توجد جوانب حياتية عدة في غاية من الأهمية والحيوية للإنسان، لكننا لا نمعن التفكير في طريقتها وآليتها وجوهرها، بل نجهل بطريقة أو أخرى تاريخها وكيفية بداياتها، ولعلي أدهشكم عندما أستحضر اللغة وأسوقها كمثال، والسبب أن لغتنا وسيلة تخاطبنا باتت من المسلمات والبديهيات والتي قد يظن البعض أنها مرت بنفس مراحل أي اكتشاف إنساني، من حيث الحاجة ثم التطوير والاستمرار في الإضافة لها حتى وصلت إلى ما هي عليه اليوم، فاللغة بطريقة أو أخرى اكتشاف مثله مثل اكتشاف النار والعجلة وغيرهما.. وتماماً كما أحدثت تلك الاكتشافات دوياً في مسيرة الإنسان كان للغة الأثر نفسه، ونقلت البشرية لمرحلة أعظم وأكثر رقياً وتطوراً.
جاء في الموسوعة الفرنسية ـ موسوعة القرن ـ أن الجنس البشري امتلك ملكة اللغة منذ ما لا يقل عن 100000 سنة! وهذا يعني أن البشرية عاشت حقباً طويلة دون وسيلة للتفاهم بين أفرادها، ولعل هذا الجانب يوضح لنا السبب في وجود ما كان يسمى بالعصر الحجري، كون الإنسان في تلك الحقبة كان بدائياً لدرجة بالغة وكبيرة، فهو يعيش وفقاً لمفهوم القوة، فالطعام والحماية والأمن جميعها أمور رئيسية لا تتحقق إلا بالقوة الصرفة في بيئة لا مجال للتفاهم والتعايش فيها مع أي حيوان أو حتى إنسان آخر، فالذي كان يسود هو منطق الأقوى لا أكثر ولا أقل.
ولعل التغير الذي حدث كان حاجة الإنسان الذي تنبه لها وتمثلت في التعاون مع بعضهم بعضاً سواء في الصيد أو الحماية، لعل ذلك الإنسان القديم فهم أنه كلما أوغل في الذاتية والأنانية والتجبر كان لقمة سائغة في فم حيوان مفترس عاجلاً أو آجلاً، وأدرك انه لن يستطيع صيد ثور من قطيع يضم آلاف من الحيوانات بمفرده، واستنتج أنه كلما كان معه آخرون فإنه في المحصلة سيجد الحماية والمساعدة، وبالتالي ضمان توفر الغذاء دون تعريض حياته للخطر، وفي هذا السياق لعله استنتج أيضاً أولى مفاهيم التخاطب، وهي الإشارة والإيماء وإخراج أصوات من الفم كالنحنحة، وباتت هذه الأصوات هي المعيار للغضب أو الاتفاق أو الرفض.
وعندما بدأت موجة هذا التعاون بين البشر تكبر تطورت تبعاً لها الحاجة إلى إيجاد أصوات جديدة لتعني أموراً جديدة، لعل منها وضع خطة للصيد، كالرسم على الأرض وكل واحد منهم يختار طريقة يذهب بواسطتها نحو القطيع، وهكذا وجد الإنسان نفسه كل فترة من الزمن يخترع همهمة أو أصواتاً وتعني شيئاً محدداً، وفيما بعد تطورت الحال لتتحول إلى كلمات يغلب عليها الصراخ والنحيب والجعير، لكن هذا لم يستمر طويلاً، حيث بدأت تتبلور كلمات أكثر وضوحاً! ومع مرور الزمن انتشرت كلمات صوتية ذات مفهوم محدد وتعني شيئاً محدداً، وإن كانت في المجمل تدور حول الحيوانات وطريقة صيدها.
