للأطفال ـ ولا سيما حديثي الولادة ـ لغة خاصة لا تختلف ولا تتباين وإن اختلفت الأرض التي تقلهم أو السماء التي تظلهم، إنها اللغة التي لم تعرف الحياة غيرها على مر العصور والتي لا يحسن الأطفال سواها.
في البداية لابد من القول إن الطفل ليس بالعالم الغامض المغلق، ولا هو بالمعادلة المعقدة التي يصعب فهمها أو التعامل معها.. إنه فقط حياة جديدة برزت إلى الوجود وفي يقين فطرتها أن كل ما حولها مهيأ لاستقبالها والترحيب بها وفهمها، وهي فطرة دقيقة الدلالة صادقة التصور فما من بيت يستقبل مولوداً جديداً إلا وتكون الأهبة لهذا الاستقبال في أعلى درجاتها وأكثرها صدقاً وحرارة.. ومع كل مرة تنطلق فيها الصيحة الأولى في البيت أو في غرفة الولادة تبدأ ـ أو تتجدد ـ محاولات جادة لفهم هذا الضيف الجديد والتخاطب معه ومساعدته على تجاوز معاناة النقلة بين عالم الرحم وعالم النور والهواء.. إنها معاناة كبيرة كبر ما بين هذين العالمين من اختلاف وتباين.
ولكي يكون فهم المولود الجديد أمراً ميسراً لابد من التأكيد على أن لكل طفل فرديته وخصوصيته، ونوشك أن نقول شخصيته، وأنهم جميعاً قادرون بدرجة ما على إيصال رغباتهم إلينا، وعلى الرغم من أن رغباتهم هذه أو متطلباتهم تبدو شديدة التواضع إلا أنها على أي حال ليست مجرد الأكل والنوم.. إنهم حين يتطلعون إلينا بأعين مفتوحة ونظرات فضولية يدعوننا إلى التجاوب معهم والفهم عنهم،. على أننا مدعوون في كل الأحوال إلى التمييز بين طفل هادىء بطبعه، يأكل وينام بنظام يلفت الانتباه، ويبدي ملامح الرضا والسعادة وبين طفل آخر لا يستقر على حال، فوضوي، يبدو وكأنه يواجه صعوبة ما في التأقلم مع الحياة الجديدة، فهو دائم الضجر والبكاء.. فإن مثل هذا الطفل يتطلب مزيداً من الاهتمام والمراقبة بغية التوصل إلى بواعث هذا السلوك ومن ثم معالجته واحتوائه.
إن الأطفال حديثي الولادة ينتظرون منا أن نقوم بالأعمال نيابة عنهم ولكنهم يوحون إلينا دائماً بما يريدون.. وإن الأم تستطيع بمراقبة طفلها باستمرار والانتباه إلى حركاته وتعبيرات وجهه، تستطيع أن تعرف كم من التنبيه والإثارة والضجيج يحتمله طفلها.. إنه قد يتسلى بهذه المؤثرات بعض الوقت ولكنه سيصل آخر الآمر إلى أن يضيق بها ويضجر منها وينادي بتعبيرات وجهه أو بحركات يديه ورأسه إن دعوني أخلد للهدوء..
وفي كثير من الأحيان يكون البكاء الشديد الذي يحير الأهل ويقلق راحتهم عائداً لسبب بسيط وتافه، وهو شعور الطفل بالحاجة إلى السكينة والهدوء، وما أيسره من مطلب لو فطن الأهل وفهموا عن الطفل ما يريده.
إن الأطفال منذ الأيام الأولى لولادتهم يلتمسون الوسائل التي تساعدهم على التأقلم مع الحياة الجديدة خارج الرحم، فالنوم مثلاً هو إحدى الطرق التي يستخدمها الأطفال لتنظيم حياتهم وتأمين الطاقة اللازمة لنموهم، فهم حين يشعرون بالحاجة إلى اختزان هذه الطاقة يغلقون نافذة العالم الخارجي ويروحون في نوم عميق، وحين يكون هناك ما يعوق هذه الحاجة فإنهم يصرخون ويبكون دفاعاً عن أنفسهم وطلباتهم.
إن الوقت الذي يكون فيه طفلك في أحسن حالات صحوه هو الوقت المثالي (لمحادثته) وملاعبته، وإن الطفل يستطيع إخبارك بأنه (مستعد) لذلك عن طريق فتح عينيه بشكل واسع، أو عن طريق مسكه لإصبعك، وبعد عدة أسابيع ستكون الابتسامة الرقيقة طريقته في التعبير عن راحته وسعادته، كما ستكون (المناغاة) الوسيلة الأوضح و(الأفصح) لمثل هذا التعبير.
