إعداد الاختصاصية الاجتماعية ميمونة حسين ، مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية
انتشر مؤخراً مصطلح صيام الدوبامين وقد يسيء العديد من الأشخاص فهم المصطلح بالشكل الدقيق وقد يرد إلى أذهانهم بأن صيام الدوبامين يعتمد على الحرمان من كل أشكال المتعة ومن المفاهيم الخاطئة الشائعة عن الدوبامين ربطه بمسمى هرمون السعادة وحيث أن الدوبامين نوع من الناقلات العصبية يفرزها الجسم، لتوصيل الرسائل بين الخلايا العصبية، لهذا السبب يطلق عليه مصلح “رسول كيميائي”. ويفرز المخ الدوبامين قبل الحصول على المكافأة وليس بعدها كما أنه ينتج عن توقع المتعة بناءً على تجارب سابقة وليس عن المتعة بحد ذاتها مثل لحظة انتظار مولود، لحظة انتظار وجبتك المفضلة، لحظة الترقب لخوض غمار تجارب جديدة.
يمكن القول إن المخ يفرز الدوبامين لتحفيز الإنسان بهدف الوصول إلى أهدافه وتحقيق المكافأة ويبحث جسم الإنسان عن السلوكيات التي تنتج أكبر قدر من الدوبامين خلال فترة قصيرة وبجهد أقل ولهذا تعد الهواتف الذكية ووسائل التواصل الاجتماعي وألعاب الفيديو من أهم الوسائل التي تساعد على إفراز كميات كبيرة من الدوبامين خلال وقت قصير على عكس السلوكيات الأخرى كالعمل والمذاكرة والأنشطة الرياضية التي تنتج كميات أقل من الدوبامين خلال فترة أطول وحيث أن التوازن في إفراز الدوبامين أمر ضروري وأساسي لصحة العقل والجسد، يؤدي إفراز الكثير أو القليل منه إلى مجموعة واسعة من المشكلات الصحية والنفسية.
لماذا تعد الأساليب التي تحفز إنتاج الدوبامين بشكل كبير خلال فترات قصير خطيرة، من الممكن الإجابة عن هذا التساؤل بالقول إن إفراز الدوبامين بكثرة وباستمرار سيجعل الجسد يعتقد أن هذه الكمية هي المقدار الطبيعي، كما يحدث في حالات الإدمان وتعاطي المخدرات، وحين يعتاد الجسم على هذه الكميات يسعى للحصول عليها بشكل مستمر فيغدو دماغ الإنسان مبرمجاً على فكرة أن قيام الإنسان بهذا السلوك سيوفر الراحة والمتعة وهو ما يجعل الشخص عندما يشعر بالاكتئاب أو بتداعيات المزاج السيء يبحث تلقائياً عن جميع المصادر التي كانت تزوده بالدوبامين بشكل سريع كألعاب الفيديو ومشاهدة مقاطع الفيديو القصيرة لذا يرتبط إدمان الدوبامين بكثرة استخدام الهاتف المحمول وتطبيقات التواصل الاجتماعي بشكل مفرط والتي تعتمد على عرض الفيديوهات القصيرة المشوقة ونتيجة التشويق والمتعة التي توفرها هذه المقاطع والبرامج يتم إنتاج الدوبامين بكميات كبيرة خلال فترة قصيرة وهو ما يجعل الجسم يتعود على هذه الكميات ويسعى للحصول عليها.
ومع الاستخدام المتكرر للمخدرات ترتفع عتبة هذا النوع من المتعة، مما يعني أن الشخص يظل بحاجة إلى بذل المزيد من الجهد وزيادة الجرعة باستمرار للحصول على المستوى العالي نفسه من النشوة الذي كان يحصل عليه في البداية. وفي الوقت نفسه، تجعل الأفعال التي يدمنها الشخص الجسم أقل قدرة على إنتاج الدوبامين بشكل طبيعي، ويصبح الإحساس بالرغبة والحافز تجاه الأشياء الضرورية كالتعلم أو العمل أقل مما هو عليه.
إذاً ماهي الطريقة الصحيحة للبدء بصيام الدوبامين؟
ابتكر الطبيب النفسي الأميركي “كاميرون سيباه”، ما يسمى بـ”صيام الدوبامين”، وتعتمد فلسفته على الامتناع عن أي تجربة ممتعة، خاصة التكنولوجية، لمدة قد تصل إلى 24 ساعة، حتى يتخلص الجسم من إفراز الدوبامين بكثرة ويعيد للشخص الشعور بالمتعة والسعادة عند تصفح التكنولوجيا من جديد بعد فترة الانقطاع.
ومن الأمور التي تساعد على التحكم في المحفزات الخارجية والبدء بصيام الدوبامين:
- إبعاد الأجهزة والمحفزات وجعل الوصول إليها صعباً.
- ممارسة الأنشطة التي تحفز إنتاج الدوبامين بالكميات الطبيعية التي يحتاجها الجسم مثل الرياضة وممارسة الهوايات.
- استخدام برامج تقييد مواقع التواصل الاجتماعي أو الألعاب الإلكترونية للمساعدة على الالتزام.
- إعادة ضبط مستقبلات الدوبامين إلى حيث يمكنك أن تجد المعنى والسعادة في الأشياء اليومية العادية.
- السماح لنفسك بالتركيز على الأشياء المهمة كذاتك وأفكارك وعلاقاتك.
- تجنب السلوكيات التي تسبب الإدمان بهدف تخفيف التوتر، خفض ضغط دم، وتحسين جودة نوم.