بقلم اختصاصية علاج النطق واللغة
حنان الكندي
كم يقضي طفلك من وقت في مشاهدة التلفزيون أو الأفلام أو اللعب بالهاتف الذكي أو الحاسوب، أو الاستمتاع بألعاب الفيديو؟ علماً أن قضاء بعض الوقت أمام الشاشات يمكن أن يكون تعليميًا!
اقرأ ايضا: حوار مع التلفاز
لا تشجع الأكاديمية الأمريكية لطب الأطفال على استخدام الوسائط من قبل الأطفال الذين تقل أعمارهم عن عامين، وتوصي بتحديد الوقت الذي يقضيه الأطفال الأكبر سنًا أمام الشاشات بما لا يزيد عن ساعة أو ساعتين يوميًا حيث أصبحت الشاشات في عصرنا الرقمي جزءاً لا يتجزأ من حياتنا حيث تبع الازدياد المتسارع في استخدام الأجهزة ظهور العديد من الآثار السلبية على الأطفال.
يشملُ تأثيرُ الشاشات النوم، الوزن، الأداء الأكاديمي، المهارات الاجتماعية، والسلوك. لكن تركيزنا هنا على النمو اللغوي لا سيما في السنوات الخمس الأولى والتي تعد المرحلة الذهبية لتطور اللغة الأم لدى الأطفال.
لا شك أن النمو اللغوي يساعد الطفل على التعبير عن ذاته وتكوين العلاقات الاجتماعية والتفاعل مع المحيطين به كما يسهل النمو العقلي والمعرفي للطفل حيث أن الأطفال في هذا العمر لا يتعلمون مهارات التواصل من الشاشات حتى وإن شاهدوا البرامج التعليمية، إذ أن الاكتساب الأمثل للغة يحدث حين تكون بيئة الأطفال محفزة وثرية لغوياً عبر توجيه الحديث المباشر إليهم من قبل أشخاص حقيقيين مستخدمين اللغة الأم.
على وجه الخصوص، تلعب الأم الدور الأهم في النمو اللغوي للطفل، فالأمهات والآباء الذين يتحدثون بكثرة مع أطفالهم ويصفون الأحداث والأشياء من حولهم ويستخدمون مفردات وجملاً متنوعة ويعرضون أطفالهم لتجارب حياتية مختلفة ويتحدثون عنها معهم وعلى مسامعهم يكون نمو أطفالهم اللغوي أسرع وأفضل، فإذا انشغل الطفل والوالدان بالشاشات لساعات طويلة فإن هذا يفوّت على الطفل فرصاً ثمينة لتطور اللغة.
يفضل استخدام الشاشات مع الأطفال بين عمر3 سنوات إلى خمس سنوات، حيث يمكنهم أن يتعلموا منها وقد تقدم لهم محتويات إثرائية وممتعة فيما لو تم اختيار هذه المحتويات بعناية وتقنين وقت الاستخدام بما لا يتجاوز الساعة إلى ساعتين يومياً. أما الأطفال فوق الخمس سنوات فلا يُخشى على نموهم اللغوي من الشاشات بل قد توفر لهم الشاشات فرص تواصل مع الآخرين نصياً وصوتياً وتقدم لهم محتويات توسِّع مداركهم وتزيد من ثقافتهم، وهذا بالتأكيد إذا تم استخدام الإنترنت بشكل آمن مع توعية الطفل حول الفوائد والمخاطر التي ينطوي عليها استخدام الشاشات.
وهنا بعض التوصيات:
- وضع خطة عائلية تتضمن المحتويات التي يشاهدها الطفل والمدة المحددة للاستخدام والمشاهدة.
- الحرص على أن يقضي الطفل المدة الزمنية التي ينصح بها أمام الشاشة (ساعة واحدة على الأقل) وأن تكون ساعات النوم بين (8 – 12) ساعة حسب عمر الطفل.
- أن يتوقف التعرض للشاشات قبل وقت النوم بساعة واحدة.
- تخصيص أيام محددة في الأسبوع خالية من الشاشات.
- التشجيع على الأنشطة التي تحفز النمو وتطور المهارات كالقراءة والحديث واللعب المشترك.
- توصيل هذه القوانين إلى مقدمي الرعاية الآخرين حول الطفل كالمربيات أو العاملات المنزليات والأجداد والجدات لضمان اتباع قوانين استخدام الشاشات بانتظام.
في عصرنا الحالي أصبحت الشاشات جزءاً لا يتجزأ من حياتنا اليومية، الشاشات جاءت لتبقى فمحاربتها ورفضها ليس الحل ولكن هذا لا يعني الإفراط في استخدامها أو أن تحل محل الأنشطة والممارسات اليومية الأخرى الأكثر أهمية أو إغفال انتقاء المحتويات ومراقبتها.
من حق أطفالنا علينا أن ينشؤوا في بيئة آمنة تثري معارفهم وتطور مهاراتهم، كما أن النمو السليم حق من حقوقهم، ومن حقهم أن يعيشوا حياة صحية متوازنة وهذا يتحقق بالوعي وبذل الجهد والوقت للتعرف على بيئتهم الرقمية وضبطها وتوجيهها التوجيه الأمثل، على الأسرة أو مقدم الرعاية المبادرة في الكشف المبكر على لغة الطفل وتطبيق المقاييس لمعرفة مدى نمو مهاراته اللغوية.
خدمات النطق واللغة في مركز الشارقة لصعوبات التعلم