يعد فقدان السمع من المعوقات التي تفرض سياجا من العزلة حول الشخص المعاق سمعيا، ذلك أن الإعاقة السمعية تفرض على الفرد قيوداً في مجال تواصله مع الآخرين، فقد لا يفهم ما يقوله الآخرون بصورة سليمة، كما انه قد لا يستطيع إيصال ما يريد إيصاله من معنى إلى الآخرين، مما يؤدي إلى شعوره بالعزلة عنهم، فالإعاقة السمعية قد تحد من مشاركة الشخص الأصم وتفاعله مع الآخرين واندماجه في المجتمع مما يؤثر على توافقه النفسي والاجتماعي، ويؤدي به إلى الاغتراب عن ذاته وعن المجتمع.
فقد قدرت منظمة الصحة العالمية عدد الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية في العالم بحوالي (120) مليون نسمة أي بنسبة (4.2%)، وهي نسبة لا يستهان بها، من هنا جاء الاهتمام بالأشخاص ذوي الإعاقة من أجل مبدأ تحقيق تكافؤ الفرص بين جميع الأشخاص المعاقين وغير المعاقين مطلباً هاماً حتى يتمكن الجميع من المشاركة في بناء المجتمع حسب طاقته وإمكانياته، ويمكن تحقيق السعادة وإزالة الصعوبات التي تعوق نموه وإعادته إلى مجتمعه من خلال تكيفه النفسي والاجتماعي والأسري حتى يصبح صالحاً، ليتقبل وضعه ذاتياً ويتقبله الناس كإنسان لا يختلف عنهم إلا بقدر ما يختلف بعضهم عن بعض عندما يصاب بمرض من الأمراض، وإتاحة الفرصة له للتعليم والتدريب بما يتناسب وقدراته.
يعد الشعور بالاغتراب النفسي والاجتماعي اضطراب نفسي يعبر عن اغتراب الذات عن هويتها، وبعدها عن الواقع، وانفصالها عن المجتمع، وهو غربة عن النفس، وغربة عن العالم، وغربة بين البشر من خلال مجموعة من الأعراض وهي: العجز، واللامعيارية، واللامعنى، والعزلة الاجتماعية، وتناولت الدراسة مفهوم الشعور بالاغتراب النفسي والاجتماعي بأنه شعور الطالب ذي الإعاقة السمعية بالعزلة والوحدة والانفصال عن البيئة التي تحيط به وعجزه عن التكيف مع الأفراد وتوافقه مع أوضاع المجتمع، حيث يشعر بعدم الانتماء إليه ورفض الآخرين له وإحساسه بعدم الرضا في علاقته مع الناس.
وللاغتراب أسباب عديدة بعضها نفسي والآخر اجتماعي، وينعكس أثر الإعاقة السمعية على النمو الانفعالي والنفسي من خلال سوء التكيف النفسي، والخجل وعدم الثقة بالنفس، مستويات متفاوتة من عدم الاستقرار العاطفي، ومفهومهم لذواتهم يتصف بعدم الدقة وغالبا يكون مبالغاً فيه، أكثر اكتئاباً وقلقاً وتهوراً، وأقل توكيداً للذات، ويتصفون بالتشكك بالآخرين، وبالعدوانية والسلبية والتناقض.
كما ينعكس أثر الإعاقة السمعية على النمو الاجتماعي في المظاهر الآتية: تجاهل مشاعر الآخرين ويسيئون فهم تصرفاتهم، وأنهم يظهرون درجة عالية من التمركز حول الذات، والانعزال والانسحاب، ويميلون للتفاعل مع أشخاص لديهم إعاقة سمعية.
هناك العديد من العلماء أشاروا إلى تعريف الشخص ذي الإعاقة السمعية بأنه هو من فقد حاسة السمع تماما لأسباب وراثية فطرية منذ ولادته، أو فقدها لأسباب مكتسبة لدرجة أن آثار التعلم قد تلاشت تماماً، ويترتب على ذلك إعاقة بناء الكلام، واكتساب اللغة، مما يحول دون متابعة الدراسة، إلا من خلال أساليب تعليمية جديدة تتناسب مع إعاقته الحسية، وكذلك تعلم خبرات الحياة مع أقرانه من غير المعاقين، ويعتمد التمييز بين الصمم والمستويات الأخرى من الإعاقة السمعية على مهنة الاختصاصي الذي يقوم بالتمييز، فالتربوي يعرف الصمم من حيث تأثيره على الأداء التربوي، واختصاصي التأهيل المهني يعرفه من حيث تأثيره على الأداء المهني، والطبيب يعرفه من حيث شدة الفقدان السمعي مقاساص بالديسبل ونوعه.
