بقلم: كارلا بريتوريوس ، دكتورة في علم النفس (فائزة بجوائز المساهمة لعامي 2021 و 2022)
ترجمة وإعداد محمد وليد الشمالي، مشرف تربوي في مركز الشارقة للتوحد
“إليك نصائح عملية، مدعومة بالعلم، لإنشاء جداول مرئية فعالة”
في عالم يبدو فيه الأمر غالبًا مُرهِقًا، وخاصة بالنسبة للأطفال الذين يعانون من اختلافات في التطوير العصبي، أثبتت الجداول المرئية أنها أدوات قوية لتوفير الهيكلية، وتعزيز الاستقلالية، وتخفيف القلق.
الجدول المرئي يُمثل تسلسلًا من الأنشطة أو المهام يُعرض بوضوح ويُنظم باستخدام الصور أو الرموز أو الكلمات. إنه يعمل كخريطة طريق للأفراد ليتنقلوا خلال يومهم، مما يساعدهم على فهم ما يمكن توقعه ومتى.
سيتناول هذا المقال أهمية الجداول المرئية، وسيشارك أمثلة، وسيقدم دليلًا تفصيليًا للآباء لإنشاء جداول مرئية فعّالة لأطفالهم.
لماذا الجداول المرئية أمر ضروري؟
تلعب الجداول المرئية دورًا حاسمًا في دعم الأطفال الذين تم تشخيصهم باضطراب طيف التوحد، وفرط النشاط وفرط الحركة (ADHD)، والقلق، والتحديات النمائية الأخرى. لنكن صريحين – نستخدم جميعًا الجداول المرئية. أعاني من صعوبة بدون الجدول اليومي على هاتفي، حيث يُذكرني بالأحداث والانتقالات القادمة.
اقرأ ايضا: واقع الخدمات التشخيصية المقدمة للأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد في المملكة العربية السعودية
إليك بعض الأسباب الرئيسية لماذا تعتبر الجداول المرئية أمرًا ضروريًا لنا جميعًا:
تعزيز التنبؤ:
توفير الجداول المرئية يعزز من التنبؤ، مما يمكن أن يساعد في تخفيف القلق والانهيارات. عندما يعرف الأطفال ما الذي يأتي بعد ذلك، يشعرون بالمزيد من السيطرة على بيئتهم.
تعزيز التواصل:
يمكن تخصيص الجداول المرئية لتلائم أنماط التواصل المختلفة، مما يجعل من الأسهل على الأطفال الذين لا يتحدثون بعد أو الذين يتحدثون بشكل قليل فهم الجدول ومتابعته.
دعم الانتقالات:
الانتقالات من بين الأنشطة يمكن أن تكون صعبة بالنسبة لبعض الأطفال. الجداول المرئية تساعد في تسهيل هذه التحولات عن طريق إعداد الأطفال نفسيًا لما يأتي بعد ذلك.
تشجيع الاستقلالية:
الجداول المرئية تمكِّن الأطفال من تولي مسؤولية جدولهم اليومي، ما يمكنهم من إتمام المهام بشكل مستقل وبناء مهارات الحياة.
” الجداول المرئية تلعب دورًا حاسمًا في دعم الأطفال
الذين تم تشخيصهم باضطرابات طيف التوحد،
وفرط النشاط وفرط الحركة (ADHD)،
والقلق، والتحديات التنموية الأخرى”
أمثلة على الجداول المرئية
يمكن أن تأخذ الجداول المرئية أشكالًا متنوعة تعتمد على احتياجات وتفضيلات طفلك. فيما يلي بعض الأمثلة الشائعة:
الجدول المرئي القائم على الصور
هذا النوع من الجداول يستخدم الصور أو الصور الفوتوغرافية لتصوير كل نشاط أو مهمة بتسلسلها. غالبًا ما يتم وضع هذه الصور على لوح أو شريط يمكن للفرد تحريكه أو إزالته عندما يكمل كل مهمة. أنصح باستخدام صور فعلية للأشياء أو الأنشطة أو الأشخاص الذين يعرفهم طفلك.
