افتتح صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله، وإلى جانبه صاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا، عضو المجلس الأعلى حاكم أم القيوين، وبحضور سمو الشيخ راشد بن سعود بن راشد المعلا، ولي عهد أم القيوين (الثلاثاء 6 فبراير 2018) «مركز أم القيوين للتوحّد» الذي يُعد الأول من نوعه على المستوى الحكومي الاتحادي، في مجال تأهيل وتدريب وتعليم أصحاب اضطراب طيف التوحد.
وقام صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم وأخوه صاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا بجولة في المركز الجديد، تعرفا خلالها إلى مرافقه وتجهيزاته التي رُوعي فيها أن تكون مواكبة لأفضل الممارسات المعتمدة عالمياً في مجال تأهيل الأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد، وأقسام المركز المختلفة وأسلوب إعداد فريق العمل الذي تم رفده بالكوادر الإماراتية المؤهلة بكفاءة عالية في مختلف التخصصات ضمن برامج تدريبية وتأهيلية مكثفة.
واستمع سموهما خلال الجولة من معالي حصة بنت عيسى بوحميد، وزيرة تنمية المجتمع إلى شرح حول المركز وآليات العمل فيه، ودوره في إطار تنفيذ توجيهات القيادة الرشيدة واستراتيجية الحكومة الاتحادية، في تمكين مختلف فئات المجتمع ومن بينهم أصحاب الهمم بشكل عام، ومن بينهم الأفراد من ذوي اضطراب طيف التوحّد، وإسهامات المركز الذي يندرج ضمن مبادرات الاستراتيجية الوطنية لتمكين أصحاب الهمم، مع سعي المركز لسد احتياجات إمارة أم القيوين والمناطق المحيطة بها من حيث الخدمات المتكاملة لأطفال التوحد وأسرهم، علماً أن نطاق خدمات المركز يمتد إلى خارج الإمارة، ليصل إلى المستفيدين في إمارات الشارقة وعجمان ورأس الخيمة.
وتعرّف صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، وصاحب السمو الشيخ سعود بن راشد المعلا خلال الجولة إلى خدمات التشخيص والكشف المبكر التي يوفرها مركز أم القيوين للتوحد، بما في ذلك برامج التدخل المبكر المخصصة للأطفال، وكذلك البرامج الخاصة بتزويدهم بالفرص الممكنة للتدريب والتأهيل، ومساعدتهم على الاندماج في المجتمع، في ضوء تركيز المركز على الأسرة كشريك في عملية التأهيل، مع تقديم سلسلة من البرامج الإرشادية والتدريبية، وتوعية المجتمع باضطراب التوحد واكتشاف الحالات في سن مبكرة، لمعالجتها في وقت مبكر وضمان جودة الاستفادة من الخدمات المقدمة، علاوة على مشاركة المركز في تطوير كفاءة العاملين في مجال تقديم الخدمات المتخصصة لأصحاب اضطراب طيف التوحد والإعاقات الشديدة.
وشملت الجولة مرافق المركز، ومنها الفصول التعليمية والغرف العلاجية المساندة، وخدمات العلاج بالتكامل الحسي المزودة بأحدث الأجهزة التي تساعد الأطفال على التكيف مع المثيرات الحسية المحيطة في مختلف البيئات، وغرفة العلاج الحسي التي تعتبر أكبر الغرف العلاجية في الدولة التي تعتمد على التكامل الحسي، وتعطي الطفل فرصة اختبار واستكشاف بيئات متغيرة من حوله، في محاكاة للبيئات الخارجية التي يمر بها في حياته اليومية من أجل التكيف معها وفق ميوله واهتماماته والمشكلات الحسية التي قد يواجهها.
الخدمات التخصصية
وتتضمن الخدمات التخصصية التي يقدمها مركز أم القيوين للتّوحد الخدمات التأهيلية والتربوية والعلاجية للأطفال من ذوي اضطراب طيف التوحد، وخدمات التطوير والتدريب المهني للكوادر العاملة في المجال، إضافة إلى الخدمات الأسرية والمجتمعية باتباع مناهج عالمية معتمدة.