مضى وقت طويل حتى باتت لغة الإنسان هي الجوهر! وهي الخصلة أو الميزة التي ارتقت بالإنسان عن الحيوان، وجعلته أكثر تنظيماً وتفاهماً وتخطيطاً، لكن عندما تحققت اللغة، كانت الفائدة الكبرى هي المشاركة وتبادل الأفكار وهنا لم يعد عقل واحد يعيش بذاتية وأنانية مثل الحيوانات، بل ركن إلى التجمع والحياة الاجتماعية ونمت فرص جديدة في هذه البيئة، فالذي يفكر هو العقل الجمعي وباتت الأفكار في الحماية والمأوى تتطور تبعاً لهذا التفكير الواسع نحو تحقيق رغبة وحاجة، وعندما تغلب الإنسان على مواجعه فأمن في مسكن يحميه من الحيوانات الضارية، وعندما توفر له القوت والغذاء، واستأنس بعض الحيوانات للاستفادة من لحمها ولبنها وجلودها، وعندما استقر كان موقناً أن هذا جميعه نتيجة للتعاون والتفكير الجماعي وتطوير هذه المنجزات.
لذا منذ تلك الحقبة لم يترك الإنسان الجماعة، وبات علماء الاجتماع يؤكدون أن الإنسان كائن اجتماعي، ولعل هذا المفهوم وإصرار الإنسان نفسه على أهمية الجماعة نبعت من تراث عميق وضارب العمق في الزمن السحيق حول أثر الجماعة في البقاء على قيد الحياة، وتحولت مع مرور العقود إلى مورث (جين) داخل نفس وروح كل واحد منا.
تبعاً لهذا التطور حدثت قفزة أخرى كبيرة في تاريخ البشرية وهي التدوين والكتابة، وهي أيضاً لم تحدث أو لم تحصل بشكل تلقائي أو عفوي، وإنما جاءت وفق تسلسل زمني متباعد جداً، ومرت بمراحل وتطورات
ـ بعض العلماء يعتبر أن الكتابة اختراع ـ في المجمل والذي نتفق عليه جميعاً أنها هي الأخرى كانت فتحاً عظيماً على البشرية، وكوني أميل إلى أنها نتاج حاجة هي الطريقة التي بدأت فيها الكتابة نفسها ـ اكتشاف ـ فهي ليست اختراعاً بدأ كاملاً وتم التطوير عليه، هي الحاجة التي دفعت إليها وهي الحاجة التي جعلت الإنسان يطورها، فعندما بدأ في الرسم في الكهوف هو في الحقيقة أراد حفظ المعلومات الحياتية الهامة، مثل مواسم الزراعة والأمطار وغيرها، ثم بدأ يطور آلية النحت وطرقها، ثم بدأ في وضع أشكال تبعها برموز حتى وصلنا إلى الكتابة بعد سلسلة تاريخية ضاربة العمق هي الأخرى، وفي المحصلة النهائية نجد أن النطق وما جاء من بعده من إلهام الكتابة، جميعها كانت نبع للحاجة ولا سواها.
بهذا ندرك أن الحاجة الإنسانية كانت دوماً ملهمة لهذا الإنسان، وكانت هي الدافع له نحو كل هذا التقدم الذي نشاهده اليوم، أما حول السؤال الكبير هل تأخرت البشرية في سعيها نحو المعرفة؟ فيبقى محل أخذ وجدال طويل بين العلماء.
مواليد أبوظبي ـ بكالوريس في التاريخ والآثار بتقدير امتياز من جامعة الإمارات.
أعمالها
- كتابة صفحة مقال في الاتحاد الثقافي عن الأدب والثقافة منذ منتصف شهر أبريل 2012 .
- كتابة مقال شهري اجتماعي في مجلة مرامي التابعة للمجلس الأعلى لشؤون الأسرة بالشارقة بدءاً من شهر أغسطس 2012.
- كتابة مقال شهري اجتماعي في مجلة بنت الخليج من شهر يوليو 2012.
- كاتبة زاوية يومية في صحيفة الرؤية الإماراتية.
- كاتبة مقال أسبوعي في مجلة أرى.
- كاتبة عمود شهري في مجلة الإمارات الثقافية .
- كاتبة عمود شهري في مجلة التراث التابعة لنادي تراث الإمارات.
