رياضة الأشخاص الصّم
في كل عام، وخلال الأسبوع الأخير من شهر نيسان (أبريل)، تقيم جمعيات الأشخاص الصّم والهيئات العاملة معهم في الوطن العربي أسبوعاً يدعى «أسبوع الأصم» يعد أسبوعاً حقوقياً مكثفاً وتظاهرة إعلامية شاملة للتعريف بالصّمم والوقاية منه، وكذلك التعريف بالأصم وقدراته ووسائل تربيته وتأهيله وقنوات تواصله اللغوي والنطقي والإشاري مع أقرانه وأفراد مجتمعه، بالإضافة إلى توجيه وسائل الإعلام المختلفة لتسليط الضوء على حقوقه الأساسية الصّحية والتربوية والنفسية والاجتماعية والاقتصادية والتأهيلية، ويهدف أيضاً إلى تمكين الأشخاص الصّم وضعاف السّمع وجمعياتهم من القيام بدور فاعل وإيجابي في عملية التنمية الاجتماعية والاقتصادية الشاملة والمستدامة (1).
اعتمد الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصّم «الأنشطة الرياضية للأشخاص الصّم» محوراً لأسبوع الأصّم لهذا العام، نظراً لأهمية الرياضة في حياة الأشخاص الصم لا سيما الأطفال والشباب منهم، ونظراً لأنها تسهم في تحقيق أقصى درجة ممكنة من التأهيل والدمج والاحتواء.
اهتمام يتجدد
الرياضة جزء حيوي من حياة الأشخاص الصم والسامعين لذلك لم تغفل مدارس ومؤسسات الأشخاص الصم في العالم إدراج الأنشطة الرياضية في برامجها منذ إنشائها، كذلك لم تغب مواضيع رياضة الأشخاص الصّم عن برامج الاتحاد وفعالياته منذ تأسيسه، وكثيراً ما كانت المسابقات الرياضية تصاحب الاحتفالات بأسبوع الأصم العربي التي أطلقها الاتحاد منذ عام 1976، كذلك لم تغب عن «ميثاق حقوق الأصم في الوطن العربي»، الذي طُرح مشروعه لأول مرة في المؤتمر العام الخامس للاتحاد في عمان بالأردن عام 1986، وتم إقراره في عام 1992 وأكد على حق الأشخاص الصم في إنشاء الأندية الخاصة بهم (2).
كما أسهم الاتحاد ومنظمات الأشخاص الصم من أعضائه خلال الفترة يومي 3 و4 مايو / أيار 2003 في تنظيم الملتقى العربي الثاني للصم بمجمع إنماء القدرات الانسانية في بيروت، لبنان، حيث أقيمت دورة رياضية شارك فيها 311 أصماً من 29 مؤسسة تعمل في 11 دولة عربية.
الرياضة في الاتفاقية الدولية
لا يسعنا في هذه المناسبة إلا التأكيد على المبادئ العامة لاتفاقية حقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، وهي الاتفاقية التي انضمت إليها الدولِ العربيةِ ودخلت حيّز التنفيذِ في 3 أيار/ مايو 2008، وكذلك المادة 30 منها المتعلقة بالمشاركة في الحياة الثقافية وأنشطة الترفيه والتسلية والرياضة، التي تدعو إلى تمكين الأشخاص من ذوي الإعاقة من المشاركة، على قدم المساواة مع الآخرين، في أنشطة الترفيه والتسلية والرياضة، وتتخذ الدول الأطراف التدابير المناسبة من أجل:
- تشجيع وتعزيز مشاركة الأشخاص من ذوي الإعاقة، إلى أقصى حد ممكن، في الأنشطة الرياضية العامة على جميع المستويات؛
- ضمان إتاحة الفرصة للأشخاص من ذوي الإعاقة لتنظيم الأنشطة الرياضية والترفيهية الخاصة بهم وتطويرها والمشاركة فيها، والعمل تحقيقاً لهذه الغاية على تشجيع وتوفير القدر المناسب من التعليم والتدريب والموارد لهم على قدم المساواة مع الآخرين؛
- ضمان دخول الأشخاص من ذوي الإعاقة إلـى الأماكن الرياضيـة والترفيهية والسياحية؛
- ضمان إتاحة الفرصة للأطفال من ذوي الإعاقة للمشاركة على قدم المساواة مع الأطفال الآخرين في أنشطة اللعب والترفيه والتسلية والرياضة، بما في ذلك الأنشطة التي تمارس في إطار النظام المدرسي؛
- ضمان إمكانية حصول الأشخاص من ذوي الإعاقة على الخدمات المقدمة من المشتغلين بتنظيم أنشطة الترفيه والسياحة والتسلية والرياضة.