وهناك العديد من الوسائل والفنيات التي تتناول خفض الشعور بالاغتراب النفسي والاجتماعي إلا أننا سوف نركز في هذا المقال على فنيات العلاج المعرفي السلوكي كأسلوب علاجي يحاول تعديل السلوك والتحكم في الاضطرابات النفسية من خلال تعديل أسلوب تفكير الشخص وإدراكاته لنفسه وبيئته.
فالعلاج المعرفي السلوكي هو أحد الأساليب العلاجية الحديثة التي تهتم بصفة أساسية بالمدخل المعرفي للاضطرابات النفسية ويهدف هذا الأسلوب إلى إزالة الألم النفسي وما يشعر به الفرد من ضيق وكرب وذلك من خلال التعرف على المفاهيم والإشارات الذاتية الخاطئة وتحديدها والعمل على تصحيحها ومن ثم تعديلها.
ويتوقف تحقيق هذا الهدف على وجود علاقة علاجية دافئة بين المعالج والشخص ذي الإعاقة، الذي يجب أن يتصف بالقبول والتقبل والود والدفء والتعاون والمشاركة الوجدانية، وأن يقوم المعالج بتدريب الشخص ذي الإعاقة وتعليمه كيفية التعرف على المشكلات وحلها، وعلى مكوناتها الأساسية وأسبابها وعلاقتها بالاضطراب.
هناك بعض الأساليب والفنيات التدريبية للشخص ذي الإعاقة السمعية التي تهدف إلى تعديل الأفكار والمعتقدات الخاطئة التي تعلق في ذهنه عن الشعور بالاغتراب النفسي والاجتماعي وتعديل السلوك الخاطئ الذي يلازمه المتمثل في العزوف عن المشاركات الاجتماعية منها:
-
وقف الأفكار
غالباً ما تكون الأفكار الخاطئة لها تأثير متزايد، ونجد أن الفكرة الخاطئة ربما تستدعي فكرة أخرى، وإذا استمرت تلك العملية دون أن يتم إيقافها، قد نجد الشخص من ذوي الإعاقة السمعية غير قادر على الاستجابة لهذه الأفكار بشكل مؤثر، وذلك نتيجة لأن ظهور تلك الأفكار الخاطئة أسرع من قدرته على إظهار استجابات تجاه تلك الأفكار، وعندما تكون هذه هي المشكلة نجد أن الحل هو أن يتعلم الشخص من ذوي الإعاقة السمعية كيفية وقف تدفق وتزايد هذه الأفكار كي يستطيع أن يتعامل معها بشكل أكثر فاعلية. وهذه العملية (وقف تدفق الأفكار الخاطئة) عملية بسيطة إلى حد ما، حيث أنه يقوم ببساطة بإيقاف هذا التيار من الأفكار بواسطة منبه مفاجئ سواءٌ أكان هذا المنبه حقيقياً أم خيالياً، ثم بعد ذلك يتحول إلى أفكار أخرى قبل أن يعود هذا التيار من الأفكار مرة أخرى، وذلك من خلال النصيحة التي يتم توجيهها له بشكل متكرر وهي (لا تقلق بشأن ذلك).
وبسبب عدم قدرة الشخص من ذوي الإعاقة السمعية على استخدام هذه الفنية بسهولة، نجد أن الشرح البسيط لهذا الأسلوب غير مؤثر بشكل كافٍ ولا يتمتع بالمصداقية، حيث أن هذا الأسلوب يكون أكثر فاعليه عندما يتم عرضه على الشخص ذي الإعاقة السمعية بشكل مفصل. وبعد أن يجد أن هذا الأسلوب له تأثير، يشعر في هذا الوقت بأنه يتمتع بالمصداقية وأنه يستطيع أن يتعلم استخدام منبه أكثر مرونة، مثل تخيل النداء بصوت عالٍ، قائلاً (توقف)، أو العض على قطعة قماش موضوعة حول معصم يده، ويكون استخدام أسلوب إيقاف الفكرة أسهل بكثير في بداية تواتر هذا الأفكار.
