أكدت جائحة (كـوفيد ـ 19) أكثر من أي وقت مضى أن تحقيق رؤية (الصحة للجميع) بل وتحقيق (أهداف التنمية المستدامة) في العالم أيضاً لن يشهدا النور ما لم ننجح في توفير (التغطية الصحية الشاملة) لجميع الناس وفي كل مكان.
في 23 أيلول / سبتمبر 2019 شهدت الأمم المتحدة أهم إعلان تاريخي في مجال الصحة والتنمية، بشأن تحقيق (التغطية الصحية الشاملة)، وفي إعلان القمة العالمي رفيع المستوى هذا التزمت الدول الأعضاء بإحراز المزيد من التقدم باتجاه تحقيق (التغطية الصحية الشاملة) عن طريق الاستثمار في مجالات رئيسة تتمحور حول الرعاية الصحية الأولية، وتعزيز النظم الصحية بحيث تستطيع تنفيذ تدخلات صحية عالية الأثر لمكافحة الأمراض وحماية صحة المرأة والطفل، وتشتمل هذه المجالات أيضاَ آليات تكفل ألا يتعرض أي أحد لمصاعب مالية من جراء اضطراره إلى سداد تكاليف الرعاية الصحية، تزداد أهمية ذلك خاصة أنه لم يبق أمام العالم سوى عشر سنوات لكي يحقق (أهداف التنمية المستدامة 2030)، علماً بأنه لا غنى عن (التغطية الصحية الشاملة) لضمان بلوغها.
وهكذا أكد العالم أكثر من أي وقت مضى أن رؤية (الصحة للجميع) التي نسعى إليها على مدى عقود، لا يمكن أن تتحقق ما لم ننجح في تحقيق (التغطية الصحية الشاملة) للجميع وفي كل مكان. فالصحة وفق التعريف الذي نشأت عليه (منظمة الصحة العالمية) هي (حالة من اكتمال السلامة بدنياً وعقلياً واجتماعياً، لا مجرد انعدام المرض أو العجز)، وهكذا، فالإنصاف في الوصول إلى الخدمات الصحية ذات الجودة الأساسية هي لمن يحتاجها، وليس فقط لمن يستطيع تحمل كلفتها، مع ضمان توافر الحماية من أي عجز مالي قد يهدد ذوي الدخل المحدود، وهكذا لا نقايض الصحة بالمال مهما كانت الظروف.
قبل أن يجف مداد هذا الإعلان التاريخي أصيب العالم بجائحة (كـوفيد ـ 19) التي أودت حتى الآن بحياة أكثر من مليون شخص، وأصابت أكثر من أربعين مليون شخص في أكثر من 190 بلداَ، إضافة إلى التداعيات الاقتصادية والاجتماعية والصحية والتعليمية والإنسانية الخطيرة الأخرى التي أضحت معروفة لدينا جميعاَ.
نعم لقد شكلت هذه الجائحة وتداعياتها العديدة تحديات كبيرة لمختلف جوانب حياة الإنسان وبشكل خاص للخطة العالمية لتحقيق التنمية المستدامة بحلول العام 2030 فقد كشفت عن قصور فادح في النظم الصحية داخل بلدان العالم نفسها وفيما بينها أيضاَ، وكذلك في نظم وآليات الاستجابة العالمية المنسقة لحالات الطوارئ الصحية، وفي تدابير التأهب للأوبئة والاستجابة السريعة لها وهي حاجة عالمية أساسية ملحة في مواجهة الكوارث العابرة للحدود، كذلك امتد القصور أيضاً إلى حماية نظام تقديم الخدمات الصحية الأساسية الأخرى أثناء تفشي الجائحة وحماية العاملين الصحيين فيه سيما أنهم يشكلون خط الدفاع الأول في مواجهة هذه الجائحة في كل مراحلها.
لقد أظهرت تداعيات جائحة (كـوفيد ـ 19) هذه وأكثر من أي وقت مضى أن السعي إلى تحقيق (التغطية الصحية الشاملة) أصبح أكثر إلحاحاً، ورغم كلفتها فهي رخيصة عندما نرى العواقب الوخيمة المترتبة على غيابها.
لا يسعنا في هذا اليوم العالمي للتغطية الصحية الشاملة 2020 الذي يحمل شعار (الصحة للجميع: حماية الجميع)، إلا أن نؤكد أن (الصحة للجميع) حق أساسي من حقوق الإنسان، و(التغطية الصحية الشاملة) هي أداة محورية للوصول إلى كل إنسان وفي كل مكان. فالصحة كما هو معروف لدينا هي محور حقوق الإنسان، وما (التغطية الصحية الشاملة) إلا أداة تحقيقها، فلنعمل جميعاَ على أن تشمل الجميع وفي كل مكان.
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/