الجدول المكتوب
بالنسبة للأطفال الذين يستطيعون القراءة، يمكن إنشاء جدول مكتوب باستخدام كلمات وربما رموز أو صورٍ لتمثيل الأنشطة المختلفة. خلال عقدين تقريبًا من العمل مع الأطفال ذوي الاختلافات النمائية، لاحظت أن بعض الأطفال يحققون نجاحًا استثنائيًا إذا قمنا بربط الكلمات بالعناصر أو الأنشطة أو الأشخاص. يوفر هذا وسيلة أخرى لطفلك للشعور بالسيطرة على جدوله اليومي، إذا قرنَ الكلمة بالنشاط. كما ساعد ذلك بعض الأطفال من خلال منحهم فرصة لبدء كتابة الحروف أو الكلمات التي يفضلونها عند الحاجة.
الجدول الرقمي
يمكن استخدام الأدوات الرقمية والتطبيقات لإنشاء جداول مرئية ديناميكية يمكن الوصول إليها عبر الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية، مما يقدم خيارًا محمولًا وقابلًا للتخصيص. لقد كانت التكنولوجيا أداة رائعة لكثير من أطفالنا، ليس فقط لأنها متوقعة، ولكن أيضًا لأنها تمنحنا وسيلة سهلة لإنشاء موارد أثناء التنقل.
الجدول المركب
قد يستفيد بعض الأطفال من جداول تجمع بين الصور والنصوص المكتوبة، حسب مستوى فهمهم ومهاراتهم في التواصل. كل طفل مختلف، وكل طفل سيحتاج إلى نهج واستراتيجيات بصرية مختلفة. جرب مجموعة متنوعة من الجداول وانظر إلى ما يميل طفلك إليه. أنصح بأن يكون لديك وسائل متعددة للتواصل معهم وللطلب منهم. على سبيل المثال، إذا كانوا قادرين على استخدام بعض مفردات اللغة التعبيرية، قدم لهم بعض الصور الواقعية أو الصور المجردة لاستخدامها في تلك الأيام التي يشعرون فيها بالضغط ويفضلون عدم التعبير عن أنفسهم بصورة كلامية.
إنشاء جدول مرئي
الآن، دعونا نتناول الخطوات اللازمة لإنشاء جدول مرئي فعّال:
الخطوة 1: فهم احتياجات وقدرات طفلك
قبل إنشاء جدول مرئي، من الأمور الحاسمة معرفة نقاط قوى وضعف طفلك وما يفضله. انظر إلى عمره، مستوى تنميته، ومهارات التواصل لديه، وأي حساسيات حسية قد تكون لديه.
الخطوة 2: تحديد الأنشطة الروتينية
قم بإعداد قائمة بالأنشطة اليومية والمهام التي يشترك فيها طفلك بانتظام. يمكن أن تتضمن هذه القائمة الروتين الصباحي، والمهام المدرسية، ووجبات الطعام، ووقت اللعب، والأعمال المنزلية، وروتين النوم.
“كل طفل مختلف،
وكل طفل سيحتاج إلى نهج واستراتيجيات بصرية مختلفة
جرب مجموعة متنوعة من الجداول وانظر إلى ما يميل طفلك إليه”
الخطوة 3: جمع الصور المرئية
استنادًا إلى الأنشطة المُحددة، قم بجمع الصور المرئية المناسبة. يمكن أن تكون هذه الصور من الإنترنت، أو صوراً فوتوغرافية، أو رموزاً تمثل كل نشاط. تأكد من أن الصور مفهومة وغير مزدحمة ومن السهل التعرف عليها. في الواقع، استخدم صورًا حقيقية للأنشطة أو العناصر الفعلية إذا أمكن ذلك. هذا يسهل على أطفالنا التعامل مع الجدول.
الخطوة 4: تنظيم الجدول
قرر شكل الجدول المرئي. يمكنك استخدام لوح بسيط مع أشرطة فيلكرو للصور المتحركة، أو جدول مطبوع على الورق، أو تطبيق رقمي. كما تم ذكره، يمكن أن يكون التوجيه نحو توظيف مجموعة من هذه الأدوات مفيدًا. قم بترتيب الأنشطة بشكل زمني، من اليسار إلى اليمين أو من الأعلى إلى الأسفل، اعتمادًا على الشكل الذي تختاره.