-
إعادة البناء المعرفي
يستخدم مصطلح إعادة البناء المعرفي، للإشارة إلى كل النماذج العلاجية التي تشمل محاولة تعديل العوامل المعرفية، فالسلوك غير التكيفي، وفق هذا الأسلوب يعامل بوصفه نتاج للتفكير غير الوظيفي، وغير المنطقي، وبناء على ذلك ينظر إلى العلاج على أنه عملية تعلم داخلية، تشمل إعادة تنظيم المجال الادراكي، واعادة تنظيم الأفكار، ذات العلاقة بالروابط بين الأحداث والمثيرات البيئية المختلفة، وتشتمل الأساليب العلاجية هذه: تحديد الأنماط الخاصة بالتفكير غير المنطقي أو غير التكيفي، ثم مساعدة الشخص ذي الإعاقة السمعية على تفهم الأثر السلبي لأنماط التفكير هذه، كذلك استبدال أنماط التفكير غير التكيفية بأنماط تكيفية وفعالة، وأخيراً تدريبه على الاستعانة بكل ما من شأنه تطوير استراتيجيات الضبط الذاتي، ومن خطوات إعادة البناء المعرفي بما يلي:
- التبرير المنطقي لعملية العلاج: توعية الشخص ذي الإعاقة السمعية بأسباب المشكلة، والتعرف على الأفكار السلبية لديه، ومقارنتها مع الأفكار الايجابية البديلة لها.
- تحديد أفكار الشخص ذي الإعاقة السمعية المرتبطة بالموقف الضاغط، أي التعرف على أفكاره قبل وأثناء وبعد الموقف من خلال المراقبة الذاتية.
- الانتقال من التركيز على الأفكار السلبية، إلى التركيز على الأفكار الايجابية، ونمذجة بعض المواقف أمامه.
- تعزيز الذات على التقدم الذي أحرزه.
-
التعريض ومنع الاستجابة:
هو مكون رئيسي في العلاج المعرفي السلوكي وكذلك في العلاج السلوكي لاضطرابات القلق الناتجة عن شعور الشخص ذي الإعاقة السمعية بالاغتراب النفسي والاجتماعي، فقد وجد الباحثون في هذا المجال، أن التعريض المستمر للمثيرات التي تسبب القلق ينتج عنه تشتت استجابة القلق لدى الفرد الذي يعاني من القلق، فالتعريض له عدة أشكال يتخذها منها: التعريض التخيلي، والتعريض المتدرج، والتعريض في الحي (الواقع)، وهذا النوع من التعريض يكون بدون تدرج، ولابد من توفر شروط لهذا النوع من التعريض من أهمها موافقة الشخص نفسه. كما يوجد أنواع أخرى من التعريض منها التعريض بمساعدة المعالج للموقف الذي يسبب القلق بطريقة مباشرة.ويعود الهدف من هذه الفنية إلى التأثير على الأعراض السلبية للقلق بإطفائها وذلك بمواجهة المثيرات من ناحية، ومواجهة سلوك التجنب الذي هو معزز للقلق من ناحية أخرى.
-
التحصين التدريجي
يعتبر من أساليب العلاج السلوكي الرئيسية، و يتم في الحالات التي يكون فيها سلوك مثل: الخوف من التعرض للمواقف الاجتماعية التي تضطر الشخص ذي الإعاقة السمعية بالاجتماع بالآخرين في أي مناسبة، قد اكتسب مرتبطاً بشيء معين أو حادثة معينة، فتستخدم طريقة التعويد التدريجي المنتظم، بحيث يتعرف على المثيرات التي تستثير استجابات شاذة، ثم يعرض المريض بالتدريج لهذه المثيرات المحدثة للخوف في ظروف يشعر فيها بأقل درجة من الخوف، وهو في حالة استرخاء لا تنتج الاستجابة الشاذة، ويستمر التعرض على مستوى متدرج في الشدة.