ويتسع نطاق خدمات المركز ليشمل علاج اضطرابات اللغة والكلام لتنمية قدرات الأطفال على التواصل مع المحيطين، وغرف تفريغ الطاقة التي تساعد الطفل على التخلص من الشحنات السلبية بما يدعم عملية التعلم، كما يقدم المركز العديد من الأنشطة الرياضية والترفيهية والموسيقية بهدف إدماج الأطفال في البيئة المحيطة، بما في ذلك أنشطة السباحة وركوب الخيل العلاجي، ويتم تقديمها بالتعاون مع شركاء وزارة تنمية المجتمع من المؤسسات الحكومية والخاصة على مستوى الدولة.
واختتمت الجولة بتفقد حديقة الألعاب الخارجية للمركز المخصصة لتنمية المهارات الحركية والحسية والانفعالية والمعرفية، واستثارة تفكير الطفل واستكشاف مهاراته عن طريق اللعب الموجّه والهادف وتحفيز حواسه وتنمية مهاراته المعرفية والحركية والسلوكية.
ويستخدم مركز «أم القيوين للتوحّد» تطبيقات ذكية متخصصة، أهمها تطبيق «تواصل» كأحد البرامج التفاعلية مع الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، التي تنمّي مهارات التواصل لديهم عن طريق الصور، حيث يقوم التطبيق بقراءة الصور واستبدالها بقراءة نصية تمكّن الآخرين من فهم ما يريده الأطفال غير القادرين على النطق بشكل صحيح، كما يتميز التطبيق بقدرته على تنمية الحصيلة اللغوية للطفل عن طريق التواصل المستمر بين المعلمة والأم، ومعرفة المفردات اللغوية التي أنجزها الطفل في كل من بيئتي المركز والمنزل، إضافة إلى تطبيق «القصص الاجتماعية للتوحد»، الذي يهدف إلى تعليم الأطفال سلوكيات مقبولة اجتماعياً وزيادة قدرتهم على التواصل والتكيف مع البيئات المحيطة، عبر الأسلوب القصصي المصور الذي ينسجم مع اهتمامات الأطفال وطرق تعلمهم البصرية.
ومن المقرر إطلاق برنامج للدبلوم المهني بالتعاون مع جامعة أبوظبي، لتأهيل الكوادر الوطنية في مجال تأهيل أطفال التوحد، حيث يمتد البرنامج لعام دراسي كامل، ويشمل أحدث نظم التأهيل والعلاج التي تقوم عليها المنهجيات العالمية، المستندة إلى الأدلة في تأهيل الأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد، وسيُمكّن هذا الدبلوم من تغطية احتياجات الدولة من الكوادر المواطنة المتخصصة في هذا المجال.
وتقدَّر الطاقة الاستيعابية لمركز أم القيوين للتوحّد بين 100 إلى 150 حالة، يمكن إلحاقهم على مراحل عدة، حيث تم إلحاق حوالي 55 حالة في المرحلة الأولى، وستتم زيادة الأعداد المستفيدة تدريجياً. وتشير قواعد البيانات أن هناك 1338 شخصاً مستفيداً من برامج التأهيل المقدمة في مراكز التوحد في الدولة، سواء الحكومية الاتحادية أو المحلية أو الخاصة، وتقدم وزارة تنمية المجتمع خدماتها للأطفال ذوي اضطراب طيف التوحد عبر مراكز تأهيل أصحاب الهمم ضمن أقسام متخصصة في التوحد، ويعتبر مركز أم القيوين للتوحد المركز الأول الذي يقدم خدماته بشكل مستقل وخارج نطاق مراكز أصحاب الهمم، نظراً لأهمية وخصوصية هذا الاضطراب الذي يستدعي منهجيات عمل وطرق تشخيص وتأهيل مختلفة عن بقية الإعاقات.
