في 11 يونيو / حزيران الجاري 2018 رحل الطبيب وعالِم البيولوجيا المصري الأميركي عادل محمود، الذي لم تعرفه منطقتنا، كما ينبغي، إلا بعد أن نعاه بيل غيتس مؤسس شركة مايكروسوفت العملاقة، وأغنى رجال العالم قائلاً: (إن العالَم فقد واحداً من أعظم مبتكري اللقاحات في عصرنا)، وأضاف (لقد أنقذ حياة عدد لا يحصى من الأطفال).
كذلك خصصت صحيفة النيويورك تايمز الشهيرة مقالاً مطولاً عن مآثر هذا الطبيب العالم، مع عدد من صوره، جاء فيه: (لقد قام بدور حيوي في إنتاج لقاحات عديدة أحدثت تطورات كبرى في الصحة العامة)، ولم يقف الأمر عند ذلك بل سارعت مؤسسات إعلامية أخرى، والمؤسسات الأكاديمية والخاصة التي عمل بها إلى الإشادة به وبإنجازاته التي امتدت عدة عقود أذكر منها جامعة كيس ويسترن رزرف في كليفلاند، وجامعة برينستون في نيوجيرسي، وجامعة وينستون سالم في نورث كارولينا، والمعهد الوطني الأمريكي للحساسية والأمراض المعدية، بالإضافة إلى الشركة الطبية الخاصة التي عمل بها، وغيرها.
نعم، لم يصل الخبر للإعلام العربي إلا في يوم الأربعاء 20 يونيو / حزيران 2018، ولم نعرف هذا الطبيب والعالم إلا من خلال ما تحدثت عنه تلك المؤسسات الإعلامية والأكاديمية الأمريكية.
لقد ذكرني ذلك بالندوة العالمية التي أقامتها جامعة سانت بطرسبرغ الروسية منذ عدة سنوات بمناسبة المئوية الثانية لمولد الشيخ محمد عيّاد الطنطاوي (1810 ـ 1861)، الذي أمضى عشرين عاماً في روسيا القيصرية يعمل في القسم التعليمي لوزارة الخارجية الروسية، وأستاذاً في كلية اللغات الشرقية بجامعة سانت بطرسبرغ. لقد أنجز الطنطاوي خلال تلك الفترة من حياته، أكثر من مائة وخمسين مخطوطة، إضافة إلى كتابة سيرته الذاتية والعديد من المؤلفات التاريخية والأدبية، وقد منح خلالها العديد من الألقاب والأوسمة، تقديراً لجهوده وإنجازاته، واستمر تكريمه والاعتراف بفضله حتى بعد وفاته، فقد جعلت الحكومة قبره قرب سانت بطرسبرغ من الأملاك الحكومية التي تقوم الحكومة بالحفاظ عليها وحمايتها، إضافة إلى ذلك تبنت كلية اللغات الشرقية بالجامعة مشروعاُ خاصاً لإصدار مخطوطات (الطنطاوي) على الشابكة (الإنترنت) بعد تصنيفها وفهرستها لتكون متاحة لجميع الباحثين والمهتمين في العالم، تقديرا لأعمال هذا العالم الذي نكاد لا نسمع به في منطقتنا العربية.
ذكرني ذلك أيضا باحتفال مكتبة الكونغرس الأميركي بالأديب والمفكر اللبناني أمين الريحاني بمناسبة مئوية روايته (كتاب خالد)، التي تعد أول رواية كتبها عربي باللغة الإنجليزية، وقد أقامت المكتبة ندوة حول إنجازات هذا الأديب حضرها العديد من الباحثين والمثقفين. لقد حفل إرث أمين الريحاني (1876 ـ 1947) بالعديد من الكتب والمسرحيات والقصص التي كتبها باللغتين العربية والإنجليزية، وبعد ذلك، خصصت المكتبة أيضاً عدداً من المناسبات والاحتفالات بإنجازات وإبداعات جبران خليل جبران، وجورجي زيدان وغيرهم من أشهر مفكري وأدباء المهجر.
أمام هذه الأمثلة، وغيرها، يحق لنا أن نتساءل: هل نجهل مبدعينا، أم نتجاهلهم، حقا ما أحوج مجتمعنا اليوم إلى تعزيز ثقافة التكريم، أو أخلاق الاعتراف بفضل الآخرين من أبنائه، خلال حياتهم وبعد رحيلهم، إنها وبكل بساطة حق من حقوقهم، وواجب من واجباتنا، فما أقسى أن نجهل المجتهدين والمبدعين أو نتجاهلهم، إنها وبكل بساطة ثقافة وأخلاق تبدأ في البيت والمدرسة، ولا تنتهي بعد ذلك.
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/