والبكاء أقوى وسائل التعبير عند الطفل فيستطيع بواسطته أن يعبر عن العديد من الحاجات أو الرغبات، كما أنه يستطيع بتغيير نمطه أو نغمته أن يعبر بدقة أكبر عما يريده بالتحديد.. فالطفل يبكي عندما يكون جائعاً أو مريضاً أو متألماً، وهو يبكي عندما يشعر بالحاجة إلى تبديل ملابسه الداخلية، أو عندما يشكو من الضجر والوحدة، أو حين يكون قد أخذ قدراً أكبر مما تحتمله أعصابه المرهفة من الإثارة والتنبيه. والوالدان ـ أحدهما أو كلاهما ـ يستطيعان بإدامة الملاحظة أن يفرقا بين تلك الأنواع المختلفة من البكاء، ويستطيعان بالتالي أن يضعا حداً لمعاناة الطفل من هذه المشكلة أو تلك.
إن الاستجابة لبكاء الطفل أمر في غاية الأهمية، لأنك بذلك تعلمه أن يحسن (التخاطب) مع الآخرين وأن يعبر عن رأيه في الوقت الذي يلزم ذلك، كما أنك تزرع في تربة نفسه البكر مشاعر الثقة والأمان وتعصمه من الإحساس بأنه شخص فاقد الحيلة.. هذا الإحساس الذي يبقى دفيناً في طوايا النفس حتى تتاح له فرصة للظهور عند الكبر فيبرز على صورة عجز عن التعامل مع الآخرين أو مع الحياة. ومن الخطأ الفادح الاعتقاد بأن الاستجابة لبكاء الطفل تسيء إلى أخلاقه، وتجعله يعتمد على هذه الوسيلة لتحقيق رغائبه، فقد سقطت هذه النظرية في علم نفس الطفل الحديث وحلت محلها النظرية التي تقول بأن البكاء لغة، وأن الإصغاء إليها أفضل من الإعراض عنها والإضراب عن تفهمها لأن في ذلك إضرار بالطفل يعجز هو عن التعبير عنه، ونعجز نحن عن إدراك آثاره ومنعكساته.
يندر أن تكون هنالك ولادة حديثة لا تصاحبها شكوى متكررة من بكاء الطفل.. هذا البكاء الذي يكون في حالات كثيرة سبباً لتنغيص الفرحة بالقادم العزيز الجديد، ومن المهم جداً للأم ـ ولا سيما تلك التي تمر بتجربة الأمومة لأول مرة ـ أن تعلم أن بكاء الطفل ليس ذنباً من ذنوبها، وأنه لا يحدث بسبب تقصير منها أو جهل بأسلوب التعامل مع طفلها الحديث الولادة وبالتالي ألا تسمح لفشلها في تهدئته أن يؤثر على نفسيتها أو أن يسلبها راحتها وسعادتها ولتعلم أن بكاء الطفل يشكل القاسم المشترك الأعظم ـ بلغة الرياضيات ـ لملايين الأمهات في العالم…عليها فقط أن تحاول وستنجح بقدر نجاحها في فهم لغة الطفل وبقدر اجتهادها في النفاذ إلى عالمه الصغير المغلق.
ولنلاحظ أن الطفل لا ينفجر باكياً إلا بعد أن تعجز وسائله الخاصة عن تهدئة نفسه بنفسه، إنه يحاول أولاً تعديل وضعيته في السرير عن طريق تحريك الأرجل والأيدي والرأس، كما يعمد إلى الإمساك بشيء قريب منه كطرف السرير أو الغطاء، ثم هو يحاول أن يهتدي إلى إصبع أو أكثر من أصابع يده فيرفعها إلى فمه ويبدأ عملية مص يمكن عدها الوسيلة الأكثر شيوعاً في مجال التهدئة الذاتية لدى الأطفال، فإذا عجزت كل هذه المحاولات عن إمداده بما يحتاجه من الهدوء استنجد بنا صارخاً باكياً وكان لزاماً علينا أن نسارع إلى نجدته ومساعدته.
ومن المفيد أن نشير هنا إلى أن مص الإصبع ليس عملية تغذوية وأن غايته ليست تطمين حاجة الجوع لدى الطفل، فالأطفال عموماً يتجاوزون رغبة المص (التهدئة الذاتية)، ومما يؤكد ذلك أن عملية المص هذه لوحظت حتى لدى الأجنة في أرحام أمهاتهم، كما تلاحظ حتى بعد الشبع، حيث يستمر الأطفال في الإمساك بأثداء أمهاتهم لفترة ما بعد الانتهاء من عملية الرضاعة، وقد ذهب بعضهم إلى أن المص عملية فطرية أرشد الطفل إليها لتنمية عضلات وجهه وقد يبدو في هذا القول قدر من الصواب غير قليل.
إذا لم تفلح وسائل التهدئة الذاتية في إسكات الطفل، وتأكدنا من أنه لا يشكو من جوع أو بلل، وأن ملابسه مريحة له، فقد يكون كل ما يحتاجه وضعية مريحة وجو هادىء إنارة معتدلة وفسحة قصيرة من الهواء الطلق، وما يسمى بحمام الهواء، وهو أن نتركه محرراً من ملابسه لبعض الوقت، وفي أحيان كثيرة تنزع نفسه إلى سماع شيء من الغناء أو الموسيقى ليلفتنا ببراءته المحببة إلى أنه أصغر موسيقار في البيت.