-
صرف الانتباه
الهدف منها أن نجعل الشخص ذا الإعاقة السمعية يُدرك أن باستطاعته التحكم في الأعراض التي يشكو منها، وهذه خطوة مهمة جداً في العلاج، وقد تستخدم هذه الفنية في مراحل متأخرة من العلاج للتعامل مع الأعراض، عندما يكون الشخص ذي الإعاقة السمعية في وضع لا يسمح له بتحدي الأفكار السلبية التلقائية، مثال ذلك: عندما تأتي الشخص ذي الإعاقة السمعية الأعراض وهو يتحدث مع شخص ما؛ ففي هذه الحالة بإمكانه طرد الأفكار السلبية من خلال الاقتراب أكثر من الشخص الذي يتحدث معه مما يُغطَّي المجال البصري للشخص ذي الإعاقة السمعية، أو التركيز على المحادثة نفسها بدلاً من الأفكار المتعلقة بتقويمه لنفسه. ومن الممكن استخدام أساليب صرف الانتباه لتوضيح النموذج المعرفي السلوكي للاضطرابات النفسية للشخص ذي الإعاقة السمعية. فقد يطلب المعالج منه عندما يكون قلقاً خلال الجلسة أن يصف بصوت مسموع محتويات الغرفة، ومن ثم يستخدم الأسئلة ليوضح للعميل كيف أن تمرينات صرف النظر تخفف من القلق، مما يدلل على أن الأفكار تلعب دوراً كبيراً في ظهور الأعراض لديه.
وفيما يلي بعض الأساليب المستخدمة في صرف الانتباه:
- التركيز على شيء معين Focus on a Particular Object
- يُدرَّب الشخص ذو الإعاقة السمعية على التركيز على شيء ما ويصفه بالتفصيل لنفسه باستخدام الأسئلة التالية والإجابة عليها: (أين هو بالضبط؟ ما حجمه؟ ما لونه؟ كم يوجد منه؟ ما الفائدة منه.. إلخ).
- الوعي الحسي Sensational Awareness
- يُدرَّب الشخص ذو الإعاقة السمعية على ملاحظة البيئة المحيطة به ككل باستخدام النظر، السمع، الذوق، اللمس، والشم مستعيناً بالأسئلة التالية: (ما الذي تراه بالضبط إذا نظرت حولك؟ ما الذي تستطيع سماعه داخل جسمك؟ في الغرفة؟ خارج الغرفة؟ خارج المبنى؟).
- التمرينات العقلية Mental Exercisesيشتمل ذلك مثلاً على العد إلى الخلف من 100 بطرح 7 كل مرة، التفكير في أسماء الحيوانات التي تبدأ بالحرف (أ) ثم بالحرف (ب)… وهكذا. تذكر حادثة معينة بالتفصيل.
- الذكريات والخيالات السارة Pleasing Memories and Imagesتذكر الحوادث السارة بأكبر قدر ممكن من الوضوح مثلاً (رحلة سعيدة) أو التخيل (ما الذي سيفعله الشخص ذو الإعاقة السمعية لو كسب شيء غير متوقع).مما سبق يمكن لفنية صرف الانتباه أن تفيد في خفض مستوى القلق والتوتر عند الشخص ذي الإعاقة السمعية بعدة طرق من شأنها أن تصرف انتباهه عن الأعراض التي يشعر بها نتيجة للأفكار التي تدور في ذهنه، مما يؤدي به إلى تغيير محتوى تفكيره إلى أمور أخرى تجعله أكثر هدوءاً وأقل توتراً.
-
لعب الدور
وتُعتبر من الفنيات التي تُستخدم مع المكون الانفعالي في العلاج المعرفي السلوكي، إذ تتيح هذه الفنية الفرصة للتنفيس الانفعالي وتفريغ الشحنات والرغبات الظاهرة والمكبوتة، ويتم ذلك من خلال تمثيل سلوك أو موقف اجتماعي معين كما لو أنه يحدث بالفعل،على أن يقوم المعالج بدور الطرف الآخر من التفاعل والحوار والمناقشة. ويتكرر لعب الدور حتى يتم تعلم السلوك المرغوب.
فلعب الدور يعني تدريب على تحمل الإحباط، والتحكم في السلوكيات غير المرغوبة ومعالجة نواحي القصور في السلوك الاجتماعي.
كما يستخدم لعب الدور في مساعدة الأفراد على ممارسة السلوكيات التي يرغبون في أن تنمو لديهم، كي يصبحوا أكثر وعياً لانفعالاتهم وأسلوب تفاعلهم مع الآخرين، ويعد لعب الدور أحد الطرق التي تُعين على نمو المهارات الاجتماعية.
ويمكن لفنية لعب الدور أن تتيح للفرد الفرصة لتجربة طرق بديلة للتغلب على السلوكيات غير المرغوبة، خصوصاً عند مقارنة النتائج المترتبة على الاختيار ما بين السلوك المرغوب وغير المرغوب.