تاريخ رياضة الأشخاص الصم
شهد العالم أول مسابقات رياضية للأشخاص الصم في باريس عام 1924 ودعيت في حينها بالمسابقات الصامتة، وشارك فيها نحو 124 متسابقاً يعودون إلى 9 دول، كذلك سميت اللجنة المنظمة باللجنة العالمية للرياضة الصامتة. وأعيد تسميتها فيما بعد باللجنة العالمية لرياضة الصم التي أخذت بتنظيم هذه المسابقة العالمية الصيفية مرة كل 4 سنوات. وفي عام 2001 أدرجت اللجنة الأولمبية العالمية هذه المسابقات تحت اسم أولمبياد الصم. وأخذت اللجنة العالمية لرياضة الصم في النمو ونجحت في ضم نحو 100 دولة إلى عضويتها، من بينها عدد من الدول العربية (4).
تتولى اللجنة العالمية لرياضة الصم الإشراف على البرامج التدريبية ورفع مستوى رياضة الصم إلى المعايير الدولية، والنهوض برياضة الصم في البلاد النامية، وتعزيز التنسيق والتعاون مع الهيئة العامة للاتحاد الرياضي الدولي وكذلك التنسيق مع الاتحادات الرياضية العالمية كالفيفا والفيبا لدعم برامج رياضة الصم.
عربياً، لابد من ذكر الجهود الكبيرة لمدينة الشارقة للخدمات الإنسانية في دعم الأشخاص الصم، وبشكل خاص رعاية تأسيس (اللجنة العربية لرياضات الصم) في 28 أيلول / سبتمبر 2005 بمشاركة ممثلين عن: الأردن، الإمارات، البحرين، تونس، الجزائر، السعودية، السودان، العراق، فلسطين، قطر، الكويت، لبنان، مصر واليمن (5).
دعوة إلى العمل
لا زلت أذكر بكل فخر واعتزاز جهود الاتحاد السعودي لرياضة الصم وأندية الصم التي تولت تنظيم وإدارة الندوة العلمية الثامنة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم في الفترة من 28 إلى 30 أبريل / نيسان 2008 تحت عنوان «تطوير التعليم والتأهيل للأشخاص الصم و ضعاف السمع»، وأضحت بلا شك محطة بارزة وإضافة قيمة للرياضيين الصم العرب ومنظماتهم وما تتمتع بها من قدرة تنظيمية (6).
لا يسعنا في أسبوع الأصم العربي التاسع والثلاثين لعام 2014 إلا أن ندعو إلى تعزيز التوعية بحاجات وقدرات الأشخاص الصم وأهمية الفعاليات الرياضية والإعلام العام والرياضي وأهمية التواصل بين الصم ومنظماتهم والعاملين معهم.
نعم.. في أسبوع الأصم العربي هذا العام، هناك حاجة ماسة لدراسة واقع رياضة الأشخاص الصّم على امتداد وطننا العربي، وتكريم الرياضيين من الصم وأنديتهم ومدربيهم والعاملين معهم،.. ومن جهة أخرى، وكما في كل أسبوع، نأمل أن يشكّلَ هذا الأسبوعُ مناسبةً للاحتفالِ في الوطن العربي بإنجازات الأشخاص الصّم ونجاحاتهم العديدة، في أكثر من مجال، وأكثر من مكان، وعرض التحديات والصعوبات التي تواجههم وسبل التغلبِ عليها، ومناسبةً أيضاً لعرضِ الجهودِ والتشريعات والدراسات التي تسعى إلى تمكينِهم والنهوضِ بواقعهم نحو الأفضل.
المراجع:
- أسبوع الأصم العربي، الويكيبيديا الحرة، الدكتور غسان شحرور، أمين سر الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم.
