أعدته اختصاصية العلاج الوظيفي: أسيل تايه
يُعد العلاج الوظيفي من الأدوات الفعالة في دعم الأطفال ذوي الإعاقة لتحسين جودة حياتهم وتعزيز استقلاليتهم. ويشكل الروتين اليومي حجر الأساس في بناء عادات وظيفية تساعدهم على تطوير مهاراتهم وتحقيق أقصى درجة ممكنة من الاستقلالية. في هذا المقال، سنناقش أهمية الروتين اليومي للأطفال ذوي الإعاقة، وكيفية تصميمه ليكون أكثر فاعلية، ودور العلاج الوظيفي في دعمه.
اقرا ايضا: العلاج الوظيفي مع الأطفال ذوي الاعتلال البصري
أهمية الروتين اليومي للأطفال من ذوي الإعاقة
الروتين اليومي يوفر بيئة منظمة يمكن للأطفال التنبؤ بها، مما يقلل من القلق والتوتر لديهم. كما يساعد في تطوير مهارات التكيف والاستقلالية من خلال تكرار الأنشطة اليومية مثل الأكل، وارتداء الملابس، والعناية الشخصية، واللعب. من الفوائد الرئيسية للروتين اليومي:
- تحسين المهارات الحركية والإدراكية من خلال الأنشطة المتكررة التي تعزز التنسيق الحركي البصري.
- تعزيز الثقة بالنفس والاستقلالية عند إتقان مهام معينة، مما يشجع الطفل على القيام بالمزيد من الأنشطة بمفرده.
- تقليل السلوكيات غير المرغوبة عبر تقديم بيئة متوقعة ومنظمة، مما يقلل من التشتت والانفعالات الزائدة.
- تعزيز التواصل والتفاعل الاجتماعي من خلال الأنشطة اليومية المشتركة، مثل تناول الوجبات العائلية أو اللعب الجماعي.
كيفية بناء روتين يومي فعّال
تحليل قدرات الطفل واحتياجاته
قبل تصميم الروتين، من المهم فهم مستوى أداء الطفل، وما إذا كان يحتاج إلى تعديلات بيئية أو أدوات مساعدة. يمكن لاختصاصي العلاج الوظيفي تقييم قدرات الطفل ووضع خطة فردية تناسب احتياجاته، مما يساعد على دمجه في الأنشطة اليومية بشكل تدريجي.
تحديد الأنشطة الأساسية
يجب اختيار الأنشطة التي يحتاج الطفل إلى تعلمها وتحسينها، مثل:
- الأنشطة الذاتية: مثل الأكل، وتنظيف الأسنان، وارتداء الملابس، وهي أنشطة يومية أساسية تعزز الاعتماد على الذات.
- المهارات الأكاديمية المبكرة: مثل الإمساك بالقلم، والجلوس لفترات مناسبة، وتنظيم الأدوات المدرسية.
- المهارات الاجتماعية: مثل اللعب مع الآخرين، والانتظار في الدور، والتعبير عن الاحتياجات بوضوح.
- الأنشطة الحسية والحركية: مثل المشي على سطوح مختلفة، واستخدام الأدوات اليدوية لتحسين المهارات الدقيقة.
استخدام التكرار والتعزيز الإيجابي
التكرار يساعد الطفل على ترسيخ العادات الجديدة، ويمكن استخدام التعزيز الإيجابي مثل المكافآت أو التشجيع اللفظي لتحفيز الطفل على الاستمرار. على سبيل المثال، إذا تمكن الطفل من ارتداء حذائه بمفرده، يمكن تشجيعه بعبارات مثل: “أحسنت، أنت تتعلم بسرعة!” أو مكافأته بنشاط محبب إليه.
تكييف البيئة واستخدام الأدوات المساعدة
قد يحتاج بعض الأطفال إلى أدوات مثل الجداول المصورة، أو التذكيرات الصوتية، أو التعديلات البيئية لتسهيل تنفيذ الروتين اليومي. يمكن أيضاً استخدام استراتيجيات مثل تقسيم المهام إلى خطوات صغيرة لمساعدة الطفل على التعلم بشكل تدريجي.
مثال عملي: إذا كان الطفل يواجه صعوبة في تنظيف أسنانه، يمكن استخدام جدول مصور يحتوي على صور لكل خطوة: وضع المعجون على الفرشاة، تنظيف الأسنان، شطف الفم، وتنظيف الفرشاة بعد الاستخدام.

