طلب الوظيفة: “هل تعتبر نفسك من ذوي الإعاقة؟”، فهذه المعلومة أقل أهمية من المعلومات التي تتعلق بالدعم المطلوب للشخص. لذا نقترح استخدام الجملة التالية: “نرجو إفادتنا عما إذا كنت تريد منا إجراء أي ترتيبات تيسيرية أثناء عملية التوظيف وإذا كنت ترغب في مناقشة أي أمور تتعلق بإجراءات التقديم، نرجو الاتصال ب….
ذكر تفاصيل عن إجراءات الترتيبات التيسيرية المتبعة وتقديم أمثلة عن نوعها والتي يمكن إجراؤها في كل مرحلة من مراحل التقديم على الوظيفة، حيث تساعد هذه المعلومات الأشخاص ذوي الإعاقة في توقع مدى حاجتهم لبعض الترتيبات التيسيرية قبل قدومهم لإجراء المقابلة الشخصية أو عملية التقييم.
على سبيل المثال، إذا كانت المنشأة تستخدم اختبارات التقييم قبل المقابلة الشخصية، فيجب، على سبيل المثال، أن تشرح هذه الاختبارات وأنواع الترتيبات التيسيرية التي يمكن إجراؤها للمستخدمين ذوي الإعاقة البصرية.
المصادر :
- وزارة العمل والتنمية الاجتماعية السعودية – الدليل الإرشادي لبيئة عمل نموذجية للأشخاص ذوي الإعاقة
- عوائق توظيف الأشخاص من ذوي الإعاقة Escwa الأمم المتحدة الإسكودا