- كتبت مجموعة من القراءات النقدية (13 قراءة) وهي تمهيد لمشروع نقدي صدر بالتعاون مع دار جمال الشحي (كتاب)، ونشرت في جريدة الاتحاد في كتب إماراتية لكتاب مثل: سلطان العميمي، محمد الغفلي، موزة الدرعي، ابراهيم الهاشمي، سارة الجروان، خالد السويدي، وفاء العميمي ومريم الشحي… إلخ.
مؤلفاتها
- رواية كمائن العتمة ـ الطبعة الثانية ـ دار الفارابي (2013).
- أفكار بعد منتصف الليل ـ دار الهدهد (2013).
- مجموعة حطب ما ـ مجموعة شعرية – إتحاد كتاب وأدباء الإمارات (2013).
- رواية زاوية حادة طبعة جديدة ومنقحة من دار كتاب لجمال الشحي (2013).
- رواية (كمائن العتمة)عن دار الفارابي – بيروت طبعة أولى (2012).
- ترجمة مجموعة من النصوص في مجلة هانيبال الألمانية ونشرها باللغة الإنجليزية (2011).
- مسرحية حصة صادرة عن دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة (2010).
- ترجمة رواية زاوية حادة إلى الإنجليزية للمترجم عدنان محمد وصدرت عن دار المحاكاة في سوريا (2010).
- ديوان شعري (لا عزاء) صدر عن مشروع قلم عام 20، هيئة التراث والثقافة (2010).
- رواية بعنوان (زاوية حادة) صادرة عن دار العين للنشر والتوزيع، مصر (2009).
- مجموعة قصصية بعنوان (وجه أرملة فاتنة) صادرة عن هيئة التراث والثقافة، أبوظبي (2008).
- ترجمة (وجه أرملة فاتنة) إلى الألمانية وهي صادرة عن هيئة التراث والثقافة، مشروع قلم أبوظبي (2008).
- مجموعة قصصية بعنوان (ليلة العيد) صادرة عن دائرة الثقافة والإعلام، الشارقة (2003).
جوائزها
- جائزة العويس لأفضل إبداع روائي عن رواية كمائن العتمة (2013).
- جائزة شمسة بنت سهيل للمبدعات في فرع الأدب والثقافة والإعلام (2012).
- جائزة لوفتسيال للمرأة العربية في فرع الأدب والثقافة (2012).
- المركز السادس في مسابقة التأليف المسرحي لمسرحية بقايا امرأة، دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة (2012).
- المركز الثاني في مسابقة القصة القصيرة للأطفال ـ وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع ـ مذكرات علبة صفيح قديمة (2010).
- أفضل جائزة سيناريو لسيناريو كرووووك في مسابقة التأليف السيناريو في رابطة أديبات الإمارات، الشارقة (2010).
- المركز الثالث في مسابقة السيناريو لسيناريو (الاختباء) في مهرجان أبوظبي الدولي السينمائي (2010) .
- المركز الثاني في مسابقة التأليف المسرحي، دائرة الثقافة والإعلام بالشارقة عن مسرحية (حصة) (2009).
- المركز الثالث في مسابقة السيناريو، مهرجان الخليج بدبي عن سيناريو بعنوان (تفاحة نورة) (2009).
- الجائزة التشجيعية في مسابقة القصة القصيرة للأطفال، وزارة الثقافة والشباب وتنمية المجتمع، أبوظبي عن مجموعة (ذاكرة الحكايا) (2009).
- المركز الأول في مسابقة التأليف المسرحي – جمعية المسرحيين عن مسرحية (طين وزجاج) (2007).
- جائزة المرأة الإماراتية في الآداب والفنون عن المجموعة الشعرية (ليتني كنت وردة) (2007).
- المركز الثالث على مستوى مدارس الحلقة الثانية ضمن مسابقة تحت شعار: وسيلتي مطيتي إلى العلا (2004 ـ 2005).
- المركز الثاني في القصة القصيرة جائزة المرأة الإماراتية في الآداب والفنون عن مجموعة (قرية قديمة في جبل) (2004).
- الجائزة التشجيعية في مسابقة غانم غباش عن قصة (أنفاس متعبة) (2004).
- جائزة أندية الفتيات بالشارقة، الجائزة التشجيعية في الأدب للكاتبة الإماراتية عن مجموعة (ليلة العيد) (2001).