الخطوة 5: ضع خطة للمرونة
المرونة أمر بالغ الأهمية، فقد تحتاج الجداول إلى تغيير أحيانًا. اترك مساحة للحدث عفويًا وعدل الجدول عند الضرورة. على سبيل المثال، إذا حدث تغيير في الخطط، قم بالتواصل بشكل بصري لتحضير الفرد للتعديل. أنصح بوجود رمز علامة الاستفهام لتحضير طفلك للتغيير الممتع في جدوله. يمكن أن يعني ذلك أنه إذا رأى رمز علامة الاستفهام، فإنه يعلم أن هناك شيئًا ممتعًا على وشك الحدوث.
الخطوة 6: قدم الجدول
قدم الجدول المرئي لطفلك من خلال شرح كل نشاط وشرح كيفية استخدامه. شجع على المشاركة واجعلها تجربة إيجابية وتفاعلية.
الخطوة 7: استخدم مؤشرات بصرية
في البداية، قد يحتاج طفلك إلى مساعدة لمتابعة الجدول. استخدم مؤشرات بصرية، مثل الإشارة إلى النشاط التالي أو توجيهه خلال كل خطوة حتى يصبح أكثر تعرفًا على العملية.
الخطوة 8: قدم التعزيز
احتفل بالنجاحات والإنجازات عندما يكمل طفلك المهام بشكل مستقل أو يتبع الجدول بشكل صحيح. يمكن أن يحفزه التعزيز الإيجابي على مواصلة استخدام الجدول المرئي. تذكر أن تبقى ملتزمًا بالمديح الاجتماعي الصادق، حيث يدرك الأطفال بسرعة إذا كان التعزيز “مبالغاً فيه” أو عامًا. أنصح دائمًا بأن تذكر ما تفخر به بالنسبة إليهم. على سبيل المثال، “أنا فخور بك جدًا لأنك عقدت رباط حذائك.”
ختاماً:
الجداول المرئية هي أدوات قوية يمكن أن تحول الروتين اليومي للأطفال ذوي الاختلافات النمائية وأسرهم. من خلال توفير الهيكلية وتعزيز التنبؤ وتشجيع الاستقلالية، تمنح الجداول المرئية الأفراد القدرة على تنظيم يومهم بثقة.
كوالدين، تلعبان دورًا حيويًا في إنشاء جداول مرئية فعّالة مصممة وفقًا لاحتياجات طفلكما، مما يفتح عالمًا من الإمكانيات للنمو والتطور. بالصبر والمرونة والإبداع، يمكن للجداول المرئية أن تحقق تغييرًا جذريًا في تعزيز الاستقرار وزيادة الثقة بالنفس في حياة الأشخاص الذين يستفيدون منها.
العنوان باللغة الإنكليزية:
- Karla PRETORIUS, M.Psych, A Practical Guide to Creating Visual Schedules, Autism Parenting Magazine | Issue 157-|10 -2023|
- Karla PRETORIUS, M.Psych (a 2021 and 2022 Contributor Awards Winner)
- اسمي محمد وليد الشمالي ولدت في مدينة حمص السورية وتخرجت من جامعتها متخصصا بالتربية وعلم النفس وحصلت على شهادة الماجستير في التربية الخاصة من الجامعة الاردنية عام 2012 لأعود إلى مدينتي وأعمل في مركز الربيع للتوحد.
- انتقلت بعدها للعمل في وزارة التربية والتعليم في مجال التشخيص والتقييم والدمج.
- شاركت في تأسيس وتدريب العديد من المراكز في سوريا في مجال التربية الخاصة ونشرت العديد من المقالات والأبحاث حول الاعاقة.
- عضو في الفريق البحثي وفريق التقنيات المساندة في مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
لدي العديد من النشاطات العلمية:
- 2016: تدريب فريق عمل وأسر مركز الشارقة للتوحد على برنامج بيكس (PECS).
- 2013: تدريب فريق عمل مركز سوا لذوي الاحتياجات الخاصة ـ طرطوس (سوريا) في مجال الإعاقة العقلية ـ التوحد- صعوبات التعلم- تعديل السلوك ـ البرامج التربوي الفردية.
- 2011: تدريب فريق عمل جمعية الرازي للمعاقين – دمشق في مجال تعديل السلوك، والتوحد، صعوبات التعلم، والبرامج التربوية الفردية.
- 2009: تدريب فريق عمل جمعية الربيع في حمص على استخدام مقاييس التقييم (مقياس السلوك التكيفي ـ مقياس هيلب – مقياس aba.