-
المناظرة والحوار الذاتي
ويكون الحوار الذاتي عن الأفكار الأساسية في النظرية المعرفية أن الإنسان يسلك بحسب ما يفكر، وفي ميدان ممارسة العلاج الذاتي ينصب جزء من دور المعالج على تدريب الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية لتعديل مستوى أفكارهم التي تثير القلق والاكتئاب وعدم الثقة.
إن الحوار مع النفس عند أي نشاط معين من شأنه أن ينبه الشخص ذي الإعاقة السمعية إلى تأثير أفكاره السلبية على سلوكه، وحديث المرء مع نفسه وما يحويه من انطباعات وتوقعات عن المواقف التي تواجهه هو السبب في تفاعله المضطرب، ولهذا يعتمد المعالج المعرفي السلوكي على محاولة تحديد مضمون مثل هذا الحديث والعمل على تعديله كخطوة أساسية في مساعدة الفرد على التغلب على اضطرابه، خاصة المواقف التي تستثير القلق والاكتئاب، وبالتالي ينعكس على الشخص ذي الإعاقة السمعية سلبياً مما يؤثر على عزوفه عن المشاركات الاجتماعية.
-
الاسترخاء والتدريب على التنفس
لاشك أن الضغوط النفسية تعتبر آفة العصر وأنها تزداد يوماً بعد يوم مما يجعلها تمثل حجر الزاوية في نشوء الاضطرابات النفسية، وبصفة خاصة مع ازدياد التقنية ومطالب الحياة وكذلك تشابك ظروف الحياة في عالمنا المعاصر. ولهذا فـإن الاسترخاء يعتبر أمراً مطلوباً في حد ذاته في مواجهة الضغوط النفسية وما ينشأ من قلق أو مخاوف وتشتت وتزاحم في الأفكار، بل وما ينتج عن هذه الضغوط من اضطرابات نفسية (فسيولوجية) مثل قرحة المعدة وأمراض القلب بل أن بعض العلماء يُرجع مرض السرطان إلى هذه الضغوط ولهذا يحتاج المعالج أن يستخدم أسلوب الاسترخاء مع مرضاه في مرحله مبكرة جداً من العمل معهم لأنه يعمل على تهدئة الفرد.
ويعتبر عالم النفس الأمريكي Jacobsen من أوائل العلماء الذين بحثوا في تدريبات الاسترخاء وتطبيقاتها في مجال العلاج النفسي، وقد توصل إلى أن حالة الاسترخاء خبرة مضادة لحالة القلق والانفعالات الحادة، وتقوم الفكرة الأساسية لفنية الاسترخاء على أن الجسم في حالة القلق والانفعالات الحادة يتعرض لعمليتين هما الشد العضلي والتوتر النفسي، وتكون جميع عضلات الجسم مشدودة في درجة توازي التوتر النفسي الذي يكون عليه الإنسان في حالة القلق. وإذا تم إيقاف أو تحويل حالة التوتر والشد العضلي لجسم الإنسان إلى حالة من الاسترخاء، فإن التوتر النفسي لا يمكن أن يستمر على نفس الوضع، إنما يتحول إلى حالة من الاسترخاء مما يخفض درجة القلق عند الإنسان. وبذلك لا يكون الإنسان متوترًا جسمياً ومسترخياً نفسياً في آن واحد.
أو بمعنى آخر نستطيع أن نؤكد وجود علاقة تلازمية قوية بين التوتر العضلي والتوتر النفسي لدى الإنسان، فإذا زال التوتر العضلي فإن التوتر النفسي يزول. ويعزز هذا المبدأ العلمي قول الرسول صلى الله عليه وسلم عن الغضب: (إذا غضب أحدكم وهو قائم فليجلس، فإن ذهب عنه الغضب، وإلا فليضطجع). [رواه أبو داود]
فتحول الإنسان الغاضب (المتوتر) من وضع الوقوف إلى وضع الجلوس يعني تحول عضلاته نسبيًا من حالة الشد إلى حالة الاسترخاء، وبالتالي خفض حالة الغضب عنده.
فالإنسان المتوتر أكثر عرضة للقيام بسلوكيات غير مرغوبة بل قد تسبب له مشاعر سلبية مثل القلق، فالاسترخاء عامل عضلي نفسي يعمل على خفض التوتر، لأن الخبرة الذاتية لأي حالة من الحالات الوجدانية لها ارتباط بعملية تقلص العضلات التي ترافقها بشدة. بمعنى آخر إن هناك علاقة بين درجة التوتر العضلي وبين إدراك الفرد لحالته الانفعالية، فإذا زال التوتر العضلي فإن الإنسان تزول عنه حالة التوتر النفسي الوجداني، فعملية الاسترخاء تساعد على إطلاق التوتر والقلق، مما ينتج عنه توافق أفضل مع الموقف الذي سبب القلق، كما أن إطلاق التوتر العضلي يحسِّن قدرة الإنسان على الاستماع لما يقوله الآخرون والتفكير بشكل أفضل ومن ثم التفاعل مع الحدث بطريقة إيجابية.
