بقلم فادي محمد الدحدوح
تعالت الأصوات مؤخراً ـ وتحديداً في ظل جائحة كوفيد19 ـ تنادي بضرورة إعادة النظر في البرامج التدريبية وعمليات التأهيل التي تقدم للمعلم.
وقد أخذت الجهات المسؤولة عن إعداد وتدريب المعلمين بمراجعة السياسات المتعلقة بمنظومة التأهيل والتدريب، ومحاولة تطوير برامجها لمواجهة التحديات ومواكبة الظروف بما يحقق إدارة فاعلة للمنظومة بشكل متكامل، حيث بذلت جهوداً كثيرة إلا أنها ما زالت دون المستوى المطلوب على الرغم من كثافتها.
ولا يخفى علينا ما توليه الدول المتقدمة للمعلم من مكانة مرموقة باعتباره الأداة الرئيسة في النهضة الشاملة والسير في ركب الحضارة، وقد أكد الكثير من رجال الفكر التربوي عبر مختلف العصور على أهمية إعداد المعلم، وأن كافة الإصلاحات التعليمية مرهونة بإصلاح نوعية العاملين بمهنة التعليم ولاسيما المعلم، كما أن النظم التعليمية لا يمكن تحديثها إلا من خلال النظرة الجذرية في برامج إعداد المعلمين، ويتم ذلك من خلال العناية بالبحوث التربوية وجعلها أكثر ثراء وعمقاً.
ومن هنا تنبع أهمية الإعداد الجيد للمعلم باعتباره القوة المحركة للعملية التعليمية.
إن قضية إعداد المعلم الباحث قد شغلت مساحة اهتمام كبيرة من قبل خبراء التربية، انطلاقاً من دوره المهم والحيوي في تتفيد السياسات التعليمية في جميع دول العالم، والتصدي للمتغيرات السريعة التي تشهدها الحياة المعاصرة في كافة النواحي، مما يستلزم سرعة التحرك في التعامل معها وإدخال تعديلات تربوية جوهرية على مستوى السياسة والأهداف والخطط والبرامج والممارسات والوسائل، وتوجيهها لإعداد المعلم الباحث والمبتكر المتعدد الثقافات، والاستفادة من ذلك في التطبيقات والتجارب العالمية التربوية والتعليمية الناجحة على مستوى مؤسسات التعليم العالي.
إن أدوار (المعلم الباحث) تتعدد وتتغير بتغير المواقف التي تفرضها العولمة وثورة الاتصالات والمعلوماتية، والتقدم العلمي، والتطور والتجديد التربوي، وثمة جوانب كثيرة لدور المعلم المعاصر تضيفها التطورات الجديدة في المجالات التربوية ولا سيما في ظل جائحة كوفيد19، أي أن دوره له جوانب متعددة بحسب ما تضيفه التطورات التربوية التي تعد مرآة عاكسة للتغيرات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية التي يفرزها النظام العالمي الجديد، باعتبار النظام المحلي جزءاً من النظام العالمي.
ولهذا ليس من السهل تحديد جوانب أدوار المعلم الباحث التي يجب أن يؤديها لأنها متجددة ومتغيرة باستمرار، بالإضافة إلى أنها متشابكة بعضها مع بعض، ويكمل بعضها بعضاً، وقد يقوم المعلم الباحث بأداء أكثر من جانب في وقت واحد.
اتخذت أدوار المعلم الباحث أبعاداً إضافية تجاوزت حدود الأساسيات، فقد تغيرت بعض مظاهر التعلم والتعليم تغيراً جذرياً مما كان له وقع على الأدوار المتوقعة للمعلمين، حيث نجد عندما نتحدث عن التربية والتعليم في هذا القرن تربية من نوع خاص، وتعليماً من نوع جديد، حيث تغير دور المعلم بسبب التغيرات التربوية الجديدة التي فرضتها الأزمات الطارئة والتطورات السريعة وظهور عدد من النظريات التربوية الجديدة التي تجعل من المتعلم محوراً للعملية التعليمية ومن المعلم باحثاً موجهاً ومرشداً ذا أهمية فائقة، أي أن جوانب دوره قد تعددت وفق ما تضيفه التطورات التربوية التي تعد مرآة عاكسة للتغيرات العلمية والتكنولوجية والاقتصادية التي يفرزها النظام محلياً وعالمياً.
وبناء على ذلك سادت العالم توجهات عدة في ميدان إعداد المعلم وتدريبه، ربما من أهمها اختيار الطالب المعلم الكفء قبل التحاقه ببرنامج إعداده في كليات إعداد المعلمين من المستوى الجامعي، وتحديث برامج إعداده وتزويدها بالتكنولوجيا المعاصرة، وتطوير المناهج الدراسية بما يتوافق مع احتياجات المجتمع ومتطلبات التقدم العالمية، والاهتمام بتخريج معلم باحث قادر على تنمية قدرات الطلاب واكتشاف مواهبهم.
ويعرف الإعداد على أنه عملية دينامية مقصودة مخططة تهدف إلى تنمية الاتجاهات والمعارف والمهارات المطلوب توافرها في مجموعة من الأفراد بطريقة منظمة لكي تمكنهم من القيام بأداء أدوارهم المستقبلية بفاعلية، وتمكنهم من الاستفادة من الإمكانات المادية والبشرية المتوافرة في المؤسسة إلى أقصى حد ممكن، وصولاً إلى رفع كفاية الإنتاجية لهؤلاء الأفراد أو لمؤسساتهم التي يعملون فيها، أي أن الإعداد للمهنة هو الوسيلة التي يمكن الحصول من خلالها على الاستجابات اللازمة لأداء العمل على الوجه الصحيح، وهو ما يسمى في بعض الأحيان التدريب قبل الخدمة.
إن أي عمل ناجح لا يتم إلا بوجود أهداف واضحة ومحددة وفق رؤية مخطط لها بشكل دقيق من أجل الوصول إليها وتحقيقها، وإذا كان هذا في الأعمال البسيطة، ففي العمل التربوي تزداد أهمية تحديد الأهداف والأمر أكثر أهمية وضرورة في تحديد وصياغة أهداف المؤسسات التي تقوم بإعداد المعلم الذي يعتبر حجر الزاوية في العملية التعليمية، ووجود الأهداف في بعض أذهان القادة التربويين لا يعني أن كل من يعمل في المجال التربوي يعرف الهدف منه وإنما ينبغي أن توضع الأهداف وتصاغ بحيث يتابعها الجيل اللاحق وتتكامل الأفكار إلى أن تتحقق دون تأثير أو تأثر بالأحداث المتعاقبة إلا بالتحسين والتطوير ورفع المستوى بالتقويم المرحلي أو النهائي وتحديد أو صياغة أهداف لإعداد المعلم الباحث في المؤسسات التي تقوم بعملية الإعداد بحيث يكون أساسها.
إن إعداد المعلم الباحث عملية مستمرة في الحياة المهنية لا تنقطع تتضمن تدريباً قبل الخدمة وتدريباً أثناء الخدمة وتعليماً مستمراً، كما أن إعداد المعلم الباحث يجب أن يكون مهماً وملهماً لإمداد الطلبة بما يحتاجون إليه من المعرفة والثقافة والبحث العلمي.
- مكان الإقامة: غزة – فلسطين
- رقم التواصل: 00970598283195
- البريد الالكتروني : [email protected]
- باحث فلسطيني من غزة
- خبير في البحث العلمي والدراسات
- أستاذ جامعي
- مؤلف في مناهج البحث العلمي
- ناشط ولديه مساهمات في العديد من المجلات والشبكات الالكترونية العربية