توظيف أصحاب الهمم
وفي المناسبة ذاتها أطلق سموهما «المنصّة الوطنية لتوظيف أصحاب الهمم»، الهادفة إلى توفير فرص العمل لتلك الفئة، وبما يتناسب مع البيئات المهنية الملائمة لقدراتهم ومهاراتهم، كما تهدف إلى اكتشاف قدرات ومهارات أصحاب الهمم الذين هم في سن العمل، وتطويرها وتنميتها بما يتناسب مع متطلبات سوق العمل، وكذلك اكتشاف فرص التوظيف المتوفرة، وإجراء التعديلات عليها لتتناسب مع قدرات هذه الفئة، كما تعتبر المنصة منبراً محفزاً لأصحاب الهمم على التسجيل إلكترونياً من خلال المنصة، وعلى إبراز قدراتهم ومهاراتهم المهنية والعملية، وتشجيع الجهات الحكومية الاتحادية والمحلية والخاصة، على الإعلان عن الوظائف وفرص العمل المتوفرة.
وتقوم آلية عمل المنصّة الإلكترونية على أسلوب المزاوجة المهنية بين قدرات أصحاب الهمم الباحثين عن عمل من جهة، ومتطلبات الشواغر المتوفرة من جهة أخرى، ومن ثم توجيه أصحاب الهمم المناسبين إلى المهن والأعمال والوظائف التي تتوافق مع قدراتهم الجسدية والذهنية وميولهم المهنية، ومن المتوقع أن يتم حصر أصحاب الهمم الراغبين في العمل وتدريب من هم بحاجة إلى تطوير مهاراتهم، وحصر الجهات المستعدة لتوظيفهم، ومن ثم إيجاد فرص عمل لأصحاب الهمم وتقديم الدعم المناسب لهم وللجهات الموظفة.
وتعد المنصّة فرصة للجهات والمؤسسات الراغبة في توظيف أصحاب الهمم، سواء في القطاعات الحكومية الاتحادية أو المحلية أو الخاصة، وستقدم وزارة تنمية المجتمع الخبرات الفنية اللازمة لتحويل الحالات المتقدمة للتوظيف إلى المهن المناسبة، مع إمكانية تقديم التدريب اللازم لتطوير قدراتهم بما يتناسب ومتطلبات الأعمال التي سيتم إلحاقهم بها.
التصنيف الوطني الموحد للإعاقات
وكان صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، قد أصدر قرار مجلس الوزراء رقم (3) لسنة 2018، بشأن اعتماد التصنيف الوطني الموحد للإعاقات (أصحاب الهمم) في الدولة.
ونص القرار، المنشور في العدد الأخير من الجريدة الرسمية، على أن يختص مجلس الوزراء بإجراء أي تعديلات على التصنيف، بناء على اقتراح وزيرة تنمية المجتمع.
وحدد القرار المنطلقات الأساسية للقرار في الحاجة إلى تصنيف موحد للإعاقات على مستوى الدولة، ويكون بمثابة مرجع وطني تستخدمه جميع الجهات حسب خدماتها المقدمة لذوي الإعاقة (أصحاب الهمم)، والمساعدة في رفع مستوى التنسيق والتعاون بين الجهات المعنية، لتوحيد أدوات الكشف عن الأشخاص ذوي الإعاقة وتحديد احتياجاتهم.
وتبعاً للتصنيف تكون الإعاقات: الإعاقة الذهنية، وتندرج تحتها ثلاث فئات حسب القدرات العقلية المحددة والعمر واضطرابات التواصل واضطراب طيف التوحد، واضطراب قصور الانتباه والنشاط الزائد وصعوبات التعلم المحددة والإعاقة البصرية والإعاقة السمعية والإعاقة السمعية البصرية والإعاقة الجسدية والاضطرابات النفسية الانفعالية والإعاقة المتعددة.