-
أسلوب المناقشة
في هذه الطريقة يطلب من الشخص ذي الإعاقة السمعية تذكر آخر حادث أو موقف من الحوادث أو المواقف المرتبطة بالموضوع الانفعالي لديه؛ على أن يكون من الحوادث أو المواقف التي يتذكرها جيداً؛ بحيث يصف الحادثة بشيء من التفصيل، ويحاول المعالج جعل الشخص ذي الإعاقة السمعية يتذكر الأفكار المرتبطة بظهور واستمرار رد الفعل الانفعالي باستخدام أسئلة مثل (ما هو أسواً ما توقعت حدوثه عندما كنت قلقاً جداً؟) ما الذي خطر في ذهنك آنذاك؟ هل تخيلت شيئاً ما في تلك اللحظة؟
-
الواجبات المنزلية
تلعب الواجبات المنزلية دوراً هاماً في كل العلاجات النفسية ولها دور خاص في زيادة فاعلية العلاج المعرفي، حيث أنها الفنية الوحيدة التي يبدأ ويختتم بها المعالج المعرفي كل جلسة علاجية، وتساهم في تحديد درجة التعاون والألفة القائمة بين المعالج والشخص ذي الإعاقة السمعية، يزدادان أو ينقصان، وذلك يؤثر في طريقة أداء الأخير في كل خطوات أو مهام البرنامج العلاجي، ويستطيع المعالج تقوية العلاقة العلاجية بتكليف الشخص ذي الإعاقة السمعية بعمل واجبات منزلية، ويقدم كل واجب منزلي على أنه تجربة مناسبة لاكتشاف بعض العوامل المعرفية المتعلقة بالمشكلة التي يواجهها حديثًا.
وتستخدم الواجبات المنزلية لتحسين إدراك الأفكار الأتوماتيكية وعلاقتها بردود الفعل الانفعالية, كما أنها تساعد على تقدم العلاج المعرفي سريعاً، وتعطى فرصة للشخص ذي الإعاقة السمعية لممارسة مهارات ووجهات نظر جديدة ومنطقية لمعرفة أفكاره المختلة واتجاهاته غير العقلانية ومحاولة تعديلها، كما تعتبر جزءاً متمماً لنتائج العلاج، وتأخذ عدة أشكال فيطلب المعالج من الشخص ذي الإعاقة السمعية تسجيل الأفكار الأتوماتيكية، والاتجاهات المختلة وظيفياً، أو إجراء تجربة سلوكية أو معرفية لها أهداف محددة ومتعلقة بمشكلته، ويجب أن يلاحظ المعالج أن للواجبات المنزلية دوراً هاماً في زيادة فعالية العلاج المعرفي وتكوين الألفة والتعاون بينه وبين المريض إذ اهتم ببعض النقاط التالية :
- إعطاء واجبات بسيطة ومركزة ومتصلة بمشكلة الشخص ذي الإعاقة السمعية.
- تفسير وتوضيح الأساس المنطقي لكل واجب منزلي.
- توضيح كيفية إجرائها، والتأكد من استيعاب الشخص ذي الإعاقة السمعية لهذه الإجراءات.
- مراجعتها في بداية كل جلسة.
- تحديد زمن محدد في نهاية كل جلسة لتقرير تلك الواجبات المنزلية.
- فحص الأسباب الكامنة وراء عدم إتمام الواجبات المنزلية عند بعض الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية.
- في حين قد يؤثر الواجب المنزلي بشكل حرج على فعالية العلاج المعرفي وذلك لعدم قدرة المعالج على شرح فلسفة وأهمية الواجب المنزلي، وسوء فهم بعض المرضى له. ويعتبر بعض الأشخاص ذوي الإعاقة السمعية أن الواجب المنزلي اختبار للكفاءة الشخصية، والمهارة الشخصية. كما يجب على المعالج أن يوجه نظرهم إلى أن كل ذلك أفكار محرفة وتسهم في إعاقة العلاج ويحاول فحصها وتصحيحها.