- المادة 8، «ميثاق حقوق الأصم في الوطن العربي»، الذي طُرح مشروعه لأول مرة في المؤتمر العام الخامس للاتحاد في عمان بالأردن، عام 1986، وأقره الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم بشكله النهائي في 1992.
- المادة 30 اتفاقية الأمم المتحدة لحقوق الأشخاص ذوي الإعاقة، التي دخلت حيز التنفيذ في 3 أيار/مايو 2008.
- Deaf Sports & Deafolympics, Presented to the International Olympic Committee, Prepared by Dr. Donalda K. Ammons, President, International Committee of Sports for the Deaf September 2008.
- ملف الاجتماع التأسيسي للجنة العربية لرياضات الصم، العدد 197 لعام 2005، مجلة المنال، مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية.
-
الندوة العلمية الثامنة للاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم 28- 30 / 4 / 2008 تحت عنوان ” تطوير التعليم والتأهيل للأشخاص الصم و ضعاف السمع”، الاتحادالسعودي لرياضة الصم:
http://www.sdsf.gov.sa/page.php?do=show&action=ndoh
طبيب بشري حائز على شهادة الماجستير في طب الأذن والأنف والحنجرة وجراحتها، والبورد السوري، بالإضافة إلى الدراسات العليا من جامعة برمنجهام في المملكة المتحدةBirmingham, UK، وهو من الناشطين في المجتمع المدني العربي والدولي، له إسهامات طبية وثقافية وإنسانية عديدة، إلى جانب الكتابة باللغتين العربية والإنجليزية.
له عدة إصدارات في مجال الإعاقة السمعية، والبصرية، كما نشر المئات من المقالات والأبحاث في الصحة، والإعاقة، والعمل الإنساني والحقوقي وجوانب ثقافية متعددة.
شارك في تأسيس وإدارة وعضوية (الهيئة الفلسطينية للمعوقين)، (الرابطة السورية للمعلوماتية الطبية)، (الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم)، اللجنة العلمية لنقابة أطباء دمشق، وهيئة تحرير (المجلة الطبية العربي)، ولجنة الإعاقة بولاية كارولينا الشمالية للسلامة العامة، قسم إدارة الطوارئ، وعضو جمعية نقص السمع في منطقة ويك، ولاية كارولينا الشمالية، وعضو لجنة العضوية في تحالف الأطباء الأمريكي، ومستشار مؤقت لمنظمة الصحة العالمية إقليم المتوسط في القاهرة للمؤتمر الإقليمي (أفضل الممارسات في خدمات تكنولوجيا المعلومات والاتصالات للأشخاص المعوقين)، القاهرة، مصر (نوفمبر 2007)، كما شارك في كتاب (مواضيع الشيخوخة والإعاقة)، منظور عالمي، إصدار لجنة الأمم المتحدة غير الحكومية للشيخوخة، نيويورك 2009.
(http://www.ngocoa-ny.org/issues-of-ageing-and-disabi.html)
وقد حاز الدكتور غسان شحرور خلال مسيرته على:
- درع الاتحاد العربي للهيئات العاملة مع الصم، 2000.
- جائزة الإمارات العالمية التي يرعاها الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم للعمل الطبي الإنساني عام 2002.
- درع الأولمبياد الخاص، بمناسبة تشكيل الأولمبياد الخاص الإقليمي، 1993.
- براءات التقدير والشكر من منظمات الإعاقة والتأهيل في مصر، الإمارات، قطر، تونس، والكويت وغيرها.
- منظم ومدرب (مهارات التقديم المتطورة للعاملين الصحيين والأطباء)، رابطة المعلوماتية 2006.
- جائزة نجم الأمل العالمية، للإنجازات في مجال الإعاقة، مؤتمر الأمم المتحدة لمراجعة اتفاقية أوتاوا، كارتاجنا، كولومبيا 32 ديسمبر / كانون الأول 2009.
- أختير ضمن رواد المعلوماتية الطبية في العالم وفق موسوعة (ليكسيكون) الدولية 2015،
Biographical Lexicon of Medical Informatics ،
http://www.ncbi.nlm.nih.gov/pmc/articles/PMC4584086/