إشراك الأسرة ومقدمي الرعاية
نجاح الروتين يعتمد على التزام الأهل ومقدمي الرعاية بتطبيقه بانتظام. لذا، من المهم تدريبهم على كيفية مساعدة الطفل في تنفيذ الأنشطة اليومية بطريقة داعمة. كما يمكن إشراك الأشقاء أو زملاء الطفل في الروتين، مما يعزز فرص التعلم والتفاعل الاجتماعي.
دور العلاج الوظيفي في دعم الروتين اليومي
يعمل اختصاصيو العلاج الوظيفي على تصميم خطط فردية تتناسب مع قدرات الطفل، وتقديم استراتيجيات لتحسين مهاراته اليومية. وتشمل هذه الاستراتيجيات:
- إدراج التدريب على الاستقلالية ضمن مهارات الحياة اليومية بشكل تدريجي في الروتين اليومي. البدء ببعض المهام التي تكون في إطار قدرات الطفل بصورة روتينية يومية مع تقديم بعض التوجيهات للقيام بهذه المهام بالشكل المطلوب، وبعدها يتم تدريجياً إضافة مهام جديدة.
- تدريب على المهارات الحركية الدقيقة مثل استخدام الأدوات والألعاب التي تساعد في تحسين التحكم باليدين وتعزيز مهارات ما قبل الكتابة.
- توفير وسائل مساعدة مثل الجداول المصورة أو الأجهزة والأدوات المساعدة التي تدعم الاستقلالية في مهارات الحياة اليومية (عند الحاجة إليها)، التي تجعل الأنشطة اليومية أكثر وضوحاً وسهولة وتزيد استقلالية الطفل.
- تعليم الأهل والمربين كيفية دعم الطفل في الروتين اليومي من خلال توجيهات واضحة وتعليمات متدرجة تتناسب مع مستوى الطفل.
- تعزيز الأنشطة الحسية والتكامل الحسي، حيث يمكن أن يلعب التحفيز الحسي دوراً مهماً في تسهيل أداء الطفل لمهامه اليومية، خاصة للأطفال الذين يعانون من اضطرابات حسية.
العلاج الوظيفي كمصدر للدعم اليومي
وفقاً لممارسات العلاج الوظيفي الحديثة، يمكن أن يسهم العلاج الوظيفي في تعزيز الاستقلالية من خلال استراتيجيات فردية مثل:
- تحليل الأنشطة اليومية وتحديد العقبات التي يواجهها الطفل، ومن ثم توفير حلول عملية تتناسب مع قدراته.
- استخدام تقنيات التعلم بالتجربة، حيث يتم إشراك الطفل في تجارب مباشرة لتحسين قدراته الوظيفية من خلال ممارسة الأنشطة بدلاً من الاكتفاء بمشاهدتها.
- التكيف مع البيئات المختلفة سواء في المنزل أو المدرسة أو المجتمع، مما يعزز اندماج الطفل في الأنشطة اليومية في مختلف البيئات.
- استخدام التكنولوجيا المساندة مثل التطبيقات الذكية التي تساعد الأطفال على تذكر مهامهم اليومية بطريقة تفاعلية.
الخاتمة
بناء روتين يومي فعّال هو خطوة أساسية في دعم استقلالية الأطفال من ذوي الإعاقة وتحسين جودة حياتهم. من خلال التخطيط الجيد والتكرار واستخدام الأدوات المساعدة، يمكن للأطفال اكتساب عادات وظيفية تعزز نموهم وتكيفهم مع الحياة اليومية. ويظل دور العلاج الوظيفي محورياً في تحقيق هذا الهدف، من خلال تقديم الدعم المناسب للطفل وأسرته، وتوفير استراتيجيات عملية تتكيف مع احتياجات كل طفل بشكل فردي. كما أن التعاون بين الأهل، والمعالجين، والمعلمين يضمن نجاح الطفل في بناء عادات وظيفية تُمكِّنه من تحقيق أقصى قدر ممكن من الاستقلالية.
المصادر
- Xceptional Learning. (n.d.). A Day in the Life: How Occupational Therapy Enhances Daily Living. Retrieved from: https://xceptionallearning.com/occupational-therapy/a-day-in-the-life-how-occupational-therapy-enhances-daily-living/
- Case-Smith, J., & O’Brien, J. C. (2019). Occupational Therapy for Children and Adolescents. Elsevier Health Sciences.
- Schaaf, R. C., & Mailloux, Z. (2015). Understanding the Nature of Sensory Integration with Diverse Populations. Therapy Skill Builders.
























