إعداد: محمد وليد الشمالي / مشرف تربوي في مركز الشارقة للتوحد
تتعرض حياة كل شخص تقريباً لفقدان عزيز، يمكن أن تؤدي في بعض الحالات إلى ردود فعل حزن شديدة وطويلة الأمد تعيق قدرة الشخص على العودة إلى الحياة اليومية بشكل طبيعي. كما أن حياة معظم الأطباء النفسيين المهنية تتضمن التعامل مع مرضى يعانون من حزن طويل الأمد بشكل غير طبيعي نتيجة هذا الفقدان. سنتناول في هذا المقال استعراض الأدبيات المتزايدة حول اضطراب الحزن المطول (PGD)، المعروف أيضاً باسم الحزن المعقد أو المرضي أو الناتج عن الصدمة. وهو حالة نفسية تم إدراجها في الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5-TR-2022) كاضطراب جديد ضمن القسم الثاني. حيث يقدم الدليل التشخيصي والإحصائي للاضطرابات النفسية (DSM-5-TR)، الإصدار الخامس المراجع، تصنيفاً جديداً يُعرف بـاضطراب الحزن المطول (Prolonged Grief Disorder – PGD).
وقد تم إدراج اضطراب الحزن المطول في الفصل الخاص باضطرابات الصدمات والضغوط النفسية (القسم 2). في النسخة السابقة من الدليل (DSM-5)، وسابقاً كانت حالة الحزن المعقد والمستمر مدرجة كـ”حالة للدراسة المستقبلية” في القسم 3. وفي عام 2018، قُدم اقتراح لإضافة هذا الاضطراب إلى النص الأساسي. ومن ثم في يونيو 2019، عُقدت ورشة عمل لتحديد معايير تشخيص دقيقة بناءً على أحدث الأبحاث. وفي وقت لاحق من نفس العام، تم اعتماد المعايير من قبل لجنة توجيه DSM واللجنة المعنية بالاضطرابات الداخلية. وطُرحت المعايير للتعليقات العامة وتمت الموافقة النهائية عليها من الجمعية الأمريكية للطب النفسي (APA)..
التعريف:
يُعرّف اضطراب الحزن المطول على أنه شوق أو حنين شديد ومستمر للشخص المتوفى، غالبًا مع حزن عميق وألم نفسي. يتسم أيضاً بانشغال مكثف بالأفكار أو الذكريات المتعلقة بالمتوفى.
- بالنسبة للأطفال والمراهقين، قد يركز هذا الانشغال على ظروف الوفاة.
في حالة اضطراب الحزن المطول (PGD)، تستمر صعوبات الحزن أو تزداد بدلاً من أن تتناقص مع مرور الوقت. ويختلف معدل انتشار هذا الاضطراب؛ فقد أظهرت الدراسات أن أقل من 10% ( كيرستين وآخرون، 2011) من الأفراد المكلومين يصابون بـ PGD، بينما قد تصل النسبة في بعض الدراسات إلى 20% (شير وآخرون، 2011). تم تحديد عدة عوامل خطر مرتبطة بظهور هذا الاضطراب، مثل وجود تاريخ سابق من الصدمات أو الخسائر، وجود تاريخ من الاضطرابات المزاجية والقلقية، أسلوب التعلق غير الآمن، كون الشخص ممرضاً للمفجوع، سبب الوفاة العنيف (مثل الانتحار)، ونقص الدعم الاجتماعي بعد الفقدان. هذه العوامل قد تدفع الأفراد نحو الشعور بالشوق الشديد للمتوفى، مما يعيق مهام معالجة الخسارة واستعادة الوظائف التي تؤدي عادة إلى حل الحزن.
معايير تشخيص اضطراب الحزن المطول:
الفقدان الكبير:
- يتمثل في فقدان شخص عزيز (مثل شريك الحياة، أحد أفراد العائلة، أو صديق مقرب).