أولاً: البيانات الشخصية:
مواليد 8 سبتمبر 1956، متزوج وله ثلاثة أولاد.
حاصل على دكتوراه (العالمية), من كلية التربية بجامعة الأزهر في مجال الوقف والعمل الخيري، تخصص تنظيم المجتمع.
ثانياً: المؤلفات العلمية: من الإصدارات والمؤلفات العلمية التي تم إصدارها للباحث:
كتاب بعنوان (الإسلام والبيئة), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 1999.
كتاب بعنوان (تأخر زواج الفتيات), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2010.
كتاب بعنوان (الحماية الجنائية للأوقاف الخيرية), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية، الرياض، 2011.
كتاب بعنوان (تدخين النساء), نشر أكاديمية نايف العربية للعلوم الأمنية الرياض، 2011.
كتاب بعنوان (أزمة المياه في العالم العربي ـ الوقف المائي أنموذجاً), نشر جائزة يوسف كانو، البحرين، 2011.
ثالثاً: الأبحاث العلمية : نشر للباحث العديد من الأبحاث العلمية المحكمة علمياً منها:
بحث بعنوان (التكفير في السيرة النبوية), جائزة نايف بن عبد العزيز الرياض.
بحث بعنوان (الإسلام وعلاج مشكلة الفقر), مركز صالح كامل ـ جامعة الأزهر ـ مصر.
بحث بعنوان: نحو توعية الوعي المروري للأطفال في المملكة العربية السعودية، الجمعية الكويتية لتقدم الطفولة العربية ـ الكويت.
بحث بعنوان (كيفية تفعيل الحملات الإعلامية الرعاية المعاقين), جمعية الخدمات الإنسانية ـ الشارقة.
بحث بعنوان (العمل الخيري ودوره في علاج مشكلة البطالة), جمعية فهد الأحمد الخيرية ـ الكويت.
بحث بعنوان ( الأسرة ودورها في وقاية أفرادها من الإنحراف عبر الشبكات الاجتماعية), مراكز التنمية الأسرية ـ الشارقة.
بحث بعنوان (الأوقاف الخيرية ودورها في تمويل الخدمات التطوعية في الحج والعمرة), جامعة أم القرى ـ مكة المكرمة.
بحث بعنوان (التقنية الحديثة ودورها في تفعيل التطوع الافتراضي),، المركز الدولي للأبحاث والدراسات، المملكة العربية السعودية.
بحث بعنوان (المعوقات التي تواجه الشباب السعودي نحو العمل التطوعي ـ مع تصور مقترح لدور (وقف الوقت في مواجهتها), المركز الدولي للأبحاث والدراسات، المملكة العربية السعودية.
رابعاً :الجوائز العلمية:
المركز الأول لجائزة اللجنة الوطنية لمكافحة المخدرات عن بحث بعنوان: العوامل الاجتماعية لإدمان المخدرات، الرياض، 1998.
المركز الأول لجائزة الأمانة العامة للأوقاف بدولة الكويت عن بحث بعنوان (الدعوة والإعلام لإحياء سنة الوقف الخيري), عام 2000.
المركز الأول لجائزة المجلس الأعلي للشئون الإسلامية بمملكة البحرين عن بحث بعنوان (الخطاب الديني المعاصر), عام 2004.
المركز الأول لجائزة وزارة الأوقاف والشئون الإسلامية بمملكة البحرين عن بحث (تعايش وطني بلا طائفية سبيل للوحدة الإسلامية عن عام 2006.
المركز الأول لجائزة يوسف بن أحمد كانو عن بحث بعنوان: (أزمة المياة في العالم العربي), بمملكة البحرين.
خامساً: المؤتمرات والملتقيات والندوات العلمية:
المؤتمرات العلمية لكلية الخدمة الاجتماعية ـ جامعة حلوان.
المؤتمرات العلمية لكلية التربية ـ جامعة الأزهر.
مؤتمر الإعلام والإعاقة بالشارقة ـ دولة الإمارات العربية المتحدة عام 2006.
مؤتمر الخطاب الديني، بمملكة البحرين 2007.
ملتقى الأوقاف الخيرية الخامس بدولة الكويت 2008.
مؤتمر رعاية الأيتام ـ المملكة العربية السعودية، الرياض عام 2010.
مؤتمر العالم الإسلامي المشكلات والحلول ( مكة المكرمة ـ عام 2011.
سادساً: المقالات المنشورة:
يشارك الباحث بمقالات علمية وإسلامية في العديد من المجلات والدوريات العلمية والإسلامية منها:
مجلات ( الجندي المسلم ـ الفيصل ـ الحرس الوطني ـ الفيصل العلمية ـ المعرفة ـ البيان ـ القافلة), المملكة العربية السعودية.
مجلة (الوعي الإسلامي), بدولة الكويت.
مجلات (منار الإسلام ـ المنال ـ التربية (دولة الإمارات العربية المتحدة.
مجلة (التربية), بدولة قطر.
مجلة (التسامح), بسلطنة عُمان.
مجلة (منبر الإسلام), بمصر.
مجلة (الهداية وجريدة أخبار الخليج), بمملكة البحرين.