(بيئة خليجية بلا حواجز) واحدة من الرسائل الهامة التي وجهتها مدينة الشارقة للخدمات الإنسانية من خلال مخيم الأمل بالشارقة، والمقصود بالحواجز العقبات العمرانية البيئية التي تعترض الأشخاص ذوي الإعاقة الحركية سواءً مستخدمي الكراسي المتحركة أو العكازات أو غيرها من الأجهزة المساعدة. فهؤلاء يجدون صعوبة في التنقل والحركة في مرافق الحياة الاجتماعية حين يتعايشون مع باقي فئات المجتمع أو يؤدون واجباتهم المناطة بهم (مسجد، مدرسة، دائرة حكومية، منتزه وحديقة، مراكز تجارية… إلخ) ولذا سوف يضطرون مجبرين أن يستعينوا بغيرهم لمساندتهم على تخطي تلك الحواجز والتغلب على تلك المشكلات البيئية التي صنعتها أيدي البشر والتي من المفترض أنهم أولى بإزالتها خدمة لهذه الفئة الغالية والعزيزة على قلوبنا.
سوف أتطرق في مقالي هذا إلى حواجز أخرى ذات أهمية أكبر لشرائح الأشخاص ذوي الإعاقة كافة ألا وهي الحواجز النفسية والاجتماعية والقانونية، أعتقد أن هذه أشد وأبلغ خطورة من سابقتها لأنها هي من صنعت العوائق البيئية ـ المادية ـ فالاتجاه الاجتماعي والنظرة السلبية للأشخاص ذوي الإعاقة هي معيقات نفسية تلامس أحاسيس الإنسان ذي الإعاقة إن لم تكن قد قتلته منذ أزمنة بعيدة، على سبيل المثال النظرة للشخص ذي الإعاقة بأنه غير قادر على مسايرة الحياة الاجتماعية لذا فهو بحاجة للخدمات ولكن ليس بعيداً عن أعيننا في مكان خاص بهم ومعزول عنا، ففي هذا رفض لهم كأعضاء في المجتمع، يجب أن يدخلوا في عملية دمج بالحياة.
بشكل عام هذا الحاجز النفسي المتمثل بالنظرة الدونية للشخص ذي الإعاقة يخلق لديه إحباطاً وعائقاً يؤخر وصوله إلى سبل الحياة الكريمة. وهذا أشد من الحواجز المادية لأنها بنيت أصلاً إما عن غير دراية ومعرفة أو نتيجة لذلك التوجه العام في المجتمع، تتبعها التشريعات القانونية والإدارية والتي تُبنى في الأصل على الاتجاه الاجتماعي الإيجابي ومدى وعي المجتمع بهذه الفئة وحقها ولذا هي علاقة طردية متلائمة مع الاتجاه النفسي والاتجاه الاجتماعي.
لا زلت أذكر نتيجة بحث أجري عن أثر الإعاقة البصرية على نفسية الشخص الكفيف، أوضحت نتيجة الدراسة أن العينة التي طُبق عليها الاستبيان أن الأشخاص المكفوفين يعانون من نظرة المبصرين الدونية أشد من معاناتهم من إعاقتهم.
لا شك أن العائق النفسي والاجتماعي أشد إيلاماً وأشد خطراً، وهما محك حقيقي لنجاح الشخص ذي الإعاقة في حياته، وسينعكس أثرهما عليه، فالبيئة العمرانية المحيطة إنشاؤها أمر مقدور عليه، ومن السهولة أن نصنع ونعدل في بناء أو أن نصنع منحدرات ووسائل مرور حديثة، ولكن الأصعب هو تعديل فكر اجتماعي، قد يكون معششاً في الأنفس المليئة من داخلها بالتخلف والجهل وانعدام المسؤولية، ولذا فلنخاطب العقل أولاً ومن ثم نستدرج النفس الطيبة حتى نصل إلى بيئة مثالية خالية من العوائق والحواجز بأشكالها كافة.
قد تكون هذه هي نقطة البداية، من خلالها نسمع العالم أصوات الأشخاص ذوي الإعاقة، ومناداتهم: أزيحوا عنا العوائق… دعونا نستمتع بحياتنا بلا حواجز… ارحمونا من نظراتكم الفضولية… مدوا لنا كفاً حانية تقدر إمكانياتنا… افتحوا لنا صدوركم… وقبلها أدركوا بعقولكم أننا منكم ومثلكم وقد تكونون يوماً في مثل حالنا.