- تكون مشاعر الحزن شديدة ومستدامة ولا تتناسب مع التوقعات الثقافية أو الاجتماعية.
مدة الأعراض:
- تستمر الأعراض لمدة لا تقل عن12 شهراً للبالغين و6 شهور للأطفال والمراهقين بعد الفقدان.
الأعراض الأساسية:
- شوق دائم أو انشغال مستمر بالمتوفى.
- الحزن الشديد، أو الشعور بالخسارة العميقة، أو الألم العاطفي المرتبط بالفقدان.
الأعراض المرتبطة (على الأقل 3 من القائمة):
- صعوبة تقبل الفقدان.
- شعور بالفراغ أو انعدام المعنى في الحياة.
- الانفصال أو الاغتراب عن الآخرين.
- قلق مفرط أو ارتباط مفرط بذكرى الشخص المتوفى.
- صعوبة في استعادة الأنشطة اليومية أو التخطيط للمستقبل.
- شعور بالذنب أو اللوم الذاتي.
- الشعور بالصدمة أو الخدر العاطفي.
التأثير الوظيفي:
تسبب الأعراض اضطراباً كبيراً في مجالات الحياة الأساسية مثل (العمل، العلاقات الاجتماعية، أو الأنشطة اليومية).
الفرق بين الحزن الطبيعي واضطراب الحزن المطول:
- الحزن الطبيعي: يُعتبر عملية طبيعية واستجابة صحية للفقدان، وعادةً ما يتراجع تدريجياً بمرور الوقت مع استمرار الشخص في التكيف.
- اضطراب الحزن المطول: يشمل أعراضاً مستدامة وشديدة تتجاوز ما يُعتبر طبيعياً من حيث المدة والشدة، وتؤدي إلى ضعف وظيفي كبير.
الأسباب والعوامل المؤثرة:
عوامل الخطر:
- فقدان مفاجئ أو غير متوقع.
- علاقة شديدة القرب بالشخص المتوفى.
- تاريخ شخصي أو عائلي من اضطرابات الصحة النفسية.
- نقص الدعم الاجتماعي.
العلاج:
العلاج النفسي:
- العلاج السلوكي المعرفي (CBT) المصمم للحزن.
- العلاج القائم على القبول والالتزام (ACT).
الأدوية:
- في بعض الحالات، يمكن استخدام مضادات الاكتئاب أو أدوية أخرى لعلاج الأعراض المرتبطة.
الدعم الاجتماعي:
- الانخراط في مجموعات الدعم أو الأنشطة الاجتماعية.
أخيراً: إن إدراج اضطراب الحزن المطول يعكس تقديراً أكبر للتأثيرات طويلة الأمد للفقدان على الصحة النفسية والحاجة إلى تدخل متخصص للتعامل مع هذه الحالة.
المراجع:
- https://www.psychiatry.org/getmedia/2a667a19-80ac-4aaf-8751-9ed240619757/APA-DSM5TR-ProlongedGriefDisorder.pdf
- https://www.apa.org/pubs/journals/features/pro-a0036836.pdf
محمد وليد الشمالي
- ماجستير في التربية الخاصة تخصص اضطراب طيف التوحد/ جامعة دمشق.
- مشرف تربوي في مركز الشارقة للتوحد/ مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية منذ عام 2015 ومدير فني لجمعية الربيع للتوحد في سوريا سابقا .
- شاركت في تأسيس وتدريب العديد من المراكز في سوريا في مجال التربية الخاصة ونشرت العديد من المقالات والأبحاث حول الإعاقة.
- مدرب في مجال التربية الخاصة واضطراب طيف التوحد ومتخصص في منهاج TEACCH.
- خبير في تدريب الطلاب ذوي الإعاقة على البرمجة المبسطة واستخدام التقنيات المساندة.
- عضو الفريق البحثي لمدينة الشارقة للخدمات الانسانية.